بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
رويَّ عن الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) أنَّه قال: ( استأذن أعمى على فاطمة (عليها السلام) فحجبته، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): لِمْ تحجبينه وهو لا يراكِ ؟
قالت: يا رسول الله، إن لم يكن يراني فإني أراه، وهو يشم الريح، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أشهد أنكِ بضعةٌ مني ) (١).
لقد اِمتازتْ سيدَةُ نساءِ العالمين الصديقةُ الطاهرة فاطمة الزهراء (عليها السلام) بِميزاتٍ كثيرة ومتعددة، وخصوصياتٍ أعطاها إياها الجليل فاطرُ السماوات والأرض “جلَّ جلاله”.
فَقدْ اِصطفاها الله تبارك وتعالى في آية التطهير بقوله تعالى: ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا )(٢).
فكانت من أهل الكساء الذين أذهبَ الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وهيَّ التي قد ذكرَ فضلها ومكانتها العظيمة أبوها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قائِلاً: ( إن الله اختار من النساءِ أَربَعاً مريم وآسية وخديجة وفاطمــة )(٣).
ولذا فقد امتازت السيدة الزكية أم أبيها فاطمة الزهراء (عليها السلام) بعناصر نفسية عديدة، منها:
1. العصمة: فهيَّ معصومة من اقتراف الذنوب عمداً وسهواً، فالعصمة من عناصرها ومقوماتها الذاتية. وكفى بِآية التطهير دليلاً، فأهل البيت هم: عليٌ (عليه السلام)، وفاطمة (عليها السلام)، والحسن والحُسين (عليهما السلام)(٤).
2. البر بالفقراء: كانت (عليها السلام) عطوفة على الفقراء والمحرومين، وكانت هي وزوجها وولديها من المعنيين بقوله تعالى: ( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا )(٥).
3. العفاف والحجاب: ومِن العناصر النفسية والذاتية لسيدة النساء (عليها السلام) العفةُ والحجاب، فلقد أعطت بعفتها وحجابها أرقى الدروس للمرأة المسلمة، لتكون المرأة المسلمة تبلغ قمة الكمال، وتكون المربية للأجيال الصالحين في المجتمع.
وعناصرها كثيرةٌ (سلام الله تعالى عليها).
وهنا نسلطُ الضوء على ( فضيلة العفة، وشخصية الصديقة الزهراء “عليها السلام” مثالاً وقدوة للمرأة المسلمة )، في نقاط، وهيَّ كالتالي:
معنى العفة لغة: هي مصدر عفَّ، يقال: عَفَّ عن الحرام يعِفُّ عِفَّةً وعَفًّا وعَفَافَةً أي: كفَّ، فهو عَفٌّ وعَفيفٌّ، والمرأةُ عَفَّةٌ وعَفِيفَةٌ، وأعفَّهُ الله، واستعف عن المسألة أي: عفَّ، وتعفف: تكلف العِفَّة.
والعفة: الكف عما لا يَحِلُّ ولا يَجْمُل، والإستعفاف طلبُ العَفاف(٦).
معنى العفة في الإصطلاح:
قال الراغب الاصفهاني: العفة: هي ضبط النفس عن الملاذ الحسوانية، وهيّ حالة متوسطة من إفراط وهو الشره، وتفريط وهو جمود الشهوة(٧).
فالعفةُ هيّ صفة نفسية في الإنسان يمكن التعرف عليها من خلال آثارها التي تظهر على الإنسان، وهذه الآثار ذكرتها الروايات الشريفة بعدة معانٍ منها:
1. العفة: الصبر عن الشهوة: عن أميرالمؤمنين (عليه السلام): ( الصبر عن الشهوة عفة، وعن الغضب نجدة، وعن المعصية ورع )(٨).
2. العفة: هي الزهد أيضاً، عن أميرالمؤمنين (عليه السلام): ( العفاف زهادة )(٩).
3. العفة: هي صون النفس وتنزيهها عن كل أمر دني، عن أميرالمؤمنين (عليه السلام): ( العفاف يصون النفس وينزهها عن الدنايا )(١٠).
⁃ النقطة الثانية: مصاديق العفة:
إن العفة لها مصاديق ومتعلقات وجوانب كثيرة، نذكر بعضاً منها:
1. العفة عن أكل الحرام: عن أميرالمؤمنين (عليه السلام): ( إذا أراد الله بعبدٍ خيراً أعف بطنه وفرجه )(١١).
2. العفة عن إظهار الحاجة المادية: قال الله تعالى: ( لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا ۗ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ )(١٢).، وكما رويّ عن أميرالمؤمنين (عليه السلام): ( العفاف زينة الفقر، والشكر زينة الغنى )(١٣).
3. العفة في تشديد الحجاب: قال الله تعالى: ( وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ ۖ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )(١٤).، وكما رويّ عن أميرالمؤمنين (عليه السلام): ( زكاة الجمال العفاف )(١٥). فالعفة يجب أن تزداد كلما ازدادت المرأة جمالاً.
⁃ النقطة الثالثة: آثار وثمار العفة:
إنّ كل عملٍ لهُ ثمارٌ ونتائجٌ مترتبةٌ على القيام به، وبلا شك إن لفضيلة العفة والعفاف آثار وثمار عديدة، منها:
1. حسن المظهر: فهو من بركات العفة، فمما رويّ عن أميرالمؤمنين (عليه السلام): ( مَنْ عفت أطرافه حسنت أوصافه )(١٦).، وفي تفسير علي بن إبراهيم: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: في قوله تعالى: ( يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا ۖ وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ ۚ ذَٰلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ )(١٧).، فأما اللباس فالثياب التي تلبسون، وأما الرياش فالمتاع والمال، وأما لباس التقوى فالعفاف، إن العفيف لا تبدو له عورة، وإن كان عارياً من الثياب، والفاجر بادي العورة وإن كانّ كاسياً من الثياب، يقول الله: ( وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ ) يقول العفاف خير ( ذَٰلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ).(١٨).
2. الثواب العظيم: لقد بينت روايات أهل البيت (عليهم السلام) الثواب العظيم لمن يمتلك فضيلة العفة: رويّ عن أميرالمؤمنين (عليه السلام): ( طوبى لمن تحلى بالعفاف، ورضي بالكفاف )(١٩).، وعنه أيضاً (عليه السلام): ( ما المجاهد الشهيد في سبيل الله بأعظم أجراً ممت قدر فعف، لكاد العفيف أن يكون ملكاً من الملائكة )(٢٠). وما أعظمها من رواية فإنها أشارت إلى الثواب الجزيل الذي يناله صاحب فضيلة العفة – سواء ذكراً كان أم أُنثى -، وأيضاً تشير إلى أنَّ العقة سبب في ترك المعاصي، وهي من الفضائل التي تدني الإنسان وتقربه من الله تبارك وتعالى، بحيث يصبح سلوكه كله طاعة لله تعالى، وكأن العفيف مَلَكٌ مِنَّ الملائكة.
⁃ النقطة الثالثة: العفاف عند النساء:
لقد ذكر القرآن الكريم ضوابطاً وقوانيناً يطلب من المرأة أن تؤديها، كي تبلغ الهدف الأسمى وتصل إلى غاية العفة والحشمة، قال الله تعالى: ( وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ).(٢١).
فإن سياق الآية المباركة يدل على أنها ترشد إلى نمط السلوك الإجتماعي الذي ينبغي أن تتمثله المرأة على نحو اللزوم، لبلوغ غاية العفة.
والضوابط المطلوب على المرأة أداؤها، لإدراك الهدف الأسمى، أربعة:
1. غض البصر.
2. حفظ الفرج.
3. كتمان الزينة.
4. ضرب الخمار.
وبمجرد تخلف أحد هذه الضوابط في مرحلة التطبيق والإمتثال ينحدر السلوك الفردي وكذلك الإجتماعي إلى الواقع الفاسد، وبذلك يستحيل الوصول إلى الغاية العالية والرفيعة وهي: العفة.
فخيرُ المرأة في عفافها، وشرُها في تبرجها.
•رواية ذات معنى أخلاقي اِجتماعي:
ومن روائع الروايات ما ورد في الحديث النبوي الشريف: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ( ألا أخبركم بخير نساءكم؟ قالوا بلى يا رسول الله، فأخبرنا، قال: إن من خير نسائكم الولود الودود، والستيرة العفيفة، العزيزة في أهلها، الذليلة مع بعلها، المتبرجة مع زوجها الحصان مع غيره.
ثم قال: ألا أخبركم بِـشر نساءكم؟ قالوا بلى يا رسول الله، فأخبرنا، قال: من شر نسائكم الذليلة في أهلها، العزيزة مع بعلها، العقيم الحقود التي لا تتورع عن قبيح، المتبرجة إذا غاب عنها زوجها، الحصان معه إذا حضر )(٢٢).
⁃ النقطة الرابعة: عفاف المرأة بالحجاب في كلام الزهراء (عليها السلام):
من المُلاحظ في سيرة سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السلام) أحاديث ونصوص كثيرة تنصب على الشخصية الإسلامية التي ينبغي للمرأة تمثيلها وانجازها، ومن أهم الأبعاد هو: التأكيد فوق العادة على اِلتزام المرأة بالحجاب والستر الذي يحول بين مفاتنها وبين الرجال، بل ويستوعب ذلك حالة ما لو كان الرجل فاقداً للبصر.
عن الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) أنَّه قال: ( استأذن أعمى على فاطمة (عليها السلام) فحجبته، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): لِمْ تحجبينه وهو لا يراكِ ؟
قالت: يا رسول الله، إن لم يكن يراني فإني أراه، وهو يشم الريح، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أشهد أنكِ بضعةٌ مني )(٢٣).
إن الرواية تشتمل على رؤية دقيقة جداً، وهذه الرؤية عند الزهراء مستلهمةٌ من آيات القرآن الكريم، وهيّ: أنّ الحجاب الكامل السامل ليس هو من طرف المرأة لمنع نظر الرجل لها فحسب، وإنما هو من طرفها بحيث يؤدي نتجتين:
1. النتيجة الأولى: اِنقاص طرف الرجل.
2. النتيجة الثانية: اِنقاص طرف المرأة.
فلا تقتصر المسألة على تحديد بصر الرجل، وفي الجانب الآخر إطلاق لبصر المرأة، وإنما تحديد بصر كلا الطرفين.
وهذا هو المعنى الذي يقره الله تعالى في آيات سورة النور: ( قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ )(٢٤).، هذا من جهة الرجل، وأما من جهة المرأة فبعد الآية التي عن غض الرجل لبصره، فمباشرةً قال تعالى: ( وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ )(٢٥).
ومن جهة أخرى لقراءة هذه الرواية الشريفة نقول: إنَّ هذا الموقف العظيم من بضعة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سيدة نساء العالمين فاطمة (عليها السلام) يدل بوضوح على أنّها قد سمت إلى أرقى مراتب العفة، والحشمة، والطهارة، وعلى المرأة المسلمة أن تقتدي بهذه السيدة الجليلة، كي تخرج جيلاً صالحاً ومجتمعاً إسلامياً متطوراً قائماً على الشرف والفضيلة.
ومتى تزينت المرأةُ بالعفة كانت في أرقى منزلة، وأعزّ مكانة.
وفي الخبر سأل رسولُ الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أصحابه عن المرأة ماهي ؟، قالوا: عورة، قال: فمتى تكون أدنى من ربِّها ؟ فلم يدروا، فلما سمعت فاطمة (عليها السلام) ذلك قالت: ( أدنى ما تكون من ربِّها أن تلزم قعر بيتها )،
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ( إن فاطمة بضعةٌ مني )(٢٦).
إنَّ عفاف الزهراء (عليها السلام) وحجابها، هو نورٌ لكلّ فتاةٍ تريد أن تعيش عزيزة في المجتمع.
يقول الشيخ الأصفهاني (قدس سره):
وخدرها السامي رواق العظمة
وهــو مطاف الكعبـة المعظمة
حجابُهـا مثــلُ حجاب البــاري
بـارقـــةٌ تــذهـب بـالأَبصـــاري
تَمثَّــل الواجبُ في حجابِها
فكيف بِالإِشراق مِن قِبابهـا
يـــا درة العصمــةِ والولايـة
مِن صدف الحكمة والعناية
فالكوكب الدري في السماءِ
من ضوء تلك الدرة البيضاءِ
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
رويَّ عن الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) أنَّه قال: ( استأذن أعمى على فاطمة (عليها السلام) فحجبته، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): لِمْ تحجبينه وهو لا يراكِ ؟
قالت: يا رسول الله، إن لم يكن يراني فإني أراه، وهو يشم الريح، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أشهد أنكِ بضعةٌ مني ) (١).
لقد اِمتازتْ سيدَةُ نساءِ العالمين الصديقةُ الطاهرة فاطمة الزهراء (عليها السلام) بِميزاتٍ كثيرة ومتعددة، وخصوصياتٍ أعطاها إياها الجليل فاطرُ السماوات والأرض “جلَّ جلاله”.
فَقدْ اِصطفاها الله تبارك وتعالى في آية التطهير بقوله تعالى: ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا )(٢).
فكانت من أهل الكساء الذين أذهبَ الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وهيَّ التي قد ذكرَ فضلها ومكانتها العظيمة أبوها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قائِلاً: ( إن الله اختار من النساءِ أَربَعاً مريم وآسية وخديجة وفاطمــة )(٣).
ولذا فقد امتازت السيدة الزكية أم أبيها فاطمة الزهراء (عليها السلام) بعناصر نفسية عديدة، منها:
1. العصمة: فهيَّ معصومة من اقتراف الذنوب عمداً وسهواً، فالعصمة من عناصرها ومقوماتها الذاتية. وكفى بِآية التطهير دليلاً، فأهل البيت هم: عليٌ (عليه السلام)، وفاطمة (عليها السلام)، والحسن والحُسين (عليهما السلام)(٤).
2. البر بالفقراء: كانت (عليها السلام) عطوفة على الفقراء والمحرومين، وكانت هي وزوجها وولديها من المعنيين بقوله تعالى: ( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا )(٥).
3. العفاف والحجاب: ومِن العناصر النفسية والذاتية لسيدة النساء (عليها السلام) العفةُ والحجاب، فلقد أعطت بعفتها وحجابها أرقى الدروس للمرأة المسلمة، لتكون المرأة المسلمة تبلغ قمة الكمال، وتكون المربية للأجيال الصالحين في المجتمع.
وعناصرها كثيرةٌ (سلام الله تعالى عليها).
وهنا نسلطُ الضوء على ( فضيلة العفة، وشخصية الصديقة الزهراء “عليها السلام” مثالاً وقدوة للمرأة المسلمة )، في نقاط، وهيَّ كالتالي:
⁃ النقطة الأولى: معنى العفّة:
معنى العفة لغة: هي مصدر عفَّ، يقال: عَفَّ عن الحرام يعِفُّ عِفَّةً وعَفًّا وعَفَافَةً أي: كفَّ، فهو عَفٌّ وعَفيفٌّ، والمرأةُ عَفَّةٌ وعَفِيفَةٌ، وأعفَّهُ الله، واستعف عن المسألة أي: عفَّ، وتعفف: تكلف العِفَّة.
والعفة: الكف عما لا يَحِلُّ ولا يَجْمُل، والإستعفاف طلبُ العَفاف(٦).
معنى العفة في الإصطلاح:
قال الراغب الاصفهاني: العفة: هي ضبط النفس عن الملاذ الحسوانية، وهيّ حالة متوسطة من إفراط وهو الشره، وتفريط وهو جمود الشهوة(٧).
فالعفةُ هيّ صفة نفسية في الإنسان يمكن التعرف عليها من خلال آثارها التي تظهر على الإنسان، وهذه الآثار ذكرتها الروايات الشريفة بعدة معانٍ منها:
1. العفة: الصبر عن الشهوة: عن أميرالمؤمنين (عليه السلام): ( الصبر عن الشهوة عفة، وعن الغضب نجدة، وعن المعصية ورع )(٨).
2. العفة: هي الزهد أيضاً، عن أميرالمؤمنين (عليه السلام): ( العفاف زهادة )(٩).
3. العفة: هي صون النفس وتنزيهها عن كل أمر دني، عن أميرالمؤمنين (عليه السلام): ( العفاف يصون النفس وينزهها عن الدنايا )(١٠).
⁃ النقطة الثانية: مصاديق العفة:
إن العفة لها مصاديق ومتعلقات وجوانب كثيرة، نذكر بعضاً منها:
1. العفة عن أكل الحرام: عن أميرالمؤمنين (عليه السلام): ( إذا أراد الله بعبدٍ خيراً أعف بطنه وفرجه )(١١).
2. العفة عن إظهار الحاجة المادية: قال الله تعالى: ( لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا ۗ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ )(١٢).، وكما رويّ عن أميرالمؤمنين (عليه السلام): ( العفاف زينة الفقر، والشكر زينة الغنى )(١٣).
3. العفة في تشديد الحجاب: قال الله تعالى: ( وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ ۖ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )(١٤).، وكما رويّ عن أميرالمؤمنين (عليه السلام): ( زكاة الجمال العفاف )(١٥). فالعفة يجب أن تزداد كلما ازدادت المرأة جمالاً.
⁃ النقطة الثالثة: آثار وثمار العفة:
إنّ كل عملٍ لهُ ثمارٌ ونتائجٌ مترتبةٌ على القيام به، وبلا شك إن لفضيلة العفة والعفاف آثار وثمار عديدة، منها:
1. حسن المظهر: فهو من بركات العفة، فمما رويّ عن أميرالمؤمنين (عليه السلام): ( مَنْ عفت أطرافه حسنت أوصافه )(١٦).، وفي تفسير علي بن إبراهيم: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: في قوله تعالى: ( يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا ۖ وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ ۚ ذَٰلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ )(١٧).، فأما اللباس فالثياب التي تلبسون، وأما الرياش فالمتاع والمال، وأما لباس التقوى فالعفاف، إن العفيف لا تبدو له عورة، وإن كان عارياً من الثياب، والفاجر بادي العورة وإن كانّ كاسياً من الثياب، يقول الله: ( وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ ) يقول العفاف خير ( ذَٰلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ).(١٨).
2. الثواب العظيم: لقد بينت روايات أهل البيت (عليهم السلام) الثواب العظيم لمن يمتلك فضيلة العفة: رويّ عن أميرالمؤمنين (عليه السلام): ( طوبى لمن تحلى بالعفاف، ورضي بالكفاف )(١٩).، وعنه أيضاً (عليه السلام): ( ما المجاهد الشهيد في سبيل الله بأعظم أجراً ممت قدر فعف، لكاد العفيف أن يكون ملكاً من الملائكة )(٢٠). وما أعظمها من رواية فإنها أشارت إلى الثواب الجزيل الذي يناله صاحب فضيلة العفة – سواء ذكراً كان أم أُنثى -، وأيضاً تشير إلى أنَّ العقة سبب في ترك المعاصي، وهي من الفضائل التي تدني الإنسان وتقربه من الله تبارك وتعالى، بحيث يصبح سلوكه كله طاعة لله تعالى، وكأن العفيف مَلَكٌ مِنَّ الملائكة.
⁃ النقطة الثالثة: العفاف عند النساء:
لقد ذكر القرآن الكريم ضوابطاً وقوانيناً يطلب من المرأة أن تؤديها، كي تبلغ الهدف الأسمى وتصل إلى غاية العفة والحشمة، قال الله تعالى: ( وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ).(٢١).
فإن سياق الآية المباركة يدل على أنها ترشد إلى نمط السلوك الإجتماعي الذي ينبغي أن تتمثله المرأة على نحو اللزوم، لبلوغ غاية العفة.
والضوابط المطلوب على المرأة أداؤها، لإدراك الهدف الأسمى، أربعة:
1. غض البصر.
2. حفظ الفرج.
3. كتمان الزينة.
4. ضرب الخمار.
وبمجرد تخلف أحد هذه الضوابط في مرحلة التطبيق والإمتثال ينحدر السلوك الفردي وكذلك الإجتماعي إلى الواقع الفاسد، وبذلك يستحيل الوصول إلى الغاية العالية والرفيعة وهي: العفة.
فخيرُ المرأة في عفافها، وشرُها في تبرجها.
•رواية ذات معنى أخلاقي اِجتماعي:
ومن روائع الروايات ما ورد في الحديث النبوي الشريف: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ( ألا أخبركم بخير نساءكم؟ قالوا بلى يا رسول الله، فأخبرنا، قال: إن من خير نسائكم الولود الودود، والستيرة العفيفة، العزيزة في أهلها، الذليلة مع بعلها، المتبرجة مع زوجها الحصان مع غيره.
ثم قال: ألا أخبركم بِـشر نساءكم؟ قالوا بلى يا رسول الله، فأخبرنا، قال: من شر نسائكم الذليلة في أهلها، العزيزة مع بعلها، العقيم الحقود التي لا تتورع عن قبيح، المتبرجة إذا غاب عنها زوجها، الحصان معه إذا حضر )(٢٢).
⁃ النقطة الرابعة: عفاف المرأة بالحجاب في كلام الزهراء (عليها السلام):
من المُلاحظ في سيرة سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السلام) أحاديث ونصوص كثيرة تنصب على الشخصية الإسلامية التي ينبغي للمرأة تمثيلها وانجازها، ومن أهم الأبعاد هو: التأكيد فوق العادة على اِلتزام المرأة بالحجاب والستر الذي يحول بين مفاتنها وبين الرجال، بل ويستوعب ذلك حالة ما لو كان الرجل فاقداً للبصر.
عن الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) أنَّه قال: ( استأذن أعمى على فاطمة (عليها السلام) فحجبته، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): لِمْ تحجبينه وهو لا يراكِ ؟
قالت: يا رسول الله، إن لم يكن يراني فإني أراه، وهو يشم الريح، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أشهد أنكِ بضعةٌ مني )(٢٣).
إن الرواية تشتمل على رؤية دقيقة جداً، وهذه الرؤية عند الزهراء مستلهمةٌ من آيات القرآن الكريم، وهيّ: أنّ الحجاب الكامل السامل ليس هو من طرف المرأة لمنع نظر الرجل لها فحسب، وإنما هو من طرفها بحيث يؤدي نتجتين:
1. النتيجة الأولى: اِنقاص طرف الرجل.
2. النتيجة الثانية: اِنقاص طرف المرأة.
فلا تقتصر المسألة على تحديد بصر الرجل، وفي الجانب الآخر إطلاق لبصر المرأة، وإنما تحديد بصر كلا الطرفين.
وهذا هو المعنى الذي يقره الله تعالى في آيات سورة النور: ( قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ )(٢٤).، هذا من جهة الرجل، وأما من جهة المرأة فبعد الآية التي عن غض الرجل لبصره، فمباشرةً قال تعالى: ( وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ )(٢٥).
ومن جهة أخرى لقراءة هذه الرواية الشريفة نقول: إنَّ هذا الموقف العظيم من بضعة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سيدة نساء العالمين فاطمة (عليها السلام) يدل بوضوح على أنّها قد سمت إلى أرقى مراتب العفة، والحشمة، والطهارة، وعلى المرأة المسلمة أن تقتدي بهذه السيدة الجليلة، كي تخرج جيلاً صالحاً ومجتمعاً إسلامياً متطوراً قائماً على الشرف والفضيلة.
ومتى تزينت المرأةُ بالعفة كانت في أرقى منزلة، وأعزّ مكانة.
وفي الخبر سأل رسولُ الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أصحابه عن المرأة ماهي ؟، قالوا: عورة، قال: فمتى تكون أدنى من ربِّها ؟ فلم يدروا، فلما سمعت فاطمة (عليها السلام) ذلك قالت: ( أدنى ما تكون من ربِّها أن تلزم قعر بيتها )،
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ( إن فاطمة بضعةٌ مني )(٢٦).
إنَّ عفاف الزهراء (عليها السلام) وحجابها، هو نورٌ لكلّ فتاةٍ تريد أن تعيش عزيزة في المجتمع.
يقول الشيخ الأصفهاني (قدس سره):
وخدرها السامي رواق العظمة
وهــو مطاف الكعبـة المعظمة
حجابُهـا مثــلُ حجاب البــاري
بـارقـــةٌ تــذهـب بـالأَبصـــاري
تَمثَّــل الواجبُ في حجابِها
فكيف بِالإِشراق مِن قِبابهـا
يـــا درة العصمــةِ والولايـة
مِن صدف الحكمة والعناية
فالكوكب الدري في السماءِ
من ضوء تلك الدرة البيضاءِ
—————
المصادر:
1. دعائم الإسلام، القاضي النعمان المغربي، ج٢، ص٢٠٤.
2. سورة الأحزاب، آية ٣٣.
3. الخصال ج١ ص١٨٥.
4. تفسير الرازي، ج٦، ص٧٨٣.
5. سورة الدهر، آية ٨ و ٩.
6. لسان العرب لابن منظور، ج٩، ص٢٥٣.
7. الذريعة إلى مكارم الشريعة ص٣١٨.
8. مستدرك الوسائل للميرزا النوري ج١١، ص٢٦٣.
9. ميزان الحكمة للريشهري ج٣، باب العفة – الحث على العفاف.
10. موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) الشيخ هادي النجفي ج٧، باب العفة، ص٢٠٩.
11. ميزان الحكمة للريشهري ج٣، باب العفة – ثمرة العفة.
12. سورة البقرة، آية ٢٧٣.
13. وسائل الشيعة للحر العاملي ج٩ ، ص٤٣٨.
14. سورة النور، آية ٦٠.
15. مستدرك الوسائل للميرزا النوري ج٧، ص٤٤.
16. موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) الشيخ هادي النجفي ج٧، باب العفة، ص٢٠٩.
17. سورة الأعرف، آية ٢٦.
18. بحار الأنوار للعلامة المجلسي ج٦٨ ، ص٢٧٠.
19. موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) الشيخ هادي النجفي ج٧، باب العفة، ص٢٠٩.
20. المصدر السابق.
21. سورة النور، آية ٣١.
22. بحار الأنوار للعلامة المجلسي ج١٠٠، ص٢٣٩.
23. دعائم الإسلام، القاضي النعمان المغربي، ج٢، ص٢٠٤.
24. سورة النور، آية ٣٠.
25. سورة النور، آية ٣١.
26. بحار الأنوار للعلامة المجلسي ج٤٣ ،ص٩٢.
27. فاطمة (ع) تجلي النبوة ومظهر الإمامة، الشيخ حسن العالي.
المصادر:
1. دعائم الإسلام، القاضي النعمان المغربي، ج٢، ص٢٠٤.
2. سورة الأحزاب، آية ٣٣.
3. الخصال ج١ ص١٨٥.
4. تفسير الرازي، ج٦، ص٧٨٣.
5. سورة الدهر، آية ٨ و ٩.
6. لسان العرب لابن منظور، ج٩، ص٢٥٣.
7. الذريعة إلى مكارم الشريعة ص٣١٨.
8. مستدرك الوسائل للميرزا النوري ج١١، ص٢٦٣.
9. ميزان الحكمة للريشهري ج٣، باب العفة – الحث على العفاف.
10. موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) الشيخ هادي النجفي ج٧، باب العفة، ص٢٠٩.
11. ميزان الحكمة للريشهري ج٣، باب العفة – ثمرة العفة.
12. سورة البقرة، آية ٢٧٣.
13. وسائل الشيعة للحر العاملي ج٩ ، ص٤٣٨.
14. سورة النور، آية ٦٠.
15. مستدرك الوسائل للميرزا النوري ج٧، ص٤٤.
16. موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) الشيخ هادي النجفي ج٧، باب العفة، ص٢٠٩.
17. سورة الأعرف، آية ٢٦.
18. بحار الأنوار للعلامة المجلسي ج٦٨ ، ص٢٧٠.
19. موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) الشيخ هادي النجفي ج٧، باب العفة، ص٢٠٩.
20. المصدر السابق.
21. سورة النور، آية ٣١.
22. بحار الأنوار للعلامة المجلسي ج١٠٠، ص٢٣٩.
23. دعائم الإسلام، القاضي النعمان المغربي، ج٢، ص٢٠٤.
24. سورة النور، آية ٣٠.
25. سورة النور، آية ٣١.
26. بحار الأنوار للعلامة المجلسي ج٤٣ ،ص٩٢.
27. فاطمة (ع) تجلي النبوة ومظهر الإمامة، الشيخ حسن العالي.
تعليق