" إنَّ يومَ القيامةِ هو يومٌ صَعبٌ جِدّاً نخرجُ فيه من الأجداث مذهولين ، فارِّين وباحثين عن النجاة ، ولا منجي إلّا اللهِ تبارك وتعالى – وهو عالمٌ آخرٌ نحتاجُ فيه إلى الأمانِ واقعاً "
" فنحن بأمسِّ الحاجةِ للخوفِ من اللهِ تبارك وتعالى تحصيلاً لتطبيقاته الدنيويّة بعدم مدِّ الأيدي إلى المال الحرام لأنَّه نارٌ ، وعدم تجاوزِ حدودِ اللهِ سبحانه ، وتأميناً وأماناً لأنفسنا مِن عذابه وفي يوم الفزع الأكبر "
:1:- من كلامٍ قيِّمٍ لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، عليه السلام ، أنّه قال:
( مَنْ حَاسَبَ نَفْسَه رَبِحَ ومَنْ غَفَلَ عَنْهَا خَسِرَ - ومَنْ خَافَ أَمِنَ ومَنِ اعْتَبَرَ أَبْصَرَ - ومَنْ أَبْصَرَ فَهِمَ ومَنْ فَهِمَ عَلِمَ )
: نهجُ البلاغةِ ، ت ، د ، صبحي الصالح ، ص 506.
:2:- إنَّ أمير المؤمنين ، عليه السلام ، يهدف في كلامه بيانَ مقاصدٍ قيّمةٍ جِدّاً ، وبلسان التلازم الشرطي بين الفعل الإنساني وجزائه الوجودي وقوعاً ومصيراً ، وهو يُقدّمُ لنا معارفَ إلهيّة هائلة ، وبقوالب معرفيّة مُحبِّبَة وعميقة ورائعة – وقد وفّق الشريفُ الرضي إذ جمعها في نهج البلاغة العظيم ، والذي يتطابق مضموناً ومقاصداً مع القرآن الكريم في بيانه وأغراضه.
:3:- وأمير المؤمنين ، عليه السلام ، عندما يُلقي علينا كلامه ينقلنا من عالم إلى عالم لم نلج فيه، ولم ندركه ، بقصد التوجيه والاعتبار والأخذ منه منهجاً وتطبيقا.
:4:- قال : عليه السلام : (ومَنْ خَافَ أَمِنَ ) – إنَّ الخوفَ والأمان لا يجتمعان في آنٍ واحدٍ وفي جهة واحدة – ولكن المقصود هنا :- هو أنَّ من يخاف اللهَ سبحانه في نفسه وفي أعماله صدقاً ووقوعاً فإنّه سيكون آمناً من عذابه وفي يوم الفزع الأكبر ، وذلك لأنَّ الله تعالى بقدر ما هو رحيم وغفور ولكنه شديد العقاب ، والخوف منه عزّ وجلّ هو مقدّمة لتحصيل الأمان .
:5:- إنَّ الذي لا يخاف اللهَ سبحانه فهو في وهم حقيقي ، ويعيش حالة من الخيال والغفلة بسبب تربيته – وإذا استحكمت عليه حالة الغفلة فسيهلك ، وستجري عليه المقادير من حيث لا يشعر.
:6:- الخوف في اللغة يختلف عن الحزن – الخوف يحصل لأمر سيقع مستقبلاً – والحزن يحصل على أمر قد وقع فِعلاً – وهذا ما يستدعي الفهم والحذر والترقّب واليقظة ممّا نعمله وننتظر جزائه ومصيره في المستقبل .
:7:- إنَّ الخوف هو أمر غريزي ، فالأنبياء كانوا يخافون اللهَ أشدّ خيفةً ويخشونه ، قال تعالى :
((إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ))(28) فاطر.
ومَن يخاف اللهَ سبحانه فسيعطيه أماناً مُحكماً وطمأنينةً يوم الفزع الأكبر – ولذا ينبغي مراقبة أنفسنا وأفعالنا في الحركات والسكنات في آناء الليل وأطراف النهار.
:8:- إنَّ يوم القيامة هو يوم صعب جّداً نخرجُ فيه من الأجداث مذهولين ، فارّين وباحثين عن النجاة ، ولا منجي إلّا اللهِ تبارك وتعالى – وهو عالمٌ آخرٌ نحتاجُ فيه إلى الأمانِ واقعاً .
:9:- إنَّ للخوف من اللهِ علامات وتطبيقات ، وهي أن نفرّ منه إليه ، وذلك بالركوب في سفينة النجاة والهدى ، سفينة نبينا محمدّ وآله الأطهار ، وخاصة سفينة الإمام الحُسين ، عليه السلام ، بإحياءِ منهجه وذكره لننال شفاعته يوم الفزع الأكبر.
:10:- ثمّ قال: عليه السلام : (ومَنِ اعْتَبَرَ أَبْصَرَ - ومَنْ أَبْصَرَ فَهِمَ ومَنْ فَهِمَ عَلِمَ )- إنَّ معنى الاعتبار وباختصار هو أن لا تمرّ بنا الحوادث ولا نلتفت إليها ، حيث لا نعتبر بها أو نهتم ، وكّأننّا في غفلة وسبات – لا نفيق إلّا بالموت – والبصيرة المطلوبة هي وعي القلب والعقل – وذلك يتأتّى بمجاهدة النفس ومعرفتها وتزكيتها ، لأنّنا إذا خرجنا من هذا العالم إلى ذلك العالم الآخر فلن نعود مرّةً أخرى .
____________________________________________
أهمّ مَضامين خطبةِ الجُمعَةِ الأولى ، والتي ألقاهَا سَماحةُ السيّد أحمَد الصافي ، دام عِزّه, الوكيل الشرعي للمَرجعيّةِ الدّينيّةِ العُليا الشَريفةِ في الحَرَمِ الحُسَيني المُقدّس ,اليوم ، العشرين من ربيع الآخر 1440 هجري ، الثامن والعشرين من كانون الأوّل ,2018م. ______________________________________________
تدوين - مُرْتَضَى عَلِي الحِلّي - النَجَفُ الأشْرَفُ .
:كَتَبْنَا بقَصدِ القُربَةِ للهِ تبارك وتعالى، رَاجينَ القَبولَ والنَفعَ العَامَ, ونسألَكم الدُعاءَ .
______________________________________________
" فنحن بأمسِّ الحاجةِ للخوفِ من اللهِ تبارك وتعالى تحصيلاً لتطبيقاته الدنيويّة بعدم مدِّ الأيدي إلى المال الحرام لأنَّه نارٌ ، وعدم تجاوزِ حدودِ اللهِ سبحانه ، وتأميناً وأماناً لأنفسنا مِن عذابه وفي يوم الفزع الأكبر "
:1:- من كلامٍ قيِّمٍ لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، عليه السلام ، أنّه قال:
( مَنْ حَاسَبَ نَفْسَه رَبِحَ ومَنْ غَفَلَ عَنْهَا خَسِرَ - ومَنْ خَافَ أَمِنَ ومَنِ اعْتَبَرَ أَبْصَرَ - ومَنْ أَبْصَرَ فَهِمَ ومَنْ فَهِمَ عَلِمَ )
: نهجُ البلاغةِ ، ت ، د ، صبحي الصالح ، ص 506.
:2:- إنَّ أمير المؤمنين ، عليه السلام ، يهدف في كلامه بيانَ مقاصدٍ قيّمةٍ جِدّاً ، وبلسان التلازم الشرطي بين الفعل الإنساني وجزائه الوجودي وقوعاً ومصيراً ، وهو يُقدّمُ لنا معارفَ إلهيّة هائلة ، وبقوالب معرفيّة مُحبِّبَة وعميقة ورائعة – وقد وفّق الشريفُ الرضي إذ جمعها في نهج البلاغة العظيم ، والذي يتطابق مضموناً ومقاصداً مع القرآن الكريم في بيانه وأغراضه.
:3:- وأمير المؤمنين ، عليه السلام ، عندما يُلقي علينا كلامه ينقلنا من عالم إلى عالم لم نلج فيه، ولم ندركه ، بقصد التوجيه والاعتبار والأخذ منه منهجاً وتطبيقا.
:4:- قال : عليه السلام : (ومَنْ خَافَ أَمِنَ ) – إنَّ الخوفَ والأمان لا يجتمعان في آنٍ واحدٍ وفي جهة واحدة – ولكن المقصود هنا :- هو أنَّ من يخاف اللهَ سبحانه في نفسه وفي أعماله صدقاً ووقوعاً فإنّه سيكون آمناً من عذابه وفي يوم الفزع الأكبر ، وذلك لأنَّ الله تعالى بقدر ما هو رحيم وغفور ولكنه شديد العقاب ، والخوف منه عزّ وجلّ هو مقدّمة لتحصيل الأمان .
:5:- إنَّ الذي لا يخاف اللهَ سبحانه فهو في وهم حقيقي ، ويعيش حالة من الخيال والغفلة بسبب تربيته – وإذا استحكمت عليه حالة الغفلة فسيهلك ، وستجري عليه المقادير من حيث لا يشعر.
:6:- الخوف في اللغة يختلف عن الحزن – الخوف يحصل لأمر سيقع مستقبلاً – والحزن يحصل على أمر قد وقع فِعلاً – وهذا ما يستدعي الفهم والحذر والترقّب واليقظة ممّا نعمله وننتظر جزائه ومصيره في المستقبل .
:7:- إنَّ الخوف هو أمر غريزي ، فالأنبياء كانوا يخافون اللهَ أشدّ خيفةً ويخشونه ، قال تعالى :
((إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ))(28) فاطر.
ومَن يخاف اللهَ سبحانه فسيعطيه أماناً مُحكماً وطمأنينةً يوم الفزع الأكبر – ولذا ينبغي مراقبة أنفسنا وأفعالنا في الحركات والسكنات في آناء الليل وأطراف النهار.
:8:- إنَّ يوم القيامة هو يوم صعب جّداً نخرجُ فيه من الأجداث مذهولين ، فارّين وباحثين عن النجاة ، ولا منجي إلّا اللهِ تبارك وتعالى – وهو عالمٌ آخرٌ نحتاجُ فيه إلى الأمانِ واقعاً .
:9:- إنَّ للخوف من اللهِ علامات وتطبيقات ، وهي أن نفرّ منه إليه ، وذلك بالركوب في سفينة النجاة والهدى ، سفينة نبينا محمدّ وآله الأطهار ، وخاصة سفينة الإمام الحُسين ، عليه السلام ، بإحياءِ منهجه وذكره لننال شفاعته يوم الفزع الأكبر.
:10:- ثمّ قال: عليه السلام : (ومَنِ اعْتَبَرَ أَبْصَرَ - ومَنْ أَبْصَرَ فَهِمَ ومَنْ فَهِمَ عَلِمَ )- إنَّ معنى الاعتبار وباختصار هو أن لا تمرّ بنا الحوادث ولا نلتفت إليها ، حيث لا نعتبر بها أو نهتم ، وكّأننّا في غفلة وسبات – لا نفيق إلّا بالموت – والبصيرة المطلوبة هي وعي القلب والعقل – وذلك يتأتّى بمجاهدة النفس ومعرفتها وتزكيتها ، لأنّنا إذا خرجنا من هذا العالم إلى ذلك العالم الآخر فلن نعود مرّةً أخرى .
____________________________________________
أهمّ مَضامين خطبةِ الجُمعَةِ الأولى ، والتي ألقاهَا سَماحةُ السيّد أحمَد الصافي ، دام عِزّه, الوكيل الشرعي للمَرجعيّةِ الدّينيّةِ العُليا الشَريفةِ في الحَرَمِ الحُسَيني المُقدّس ,اليوم ، العشرين من ربيع الآخر 1440 هجري ، الثامن والعشرين من كانون الأوّل ,2018م. ______________________________________________
تدوين - مُرْتَضَى عَلِي الحِلّي - النَجَفُ الأشْرَفُ .
:كَتَبْنَا بقَصدِ القُربَةِ للهِ تبارك وتعالى، رَاجينَ القَبولَ والنَفعَ العَامَ, ونسألَكم الدُعاءَ .
______________________________________________