بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد واله الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد أولى الله لقدرتنا على ضبط الذهن قيمة ومهّد الأرضية لها في عباداتنا.
ورد عن الصادق(عليه السلام): «إِنَّمَا خُلِّدَ أَهْلُ النَّارِ فِي النَّارِ لأَنَّ نِيَّاتِهِمْ كَانَتْ فِي الدُّنْيَا أَنْ لَوْ خُلِّدُوا فِيهَا أَنْ يَعْصُوا اللهَ أَبَداً».
ترتبط عملية ضبط الذهن بالسلوك الباطني للإنسان ونتيجتها هي "قوة الروح". والإنسان إذا قويَت روحُه صار في حقل العلم عالِماً، وأصبح في ميدان العمل مُبدعاً، وما من لذة للإنسان كلذة الإبداع.
لقد أولى الله تعالى لقدرتنا على التحكّم في الذهن أهمية بالغة وقيمة عليا، والأرضية لمثل هذا التحكم في الذهن مُهيّأة في عباداتنا؛ فلقد أوصينا، مثلاً، بالاستيقاظ في السحر للعبادة، ومن الطبيعي أن يكون ذهن الإنسان عند السحر خالياً، وهي فرصة صالحة لأن يجلس المرء فيفكر ويستجمع ذهنَه.
ولقد أُدخلَت في أعمالنا الدينية تقنيات للسيطرة على الذهن؛ فهل تدري، مثلاً، لماذا جُعلت الصلاة بهذه الروتينية؟ لقد جعل الله روتينية الصلاة هذه من أجل ضبط الذهن؛ فغرضُه تعالى هو أن لا تعمل عواملُ خارجية على جذب انتباهِك، بل أن تلتفت أنت إلى الشيء بقوة ذهنك فتزداد بذلك قوة تحكّمك بذهنك. فالمهم هو أن يستطيع المرء التركيز على موضوعٍ ما بنفسه، لا أن يعمل الآخرون، أو تعمل بعض العوامل الخارجية الأخرى، على مساعدة ذهنه في التركيز على هذا الموضوع.
ليس من المحبَّذ أن يعمل شخص آخر على إدارة أذهاننا. نعم، إن كان هذا الشخص هو الله عز وجل فهذا – بالمناسبة – جيد جداً. إذن سَلّم عِنانَ ذهنك بيد ربك، لأنه تعالى إذا اشتغل على ذهنك فسيزيد من قدرته. ودع القرآن يستقطب انتباهَك، وانظر ما سيحصل! فهو يُلفت نظرك إلى الجنة تارةً، ويجذب انتباهك إلى النار تارةً أخرى، و...الخ. فتعالوا نتلهّى بالقرآن، ولندَع القرآن يوجّه أنظارنا إلى هذا وإلى ذاك!
بل إني أنصحك أن لا تُكثر من الجلوس عند منابر الذين يستولون على حواسك كل الاستيلاء! بل ليكن لديك "واعظ من نفسك"، ولتصعد أنت – بين الحين والحين – منبراً لنفسك. فإذا اعتَدتَ على أن يعمل شخص آخر على لفت انتباهك (حتى ولو للأمور الحسنة) فمتى إذن تعمل أنت على لفتِ انتباه نفسك؟!
يحظى موضوع ضبط الذهن والأفعال الباطنية بقدر من الأهمية والتأثير بحيث إن الذي يلتفت إلى شيءٍ ما سيؤثر على التفات المحيطين به أيضاً، ومن هنا جاءت التوصية بمعاشرة أهل الالتفات والتنبّه.
من الأمثلة المهمة على ضبط الذهن "النية". ونصف النية يتعلق بالذهن ونصفها الآخر بالقلب. فليس كل النية في الذهن، بل هناك مشيئة القلب أيضاً، لكن مشيئة القلب هذه تتم مراجعتُها في الذهن.
النية خليط من الفكر والهوى (أي الذهن والمَيل)، فحتى لو كان أصل النية في القلب ففي وسعنا القول – على الأقل - إن "ملقاطَها" هو الذهن. فبعض ميول الإنسان تكون ضعيفة أحياناً، لكن باستطاعة ملقاط الذهن هذا التقاطَها وانتشالَها؛ بمعنى أنك تستطيع - بواسطة ذهنك - أن تعثر على ما ضاع بين طيّات نفسك من الميول الجيدة، فتعمل على تقويتها.
فانظر إذن كم في مقدور الإنسان أن يشتغل، بواسطة ذهنه، على نيّته، بل وعلى ذلك الجزء القلبي من نيّته! حقّاً ما أعجب هذا! قل مثلاً: ليصل أجر رثائنا في شهر محرم هذا إلى روح الإمام الراحل(ره)، وأرواح الشهداء، وإلى آبائنا وأمهاتنا.. قُم بذكرهم. إن بإمكانك، بنيتك هذه، أن تؤثر في العالَم كله. فذهنك هذا نفسُه، ونيّتك هذه نفسُها يتحوّلان لك إلى مزار ومحراب، ومحل للثواب والعقاب!
عن أبي عبد الله الصادق(ع) في أهمية النية قال: «إِنَّمَا خُلِّدَ أَهْلُ النَّارِ فِي النَّارِ لأَنَّ نِيَّاتِهِمْ كَانَتْ فِي الدُّنْيَا أَنْ لَوْ خُلِّدُوا فِيهَا أَنْ يَعْصُوا اللهَ أَبَداً». فلماذا يُخلَّد بعضُهم في عذاب جهنم يا ترى؟ لأنه كان قد نوى أن يدوم على المعاصي ما بقي في الدنيا! «وَإِنَّمَا خُلِّدَ أَهْلُ الْجَنَّةِ فِي الْجَنَّةِ لأَنَّ نِيَّاتِهِمْ كَانَتْ فِي الدُّنْيَا أَنْ لَوْ بَقُوا فِيهَا أَنْ يُطِيعُوا اللهَ أَبَداً، فَبِالنِّيَّاتِ خُلِّدَ هَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ، ثُمَّ تَلا قَوْلَهُ تَعَالَى: «قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شاكِلَتِهِ» (الإسراء/84)، قَالَ: عَلَى نِيَّتِهِ» (الكافي/ ج2/ ص85).
اللهم صلِ على محمد واله الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد أولى الله لقدرتنا على ضبط الذهن قيمة ومهّد الأرضية لها في عباداتنا.
ورد عن الصادق(عليه السلام): «إِنَّمَا خُلِّدَ أَهْلُ النَّارِ فِي النَّارِ لأَنَّ نِيَّاتِهِمْ كَانَتْ فِي الدُّنْيَا أَنْ لَوْ خُلِّدُوا فِيهَا أَنْ يَعْصُوا اللهَ أَبَداً».
ترتبط عملية ضبط الذهن بالسلوك الباطني للإنسان ونتيجتها هي "قوة الروح". والإنسان إذا قويَت روحُه صار في حقل العلم عالِماً، وأصبح في ميدان العمل مُبدعاً، وما من لذة للإنسان كلذة الإبداع.
لقد أولى الله تعالى لقدرتنا على التحكّم في الذهن أهمية بالغة وقيمة عليا، والأرضية لمثل هذا التحكم في الذهن مُهيّأة في عباداتنا؛ فلقد أوصينا، مثلاً، بالاستيقاظ في السحر للعبادة، ومن الطبيعي أن يكون ذهن الإنسان عند السحر خالياً، وهي فرصة صالحة لأن يجلس المرء فيفكر ويستجمع ذهنَه.
ولقد أُدخلَت في أعمالنا الدينية تقنيات للسيطرة على الذهن؛ فهل تدري، مثلاً، لماذا جُعلت الصلاة بهذه الروتينية؟ لقد جعل الله روتينية الصلاة هذه من أجل ضبط الذهن؛ فغرضُه تعالى هو أن لا تعمل عواملُ خارجية على جذب انتباهِك، بل أن تلتفت أنت إلى الشيء بقوة ذهنك فتزداد بذلك قوة تحكّمك بذهنك. فالمهم هو أن يستطيع المرء التركيز على موضوعٍ ما بنفسه، لا أن يعمل الآخرون، أو تعمل بعض العوامل الخارجية الأخرى، على مساعدة ذهنه في التركيز على هذا الموضوع.
ليس من المحبَّذ أن يعمل شخص آخر على إدارة أذهاننا. نعم، إن كان هذا الشخص هو الله عز وجل فهذا – بالمناسبة – جيد جداً. إذن سَلّم عِنانَ ذهنك بيد ربك، لأنه تعالى إذا اشتغل على ذهنك فسيزيد من قدرته. ودع القرآن يستقطب انتباهَك، وانظر ما سيحصل! فهو يُلفت نظرك إلى الجنة تارةً، ويجذب انتباهك إلى النار تارةً أخرى، و...الخ. فتعالوا نتلهّى بالقرآن، ولندَع القرآن يوجّه أنظارنا إلى هذا وإلى ذاك!
بل إني أنصحك أن لا تُكثر من الجلوس عند منابر الذين يستولون على حواسك كل الاستيلاء! بل ليكن لديك "واعظ من نفسك"، ولتصعد أنت – بين الحين والحين – منبراً لنفسك. فإذا اعتَدتَ على أن يعمل شخص آخر على لفت انتباهك (حتى ولو للأمور الحسنة) فمتى إذن تعمل أنت على لفتِ انتباه نفسك؟!
يحظى موضوع ضبط الذهن والأفعال الباطنية بقدر من الأهمية والتأثير بحيث إن الذي يلتفت إلى شيءٍ ما سيؤثر على التفات المحيطين به أيضاً، ومن هنا جاءت التوصية بمعاشرة أهل الالتفات والتنبّه.
من الأمثلة المهمة على ضبط الذهن "النية". ونصف النية يتعلق بالذهن ونصفها الآخر بالقلب. فليس كل النية في الذهن، بل هناك مشيئة القلب أيضاً، لكن مشيئة القلب هذه تتم مراجعتُها في الذهن.
النية خليط من الفكر والهوى (أي الذهن والمَيل)، فحتى لو كان أصل النية في القلب ففي وسعنا القول – على الأقل - إن "ملقاطَها" هو الذهن. فبعض ميول الإنسان تكون ضعيفة أحياناً، لكن باستطاعة ملقاط الذهن هذا التقاطَها وانتشالَها؛ بمعنى أنك تستطيع - بواسطة ذهنك - أن تعثر على ما ضاع بين طيّات نفسك من الميول الجيدة، فتعمل على تقويتها.
فانظر إذن كم في مقدور الإنسان أن يشتغل، بواسطة ذهنه، على نيّته، بل وعلى ذلك الجزء القلبي من نيّته! حقّاً ما أعجب هذا! قل مثلاً: ليصل أجر رثائنا في شهر محرم هذا إلى روح الإمام الراحل(ره)، وأرواح الشهداء، وإلى آبائنا وأمهاتنا.. قُم بذكرهم. إن بإمكانك، بنيتك هذه، أن تؤثر في العالَم كله. فذهنك هذا نفسُه، ونيّتك هذه نفسُها يتحوّلان لك إلى مزار ومحراب، ومحل للثواب والعقاب!
عن أبي عبد الله الصادق(ع) في أهمية النية قال: «إِنَّمَا خُلِّدَ أَهْلُ النَّارِ فِي النَّارِ لأَنَّ نِيَّاتِهِمْ كَانَتْ فِي الدُّنْيَا أَنْ لَوْ خُلِّدُوا فِيهَا أَنْ يَعْصُوا اللهَ أَبَداً». فلماذا يُخلَّد بعضُهم في عذاب جهنم يا ترى؟ لأنه كان قد نوى أن يدوم على المعاصي ما بقي في الدنيا! «وَإِنَّمَا خُلِّدَ أَهْلُ الْجَنَّةِ فِي الْجَنَّةِ لأَنَّ نِيَّاتِهِمْ كَانَتْ فِي الدُّنْيَا أَنْ لَوْ بَقُوا فِيهَا أَنْ يُطِيعُوا اللهَ أَبَداً، فَبِالنِّيَّاتِ خُلِّدَ هَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ، ثُمَّ تَلا قَوْلَهُ تَعَالَى: «قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شاكِلَتِهِ» (الإسراء/84)، قَالَ: عَلَى نِيَّتِهِ» (الكافي/ ج2/ ص85).