السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ
➿💠➿💠➿💠➿💠➿
عظمة الإمام الحسين (عليه السلام) في الأديان الأخرى
إن العظمة التي نجدها في الإمام الحسين (صلوات الله عليه) لا نجدها في أي شخصٍ آخر على مر التاريخ ــ علماً أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) والإمام علي وفاطمة الزهراء (صلوات الله عليهم) أعظم من الإمام الحسين (صلوات الله عليه) ــ وهذا التعظيم ليس خاصاً بنا نحن الشيعة، بل إن كافة المسلمين ومن غير المؤمنين يعظمون الإمام الحسين (عليه السلام) أيضاً.
ينقل أحد الخطباء أنه في إحدى البلاد البعيدة هنالك قرية هندوسية، وفي كل شهر محرم الحرام يقيم أهلها الهندوسيون مجلس العزاء على الإمام الحسين (صلوات الله عليه)، ويدعون الخطيب ليرتقي المنبر ويقرأ لهم المصيبة ويبكون كما نبكي نحن، بل إنهم يطبخون الطعام للمعزين كما نفعل في بلادنا، لكن لا يقدمون طعامهم لهذا الخطيب تفادياً للإحراج، ويقولون: (إنكم لا تأكلون من طعامنا)!
هذه العظمة إنما جاءت لأن الإمام الحسين (صلوات الله عليه) تفانى في الله وربط نفسه بالله، ومما كان يقوله أو هو عن لسان حاله:
تركتُ الخلق طراً في هواكا.....وأيتمتُ العيال لكي أراكـــا
فلو قطعتني في الحب إربــاً.....لما حنّ الفؤاد إلى سواكــــا
ونقرأ في زيارة الأربعين: (فبذل مهجته فيك...)، أي إن هذه العظمة هي عظمة إلهية، لذا تكون باقية.
من هنا علينا السعي ما أمكننا للارتباط بالله سبحانه وتعالى حتى نضمن البقاء، فبالقدر الذي نربط أموالنا بالله نكون باقين، كما أنَّ الذين ربطوا أنفسهم بالإمام الحسين (صلوات الله عليه) من خلال بناء الحسينيات فإن ذكراهم تبقى بعد موتهم، فالإنسان يموت وتذهب أمواله، لكن المسجد والحسينية تبقى له في هذه الدنيا، وتبقى أيضاً عند الله سبحانه وتعالى وهو الأهم.
سرٌّ إلهي
ذهب المستنصر بالله وهو أحد الحكام العباسيين إلى سامراء لزيارة مرقد الإمامين الهادي والعسكري (صلوات الله عليهما)، فرأى المرقد بذاك الجلال والبهاء ــ طبعاً لم يكن بالشكل الموجود اليوم ــ فيما الناس يأتون إليه بالنذور ويهدون إليه الستائر والقناديل والشموع ويتوسلون إلى الله سبحانه وتعالى بمقام هذين الإمامين (عليهما السلام)، ثم بعدها انتقل إلى مقابر العباسيين التي تضم مقابر الخلفاء والحكام، وإذا به مكان مقرف وخربة وأبنية مهدّمة لا سقف لها، وتشرق عليها الشمس فتصهرها صيفاً، وفي الشتاء ينزل عليها المطر، كما تسرح فيها الحيوانات السائبة وتفعل ما تفعل! فقال أحد المرافقين للحاكم العباسي: أيها الخليفة؛ مع وجود القوة والسلطة بأيديكم، ليس من المناسب أن تبقى قبور آبائك وأجدادك وكبار بني العباس على هذه الشاكلة، فيما ترى قبر الهادي والعسكري ــ (عليهما السلام) ــ بهذه الدرجة الرفيعة، فأجابه المستنصر بهذه الكلمة: (إنَّ هذا سرٌّ إلهي...)(10).
نعم إنها قضية غيبية وليست قضية بشرية، فهي ليست بأيدينا، ومهما شجعنا الناس ورغبناهم لزيارة قبر المتوكل ــ مثلاً ــ فإنهم لا يجدون المبرر الكافي لهذه الزيارة، فكونه كان حاكماً أو ثرياً، فإنه تحت التراب لا قيمة له عند الناس ولا عند الله، لأن المال والثراء والسلطة لا تساوي شيئاً عند الله سبحانه وتعالى، لذا لا يوجد أحد يرغب بزيارة قبر المتوكل العباسي أو قبر أبي العباس السفاح أو أمثالهم، والحاكم العباسي يقرّ بعجزه عن حمل الناس على زيارة قبور العباسيين وإعمارها والاهتمام بها، لأنها قضية دين وعقيدة.
بالمقابل نلاحظ قبر سيد الشهداء الإمام الحسين (صلوات الله عليه) فبالرغم من أنه كان في ظل عدو التشيّع وعدو سيد الشهداء (عليه السلام) وعدو الدين وعدو الله سبحانه وتعالى وحتى عدو الإنسانية، من دون أن يتمكن من فعل شيء، فإنَّه بقي مكاناً يؤمُّهُ الزائرون من مُختَلف البلاد، والسبب هو أن المسألة خارجة من يد العدوِّ، فإرادة الله أقوى من أيّة إرادة اُخرى.
إذن عظمة سيد الشهداء الإمام الحسين (صلوات الله عليه) هي من عظمة الله سبحانه وتعالى، لذا علينا أن نربط أنفسنا بالله وبهؤلاء الأطهار الذين ارتبطوا بالله سبحانه وتعالى، وبمقدار ما نتمكن أن نخصص من أموالنا عشرة بالمائة ــ مثلاًــ لله سبحانه وتعالى، وكان متعارفاً عند الأخيار قديماً أنهم كانوا يخصصون ثلث أرباحهم لسيد الشهداء (عليه السلام)، ينفقونها للحسينيات ولنشر الكتب التي تؤلف عن الإمام الحسين (عليه السلام) وأيضاً للاحتفالات البهيجة التي تقام باسم الإمام الحسين (عليه السلام)، وربما لا يتمكن البعض من ذلك، فبإمكانه التشجيع على ذلك أو المساهمة فيه، بل يتمكن من توزيع الشاي في مجالس الإمام الحسين (عليه السلام) وهذا يُعد فخراً للإنسان أن يكون موزعاً للشاي في مجالس الإمام الحسين (عليه السلام)، بل فخراً لمن ينظم أحذية القادمين إلى مجالس الإمام الحسين (عليه السلام)، وإلا فسيقول الإنسان بعدئذ: (يقول يا ليتني قدمت لحياتي)(11)، كما جاء في القرآن الكريم.
(مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ اللّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنّ الّذِينَ صَبَرُوَاْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ)(12).
وصلى الله على محمدٍ وآله الطاهرين.
* من محاضرات آية الله السيد محمد رضا الشيرازي، التي طبعت في كتاب تحت عنوان: الإمام الحسين عظمة إلهية وعطاء بلا حدود
.........................................
.
(10) راجع الأنوار البهية: ص331.
(11) سورة الفجر: 24.
(12) سورة النحل: 96.9
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ
➿💠➿💠➿💠➿💠➿
عظمة الإمام الحسين (عليه السلام) في الأديان الأخرى
إن العظمة التي نجدها في الإمام الحسين (صلوات الله عليه) لا نجدها في أي شخصٍ آخر على مر التاريخ ــ علماً أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) والإمام علي وفاطمة الزهراء (صلوات الله عليهم) أعظم من الإمام الحسين (صلوات الله عليه) ــ وهذا التعظيم ليس خاصاً بنا نحن الشيعة، بل إن كافة المسلمين ومن غير المؤمنين يعظمون الإمام الحسين (عليه السلام) أيضاً.
ينقل أحد الخطباء أنه في إحدى البلاد البعيدة هنالك قرية هندوسية، وفي كل شهر محرم الحرام يقيم أهلها الهندوسيون مجلس العزاء على الإمام الحسين (صلوات الله عليه)، ويدعون الخطيب ليرتقي المنبر ويقرأ لهم المصيبة ويبكون كما نبكي نحن، بل إنهم يطبخون الطعام للمعزين كما نفعل في بلادنا، لكن لا يقدمون طعامهم لهذا الخطيب تفادياً للإحراج، ويقولون: (إنكم لا تأكلون من طعامنا)!
هذه العظمة إنما جاءت لأن الإمام الحسين (صلوات الله عليه) تفانى في الله وربط نفسه بالله، ومما كان يقوله أو هو عن لسان حاله:
تركتُ الخلق طراً في هواكا.....وأيتمتُ العيال لكي أراكـــا
فلو قطعتني في الحب إربــاً.....لما حنّ الفؤاد إلى سواكــــا
ونقرأ في زيارة الأربعين: (فبذل مهجته فيك...)، أي إن هذه العظمة هي عظمة إلهية، لذا تكون باقية.
من هنا علينا السعي ما أمكننا للارتباط بالله سبحانه وتعالى حتى نضمن البقاء، فبالقدر الذي نربط أموالنا بالله نكون باقين، كما أنَّ الذين ربطوا أنفسهم بالإمام الحسين (صلوات الله عليه) من خلال بناء الحسينيات فإن ذكراهم تبقى بعد موتهم، فالإنسان يموت وتذهب أمواله، لكن المسجد والحسينية تبقى له في هذه الدنيا، وتبقى أيضاً عند الله سبحانه وتعالى وهو الأهم.
سرٌّ إلهي
ذهب المستنصر بالله وهو أحد الحكام العباسيين إلى سامراء لزيارة مرقد الإمامين الهادي والعسكري (صلوات الله عليهما)، فرأى المرقد بذاك الجلال والبهاء ــ طبعاً لم يكن بالشكل الموجود اليوم ــ فيما الناس يأتون إليه بالنذور ويهدون إليه الستائر والقناديل والشموع ويتوسلون إلى الله سبحانه وتعالى بمقام هذين الإمامين (عليهما السلام)، ثم بعدها انتقل إلى مقابر العباسيين التي تضم مقابر الخلفاء والحكام، وإذا به مكان مقرف وخربة وأبنية مهدّمة لا سقف لها، وتشرق عليها الشمس فتصهرها صيفاً، وفي الشتاء ينزل عليها المطر، كما تسرح فيها الحيوانات السائبة وتفعل ما تفعل! فقال أحد المرافقين للحاكم العباسي: أيها الخليفة؛ مع وجود القوة والسلطة بأيديكم، ليس من المناسب أن تبقى قبور آبائك وأجدادك وكبار بني العباس على هذه الشاكلة، فيما ترى قبر الهادي والعسكري ــ (عليهما السلام) ــ بهذه الدرجة الرفيعة، فأجابه المستنصر بهذه الكلمة: (إنَّ هذا سرٌّ إلهي...)(10).
نعم إنها قضية غيبية وليست قضية بشرية، فهي ليست بأيدينا، ومهما شجعنا الناس ورغبناهم لزيارة قبر المتوكل ــ مثلاً ــ فإنهم لا يجدون المبرر الكافي لهذه الزيارة، فكونه كان حاكماً أو ثرياً، فإنه تحت التراب لا قيمة له عند الناس ولا عند الله، لأن المال والثراء والسلطة لا تساوي شيئاً عند الله سبحانه وتعالى، لذا لا يوجد أحد يرغب بزيارة قبر المتوكل العباسي أو قبر أبي العباس السفاح أو أمثالهم، والحاكم العباسي يقرّ بعجزه عن حمل الناس على زيارة قبور العباسيين وإعمارها والاهتمام بها، لأنها قضية دين وعقيدة.
بالمقابل نلاحظ قبر سيد الشهداء الإمام الحسين (صلوات الله عليه) فبالرغم من أنه كان في ظل عدو التشيّع وعدو سيد الشهداء (عليه السلام) وعدو الدين وعدو الله سبحانه وتعالى وحتى عدو الإنسانية، من دون أن يتمكن من فعل شيء، فإنَّه بقي مكاناً يؤمُّهُ الزائرون من مُختَلف البلاد، والسبب هو أن المسألة خارجة من يد العدوِّ، فإرادة الله أقوى من أيّة إرادة اُخرى.
إذن عظمة سيد الشهداء الإمام الحسين (صلوات الله عليه) هي من عظمة الله سبحانه وتعالى، لذا علينا أن نربط أنفسنا بالله وبهؤلاء الأطهار الذين ارتبطوا بالله سبحانه وتعالى، وبمقدار ما نتمكن أن نخصص من أموالنا عشرة بالمائة ــ مثلاًــ لله سبحانه وتعالى، وكان متعارفاً عند الأخيار قديماً أنهم كانوا يخصصون ثلث أرباحهم لسيد الشهداء (عليه السلام)، ينفقونها للحسينيات ولنشر الكتب التي تؤلف عن الإمام الحسين (عليه السلام) وأيضاً للاحتفالات البهيجة التي تقام باسم الإمام الحسين (عليه السلام)، وربما لا يتمكن البعض من ذلك، فبإمكانه التشجيع على ذلك أو المساهمة فيه، بل يتمكن من توزيع الشاي في مجالس الإمام الحسين (عليه السلام) وهذا يُعد فخراً للإنسان أن يكون موزعاً للشاي في مجالس الإمام الحسين (عليه السلام)، بل فخراً لمن ينظم أحذية القادمين إلى مجالس الإمام الحسين (عليه السلام)، وإلا فسيقول الإنسان بعدئذ: (يقول يا ليتني قدمت لحياتي)(11)، كما جاء في القرآن الكريم.
(مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ اللّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنّ الّذِينَ صَبَرُوَاْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ)(12).
وصلى الله على محمدٍ وآله الطاهرين.
* من محاضرات آية الله السيد محمد رضا الشيرازي، التي طبعت في كتاب تحت عنوان: الإمام الحسين عظمة إلهية وعطاء بلا حدود
.........................................
.
(10) راجع الأنوار البهية: ص331.
(11) سورة الفجر: 24.
(12) سورة النحل: 96.9
تعليق