المسائل العكبرية - للشيخ المفيد نور الله ضريحه (ص 36)
(( المسألة السادسة
و سئل عن قول أمير المؤمنين ع في دعائه على القاعدين عن نصرته من جنده
اللهم أبدلني بهم خيرا منهم و أبدلهم بي شرا مني
فقال ما وجه هذا الكلام و لم يكن ع شريرا و لا كانوا هم أخيارا و كيف يسأل الله أن يبدلهم به شريرا و الشر ليس من الله.
الجواب و بالله التوفيق أن العرب تصف الإنسان بما يعتقده في نفسه و إن كان اعتقاده ذلك باطلا و تذكر أنفسها بما هي على خلافه لاعتقاد المخاطب فيها ذلك
و لما ذكرناه نظائر في القرآن و أشعار العرب الفصحاء.
قال الله عز اسمه ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ و لم يكن كذلك بل كان ذليلا لئيما فوصفه بضد ما هو عليه لاعتقاده ذلك في نفسه و اعتقاد من اعتقد فيه ذلك.
و قال حكاية عن موسى ع فيما خاطب به السامري وَ انْظُرْ إِلى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً و لم يرد إلهه في الحقيقة الذي هو الله عز و جل و إنما أراد إلهه في اعتقاده
و قال حسان بن ثابت يرد على أبي سفيان فيما هجا به النبي ص
أ تهجوه و لست له بند . . . فشركما لخيركما الفداء
و لم يكن في النبي ص شر و لا كان ص شريرا حاشاه من ذلك و إنما أراد حسان بما أورده من لفظ الدعاء في البيت الذي أثبتناه عنه ما قدمناه من تعلق الصفة باعتقاد المخاطب أو تقديرها على ما يمكن من اعتقاد الخطإ في ذلك حسب ما شرحناه و في معنى ذلك قوله تعالى أَ ذلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ و معلوم أنه لا خير في شجرة الزقوم على حال و نظائر ذلك كثيرة.
فأما قول السائل إن أمير المؤمنين ع سأل الله إبدالهم به شرا منه و التمس منه الشر مع أنه تعالى لا يفعل الشر
فالوجه فيه على خلاف ما ظنه و هو أنه ع لم يسأل الله سبحانه أن يفعل بخلقه شرا و لا أن ينصب عليهم شريرا لكنه سأله التخلية بين الأشرار من خلقه و بينهم عقوبة لهم و امتحانا و سأله أيضا أن لا يعصمهم من فتنة الظالمين بما قدمت أيديهم مما يستحقون به العذاب المهين و نظير ذلك في معناه قوله تعالى وَ إِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذابِ و قوله أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا و قوله تعالى وَ كَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها لِيَمْكُرُوا فِيها و لم يرد بذلك البعثة التي هي بعثة الرسل و لا الأمر بذلك و الترغيب فيه و إنما أراد التخلية و التمكين و ترك الحيلولة بينهم و بين المذكور و هذا بين و الله المحمود.))
(( المسألة السادسة
و سئل عن قول أمير المؤمنين ع في دعائه على القاعدين عن نصرته من جنده
اللهم أبدلني بهم خيرا منهم و أبدلهم بي شرا مني
فقال ما وجه هذا الكلام و لم يكن ع شريرا و لا كانوا هم أخيارا و كيف يسأل الله أن يبدلهم به شريرا و الشر ليس من الله.
الجواب و بالله التوفيق أن العرب تصف الإنسان بما يعتقده في نفسه و إن كان اعتقاده ذلك باطلا و تذكر أنفسها بما هي على خلافه لاعتقاد المخاطب فيها ذلك
و لما ذكرناه نظائر في القرآن و أشعار العرب الفصحاء.
قال الله عز اسمه ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ و لم يكن كذلك بل كان ذليلا لئيما فوصفه بضد ما هو عليه لاعتقاده ذلك في نفسه و اعتقاد من اعتقد فيه ذلك.
و قال حكاية عن موسى ع فيما خاطب به السامري وَ انْظُرْ إِلى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً و لم يرد إلهه في الحقيقة الذي هو الله عز و جل و إنما أراد إلهه في اعتقاده
و قال حسان بن ثابت يرد على أبي سفيان فيما هجا به النبي ص
أ تهجوه و لست له بند . . . فشركما لخيركما الفداء
و لم يكن في النبي ص شر و لا كان ص شريرا حاشاه من ذلك و إنما أراد حسان بما أورده من لفظ الدعاء في البيت الذي أثبتناه عنه ما قدمناه من تعلق الصفة باعتقاد المخاطب أو تقديرها على ما يمكن من اعتقاد الخطإ في ذلك حسب ما شرحناه و في معنى ذلك قوله تعالى أَ ذلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ و معلوم أنه لا خير في شجرة الزقوم على حال و نظائر ذلك كثيرة.
فأما قول السائل إن أمير المؤمنين ع سأل الله إبدالهم به شرا منه و التمس منه الشر مع أنه تعالى لا يفعل الشر
فالوجه فيه على خلاف ما ظنه و هو أنه ع لم يسأل الله سبحانه أن يفعل بخلقه شرا و لا أن ينصب عليهم شريرا لكنه سأله التخلية بين الأشرار من خلقه و بينهم عقوبة لهم و امتحانا و سأله أيضا أن لا يعصمهم من فتنة الظالمين بما قدمت أيديهم مما يستحقون به العذاب المهين و نظير ذلك في معناه قوله تعالى وَ إِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذابِ و قوله أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا و قوله تعالى وَ كَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها لِيَمْكُرُوا فِيها و لم يرد بذلك البعثة التي هي بعثة الرسل و لا الأمر بذلك و الترغيب فيه و إنما أراد التخلية و التمكين و ترك الحيلولة بينهم و بين المذكور و هذا بين و الله المحمود.))