الحنين إلى القديم
بقلم / مجاهد منعثر منشد
لعل رؤية صراع الثعالب الذي لا يخلو من الإثارة الدائمة والذي تشوهه صورة الحياة هي أحد الأسباب الداعية للعودة إلى الحياة الماضية الجميلة. وربما تغيير النفوس وبنائها الحواجز الكونكريتية مع الآخرين بسبب حب الأنا والأنانية . ويبدو أن بساطة التعامل والأجواء الطبيعية في الحياة القديمة هو من يجعل صورتها الناصعة لا تتغير بالنسبة لجمالها وروعتها حيث تمثل الفترة الاستثنائية والقاعدة الأصيلة للناس أما الوقت المعاصر فهو عبارة عن غابة؛ ظاهره صراع وباطنه افتراس من أجل البقاء وتهميش الآخر , وقطيعة صلة الرحم , والانشغال بالجشع عن مساعدة البشر , وعدم التعامل بالإنسانية، ليس ذلك فحسب , بل تعمد إفساد الفطرة السليمة في ذات الإنسان . وهذا ما يجعل الحياة ذميمة شهواء، وإذا فسدت الأخلاق والفطرة أقرأ على المجتمع السلام . أصبح الضمير الحي أسير الماضي؛ يدعو من حوله إلى الثوابت والجذور الأخلاقية الأصيلة؛ لعله يصل بمحيطه إلى أجمل وأكمل صورة . ذلك الشعور الذي يطاردنا لزمن يجعلنا ننتمي إليه بكل جوارحنا , نتنفس رائحته الزكية , ونتذكر أيامه الدافئة . فهذه العاطفة الجياشة والحنين المفرط لاسترجاع تلك المشاعر والأوقات السعيدة وطرد ما نعيشه من مشاعر في إطارٍ حياة مريرة بالعنف تجعلنا نحن للزمن القديم ونعيش حالة نوستالجيا مؤقته ، إن مصطلح نوستالجيا الذي ظهر عام 1688 على يد الطبيب يوهانس هوفر مستعار من اللغة اليونانية، حيث ينقسم إلى مقطعين: نوستوس وتعني العودة إلى الوطن، وألجوس وتعني الألم. أما أصل الكلمة في اللغة العربية يطلق عليها (الأبابة) , وهي أفضل علاج لديه القدرة على خلق عالم أجمل من الحاضر القبيح باستدعاء لحظات سعيدة مضت؛ تخفف بها من حدة الواقع وألمه. وينتابنا الحنين للحياة الماضية المليئة بالصعوبات والأمراض والفقر والعوز وانعدام الخدمات بسبب الواقع المؤلم الذي نعيشه , فنتذكر السعادة في بعض لحظاته ونغض النظر عن صعوباته وإن رفضنا صعوبات الماضي في الحاضر فهذا ليس هروبا من واقعنا , إنما البحث عن الأفضل بالاستعانة بما هو جميل من القديم, وبالآصل فإننا نحن لأشياء محددة موجودة في الماضي , وإلا فإنه لم يكن ورديًا وخاليًا من المتاعب , ولكنه يمنح الدماغ شحنه إيجابية تحرك عواطف الإنسان , فلا بد من استذكار لحظات إيجابية من القديم مع نظرة تفاؤل للحاضر .
تعليق