﴿لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً لِّلَّهِ وَلاَ الْمَلَـئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَن يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً )
المسيح هو عبدالله:
على الرغم من أنّ هاتين الآيتين لهما سبب نزول خاص بهما، إِلاّ أنّهما جاءتا في سياق الآيات السابقة التي تحدثت في نفي الأُلوهية عن المسيح(عليه السلام)وعلاقتهما بالآيات السابقة في دحض قضية التثليث واضحة وجلية.
في البداية تشير الآية الأُولى إِلى دليل آخر لدحض دعوى أُلوهية المسيح، فتقول مخاطبة المسيحيين: كيف تعتقدون بأُلوهية عيسى(عليه السلام) في حين أنّ المسيح لم يستنكف عن عبادة الله والخضوع بالعبودية له سبحانه، كما لم يستنكف الملائكة المقرّبون من هذه العبادة؟ حيث قالت الآية: (لن يستنكف المسيح أن يكون عبداً لله ولا الملائكة المقرّبون).
وبديهي أنّ من يكون عبداً لا يمكن أن يصبح معبوداً في آن واحد، فهل يمكن أن يعبد فرد نفسه؟ أو هل يكون العابد والمعبود والرّب فرداً واحداً؟
وفي هذا المجال ينقل بعض المفسّرين حادثة طريفة تحكي أن الإِمام علي بن موسى الرضا(عليه السلام) لكي يدين ويفند عقيدة التثليث المنحرفة قال لكبير المسيحيين في ذلك الحين - وكان يلقب بـ "الجاثليق" - بأنّ المسيح(عليه السلام) كان حسناً في كل شيء لولا وجود عيب واحد فيه، وهو قلة عبادته لله، فغضب الجاثليق وقال للإِمام الرضا(عليه السلام): ما أعظم هذا الخطأ الذي وقعت فيه، إِنّ عيسى المسيح كان من أكثر أهل زمانه عبادة، فسأله الإِمام(عليه السلام) على الفور: ومن كان يعبده المسيح؟! فها أنت قد أقررت بنفسك أنّ المسيح كان عبداً ومخلوقاً لله وأنّه كان يعبد الله ولم يكن معبوداً ولا ربّاً؟ فسكت الجاثليق ولم يجد جواباً.(1)
بعد ذلك تشير الآية إِلى أن الذين يمتنعون عن عبادة الله والخضوع له بالعبودية، يكون امتناعهم هذا ناشئاً عن التكبر والأنانية وإِنّ الله سيحضر هؤلاء الناس في يوم القيامة ويجازي كل واحد منهم بالعقاب الذي يناسبه، فتقول الآية: (ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إِليه جميعاً).
وإِنّ الله العزيز القدير سيكافىء في يوم القيامة اُولئك الذين آمنوا وعملوا يالصالحات وقاموا بالأعمال الخيرة، ويعطيهم ثوابهم كام غير منقوص ويجزل لهم الثواب والنعم، أمّا الذين تكبروا وامتنعوا عن عبادة الله، فإِنهم سينالون منه عذاباً أليماً شديداً، ولن يجدوا في يوم القيامة لأنفسهم ولياً أو حامياً من دون الله، حيث تقول الآية: (فأمّا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفّيهم أجورهم ويزيدهم من فضله وأمّا الذين استنكفوا واستكبروا فيعذبهم عذاباً أليماً ولا يجدون لهم من دون الله ولياً ولا نصيراً).
في هذه الآية نقطتان يجب الإِنتباه إِليهما، وهما:
1 - إِنّ كلمة "استنكاف" تأتي بمعنى الإِمتناع أو الإِستياء الشديد من شيء، ولها معان واسعة، وتحدد معناها - هنا - بما أتى بعدها من قرينة في عبارة (استكبروا) لإنّ الإِمتناع عن عبادة الله ورفض الخضوع له بالعبودية إمّا ناشىء عن الجهل أو الغفلة.
وأحياناً أُخرى ينشأ هذا الإِمتناع عن التكبر والأنانية والغرور، ومع أن الإِمتناعين يعتبران ذنباً، إِلاّ أن الإِمتناع الأخير يفوق الأوّل قبحاً بمراتب كبيرة.
2 - إِنّ الآية جاءت بعبارة توضح عدم استنكاف الملائكة المقرّبين عن عبادة الله، وذلك ردّاً على المسيحيين الذين يثلثون الآلهة (الأب ولابن وروح القدس) ولتدحض عن هذا الطريق فرضية وجود المعبود الثّالث الذي ادعاه المسيحيون ومثلوه في أحد الملائكة المسمى بـ"روح القدس" ولتثبت التوحيد ووحدانية ذات الله سبحانه وتعالى.
وقد تكون هذه الآية إِشارة إِلى الشرك الذي وقع فيه الوثنيون العرب، والشرك الذي تورط به المسيحيون حيث أنّ مشركي الجاهلية كانوا يعتبرون الملائكة أابناء الله سبحانه، أو يعدونهم جزءاً منه، فجاءت هذه الآية لترد عليهم وتدخص أقوالهم هذه.
وعند التعمق في هذين الأمرين يتبيّن لنا - بجلاء - أنّ الآية لم تأت لبيان التفاضل بين الملائكة والأنبياء، بل جاءت فقط لدحض عقيدة "الأقنوم الثّالث" أو دحض عقيدة المشركين العرب في الملائكة، وليس فيها أي دلالة على مسألة التفاضل بين المسيح(عليه السلام) وبين الملائكة.
تفسير الامثل
المسيح هو عبدالله:
على الرغم من أنّ هاتين الآيتين لهما سبب نزول خاص بهما، إِلاّ أنّهما جاءتا في سياق الآيات السابقة التي تحدثت في نفي الأُلوهية عن المسيح(عليه السلام)وعلاقتهما بالآيات السابقة في دحض قضية التثليث واضحة وجلية.
في البداية تشير الآية الأُولى إِلى دليل آخر لدحض دعوى أُلوهية المسيح، فتقول مخاطبة المسيحيين: كيف تعتقدون بأُلوهية عيسى(عليه السلام) في حين أنّ المسيح لم يستنكف عن عبادة الله والخضوع بالعبودية له سبحانه، كما لم يستنكف الملائكة المقرّبون من هذه العبادة؟ حيث قالت الآية: (لن يستنكف المسيح أن يكون عبداً لله ولا الملائكة المقرّبون).
وبديهي أنّ من يكون عبداً لا يمكن أن يصبح معبوداً في آن واحد، فهل يمكن أن يعبد فرد نفسه؟ أو هل يكون العابد والمعبود والرّب فرداً واحداً؟
وفي هذا المجال ينقل بعض المفسّرين حادثة طريفة تحكي أن الإِمام علي بن موسى الرضا(عليه السلام) لكي يدين ويفند عقيدة التثليث المنحرفة قال لكبير المسيحيين في ذلك الحين - وكان يلقب بـ "الجاثليق" - بأنّ المسيح(عليه السلام) كان حسناً في كل شيء لولا وجود عيب واحد فيه، وهو قلة عبادته لله، فغضب الجاثليق وقال للإِمام الرضا(عليه السلام): ما أعظم هذا الخطأ الذي وقعت فيه، إِنّ عيسى المسيح كان من أكثر أهل زمانه عبادة، فسأله الإِمام(عليه السلام) على الفور: ومن كان يعبده المسيح؟! فها أنت قد أقررت بنفسك أنّ المسيح كان عبداً ومخلوقاً لله وأنّه كان يعبد الله ولم يكن معبوداً ولا ربّاً؟ فسكت الجاثليق ولم يجد جواباً.(1)
بعد ذلك تشير الآية إِلى أن الذين يمتنعون عن عبادة الله والخضوع له بالعبودية، يكون امتناعهم هذا ناشئاً عن التكبر والأنانية وإِنّ الله سيحضر هؤلاء الناس في يوم القيامة ويجازي كل واحد منهم بالعقاب الذي يناسبه، فتقول الآية: (ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إِليه جميعاً).
وإِنّ الله العزيز القدير سيكافىء في يوم القيامة اُولئك الذين آمنوا وعملوا يالصالحات وقاموا بالأعمال الخيرة، ويعطيهم ثوابهم كام غير منقوص ويجزل لهم الثواب والنعم، أمّا الذين تكبروا وامتنعوا عن عبادة الله، فإِنهم سينالون منه عذاباً أليماً شديداً، ولن يجدوا في يوم القيامة لأنفسهم ولياً أو حامياً من دون الله، حيث تقول الآية: (فأمّا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفّيهم أجورهم ويزيدهم من فضله وأمّا الذين استنكفوا واستكبروا فيعذبهم عذاباً أليماً ولا يجدون لهم من دون الله ولياً ولا نصيراً).
في هذه الآية نقطتان يجب الإِنتباه إِليهما، وهما:
1 - إِنّ كلمة "استنكاف" تأتي بمعنى الإِمتناع أو الإِستياء الشديد من شيء، ولها معان واسعة، وتحدد معناها - هنا - بما أتى بعدها من قرينة في عبارة (استكبروا) لإنّ الإِمتناع عن عبادة الله ورفض الخضوع له بالعبودية إمّا ناشىء عن الجهل أو الغفلة.
وأحياناً أُخرى ينشأ هذا الإِمتناع عن التكبر والأنانية والغرور، ومع أن الإِمتناعين يعتبران ذنباً، إِلاّ أن الإِمتناع الأخير يفوق الأوّل قبحاً بمراتب كبيرة.
2 - إِنّ الآية جاءت بعبارة توضح عدم استنكاف الملائكة المقرّبين عن عبادة الله، وذلك ردّاً على المسيحيين الذين يثلثون الآلهة (الأب ولابن وروح القدس) ولتدحض عن هذا الطريق فرضية وجود المعبود الثّالث الذي ادعاه المسيحيون ومثلوه في أحد الملائكة المسمى بـ"روح القدس" ولتثبت التوحيد ووحدانية ذات الله سبحانه وتعالى.
وقد تكون هذه الآية إِشارة إِلى الشرك الذي وقع فيه الوثنيون العرب، والشرك الذي تورط به المسيحيون حيث أنّ مشركي الجاهلية كانوا يعتبرون الملائكة أابناء الله سبحانه، أو يعدونهم جزءاً منه، فجاءت هذه الآية لترد عليهم وتدخص أقوالهم هذه.
وعند التعمق في هذين الأمرين يتبيّن لنا - بجلاء - أنّ الآية لم تأت لبيان التفاضل بين الملائكة والأنبياء، بل جاءت فقط لدحض عقيدة "الأقنوم الثّالث" أو دحض عقيدة المشركين العرب في الملائكة، وليس فيها أي دلالة على مسألة التفاضل بين المسيح(عليه السلام) وبين الملائكة.
تفسير الامثل