العدل ركن إِسلامي مهم:
قلما نجد قضية أعطى الإِسلام لها أهمية قصوى كقضية العدل، فهي وقضية التوحيد سيان في تشعب جذورهما إِلى جميع الأُصول والفروع الإِسلامية، وبعبارة أُخرى: كما أنّ جميع القضايا العقائدية والعملية والإِجتماعية والفردية والأخلاقية والقانونية لا تنفصل مطلقاً عن حقيقة التوحيد، فكذلك لا تنفصل كل هذه القضايا ولا تخلو أبداً من روح العدل.
وليس من العجيب والحالة هذه أن يكون العدل واحداً من أُصول العقيدة والدين، وأساساً من أُسس الفكر الإِسلامي، وهو مع كونه صفة من صفات الله سبحانه ويدخل ضمن مبادىء المعرفة الإِلهية، إِلاّ أنّه يشتمل على معان واسعة في خصائصه ومزاياه، ولذلك كان ما أولته البحوث الإِجتماعية في الإِسلام من الإِهتمام بالعدل والإِعتماد عليه يفوق ما حظيت به المبادىء الإِسلامية الأُخرى من ذلك.
ويكفي إِيراد عدد من الأحاديث والرّوايات نماذج لدرك أهمية هذه الحقيقة:
1 - روي عن رسولالله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: "إِيّاكم والظلم فإِنّ الظلم عند الله هو الظلمات يوم القيامة"(2).
وبديهي أن كل ما هو موجود من خير وبركة ونعم هو من النور وفي النور، وإِنّ الظلام هو مصدر كل عدم وفاقة.
2 - وقال النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أيضاً: "بالعدل قامت السموات والأرض"(3).
ويعتبر هذا القول من أوضح التعابير التي قيلت في شأن العدل، ومعناه أنّ حياة البشر المحدودة في الكرة الأرضية ليست وحدها التي يكون قوامها العدل، بل إنّ حياة ووجود الكون بأكمله، والسماوات والأرضين كلها قائمة بالعدل، وفي ظل حالة من توازن القوى الفاعلة فيها، ووجود واستقرار كل شيء في محله منها، بحيث لو أنّها انحرفت عن هذا التوازن لحظة واحدة أو بمقدار قيد أنملة لحكمت على نفسها بالفناء والزوال.
ويؤيد هذا القول حديث آخر هو: "الملك يبقى مع الكفر ولا يبقى مع الظلم" لأنّ للظلم أثراً سريعاً في هذه الحياة الدنيوية ومن نتائجه الحروب والإِضطرابات والقلاقل والفوضى السياسية والإِجتماعية والأخلاقية والأزمات الإِقتصادية التي تعمّ العالم اليوم، وهذا ما يثبت الحقيقة المذكورة بصورة جيدة.
ويجب الإِنتباه جيداً إِلى أنّ اهتمام الإِسلام لم ينصب في مجرد العدالة، بل إنّه أولى أهمية أكبر لتحقيق العدالة، وطبيعي أنّ محض تلاوة هذه الآيات في المجالس أو من على المنابر، وكتابتها في الكتب، لا يجدي نفعاً في استعادة العدالة المفقودة، وعلاج التمييز الطبقي والعنصري، والفساد والاجتماعي في المجتمع الإِسلامي، بل إنّ عظمة هذه الآيات والأحكام تتجلّى في يوم تطبق فيه العدالة في صميم حياة المسلمين.
وممّا يلفت النظر أنّ الآية جعلت المغفرة والأجر العظيم في إِطار "وعد الله" بينما ذكرت عقاب جهنم بأنّه نتيجة للكفر وللتكذيب بآيات الله، وما هذا إِلاّ إِشارة إِلى فضل الله ورحمته لعباده فيما يخص نعم وهبات الآخرة التي لا يمكن لأعمال الإِنسان مهما كبرت وعظمت أن تباريها أو تعادلها مطلقاً، كما أنّها إِشارة - أيضاً - إِلى أنّ عقاب الآخرة ليس فيه طابع انتقامي أبداً، بل هو نتيجة عادلة لما إرتكبه الإِنسان من أعمال سيئة في حياته.
أمّا فيما يخص معنى عبارة "أصحاب الجحيم"(4) فهي مع ما في كلمة "أصحاب" من معنى الملازمة، أي أن الكافرين والمكذبين بآيات الله يلازمون يجهنم، لكن هذه الآية لوحدها لا يمكن أن تكون دلي على مسألة "الخلود" في نار جهنم، كما جاء توضيح ذلك في تفسيري "االتبيان" و"مجمع البيان" وتفسير "الفخر الرّازي"، لأنّ الملازمة ربما تكون دائمة، وقد تستمر لفترة طويلة ثمّ تنقطع، بدلالة التعبير القرآني الوارد في شأن ركاب سفينة نوح النّبي(عليه السلام) حيث وردت فيهم عبارة "أصحاب السفينة" وهم لم يكونوا ملازمين لتلك السفينة ملازمة دائمة.
ومع انتفاء الشك حول خلود الكفار في نار جهنم، فالآية الكريمة - موضوع البحث - لم تتحدث بشيء عن هذا "الخلود" بل يستنتج هذا من آيات قرآنية أُخرى.
تفسير الامثل
قلما نجد قضية أعطى الإِسلام لها أهمية قصوى كقضية العدل، فهي وقضية التوحيد سيان في تشعب جذورهما إِلى جميع الأُصول والفروع الإِسلامية، وبعبارة أُخرى: كما أنّ جميع القضايا العقائدية والعملية والإِجتماعية والفردية والأخلاقية والقانونية لا تنفصل مطلقاً عن حقيقة التوحيد، فكذلك لا تنفصل كل هذه القضايا ولا تخلو أبداً من روح العدل.
وليس من العجيب والحالة هذه أن يكون العدل واحداً من أُصول العقيدة والدين، وأساساً من أُسس الفكر الإِسلامي، وهو مع كونه صفة من صفات الله سبحانه ويدخل ضمن مبادىء المعرفة الإِلهية، إِلاّ أنّه يشتمل على معان واسعة في خصائصه ومزاياه، ولذلك كان ما أولته البحوث الإِجتماعية في الإِسلام من الإِهتمام بالعدل والإِعتماد عليه يفوق ما حظيت به المبادىء الإِسلامية الأُخرى من ذلك.
ويكفي إِيراد عدد من الأحاديث والرّوايات نماذج لدرك أهمية هذه الحقيقة:
1 - روي عن رسولالله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: "إِيّاكم والظلم فإِنّ الظلم عند الله هو الظلمات يوم القيامة"(2).
وبديهي أن كل ما هو موجود من خير وبركة ونعم هو من النور وفي النور، وإِنّ الظلام هو مصدر كل عدم وفاقة.
2 - وقال النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أيضاً: "بالعدل قامت السموات والأرض"(3).
ويعتبر هذا القول من أوضح التعابير التي قيلت في شأن العدل، ومعناه أنّ حياة البشر المحدودة في الكرة الأرضية ليست وحدها التي يكون قوامها العدل، بل إنّ حياة ووجود الكون بأكمله، والسماوات والأرضين كلها قائمة بالعدل، وفي ظل حالة من توازن القوى الفاعلة فيها، ووجود واستقرار كل شيء في محله منها، بحيث لو أنّها انحرفت عن هذا التوازن لحظة واحدة أو بمقدار قيد أنملة لحكمت على نفسها بالفناء والزوال.
ويؤيد هذا القول حديث آخر هو: "الملك يبقى مع الكفر ولا يبقى مع الظلم" لأنّ للظلم أثراً سريعاً في هذه الحياة الدنيوية ومن نتائجه الحروب والإِضطرابات والقلاقل والفوضى السياسية والإِجتماعية والأخلاقية والأزمات الإِقتصادية التي تعمّ العالم اليوم، وهذا ما يثبت الحقيقة المذكورة بصورة جيدة.
ويجب الإِنتباه جيداً إِلى أنّ اهتمام الإِسلام لم ينصب في مجرد العدالة، بل إنّه أولى أهمية أكبر لتحقيق العدالة، وطبيعي أنّ محض تلاوة هذه الآيات في المجالس أو من على المنابر، وكتابتها في الكتب، لا يجدي نفعاً في استعادة العدالة المفقودة، وعلاج التمييز الطبقي والعنصري، والفساد والاجتماعي في المجتمع الإِسلامي، بل إنّ عظمة هذه الآيات والأحكام تتجلّى في يوم تطبق فيه العدالة في صميم حياة المسلمين.
وممّا يلفت النظر أنّ الآية جعلت المغفرة والأجر العظيم في إِطار "وعد الله" بينما ذكرت عقاب جهنم بأنّه نتيجة للكفر وللتكذيب بآيات الله، وما هذا إِلاّ إِشارة إِلى فضل الله ورحمته لعباده فيما يخص نعم وهبات الآخرة التي لا يمكن لأعمال الإِنسان مهما كبرت وعظمت أن تباريها أو تعادلها مطلقاً، كما أنّها إِشارة - أيضاً - إِلى أنّ عقاب الآخرة ليس فيه طابع انتقامي أبداً، بل هو نتيجة عادلة لما إرتكبه الإِنسان من أعمال سيئة في حياته.
أمّا فيما يخص معنى عبارة "أصحاب الجحيم"(4) فهي مع ما في كلمة "أصحاب" من معنى الملازمة، أي أن الكافرين والمكذبين بآيات الله يلازمون يجهنم، لكن هذه الآية لوحدها لا يمكن أن تكون دلي على مسألة "الخلود" في نار جهنم، كما جاء توضيح ذلك في تفسيري "االتبيان" و"مجمع البيان" وتفسير "الفخر الرّازي"، لأنّ الملازمة ربما تكون دائمة، وقد تستمر لفترة طويلة ثمّ تنقطع، بدلالة التعبير القرآني الوارد في شأن ركاب سفينة نوح النّبي(عليه السلام) حيث وردت فيهم عبارة "أصحاب السفينة" وهم لم يكونوا ملازمين لتلك السفينة ملازمة دائمة.
ومع انتفاء الشك حول خلود الكفار في نار جهنم، فالآية الكريمة - موضوع البحث - لم تتحدث بشيء عن هذا "الخلود" بل يستنتج هذا من آيات قرآنية أُخرى.
تفسير الامثل