هذا بيت شعر مشهور للغاية،
يقول صاحبه انه لم يعد يشتاق إلى البيض الحسان، ولم تعد نفسه تتوق إلى ملاعبة الكواعب فقد شغله الشيب عنهن، إذا ما الذي يطرب إليه هذا الشاعر؟ لهذا البيت وما تبعه من أبيات حكاية جميلة جرت بين الشاعر الكميت بن زيد الأسدي وشيخ شعراء الدولة الأموية الفرزدق همام بن غالب، فقد روى الأصفهاني بسنده،
أن الكميت بن زيد لما قال الشعر كان أول ما قاله «الهاشميات» فلم يخبر بها أحداً،
ثم أتى الفرزدق فقال له يا أبا فراس، إنك شيخ مضر وشاعرها، وأنا ابن أخيك الكميت بن زيد الأسدي، فقال له الفرزدق: صدقت، أنت ابن أخي فما حاجتك؟ قال: نُفث على لساني،
فقلت شعراً وأحببت أن أعرضه عليك، فإن كان حسناً أمرتني باذاعته، وان كان قبيحاً أمرتني بستره، وكنت أولى من ستره علي، فقال له الفرزدق:
أما عقلك فحسن، وأني لأرجو أن يكون شعرك مثل عقلك، فأنشدني ما قلت، فأنشده: «طربت وما شوقا إلى البيض أطرب».
فقال له الفرزدق: فيم تطرب يابن أخي؟ فقال: «ولا لعبا مني وذو الشيب يلعب». فقال الفرزدق: بلى يابن أخي، إلعب فإنك في أوان اللعب، فقال:
ولم تلهني دارٌ ولا رسم منزل
ولم يتطرّبني بنان مخضب
فقال: ما يطربك يابن أخي؟ قال:
ولا السانحات البارحات عشية
أمر سليم القرن أو مر أغضب؟
فقال: أجل، لا تتطير، فقال:
ولكن إلى أهل الفضائل والنّهى
وخير بني حواء والخير يُطلب
فقال: ومن هؤلاء ويحك؟ فقال:
إلىالنفر البيض الذين بحبهم
إلى الله فيما نابني أتقرب
قال: أرخي ويحك! من هؤلاء؟ قال:
بني هاشم رهط النبي فانني
بهم ولهم أرضى مرارا وأغضب
خفضت لهم مني جناحي مودة
إلى كنف عطفاه أهل ومرحب
وكنت لهم من هؤلاء وهؤلاء
محبا على أني أذم وأقصب
وأٌُرمى وأرمي بالعداوة أهلها
وأني لأوذى فيهم وأونب
فقال له الفرزدق: يابن أخي، ادع ثم ادع، فأنت والله أشعر من مضى، وأشعر من بقي، «انتهى» تعالوا الآن نتعرف على هذا الشاعر فهو:
الكميت بن زيد بن خنيس بن مجالد الأسدي، شاعر مقدم، علام بلغات العرب خبير بأيامها، من شعراء مضر وألسنتها، عاصر الدولة الأموية ولم يدرك الدولة العباسية،
وقصائده الهاشميات من أفضل شعره، روي أن الفرزدق مر بالكميت وهو ينشد -والكميت يومئذ صبي-
فقال له: يا غلام، أيسرك أني أبوك؟ فقال: لا ولكن يسرني أن تكون أمي، فحصر الفرزدق، وأقبل على من عنده، وقال: ما مر علي مثل هذا قط! ويعد الكميت أول من ادخل الجدل المنطقي في الشعر العربي، كان يناضل عن أحقية آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخلافة، وكرس شعره وحياته لهذا المبدأ، توفي الكميت في خلافة الوليد بن يزيد بن عبدالملك سنة 126 هـ، وكان جنود أمير الكوفة يوسف بن عمر الثقفي قد وضعوا نصال سيوفهم في بطن الكميت فوجؤوه بها، فلم يزل ينزف الدم حتى مات رحمه الله، اكتفي بهذا القدر.
يقول صاحبه انه لم يعد يشتاق إلى البيض الحسان، ولم تعد نفسه تتوق إلى ملاعبة الكواعب فقد شغله الشيب عنهن، إذا ما الذي يطرب إليه هذا الشاعر؟ لهذا البيت وما تبعه من أبيات حكاية جميلة جرت بين الشاعر الكميت بن زيد الأسدي وشيخ شعراء الدولة الأموية الفرزدق همام بن غالب، فقد روى الأصفهاني بسنده،
أن الكميت بن زيد لما قال الشعر كان أول ما قاله «الهاشميات» فلم يخبر بها أحداً،
ثم أتى الفرزدق فقال له يا أبا فراس، إنك شيخ مضر وشاعرها، وأنا ابن أخيك الكميت بن زيد الأسدي، فقال له الفرزدق: صدقت، أنت ابن أخي فما حاجتك؟ قال: نُفث على لساني،
فقلت شعراً وأحببت أن أعرضه عليك، فإن كان حسناً أمرتني باذاعته، وان كان قبيحاً أمرتني بستره، وكنت أولى من ستره علي، فقال له الفرزدق:
أما عقلك فحسن، وأني لأرجو أن يكون شعرك مثل عقلك، فأنشدني ما قلت، فأنشده: «طربت وما شوقا إلى البيض أطرب».
فقال له الفرزدق: فيم تطرب يابن أخي؟ فقال: «ولا لعبا مني وذو الشيب يلعب». فقال الفرزدق: بلى يابن أخي، إلعب فإنك في أوان اللعب، فقال:
ولم تلهني دارٌ ولا رسم منزل
ولم يتطرّبني بنان مخضب
فقال: ما يطربك يابن أخي؟ قال:
ولا السانحات البارحات عشية
أمر سليم القرن أو مر أغضب؟
فقال: أجل، لا تتطير، فقال:
ولكن إلى أهل الفضائل والنّهى
وخير بني حواء والخير يُطلب
فقال: ومن هؤلاء ويحك؟ فقال:
إلىالنفر البيض الذين بحبهم
إلى الله فيما نابني أتقرب
قال: أرخي ويحك! من هؤلاء؟ قال:
بني هاشم رهط النبي فانني
بهم ولهم أرضى مرارا وأغضب
خفضت لهم مني جناحي مودة
إلى كنف عطفاه أهل ومرحب
وكنت لهم من هؤلاء وهؤلاء
محبا على أني أذم وأقصب
وأٌُرمى وأرمي بالعداوة أهلها
وأني لأوذى فيهم وأونب
فقال له الفرزدق: يابن أخي، ادع ثم ادع، فأنت والله أشعر من مضى، وأشعر من بقي، «انتهى» تعالوا الآن نتعرف على هذا الشاعر فهو:
الكميت بن زيد بن خنيس بن مجالد الأسدي، شاعر مقدم، علام بلغات العرب خبير بأيامها، من شعراء مضر وألسنتها، عاصر الدولة الأموية ولم يدرك الدولة العباسية،
وقصائده الهاشميات من أفضل شعره، روي أن الفرزدق مر بالكميت وهو ينشد -والكميت يومئذ صبي-
فقال له: يا غلام، أيسرك أني أبوك؟ فقال: لا ولكن يسرني أن تكون أمي، فحصر الفرزدق، وأقبل على من عنده، وقال: ما مر علي مثل هذا قط! ويعد الكميت أول من ادخل الجدل المنطقي في الشعر العربي، كان يناضل عن أحقية آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخلافة، وكرس شعره وحياته لهذا المبدأ، توفي الكميت في خلافة الوليد بن يزيد بن عبدالملك سنة 126 هـ، وكان جنود أمير الكوفة يوسف بن عمر الثقفي قد وضعوا نصال سيوفهم في بطن الكميت فوجؤوه بها، فلم يزل ينزف الدم حتى مات رحمه الله، اكتفي بهذا القدر.
تعليق