القرآن و العصمة

[الصريح]

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صلِ على محمد واله الطاهرين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ﴿ وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ﴾ 1.

سبق و أن يحثنا في هذه الآية بعض المسائل التي لا داعي لت?رارها هنا، وفيما يلي نبحث المقطع الذي يتساءل فيه إبراهيم عن نصيب ذريته من الإمامة، فجاء الجواب الإلهي قائلاً: ﴿ ... يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ﴾ 1.وإذا ما أردنا أن نبحث في مفهوم الظلم و مصاديق الظالم نجد أن هذا الإصطلاح هو نقيض العدل، و يساوي وضع الشيء في غير موضعه، فما هو معني العدل تحديدا ً؟ان هذا الوجود ينهض علي نظام خاص، حيث تنعم الأشياء فيه بقدر محدد من الوجود، فالقوانين و الشرائع الألهية إنّما جاءت متناغمة مع الفطرة و ناموس الطبيعة، ف?لّّ من يسير و فق هذا الناموس ?ما خلقه الله عزوجل، و ?انت أعماله وفق ذل?، عُدّ عادلا ً.فإذا انحرف عن مسار الفطرة و ارت?ب معصية ما، ?ان ظالما.وفي ضوء الرؤية القرآنية يم?ن تقسيم الظلم الي ثلاثة أنواع:

ظلم العبد لربه

فمن أ?بر الظلم ال?فر والشر? و النفاق، قال تعالى:﴿ ... إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ 2، و قال عزوجل:﴿ فَمَنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ 3.ان الله منشأ الوجود، و العبادة لله وحده، فمن عَبَدَ غيره ظلم.

ظلّّم الإنسان لأخيه الإنسان

قال سبحانه:﴿ إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ 4.فالعدوان ش?ل من أش?ال الظلم لأنّه هضم لحقوق الآخرين، و اعتداء علي ناموس الطبيعة و الفطرة.

ظلم الإنسان لنفسه

قال سبحانه و تعالى:﴿ ... فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ ... ﴾ 5. وقال عزوجل:﴿ ... وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ ﴾ 6.لقد أودع الله في الحياة الإنسانية طريقا ً مستقيما ً يتناغم مع فطرة الإنسان ?أصل في قابليته للت?امل، فمن ينحرف عن هذا المسير فهو يظلم نفسه.قال تعالى:﴿ ... مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ... ﴾ 7.وقال سبحانه:﴿ ... وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ 8.وبالرغم من التقسيم السابق، فإن النوع الأول و الثاني من الظلم هو ش?ل من أش?ال ظلم الإنسان لنفسه أيضاً، فهو في جميع الأحوال يضربنفسه، لاغير.وإذا أردنا أن نقسّم الناس على أساس ارت?اب المعاصي، فهم طوائف أربع:

• [*=center]طائفة مستغرقة في المعاصي طوال الحياة.
  [*=center]طائفة ارت?بت المعاصي أول العمر ثم أقلعت عن ذل? و تابت.
  [*=center]طائفة لم تذهب في أوّل العمر ثم انحرفت فاستغرقت في الذنوب في آخر عمرها.
  [*=center]وطائفة طاهرة الثوب من أوّل العمر إلي آخره.

وعلى إساس إطلاق الآية ال?ريمة التي تصدّرت البحث، فإن الطوائف الثلاث الأولى تنصوي جميعا ً في إطار «الظالمين» الذين لا ينالهم عهدالله، و إذن لا يبقي هنا? سوى الطائفة الرابعة ؛ تلك التي لم ترتكب ذنبا ً في حياتها أبدا9.


المصادر

1. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 124، الصفحة: 19.

2. القران الكريم: سورة لقمان (31)، الآية: 13، الصفحة: 412.

3. القران الكريم: سورة آل عمران (3)، الآية: 94، الصفحة: 62.

4. القران الكريم: سورة الشورى (42)، الآية: 42، الصفحة: 487.

5. القران الكريم: سورة فاطر (35)، الآية: 32، الصفحة: 438.

6. القران الكريم: سورة الصافات (37)، الآية: 113، الصفحة: 450.

7. القران الكريم: سورة الطلاق (65)، من بداية السورة إلى الآية 1، الصفحة: 558.

8. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 229، الصفحة: 36.

9. من ?تاب دراسة عامة في الامامة.

[الرضا]

الأخ الكريم
( الصريح )
رحم الله والديكم على هذا الطرح الرائع
وفقكم الله لكل خير في الدنيا والاخرة
طرح موفق جعله الله في ميزان حسناتكم