بسم الله الرحمن الرحيم
القياس في علم أصول الفقه على نوعين: قياس منصوص العلة؛
وقياس الظن.
والأول مقبول،
والآخر مرفوض.
أما قياس منصوص العلة، فمعناه أن الشارع المقدّس يبيّن علّة حكم ما،
فيمكن حينها تعدية هذا الحكم إلى غيره استنادا إلى تلك العلة المنصوصة.
كما لو قال الشارع: "الخمر حرام لأنه مسكر"، فيصح للفقيه أن يحكم حينها بأن "
كل مسكر حرام" خمرا كان أو غيره. وهذا النوع من القياس هو في الواقع ليس بقياس،
بل تطبيق علة النص على الموضوعات لاستنباط الحكم، وهو مقبول في الشارع.
أما قياس الظن، فمعناه أن الشارع المقدّس يبين حكما معينا، بلا تضمين لعلة ذلك الحكم،
فيقوم الفقيه بتعدية ذلك الحكم إلى غيره "ظنا" منه أن العلة مشتركة بين الموضوعين،
كما لو قال الشارع: "الخمر حرام" وسكت، فلم يبيّن أن علة هذا التحريم هو الإسكار،
فحينها لا يجوز للفقيه أن يحكم بأن كل مسكر حرام اعتمادا على ظنه،
لأن الظن لا يغني عن الحق شيئا،
وليس كل حكم وارد في الشريعة الإسلامية يمكن التوصل إلى علته عن طريق الظن،
بل كثير من الأحكام سكت عن بيان علتها الشارع،
فلا يجوز فتح الباب أمام الظن لاستنباط أحكام ما أنزل الله بها من سلطان.
وهذا هو المرفوض في الشريعة المقدسة ، والمقبول في مذهب الحنفية والمخالفين.
وقد ورد عن إمامنا الصادق (صلوات الله عليه) التحذير والنهي الشديد عن هذا النوع من
القياس، وذلك عندما عنّف أبا حنيفة النعمان
وقال له: "يا نعمان! حدثني أبي عن جدي: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله)
قال: أول من قاس أمر الدين برأيه إبليس!
قال الله تعالى له: اسجد لآدم، فقال: أنا خير منه!
خلقتني من نار وخلقته من طين! فمن قاس الدين برأيه قرنه الله تعالى يوم القيامة بإبليس،
لانه أتبعه بالقياس! اتق الله ولا تقس الدين برأيك"! (حلية الأولياء ج3 ص197).
وهذا مصحف البخاري الذي لا يأتيه الباطل من قدامه ولا من خلفه نظر ما ذا
يقول :
باب إِذَا اجْتَهَدَ الْعَامِلُ أَوِ الْحَاكِمُ فَأَخْطَأَ خِلاَفَ الرَّسُولِ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ ، فَحُكْمُهُ مَرْدُودٌ .
لِقَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - « مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا ، فَهْوَ رَدٌّ » .
ج 24 ص 162 . الكتاب : صحيح البخارى
المؤلف : محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري، أبو عبد الله
مصدر الكتاب : موقع وزارة الأوقاف المصرية
http://www.islamic-council.com
وقد أشاروا إلى جمعية المكنز الإسلامي
[ الكتاب مرقم آليا غير موافق للمطبوع ]
أخرج الرازي في مفايح الغيب ج 7 ص 50 .
عن ابن عباس أنه قال : كانت الطاعة أولى بإبليس من القياس ،
فعصى ربه وقاس ، وأول من قاس إبليس ، فكفر بقياسه ، فمن قاس الدين بشيء من رأيه قرنه الله مع إبليس .
وقال محمد بن علي الشوكاني في فتح القدير ج 3 ص 21 ،
وأخرج أبو الشيخ ، عن عكرمة ، في الآية قال : خلق إبليس من نار العزة .
وقد ثبت في الصحيح من حديث عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
« خلقت الملائكة من نور ، وخلق إبليس من نار ، وخلق آدم مما وصف لكم »
وأخرج ابن جرير عن الحسن قال : أوّل من قاس إبليس في قوله :
{ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ }
وإسناده صحيح إلى الحسن . وأخرج أبو نعيم في الحلية ، والديلمي ،
عن جعفر بن محمد عن أبيه ، عن جدّه ،
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال : « أوّل من قاس أمر الدين برأيه إبليس قال الله له اسجد لآدم ،
فقال : أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين »
قال جعفر : فمن قاس أمر الدين برأيه ، قرنه الله يوم القيامة بإبليس
وأخرجه ابن كثير في التفسير القرآن العظيم ج 3 ص 393
قال : وقال ابن جرير: حدثنا القاسم، حدثنا الحسين، حدثنا محمد بن كثير،
عن ابن شَوْذَب، عن مطر الوَرَّاق، عن الحسن في قوله:
{ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ } قال: قاس إبليس، وهو أول من قاس. إسناده صحيح.
وقال: حدثني عمرو بن مالك، حدثنى يحيى بن سليم الطائفي عن هشام،
عن ابن سيرين قال: أول من قاس إبليس، وما عُبِدت الشمس والقمر
إلا بالمقاييس إسناد صحيح أيضا. أقول :
قال الإمام أبو الفرج ابن الجوزي : قال العلماء:
وقع الخطأ من إبليس حين قاس مع وجود النص. زاد المسِير في علم التفسير ج 3 ص174.
تعليق