السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وال محمد
*******************
عـــن رسـول الـلـه صـلــى الـلـه عـلـيـه وآلــه وسـلــم أنّـــه قـــال :وأمّا ابنتي فاطمة، فإنّها سيّدة نساء العالمين من الأوّلين والآخرين وهي بَضعة منّي، وهي نور عيني، وهي ثمَرة فؤادي، وهي روحي التي بين جنبَيّ، وهي الحوراء الإنسيّة، متى قامت في محرابها بين يدي ربِّها جلَّ جلاله زهر نورها لملائكة السماء، كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض، ويقول الله عزَّ وجلَّ لملائكته: يا ملائكتي انظروا إلى أَمَتي فاطمة سيّدة إِمَائي، قائمة بين يدَيّ، ترتعد فرائصها من خيفتي وقد أقبلت بقلبها على عبادتي.
مع ذلك العمر القصير زماناً، إلّا أنّ للعبادة في حياة فاطمة عليها السلام مساحتَها الخاصّة كما في سائر جوانب كمالها وصفاتها. فهي العابدة التي يشهد لها محرابها طول الوقوف بين يدي الله تعالى حتى تورّمت قدماها وهي الزهراء التي زهر نورها في محرابها لأهل السماء كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض.
وهذا يكشف عن طبيعة العلاقة التي تربط الزهراء عليها السلام بربّها وخالقها حيث كانت تعبده عبادة حبّ، ومعرفة، مقبلة بقلبها وجوارحها، وهي ترتعد فرائصها بين يديه، كأبيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وقد نقل عن حالاتها أنّها كانت تنْهج وهو حالة تتابع النَفَس- من خيفة الله.
وممّا يميّز هذه العبادة الفاطميّة أنّها عبادة ليس فيها "أنا". فقد ذابت أمام خالقها وفَنيت بين يدَيّ قُدسه واستغرقت في أسمائه وصفاته فحينما كانت تدعو، كانت تدعو لغيرها ولا تدعو لنفسها! ففي الرواية: عن الحسين بن عليّ، عن أخيه الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام قال: "رأيت أمّي فاطمة عليها السلام قامت في محرابها ليلة جمعتها، فلم تزل راكعة ساجدة حتى اتّضح عمود الصبح وسمعتها تدعو للمؤمنين والمؤمنات وتسمّيهم وتكثر الدعاء لهم، ولا تدعو لنفسها بشيء، فقلت لها: يا أُمّاه، لِمَ لا تدعين لنفسك كما تدعين لغيرك؟ فقالت: يا بُنيّ، الجار ثمّ الدار.
ومَـــن كـان تــوجّـهــه لـغـيـــره قـبـــل تـــوجّـهـه لــنـفسـه، يُـعـلــم أيّ درجــة مـن فنـــاء الــذات والأنــا قــد وصــل إلـــيهـا.
في محرابها كانت تصلّي، تركع مع الراكعين، وتسجُد مع الساجدين، وتقنُت خاشعة لربّها، وعُرفت بصلاةٍ لها سُمّيت صلاة الأوّابين.
فـي مـحرابها كانت تتلو الكتاب، وترتّل آياته آناء الليل وأطراف النهار.
في محرابها كانت تكبّر الله تعالى وتحمده وتسبّحه، في ذكرٍ هو تسبيح الزهراء عليها السلام علَّمها إيّاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ما عُبد الله بشيء من التحميد أفضل منه، كما عن الإمام الباقر عليه السلام.
إنّ هذه الروحانيّة العالية في حياة الصدِّيقة الطاهرة ليست غريبة عن هذا البيت الطاهر، بل هي مِنْ نهجٍ انتهجه هؤلاء الصفوة، علَّموا الناس من خلاله بناء العلاقة الصحيحة مع الله تعالى، فلم تشغلهم العبادة عن أمور الناس والتصدِّي للشأن العام، بل أعطت لكلّ ذي حقّ حقّه.
والحريّ بنا، نحن الموالين والمحبّين، الاهتداء بهم والسير على نهجهم، فنعطي قسطاً من وقتنا وعمْرنا للخلوة مع الله تعالى، والجلوس بين يديه، وذكْره ومناجاته، عسى أن يتداركنا من ألطافه سبحانه ما يصلح لنا أمورنا ويحسن عاقبتنا، وبذلك نقترب منهم ونكون معهم فإنّ"رضى الله رضانا أهل البيت. والحمد لله أوّلاً وآخراً.
1.الأمالي، الصدوق، ص 175.
2.بحار الأنوار، المجلسي، ج 43، ص 84.
3.معاني الأخبار، الصدوق، ص 64.
4. مستدرك الوسائل، الطبرسي، ج 4، ص 100.
5.بحار الأنوار، (م.س)، ج 43، ص 81.
6.من لا يحضره الفقيه، الصدوق، ج 1، ص 564.
7.الكافي، الكليني، ج 3، ص 343.
8.بحار الأنوار، (م.س)، ج44، ص 367
اللهم صل على محمد وال محمد
*******************
عـــن رسـول الـلـه صـلــى الـلـه عـلـيـه وآلــه وسـلــم أنّـــه قـــال :وأمّا ابنتي فاطمة، فإنّها سيّدة نساء العالمين من الأوّلين والآخرين وهي بَضعة منّي، وهي نور عيني، وهي ثمَرة فؤادي، وهي روحي التي بين جنبَيّ، وهي الحوراء الإنسيّة، متى قامت في محرابها بين يدي ربِّها جلَّ جلاله زهر نورها لملائكة السماء، كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض، ويقول الله عزَّ وجلَّ لملائكته: يا ملائكتي انظروا إلى أَمَتي فاطمة سيّدة إِمَائي، قائمة بين يدَيّ، ترتعد فرائصها من خيفتي وقد أقبلت بقلبها على عبادتي.
مع ذلك العمر القصير زماناً، إلّا أنّ للعبادة في حياة فاطمة عليها السلام مساحتَها الخاصّة كما في سائر جوانب كمالها وصفاتها. فهي العابدة التي يشهد لها محرابها طول الوقوف بين يدي الله تعالى حتى تورّمت قدماها وهي الزهراء التي زهر نورها في محرابها لأهل السماء كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض.
وهذا يكشف عن طبيعة العلاقة التي تربط الزهراء عليها السلام بربّها وخالقها حيث كانت تعبده عبادة حبّ، ومعرفة، مقبلة بقلبها وجوارحها، وهي ترتعد فرائصها بين يديه، كأبيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وقد نقل عن حالاتها أنّها كانت تنْهج وهو حالة تتابع النَفَس- من خيفة الله.
وممّا يميّز هذه العبادة الفاطميّة أنّها عبادة ليس فيها "أنا". فقد ذابت أمام خالقها وفَنيت بين يدَيّ قُدسه واستغرقت في أسمائه وصفاته فحينما كانت تدعو، كانت تدعو لغيرها ولا تدعو لنفسها! ففي الرواية: عن الحسين بن عليّ، عن أخيه الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام قال: "رأيت أمّي فاطمة عليها السلام قامت في محرابها ليلة جمعتها، فلم تزل راكعة ساجدة حتى اتّضح عمود الصبح وسمعتها تدعو للمؤمنين والمؤمنات وتسمّيهم وتكثر الدعاء لهم، ولا تدعو لنفسها بشيء، فقلت لها: يا أُمّاه، لِمَ لا تدعين لنفسك كما تدعين لغيرك؟ فقالت: يا بُنيّ، الجار ثمّ الدار.
ومَـــن كـان تــوجّـهــه لـغـيـــره قـبـــل تـــوجّـهـه لــنـفسـه، يُـعـلــم أيّ درجــة مـن فنـــاء الــذات والأنــا قــد وصــل إلـــيهـا.
في محرابها كانت تصلّي، تركع مع الراكعين، وتسجُد مع الساجدين، وتقنُت خاشعة لربّها، وعُرفت بصلاةٍ لها سُمّيت صلاة الأوّابين.
فـي مـحرابها كانت تتلو الكتاب، وترتّل آياته آناء الليل وأطراف النهار.
في محرابها كانت تكبّر الله تعالى وتحمده وتسبّحه، في ذكرٍ هو تسبيح الزهراء عليها السلام علَّمها إيّاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ما عُبد الله بشيء من التحميد أفضل منه، كما عن الإمام الباقر عليه السلام.
إنّ هذه الروحانيّة العالية في حياة الصدِّيقة الطاهرة ليست غريبة عن هذا البيت الطاهر، بل هي مِنْ نهجٍ انتهجه هؤلاء الصفوة، علَّموا الناس من خلاله بناء العلاقة الصحيحة مع الله تعالى، فلم تشغلهم العبادة عن أمور الناس والتصدِّي للشأن العام، بل أعطت لكلّ ذي حقّ حقّه.
والحريّ بنا، نحن الموالين والمحبّين، الاهتداء بهم والسير على نهجهم، فنعطي قسطاً من وقتنا وعمْرنا للخلوة مع الله تعالى، والجلوس بين يديه، وذكْره ومناجاته، عسى أن يتداركنا من ألطافه سبحانه ما يصلح لنا أمورنا ويحسن عاقبتنا، وبذلك نقترب منهم ونكون معهم فإنّ"رضى الله رضانا أهل البيت. والحمد لله أوّلاً وآخراً.
1.الأمالي، الصدوق، ص 175.
2.بحار الأنوار، المجلسي، ج 43، ص 84.
3.معاني الأخبار، الصدوق، ص 64.
4. مستدرك الوسائل، الطبرسي، ج 4، ص 100.
5.بحار الأنوار، (م.س)، ج 43، ص 81.
6.من لا يحضره الفقيه، الصدوق، ج 1، ص 564.
7.الكافي، الكليني، ج 3، ص 343.
8.بحار الأنوار، (م.س)، ج44، ص 367
تعليق