بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين .
عظم الله اجورنا واجوركم بهذا المصاب الاليم ذكرى شهادة سيدنا ومولانا المسموم المظلوم الامام علي بن محمد الهادي (ع) .
من المؤكد ان الباري تقدست ألائه قد عزم على نفسه بنصرة كل مؤمن محق قال تعالى : ( وَإِن تَوَلَّوْا - اي الكافرين - فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ) . الانفال : (40) . وقال تعالى : ( بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ ) . ال عمران : (150) .
ونصر الله لعبده المؤمن ليس له طريق واسلوب واحد بل الله يسدد العبد المؤمن بكافة وسائل النصر وان لم تكن متعارفة او غيبية .
ومثال التسديد الالهي والنصر الرباني الاعجازي بانزال ملائكة السماء للتهيؤ للنصرة والقتال مع خير الخلق اجمعين النبي محمد (ص) تكررت في عدة مواضع ومواطن ومواقف منها :
1 - في غزوة بدر الكبرى . قال تعالى : ( وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * إذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِين * بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةُ مُسَوِّمِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ) . آل عمران : ( 123 - 126 ) . وقال تعالى : ( إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ ) . الأنفال : (12) .
2 - في غزوة حنين . قال تعالى : ( ثُمَّ أَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ ) . التوبة : (26) .
3 - في غزوة الخندق . قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا ) . الاحزاب : (9) .
4 - في عداء عائشة وحفصة للنبي (ص) . قال تعالى : ( إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ ) . التحريم : (4) .
وكما هيأ الله الملائكة الغلاظ الشداد - الذين ( يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) النحل : (50) - لنصرة رسول الله (ص) على اعدائه فقد هيأ الله عز وجل الملائكة الغلاظ الشدائد لنصرة الامام علي الهادي (ع) واليكم هذه القصة والمعجزة والكرامة والمنزلة التي اعطاها الله لسيدنا ومولانا المسموم المظلوم الامام ابن محمد علي الهادي (ع) :
وروي في كتاب ( كشف الغمّة : ج 3 : ص 185 ) : أن المتوكل عرض عسكره وأمر كل فارس منهم أن يملأ مخلاة فرسه طينا احمر ويطرحوه في موضع واحد ، فصار كالجبل ، فسماه تل المخالي ، وصعد هو وأبو الحسن - الامام الهادي - (ع) على ذلك التلّ ثم قال لأبي الحسن (ع) : إنما طلبتك لتشاهد خيولي - اي يتفاخر بقوة وعظمة جيشه بحضور الامام - وكانوا لابسين التحايف (1) حاملين السلاح ، فعرضوا بأحسن هيئة وأتمّ عدّة وأعظم زينة ، وكان غرضه كسر قلب من يخرج عليه - اي يثور ضده - ، وكان يخاف من أبي الحسن أن يأمر أحدا من أهل بيته بالخروج عليه .
فقال له أبو الحسن (ع) : هل اعرض عليك عسكري ؟
قال : نعم .
فدعا الله سبحانه وتعالى ، فإذا بين السماء والأرض من المشرق والمغرب ملائكة مدجّجون شاكون في السلاح (2) ، فغشي على الخليفة ، فلما افاق قاله له أبو الحسن (ع) : نحن لا ننازعكم (3) في الدنيا ، فإنا مشغـــولون بالآخــــرة ، فلا شــيء عليك مما تظن . (4) .
>>>>>>>>>>>>>>>>>>
(1) في المصدر : ( التجافيف ) ، وفي هامشه : قال الفيومي : التِجفاف ـ بالكسر ـ : شيء تلبسه الفرس عند الحرب كأنه درع ، وقيل : سمي بذلك لما فيه من الصلابة واليبوسة ، وقال الجواليني : معرب ومعناه ثوب البدن .
(2) اي المزود بالسلاح التام الكامل .
(3) في المصدر : ( لا ننافسكم ) .
(4) ذكرت هذه الرواية في الكثير من المصادر منها : بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥٠ - ص ١٥٦ .
تعليق