• كتب سبط ابن الجوزي الحنفي في ( تذكرة خواصّ الأمّة:368 ـ ط الغري ): وُلِد ( أي الإمام محمّد الجواد عليه السلام ) سنة ( 195 هـ )، وتُوفّي سنة ( 220 هـ ) وهو ابن خمسٍ وعشرين سنة، وكان على منهاج أبيه ( الرضا عليه السلام ) في العلم والتقى والزهد والجود.
وكان يُلقَّب بـ: المرتضى والقانع. وكانت وفاته ببغداد، فدُفن إلى جانب جدّه موسى ابن جعفر ( الكاظم ) عليه السلام بمقابر قريش، وقبره ظاهر يُزار. وكان له أولاد، المشهور منهم عليّ ( الهادي ) أبو الحسن العسكري.
• وفي ( الصواعق المحرقة:123 ـ ط القاهرة ) كتب ابن حجر المكّي الهيتمي الشافعي: قَدِم إلى سُرّ مَن رأى وتُوفّي فيها في آخر ذي القعدة سنة ( 220 هـ )، فدُفن في مقابر قريش في ظهر قبر جدّه الكاظم، وعمره يومذاك خمس وعشرون سنة، ويُقال: إنّه سُمّ أيضاً! ( عنه: ينابيع المودّة لذوي القربى للشيخ سليمان القندوزي الحنفي 13:3 ـ ط العرفان ).
• وفي النصّ على إمامته، كتب العالم المالكي ابن الصبّاغ في ( الفصول المهمّة في معرفة الأئمّة:247 ـ ط الغري ): رُوي عن صفوان بن يحيى قال: قلت للرضا: قد كنّا نسألك قبل أن يَهبَك الله لك أبا جعفر ( الجواد ): مَن القائمُ بعدك ؟ فتقول: « يَهَبُ الله لي غلاماً »، وقد وهبك الله وأقرّ عيوننا به، فإن كان كَونٌ، ولا أرنا الله لك يوماً، فإلى مَن ؟ فأشار بيده إلى أبي جعفر وهو قائم بين يديه وعمره إذ ذاك ثلاث سنين، فقلت: وهو ابن ثلاث! قال: « وما يَضرّ من ذلك، فقد قام عيسى بالحجّة وهو ابن أقلَّ مِن ثلاث سنين ».
• وعن معمَّر بن خلاّد قال: سمعتُ الرضا عليه السلام يقول ـ وذكر شيئاً ـ فقال: « ما حاجتُكم إلى ذلك ؟ هذا أبو جعفر قد أجلستُه مجلسي، وصيّرته مكاني »، وقال: « إنّا أهلُ بيتٍ يتوارث أصاغرُنا عن أكابرنا القَذّةَ بالقذّة ».
• ََورُويَ عن الجيراني عن أبيه قال: كنتُ واقفاً بين يَدَي أبي الحسن الرضا بخراسان، فقال قائل: يا سيّدي، إن كان كَونٌ فإلى مَن ؟
فقال: « إلى ابني أبي جعفر ». فكأنّ السائل استصغر سنَّ أبي جعفر، فقال الرضا: « إنّ الله بعث عيسى بن مريم نبيّاً صاحب شريعة مُبتدأة في أصغرَ مِن السنّ الذي فيه أبو جعفر ».
• وكتب خواجه پارسا البخاري في ( فصل الخطاب ـ على ما في: ينابيع المودّة:386 ـ ط إسلامبول ): رُويَ أنّ محمّد الجواد دخل يوماً على عمّ أبيه عليّ ابن الإمام جعفر الصادق، فقام له واحترمه وعظّمه، فقالوا له: إنّك عمُّ أبيه وأنت تُعظّمه ؟! فأخذ بيده لحيتَه وقال: إذا لم يَرَ اللهُ هذه الشيبةَ للإمامة؟! أراها أهلاً للنار إذا لم أُقرّ بإمامته!
• وكتب المحدّث الحافظ الميرزا محمّد خان بن رستم خان المعتمد البدخشي في مؤلَّفه المخطوط ( مفتاح النجا في مناقب آل العبا:184 ): أراد المأمون أن يُزوّج الجواد من ابنته أمّ الفضل، فشقّ ذلك على العبّاسيّين وخافوا أن ينتهي الأمر معه إلى ما انتهى مع الرضا رضي الله عنه، فمنعوه من ذلك، فذكر لهم أنّه إنّما اختاره لتبريزه على كافّة أهل الفضل علماً ومعرفةً مع حداثته، فنازعوا في اتّصاف أبي جعفر رضي الله عنه بذلك وقالوا: قد رَضينا لك يا أمير المؤمنين ولأنفسنا بامتحانه، فخَلِّ بيننا وبينه لنرسل إليه مَن يسأله بحضرتك عن شيءٍ من فقه الشريعة، فإن أصاب في الجواب لم يكن لنا اعتراض في أمره، وإن عجز عن ذلك فقد كُفينا الخطب في معناه، فقال لهم المأمون: شأنكم ذاك متى أردتم.
فخرجوا مِن عنده، وأجمع رأيهم على يحيى بن أكثم ـ وهو يومئذٍ قاضي القضاة ـ على أن يسأله مسألةً لا يعرف الجوابَ عنها، فاجتمعوا في اليوم الموعود، وحضر معهم يحيى بن أكثم، وجلس المأمون وأبو جعفر ( الجواد ) في مكانهما، فسأل يحيى أبا جعفر رضي الله عنه مسائل وأجابه أبو جعفر بأحسن جواب، فقال المأمون: يا أبا جعفر، إن أردتَ أن تسأل يحيى ولو مسألة واحدة، فقال أبو جعفر رضي الله عنه ليحيى: « أسألك ؟ »، قال: ذلك إليك، فإن عَرَفتُ جوابَ ما سألتَني عنه، وإلاّ استفدتُه منك، فقال أبو جعفر رضي الله عنه: « ما تقول في رجلٍ نظر إلى امرأةٍ في أوّل النهار فكان نظره إليه حراماً عليه، فلمّا ارتفع النهار حلّت له، فلمّا زالت الشمس حَرُمت عليه، فلمّا كان وقت العصر حلّت له، فلمّا غربت الشمس حرمت عليه، فلمّا دخل وقت العِشاء حلّت له، فلمّا كان نصفُ الليل حرمت عليه، فلمّا طلع الفجر حلّت له ؟ ما حالُ هذه المرأة، وبماذا حلّت وحرمت عليه ؟ » قال يحيى بن أكثم: واللهِ لا أهتدي إلى جواب هذه المسألة، ولا أعرف الوجه فيه، فإن رأيتَ أن تُفيدنا، فقال له أبو جعفر رضي الله عنه:
«هذه أمَةٌ لرجلٍ من الناس، نظر إليها اجنبيٌّ في أوّل النهار فكان نظره إليها حراماً عليه، فلمّا ارتفع النهار ابتاعها من مولاها فحلّت له، فلمّا كان الظُّهر أعتقها فحرمَت عليه، فلمّا كان العصر تزوّجها فحلّت له، فلمّا كان وقت المغرب ظاهَرَ منها فحرمت عليه، فلمّا كان وقت العشاء الآخرة كفّر عن الظِّهار فحلّت له، فلمّا كان نصفُ الليل طلّقها واحدةً فحرمت عليه، فلمّا كان وقتُ الفجر راجَعَها فحلّت له ». فلمّا فرغ أبو جعفر ( الجواد ) رضي الله عنه من كلامه أقبل المأمون على العبّاسيّين وقال: قد عَرَفتُم ما تُنكرون. ( رواه: ابن الصبّاغ المالكي في: الفصول المهمّة:249 ـ ط الغري، والقرماني في: أخبار الدول وآثار الأُوَل:116 ـ ط بغداد، والقندوزي في: ينابيع المودّة 13:3 ـ ط العرفان ببيروت، والشبراوي الشافعي في: الإتحاف بحبّ الأشراف:66 ـ ط مصر، والشبلنجي الشافعي في: نور الأبصار:217 ـ ط العثمانيّة بمصر، وابن حجر المكي في: الصواعق المحرقة:123 ـ ط البابي بحلب ).
• وحول بعض كرامات الإمام الجواد عليه السلام، كتب الشبلنجي في: نور الأبصار:151 ـ ط مصر ): حُكيَ أنّه لمّا توجّه أبو جعفر محمّد الجواد إلى المدينة الشريفة خرج معه الناس يشيّعونه للوداع، فسار إلى أن وصل إلى باب الكوفة عند دار المسيّب، فنزل هناك مع غروب الشمس، ودخل إلى مسجدٍ قديمٍ مؤسّسٍ بذلك الموضع ليصلّي فيه المغرب، وكان في صحن المسجد شجرةُ نَبق لم تحمل قطّ، فدعا بكُوزٍ فيه ماء، فتوضّأ في أصل الشجرة وقام يصلّي، فصلّى معه الناس المغرب، ثمّ تنفّل بأربع ركعات وسجد بعدهنّ للشكر، ثم قام فودّع الناس وانصرف، فأصبَحتِ النبقةُ وقد حملت من ليلتها حملاً حسناً، فرآها الناس وقد تعجّبوا من ذلك غاية العجب! ( رواه أيضاً: ابن الصبّاغ المالكي في: الفصول المهمّة:252 ـ ط الغري، والقرماني في: أخبار الدول:116 ـ ط بغداد، والنبهاني في: جامع كرامات الأولياء 168:1 ـ ط الحلبي في القاهرة.. روى الحديث بعين ما تقدّم عن: نور الأبصار، ثمّ قال: وكان ما هو أغربُ من ذلك، وهو أنّ نبق هذه الشجرة لم يكن له عُجْم ( أي نوى )، فزاد تعجّبهم من ذلك، وهذا مِن بعض كراماته الجليلة، ومناقبه الجميلة ).
• وفي ( الفصول المهمّة:253 ـ ط الغري ) كتب ابن الصبّاغ المالكي: رُوي عن أبي خالد قال: كنتُ بالعسكر فبلغني أنّ هناك رجلاً محبوساً أُتيَ به من الشام مكبّلاً بالحديد، وقالوا: إنّه تنبّأ، فأتيتُ باب السجن ودفعتُ شيئاً للسجّان حتّى دخلتُ عليه، فإذا برجلٍ ذي فهمٍ وعقلٍ ولُبّ، فقلت: يا هذا، ما قصّتُك ؟! قال:
إنّي كنتُ رجلاً بالشام أعبدُ الله تعالى في الموضع الذي يُقال أنّه نُصِب فيه رأس الحسين عليه السلام، فبينما أنا ذات يومٍ في موضعي مُقْبلٌ على المحراب أذكر الله، إذ رأيتُ شخصاً بين يَدَيّ، فنظرتُ إليه فقال لي: قم. فقمتُ معه، فمشى قليلاً فإذا أنا في مسجد الكوفة، فقال لي: تعرف هذا المسجد ؟ قلت: نعم هذا مسجد الكوفة. فصلّى، فصلّيتُ معه، ثمّ خرج فخرجت معه، فمشى قليلاً فإذا أنا بموضعي الذي كنتُ فيه بالشام، ثمّ غاب عنّي، فبقيتُ متعجّباً ممّا رأيت. فلمّا كان العامُ القابل فإذا بذلك الشخص قد أقبل علَيّ، فاستبشرتُ به، فدعاني فأجبتُه، ففعل بي كما فعل بيَ العامَ الماضي، فلمّا أراد مفارقتي قلت له: سألتُك بحقّ الذي أقْدَرك على ما رايتُ منك، إلاّ ما أخبرتَني من أنت، فقال: « أنا محمّدُ بنُ عليِّ بنِ موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب ».
فحدّثتُ بعضَ مَن كان يجتمع لي بذلك، فرُفع ذلك إلى محمّد بن عبدالملك الزيّات، فبعَثَ إليّ مَن أخذني من موضعي، وكبّلني في الحديد وحملني إلى العراق وحبسني كما ترى، وادّعى علَيّ بالمُحال.
قال أبو خالد: قلتُ له: فأرفعُ عنك قصّة إلى محمّد بن عبدالملك الزيّات ؟ قال: إفعل. فكتبتُ عنه قصّةً وشرحتُ فيها أمرَه ورفعتُها إلى محمّد بن عبدالملك، فوقّع على ظهرها: قلْ للذي أخرجك من الشام إلى هذه المواضع التي ذكرتها ( يبدو أنّ الإمام أخرجه إلى مواضع عديدة مذكورة في غير هذا المصدر ) يُخرجك من السجن الذي أنت فيه. قال أبو خالد: فاغتمَمْتُ لذلك، وسقط في يدي ( أي عجزت )، وقلتُ: إلى غدٍ آتيه ( أي هذا السجين ) وآمرُه بالصبر، وأعِدُه من الله بالفَرَج، وأُخبره بمقالة هذا الرجل المتجبّر. فلمّا كان من الغد باكرتُ السجن، فإذا أنا بالحرس والجند وأصحاب السجن وناسٍ كثير في هَرْج! فسألتُ ما الخبر ؟! فقيل لي: إنّ الرجلَ المتنبّئ المحمول من الشام فُقِد البارحةَ من السجن وحدَه بمفرده، وأصبحت قيوده والأغلال التي كانت في عنقه مُرمىً بها في السجن، لا ندري كيف خلص منها، وطُلِب فلم يوجد له أثرٌ ولا خبر، ولا يدرون أغُمِس في الماء، أم عُرِج به إلى السماء!
قال أبو خالد: فتعجّبتُ من ذلك وقلت: اِستخفاف ابن الزيّات بأمره، واستهزاؤه بما وقع به على قصّته، خَلّصه من السجن. ( رواه عنه: الشبلنجي في: نور الأبصار:219 ـ ط العثمانيّة بمصر ).
تعليق