بسم الله الرحمن الرحيم
وصلِّ اللهم على محمد حبيبك المصطفى وآله الأطهار كما صليت وسلمت وباركت على خليلك المجتبى إبراهيم وآله الأطهار.
كيف تجمعون كلمة ( سلام ) ؟ هل تقولون ( سلامات ) ؟ إن ( سلامات ) جمع لكلمةٍ ( سلامة )، وهكذا يصير ( السلام ) متضمناً ( السلامة ) بكل ما تعنيه جسدياً واجتماعياً ومصيرياً.
يبدو أنني اخترت هذه الكلمة في رباعية تقول:
بالوحي الحيِّ علا الشانُ سلامـاتِ محمدَ زُرنـا ذكـرٌ ثَبَّتـهُ الرحمـانُ والـرادودُ بنـا لقمـانُ
لماذا يكون لقمان هو الرادود ؟ إن لقمان هو أبو المعمَّرين على سطح المعمورة وعاش عمر سبعة أنسُر، ثلاثة آلاف وخمسمائة سنة. وكما نقول ( إبراهيم أبو الأنبياء ) و ( آدم أبو البشرية ) نقول ( لقمان أبو الحكماء وأبو المعمَّرين ). وقد أحَبّ اليوم أن يتشرف بزيارة السيّدة زينب عليها السّلام والمشاركة في مولدها الجديد في هذه الحضرة الزينبية المقدسة.
لا يوجد في الشريعة حكم إلاّ وهناك استدلال عليه، ولا فرع إلا وهو مستخرج من أصل. وقد حضر لقمان اليوم لأن سورة لقمان رقمها 31 وفق ترتيب الجمع، وهذا الرقم هو السبب في فتح النافذة بيني وبين لقمان،
قد تتساءلون: ( ما علاقة الواحد والثلاثون اللقمانية بالسيّدة زينب ) ؟ والجواب: أنكم تزورون السيّدة زينب وتقرؤون الزيارة، فهل خطر لأحدكم أن يتأمل في مفاصل الزيارة واللازمة الموسيقية التي تتكرر بعد كل مقطع ؟ هل خطر لأحدكم أن كلمة ( السلام ) مكررة في الزيارة 31 مرة ولذلك جاء في الرباعية ( بسلاماتِ محمدَ زرنا والرادودُ بنا لقمانُ ). إن هذا الرادود غريب وعجيب، فهو يعلّمنا الحكمة عن طريق الشكر كما سمعتم اليوم من هذه الشلالات الهادرة بالبلاغة والفصاحة، وهذا نوع من الشكر تعبر عنه هذه ( الشلاّلية ) والحماسية. إذن الشكر يعبر عن الحكمة من جهة. ومن جهة أخرى فإنك مهما تحدّثت عن الفضل وعن ذي الفضل العظيم ولو أنّما في الأرض من شجرة إقلام والبحر يمدّه من بعده سبعةُ أبحر ما نفدت كلماتُ الله ، وهذا كلام لقمان سجّله الله له. ويقولون أن سبب عيش لقمان هذا العمر الطويل أنه كان قد اكتشف هذا السر.
اليوم وعلى غير المقاييس المعتادة أخَذَتني أوجادٌ مع السيّدة العظيمة العزيزة وخطر لي أن أكتب شيئاً طالما حَضَرَت الحال. لكنني أريد اليوم أن أقف على خط الاستواء، وأين يقع هذا الخط في زيارة السيّدة زينب ؟.. أريدكم أن تفكروا مع السيّدة زينب في هذا اليوم، فقد جرى على لسان الشيخ محمد حبش كلام عجيب غريب فهمت منه أن هذه السيّدةٍ تفكّر، فقيادة الأحوال الاجتماعية في ظروف كظروف السيّدة زينب استدعى مخّاً كمخّ السيّدة زينب ندر أن حمل الأرض مثل في الإدارة الإعلامية والتنظيم الكلامي. وهناك سيدة إيطالية تدعي ( لاورا ) كتبت رسالة دكتوراه حول السيّدة زينب وفيها تقطع قطعاً أنه ( ما عرفت الأرضُ امرأةً مثل السيّدة زينب المقدسة )، وأعطيت العلامة التامة في إيطاليا وهي ( 110 ).
لنحاول أن نعلي من طريقة تنظيم السيّدة زينب بالكلمات والإشارات. وإذا أردنا أن نقف عند خط الاستواء من زيارتها فيجب أن نقف عند ( السلام السادس عشر ). ماذا يقول هذا السلام ؟ إنه يقول: ( السلام عليكِ يا من أرهَبَتِ الطغاة في صلابتها، وأدهشت العقول برباطة جأشها، ومثّلت أباها علياً في شجاعتها، وأشبهت أمّها الزهراء في عظمتها وبلاغتها ). السلام السادس عشر كعبة مرّبعة. وعلينا أن نلبي حول هذه الكعبة. ولكن كيف تكون التلبية ؟ وُلدت السيّدة زينب في الخامس من الشهر الخامس ( 5 / 5 ). وقد اجتمعت مؤخراً في بيروت 55 دولة تمثل الدول الفرنكوفونية أي التي تتحدث الفرنسية. ولو أردنا أن نزور السيّدة زينب باللغة الفرنسية لصار لزاماً علينا أن نقول ( لابّيه ) إحدى وثلاثين مرة وهنا يتبادر إلى الذهن ( لبيك اللهمّ لبيك ). إذن في كل مرة تردد ( السلام عليكِ يا زينب ) فإننا نلبي لرب زينب ورب أهل بيت زينب الذي أطعم هذا الخلق من جوع وآمنهم من خوف.
أعود إلى الرباعية. وهي كلام السيّدة زينب لكنها بحُلّة جديدة بناء على رأي أبيها أمير الكلام وحكيم الإسلام الذي يقول ( الأدب حُلَل مُجَدَّدة )...
بالوحي الحيّ ( فوالله لا تُميتُ وَحْيَنا ). علا الشان ( لا نُدرك أمَدَنا )... ذكرٌ ثبّته الرحمان ( ولا تمحو ذِكرَنا ).. بسلاماتِ محمدَ زُرنا.. والرادودُ بنا لقمانُ.
وأنا بكل لغات الأنام أقول: عليكم من زينب وآل بيت زينب سلام، بل سلامات.
(عن مجلة النجمة المحمدية ص 47 ـ 52 / العدد الرابع)
تعليق