لماذا نهج البلاغة ؟
نهج البلاغة هو ما انتخبه الشريف الرضي قدس سره من كلمات أميرالمؤمنين عليه السلام ، من خُطَب وحِكَم ورسائل ، ورتبها ترتيباً فنيًّا رائعاً ، وقد يشتبه على البعض فيظن أن الشيعة ينسبون هذا الكتاب للإمام علي بن أبي طالب عليه السلام ، فيزعمون أنه هو الذي جمعه ، وهذا خطأ كما قدمنا ؛ لأن الخطب التي في الكتاب من اختيار وجمع الشريف الرضي قدس سره .
ولعل أول سؤال ينقدح في ذهن القارئ هو : لماذا اخترنا نهج البلاغة دون غيره من الكتب أمثال الكافي الشريف الذي قيل فيه : (( إنه ما صُنَّف في الإسلام كتاب مثله )) أو بقية الكتب الأربعة ؟
والجواب على هذه في نقاط :
النقطة الأولى : أن كتاب (نهج البلاغة) يحوي خطباً منسوبة لأميرالمؤمنين عليه السلام ، وهو من أعظم الشخصيات التي عرفها الإسلام ، فهو عند الشيعة إمام منصَّب من الله عزَّوجل ، معصوم من كل نقيصة ، وعند العامة هو من أكابر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله ، ومن المبشّرين بالجنة ، وخليفة مفترض الطاعة ، فعظمة الكتاب تكمن في نسبته لشخصية عظيمة جدًّا ، خصوصاً أن بعض مضامين النهج تعتبر وثائق مهمة ، مثل رسائل الإمام علي عليه السلام وعهوده لولاته وغيرها التي تؤرخ لتلك الفترة الزمنية المهمة .
النقطة الثانية : إضافة إلى عظمة أميرالمؤمنين عليه السلام فإن هذه الشخصية متنازع فيها بين المسلمين ، فكل طائفة تحاول إثبات انتسابها إليه ، وتنفي ذلك عن غيرها ، فمثلاً ، الشيعة يقولون إن عليًّا عليه السلام هو إمامهم ، وكل من خالفهم هو منحرف عنه ، وفي المقابل نرى أن المخالفين للشيعة يتّهمونهم بأنهم خالفوا عليًّا عليه السلام ، وأنهم مبتدعون لا متّبعون ، ولذلك فإن كل تصريح يصدرعنه عليه السلام وينسب إليه سيكون مهمًّا جداًّ ؛ والمتنازعون سيتخلفون في التعاطي معه بنحو متباين جدًّا ، فإن بعض سيثبته ، وآخرون سينفونه ، وهذا عين ما حصل مع نهج البلاغة ، فإن مخالفي الشيعة حاولوا على مر العصور الطعن فيه وتستقيطه ، وأما الشيعة فإنهم دافعوا ونافحواعنه ؛ لإثبات صحّة غالبيته واعتباره .
النقطة الثالثة : هي أن الشريف الرضي قدس سره كان غرضه من جمع هذه الكلمات هو إظهار بلاغة أميرالمؤمنين عليه السلام ، فكان الضابط الوحيد في جمع هذه الخطب والرسائل هو ما اشتملت عليه من نكات ومحسنات بلاغية ، لكن بعضهم نقل الكتاب من هدفه الأساس ، وصار يحتج به في علوم مختلفة ، فنجد أن بعضهم يحتج بنصوص من نهج البلاغة في مسائل العقائد ، أو التاريخ ، أو الأخلاق والرقائق أيضاً .
ولهذا فإن تنقيح كتاب نهج البلاغة ، ووضع منهجية للتعامل مع مروياته مهم جدًّا؛ لفض النزاع القائم حوله وحسم الخلاف فيه .
هذه الأمورالثلاثة تجعلنا نقدم البحث في نهج البلاغة على كل الكتب الحديثية الموجودة عند الشيعة ، ونشمرعن ساعدي الجد لدفع كل الشبهات التي أثيرت حوله .
مقتبس من كتاب نهج البلاغة فوق الشبهات والتشكيكات – الشيخ أحمد سلمان
تعليق