التأمل في خطاب ما ، يعني دليل وجود حيوية المعنى في هذا الخطاب وكلمة سماحة السيد احمد الصافي ( دام عزه ) في افتتاح مهرجان ربيع الشهادة الخامس عشر والتي القاها نيابة عن كربلاء ، اتجهت الكلمة نحو عدة مفاهيم شكلت جوهر الاحتفاء بمهرجان ربيع الشهادة أولها شعار المهرجان لهذا العام ( الامام الحسين عليه السلام منار للأمم وإصلاح للقيم ) اذ تحركت الكلمة بافق هذا المفهوم الإصلاحي ـ هوية الوعي الشيعي المتمثل بالقبول الأمثل لوحدة الامة ، قدمت الكلمة وجدان المهرجان والذي يعني تجدد الوجود العظيم للنبي صل الله عليه وآله وسلم مستمدا المعنى من قوله صلوات الله عليه وعلى اهل بيته الطيبين الطاهرين ( حسين مني وانا من حسين ) هي دعوة ليكون هذا الاحتفاء الذي مثل الوجود الرسالي انقى المشاريع الوحدوية القادرة على جمع الامة تحت راية الرشاد ، المدخل الترحيبي يشمل اكثر من اتجاه ( أولا ) خصوصية الزمان والمكان ، الزمان هو اليوم المبارك لمولد الحسين عليه السلام ، والمكان العتبة الحسينية المقدسة ، وهذا الوجود الزماني والمكاني بما يمثل من قدسية في قلب كل مسلم يتوائم مع وجود هذه الشخصيات التي تمثل النخب الواعية والمؤثرة في متسعها الحياتي ، ( ثانيا ) السرور المتوج بحضور هذه النخب في القلب الكربلائي ، هذا السرور قيمة السعي الواعي لنوايا الالتقاء الجاد الذي يخدم الامة ، (ثالثا ) قيمة التمثيل الاسمى المنطلقة من ايمان المرجعية المباركة وخدمة العتبات المقدسة وزائريها الكرام ، السرور الذي يمثل خصوبة النوايا الواثقة من من معتقدها ومن غدها المزدهر بأمان الله ، والمكللة بروح الترحيب وامنيات طيب الإقامة وطيب الارومة ، مرتكزات هذا الطيب هي مقومات هذا المهرجان الاحتفائي ، والدعوة هي استضافة لمشاركة المسرة في بهجة هذه الأيام الشعبانية والتقدير للاستجابة المباركة ، ربما سائل يسأل وهل الكلمة الترحيبية بحاجة الى تفسير ؟، نقول نحن بحاجة الى التأمل في روح كل خطاب واعي ومثمر ، خطاب هادف موجه الى الجميع لأحتضان شرف المسؤولية ، الدينية والتاريخية ، للانطلاق الى رؤية المستقبل ، مواجهة التحديات الفكرية هي استنهاض الهمم الفاعلة كي لا يعطل الفكر يوما ، امام زخم الأفكار الهدامة والمرممة بقصديات متنوعة ومسميات مختلفة ساعية لزرع قيم الانسلاخ العام للمعتقدات الدينية ، والمعتقد الديني يمتلك قوة تأثيرية قادرة على خلق الرادع النفسي الفاعل الذي ينمي المنهج التربوي ويرعى الفضيلة ويتدارك أي ذبول مستقبلي يعمل على تهشيم قوى التماسك ، وهذا هو المقلق في عملية المسار المستقبلي للأمة ، إزالة الرادع النفسي يخفق في انتاج مجتمعات ذات حصانة ذاتية ، المجتمع اليوم يحتاج الى خطاب نهضوي يرفع النكوص ، ويتأمل الفحوى التي يتفاعل ويتواصل بها هذا الخطاب القادر على ابعاد التشنج والفرقة واثارة النعرات ،لابد من خطاب حيوي ينهض بفاعلية الانتماء الوطني الإنساني ، وهذا الخطاب يكون في جوهر معناه خطاب إصلاحي لينفتح على جميع الخصوصيات ، ولا يقف في طريق رأي ما ، وحرية الاعتناق المذهبي والفكري ، للجميع حق الاعتزاز بالانتماء كل له ثوابته ، وتحرير هذا الثوابت لكي لا تكون حجر عثرة امام نهضة الامة ، ان لا تكون كما يعبر عنها سماحة السيد مسرحا للتكفير ، هناك فرق سعت لتقلب موازين التفكيري عن طريق التكفير ، نؤكد على المساعي التأملية لقراءة الخطاب الذي هو عبارة عن كلمة ترحيبية لوفود المهرجان وفيها دلالات واعية تشير الى جدية التفكير بوجود أسباب غيبية وحسية يسرها الله سبحانه تعالى ، ونهضت بها المرجعية ، لابد ان يعي العقل المثقف الواقع الفكري بكل ابعاده ، عقلية المؤمن المثقف عقلية متنورة تدرك معنى الخطاب المتزن والمعتدل الذي هو الحل الأمثل لقبر أي فتنة تستلهم الحكمة من القرآن الكريم ومن قصة النبي إبراهيم عليه السلام ، ثمة بؤر فكرية فاعلة
أولا ) عدم وجود إمكانية إيجاد الاتفاق الشمولي ،الاتفاق على كل شيء هذه عملية غير ممكنة، وامر غير مقدور عليه
ثانيا ) ليس هذا الامر هو محط الاهتمام ولا هو بعقدة الأمور ، ان نتفق تلك مسألة ثانوية المهم ان لا نختلف
ثالثا ) ( رب اجعل لي هذا البلد آمنا ) نحن ندعو بدعاء نبي كريم ـ اللهم اجعل بلدنا آمنا
رابعا ) هو المرتكز الأهم ، في وسائل التوهج الفكري ، دعوة إبراهيم عليه السلام ( فمن تبعني فانه مني ـ ومن عصاني .. فانك عفو رحيم )وفي تراثنا الإنساني نجد هذا الدعاء حيا في منهجية الامام علي عليه السلام ، كمشروع انساني يرسخ مفهوم التوارث الأخلاقي الرسالي فالامام عليه السلام في كتابه الى مالك الاشتر ، عندما بعثه الى مصر ( الناس صنفان ، اما اخ لك في الدين او نظير لك في الخلق ) الطموح حمل المنهج الإنساني الحضور الفكري والروحي المؤثر والذي سيمثل الانتماء الإصلاحي للتحرك به داخل المجتمعات التي تمثلها هذه الشخصيات ، وهذا بطبيعته يساهم بانتاج فكر انساني يريد للإنسانية الخير والصلاح ، لما يمثله هذا المشهد الابراهيمي في التعامل مع الآراء الأخرى ،من أجل ان يزيح الاعتدال صوت التشنج والتطرف ، ووضحت الكلمة من خلال مدلولها الفكري بانه الامل للخروج بنتائج صعبة ، ما يعنيه بالنتائج الطيبة وتحقيق التواصل الإنساني من خلال هذه المهرجانات وربيع الشهادة امتلك تجربة تنامت لبناء المسار النهضوي والفكري الذي ينفتح على معطيات كل انتماء ومعرفة إنسانية الهويات لأيجاد سبل التقارب الجوهري ، وابعاد الكيد السياسي الذي عمل على تفرقة الأمة لأزمنة عايشت التجافي من اجل ان لا يحصل مثل هذا اليقين الذي حصل اليوم بجمع الشمل وبتعمير الملتقى بتلك البحوث الفكرية التي تجسد طموح الامة للارتقاء