العمل لله تعالى | ||||||||||||||||||||||||||||||
من وصية أمير المؤمنين عليه السلام ولولديه الحسن والحسين عليهما السلام: "أوصيكما بتقوى الله وأن لا تبغيا الدنيا وإن بغتكما, ولا تأسفا على شيء منها زوي عنكما, وقولا بالحق وعملا بالأجر"1. الناس بشكل عام يتعبون في هذه الدنيا ويبذلون الجهد ويقدمون والتضحيات الكبيرة والعظيمة لتحقيق أهدافهم, لا فرق في ذلك بين مؤمن وغيره .. ولكن الفارق بين العامل المؤمن وغير المؤمن أن المؤمن يريد من خلال عمله كسب رضا الله تبارك وتعالى, ويتوقع نتائج عمله في الآخرة, عرف أنه سيترك الدنيا فلم يعمل لها ولم تستحوذ على أوقاته وجهوده, عمّر آخرته لأنها دار المقر, ولم تكن الدنيا أكبر همه لأنها دار ممر, وهذا ينعكس على طبيعة سلوكه, فعن الإمام علي عليه السلام: "إعمل عمل من يعلم أن الله مجازيه بإسائته إحسانه"2.
يقول أمير المؤمنين عليه السلام: "طوبى لمن ذكر المعاد وعمل للحساب وقنع بالكفاف"4. فعمل الإنسان المؤمن لا يكون إلا الله سبحانه وتعالى طلبا لرضاه وتهيئة للحساب, وهذا ينعكس على سلوكه وتوقعاته وما ينتظره من خلال عمله: 1- فالذي يعمل لله تعالى لا ينظر إلا إلى رضاه وتسقط كل الغايات الأخرى أمام تحصيل ورضاه تعالى ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ...﴾5 ويكون همه الأساسي أن الله تعالى كيف سيرى عمله هذا وهل سيكون مقبولا ومرضيا في ساحته تعالى ؟ ﴿فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ ...﴾ 2_ والذي يعمل لله تعالى لا يكون منصبا على الدنيا ﴿لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا﴾6 فلا يتأثر عمله وفعاليته سواء شكره الناس أم بخسوا بحقه . 3_ والذي يعمل لله تعالى تجده متحمسا ومسرعا ومبادرا للعمل ﴿وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ﴾7.
فإن الطاعة لن تفيد الله تعالى والمعصية لن تضره "لم تخلق الخلق لوحشة, ولا استعملتهم لمنفعة, ولا يسبقك من طلبت, ولا يفلتك من خذت, ولا ينقص سلطانك من عصاك, ولا يزيد في ملكك من أطاعك, ولا يرد أمرك من سخط قضاءك"9. 5- الذي يعمل لله تعالى يحاول أن يسبق غيره للحصول على الثواب ﴿سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيم﴾10, ويخاف أن يستبدله الله بغيره "إن للخير والشر أهلا فمهما تركتموه منها كفاكموه وأهله"11
﴿قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾13. إن الإسلام لم يحدد للإنسان المسلم أهدافه التي عليه تحقيقها ويتركه يتبع الأسلوب الذي يرتيئه لتحقيق هذا الهدف, بل تدخل في أسلوب تحقيق الأهداف أيضا, من هنا كانت حياة المؤمن كلها لله تعالى, بما فيها من أهداف ووسائل وطرق... وهذه الميزة التي تحدث عنها أمير المؤمنين عليه السلام بقوله: "والله ما معاوية بأدهى مني, ولكنه يغدر ويفجر, ولولا كراهية الغدر لكنت من أدهى الناس, ولكن كل غدرة فجرة وكل فجرة كفرة, ولكل غدار لواء يعرف به يوم القيامة"14.
وهذا ما أصر عليه أمير المؤمنين عليه السلام حيث يقول: "أتأمروني أن أطلب النصر بالجور ؟ لا والله لا أفعل ما طلعت شمس ولاح في السماء نجم ... لذلك لا بد للعامل أن يتعرف على طريقة طاعة الله تعالى في عمله والحدود والأحكام الشرعية لهذا العمل . والتي سنتعرض لها ضمن المحاور الآتية إن شاء الله تعالى, والتي تتضمن الالتزام بالنظام والقوانين, والدوام والفعالية أثناءه, والعلاقات الإنسانية, وأحكام التجهيزات, وأحكام الأموال . نسأل الله تعالى أن يجعلنا من العاملين في سبيله الموفقين إلى مرضاته .
عن أمير المؤمنين عليه السلام: "أوصيكما وجميع ولدي وأهلي ومن بلغه كتابي بتقوى الله ونظم أمركم"15. فلاحظ كيف أن أمير المؤمنين عليه السلام لم يكتف بوصية أولاده وأهله بل اعبرها وصية لكل من بلغه هذا الكتاب, وهذا يعني أن التقوى ونظم الأمر, هي أمور مطلوبة من الإنسان في كل زمان وفي أي موقع كان, فالنظم غير مختص بفئة معينة أو بطبقة خاصة, بل هو لكل مؤمن ملتزم بنهج أمير المؤمنين عليه السلام, بل نجد أمير المؤمنين عليه السلام يشير إلى عظمة وأهمية النظم عندما يجعله من أهداف القرآن العظيم, حيث يقول عليه السلام وصفه للقرآن الكريم: " ألا إن فيه علم ما يأتي والحديث عن الماضي ودواء دائكم ونظم ما بينكم"16 . والنظام ليس مجرد كلمة تقال, بل النظام هو منهج عملي يلزم عنه عدة أمور عملية لا يتحقق النظام دونها, ومن هذه الأمور: 1 - الالتزام بالقوانين لكل عمل منظم قرارات وقوانين خاصة يجب احترامها والالتزام بها من قبل العاملين, لأن هذه القوانين هي التي تضمن التنسيق والتكامل ومن خلالها يتم تفعيل الطاقات واستثمارها بالشكل الصحيح, ويقول الإمام الخامنئي حفظه الله متحدثا عن الالتزام بالنظام في الحكومة الإسلامية:
2- العمل ضمن الصلاحية: إن من لوازم التنظيم تقسيم الأعمال والمهام واعطاء صلاحيات لكل حسب حسب المهام المطلوبة منه, فالتنظيم يعني تقسيم الأعمال وتقسيم الأعمال يعني تحديد الصلاحيات, فلذلك يجب مراعاة الصلاحية بشكل كامل, لتحصل الترجمة العملية للتنظيم . والعمل بغير صلاحية وإن كان هدفه صحيحا لكن وسيلته غير صحيحة وهو أشبه بالذي يسرق وليتصدق ! من هنا لا بد للعامل أن يتعرف على صلاحياته ويقف عندها ولا يتعداها . فعن أمير المؤمنين عليه السلام: "هلك من ادعى وخاب من افترى ... وكفى بالمرء جهلا أن لا يعرف قدره"18. 3- طاعة الأوامر العليا: ففي الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم: "اسمعوا وأطيعوا لمن ولاه الله لأمر فإنه نظام الإسلام" فالنظام الذي يكفل الترابط والتوحد والقوة كل ذلك يمثله طاعة الولي . وهي من جهة ثانية تحقق النصر والعزة والفلاح, يقول تعالى: ﴿وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُون﴾.
- في النظام الإسلامي والمؤسسات الإسلامية يجب العمل على طبق القوانين والمقرارات ولا يجوز المخالفة . استفتاءات س- استشهد والدي وصارت العائلة على عهدتي لأنني الكبير فيها . وبدأت العمل في الحرس وأنا أظن أنني أستطيع أن أؤّمن لقمة عيش العائلة, ولكن العمل في الحرس لم يبق لي وقتا لذلك, يوجد لي أخ أصغر مني ولكنه غير مهتم بتأمين لقمة عيش العائلة, وكنت قد تعهدت عند دخولي الحرس أن أعمل لمدة خمس سنوات ولكني الآن وبعد أربعة أشهر من الخدمة قررت ترك الحرس للعمل على تأمين لقمة عيش العائلة فما رأيكم في ذلك ؟ ج: يجب العمل على طبق مقررات الحرس.19 س- أنا أعمل في وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية وفي مؤسسة جهاد البناء, ومحتاج لأخذ الراتب من كلا المؤسستين, ومع ملاحظة أن الدولة منعت أخذ الراتب من مؤسستين تابعتين للدولة معا, فما فتواكم في هذا الخصوص ؟ ج: "الحاجة" ليست هي الميزان, بل الموضوع يتبع المقررات فإذا كان مخالفا للمقررات فهو غير جائز20 .
|
إعـــــــلان
تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.
احكام المدير والعامل
تقليص
X
-
احكام المدير والعامل
الكلمات الدلالية (Tags): لا يوجد
- اقتباس
-
الدوام إن المبادرة والمسارعة إلى العمل الإسلامي هي أمر طبيعي عند الإنسان المؤمن, فإن وجد عملا فيه خدمة لدين الله تعالى ولعباده, شعر بأنها فرصة قد منّ الله تعالى بها عليه, فيغتنمها بشوق قبل أن تزول, ويشكر الله على هذا التوفيق.
لكن العمل الإسلامي نعمة ومسؤولية في نفس الوقت, فعندما تتصدى لعمل ما, تصبح مسؤولا أمام الله تعالى عن إنجازه الذي ينبغي أن يكون على أكمل وجه وبأفضل أسلوب. لأنك من خلال تصديك لعمل معين وشغلك لمكان ما منعت غيرك من المؤمنين عن التصدي له وشغله, فإن لم تؤد عملك على الوجه المطلوب لم تكن سوى قاطع طريق على غيرك تمنعه من الاستفادة من نعمة خدمة دين الله تعالى وعباده, ومن جهة ثانية تكون قد فوّت على العمل الاستفادة من الكفاءات الأخرى.
من هنا, علينا -على الأقل – أن نحقق الحد الأدنى من حقوق العمل وتحمل المسوؤلية, هذا الحد الأدنى يمثل الحد الشرعي الذي يجب الالتزام به, والذي لو تركه الإنسان صار مقصرا مأثوما مستحقا للغضب الإلهي والعقاب الأخروي, أجارنا الله تعالى منه.
والحضور الدائم في ساحة العمل من خلال المداومة من الأمور المهمة والضرورية.
الالتزام بدوام العمل21
إن العمل ضمن دوام معين لقاء أجر وراتب شهري, يعني أن الموظف يأخذ المال ومقابل هذه الساعات التي يقدمها للعمل, وبالتالي فإن ساعات العمل هذه وجهده وطاقاته فيها لم تعد ملكا له وإنما هي ملك للوظيفة, فأي نقص أو خلل في عطائه سيعني أنه يأكل مالا بغير حق!
وكان أمير المؤمنين عليه السلام يواجه مثل هذه الحالات التي فيها ترك للعمل وتضييع للأعمال, ويعتبرها خيانة, وفي كتاب له عليه السلام إلى المنذر بن الجارود وكان على اصطخر: "بلغني أنك تدع عملك كثيرا, وتخرج لاهيا متنزها متصيدا...
وأني أقسم بالله لئن كان ذلك حقا لجمل أهلك وشسع نعلك خير منك, وإن اللعب واللهو ولا يرضاهما الله, وخيانة المسلمين وتضييع أعمالهم مما يسخط ربك, ومن كان كذلك فليس بأهل لأن يسد به الثغر ويجبي به الفيء ويؤتمن على مال المسلمين"1.
أحكام22
يجب العمل طبق المقررات في الحضور أثناء دوام العمل, من أول الدوام الى آخره, وبعد مكان السكن أو صعوبة وسائل النقل أو البرد الشديد... كل ذلك لا يبرر التأخر عن أول الدوام إذا كان مخالفا للمقررات.
يجب مراعاة المقررات في وقت صرف الغذاء والصلاة ومكانهما.
إذا كان الالتزام بالدوام مفروضا في مقررات الاستخدام يجب الالتزام به حتى مع عدم وجود العمل.
الموظفون الذين يغيبون عن العمل لساعة أو ساعات مخالفين بذلك عقد الاستخدام لا يحق لهم أخذ المال مقابل هذه الساعات.
استفتاءات
الالتزام بالدوام
س: موظف, عليه بحسب المقررات أن يكون حاضرا في أول دوام العمل, ولكنه بسبب بعد بيته, أو بسبب البرد الشديد في الشتاء, أو بسبب صعوبة النقليات, يتأخر بين ساعة وساعتين في أيام السبت (أول الأسبوع) بشكل استثنائي, فهل يجوز هذا شراعا على أن يجبر هذا النقص خلال اليوم أو خلال أيام الأسبوع؟
-ج : يجب العمل على طبق المقررات2.
س- أعمل في شركة تابعة للدولة, حيث تعطل الأعمال لمدة نصف ساعة لأداء الصلاة ظهرا, ولكن باعتبار أني أصلي في مسجد بعيد بعض الشيء عن محل عملي أحتاج إلى أكثر من نصف ساعة (عشر دقائق تقريبا) حتى استطيع المشاركة في صلاة الجماعة في المسجد المذكور, فهل هناك اشكال شرعي في ذلك؟23
ج: إذا لم يكن مخالفا لعقد استخدامك فلا مانع منه3.
س- يتم تعطيل العمل في الإدارات نصف ساعة وقت الصلاة لأداء الفريضة, فلو فرض أن بيتي قريب من مكان عملي, بحيث استطيع أن أذهب للبيت وأصلي وآكل طعام الغذاء وأرجع خلال نصف ساعة, هل يمكنني أن أقوم بذلك شرعا؟
ج: يجب العمل على طبق القررات4.
س- في بعض الأيام في بعض المؤسسات لا يوجد عمل ليقوم به الموظف, فهل يستطيع الموظف أن لا يداوم في مكان العمل هذه الأيام؟ أو أن يحضر ساعة أو ساعتين فقط في النهار, وبشكل عام هل يحق للعامل أن يخرج من كان عمله قبل انتهاء الدوام لأي سبب كان؟
ج: حسب مقررات الاستخدام 5.
تنقيص الراتب24
س- أعمل في مؤسسة تعتمد كارت تضعه في مكنة خاصة لتدون زمن الحضور والخروج من العمل بشكل تلقائي, وفي آخر الشهر عندما يلاحظ وجود نقص في الساعات, يحذفون من الراتب ضعف قيمة عمل الساعات الناقصة, مع العلم أن النقص قد يكون بسبب نسيان وضع الكارت في المكنة... فعملهم هذا هل يجوز شرعا؟
ج: يجب مراعاة مقررات حكومة الإسلام6.
س- بعض الموظفين ولأسباب معينة يغيبون عن العمل يوم أو يوم خلال الشهر, فهل يستطيع المسؤول شرعا أن يعطي أجر عمل هذا اليوم للعامل؟
ج: بحسب عقد الاستخدام7.
س- هناك موظفون في الإدارات يعطلون أعمالهم ويعودون لبيوتهم قبل مضي ثماني ساعات (الدوام الرسمي) ويقولون أنهم ينجزون أعمالهم بسرعة ليعودوا باكرا إلى بيوتهم, مما يتسبب بعدم الدقة في أعمالهم, بنظركم الشريف ألا يوجد مشكلة في الحقوق التي يقبضونها كاملة؟ والمال المقبوض مقابل ساعات العمل التي لا يتواجدون فيها عمليا حلال لهم؟25
ج: إذا كان عملهم هذا خلا ف عقد الاستخدام, لا يحق لهم أخذ المال مقابل هذه الساعات8.
26
- اقتباس
- تعليق
-
الفعالية إن التواجد أثناء الدوام في العمل ليس لمجرد التواجد وإنما هو للتفرغ لشؤون العمل والقيام بكل ما يلزم من دون وجود شاغل عن ذلك, وبالتالي فالدوام ليس إلا مقدمة للعمل وعليك أن تملأه فأوقات الفراغ ليست إلا حسرة الآخرة !
فعن الإمام الصادق عليه السلام: "ما من يوم يأتي على ابن آدم إلا قال ذلك اليوم : يا بان آدم أنا يوم جديد وأنا عليك شهيد فافعل بي خيرا واعمل فيّ خيرا أشهد لك يوم القيامة فإنك لن تراني بعدها ابدا"1.
وعن أمير المؤمنين عليه السلام: "واعمل أن الدنيا دار بلية, لم يفرغ صاحبها فيها قط ساعة إلا كانت فرغته عليه حسرة يوم القيامة"2
ويقول عليه السلام "فالله الله معشر العباد, وأنتم سالمون في صحة قبل السقم, في الفسحة قبل الضيق, فاسعوا في فكاك رقابكم من قبل أن تغلق رهائنها, اسهروا عيونكم وأضمروا بطونكم واستعملوا أقدامكم وأنفقوا أموالكم, وخذوا من أجسادكم تجودوا بها على أنفسكم ولا تبخلوا بها عنها"3.
فالوقت ليس إلا نعمة, عليك أن تستفيد منها لآخرتك, فإن ضيعتها فمثلك مثل الفقير الذي وصلته أموال لبناء منزله وتأمين معيشته فأتلفها ورماها في البحر ! فالوقت والصحة كلها نعم علينا أن نستفيد منها ونتزود منها, فنحن فقراء الآخرة, ولا يرفع فقرنا إلا صرف هذه الأوقات في طاعة الله وبناء قصور الآخرة وجنانها ...29
ومن كلماته عليه السلام: "ورحم الله عبدا ... اغتنم المهل وبادر الأجل وتزود من العمل"4.
وهذه الفعالية تظهر من خلال أمور:
1- انجاز المهمات:
فلا يتكل على غيره في ذلك, وكيف يمكن أن يكون المؤمن مقصرا ومتكلا على غيره في أعماله وهو يعلم أن هذا العمل هو رأسماله في أخرته وقد ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام: "التقصير في العمل لمن وثق بالثواب عليه غبن"5.
2- الشعور بالتقصير30
إن العامل المؤمن يستشعر التقصير دائما, وكيف لا يستشعر التقصير من كان عمله من باب شكر الله تعالى, أو من باب التزود للآخر, وأي عمل يوازي أجر الآخرة, أو أي طاعة تحقق حق الباري وتؤدي شكره ؟
لذلك تجده كثير الأعمال دائم الاشتغال, وكأنه يجد نفسه ومبرر وجوده في العمل, ورغم ذلك يرى أعماله قليلة في عينه لا يستكثرها, كما يصفهم أمير المؤمنين عليه السلام: "لا يرضون من أعمالهم القليل ولا يستكثرون الكثير . فهم لأنفسهم متهمون ومن أعمالهم مشفقون"6.
ومن رسالة له عليه السلام الى بعض العاملين عنده "وابلوا في سبيه ما استوجب عليكم, فإن الله سبحانه قد اصطنع عندنا وعندكم أن نشكره بجهدنا وأن ننصره بما بلغت قوتنا"7.
3- الاسراع بالعمل
الوقت من الأمور التي لا يمكن تعويضها إذا خسرها الإنسان لأن الوقت غير قابل لاستعادته, فاليوم الذي ينتهي لا يمكن إعادته, ومن الحكم التي ترددها الألسنة "الوقت كالسيف إن لم تقطعه فطعك " فكيف نستطيع أن نستفيد من هذا الوقت على أكمل وجه ؟
يقول أمير المؤمنين عليه السلام: "وامض لكل يوم عمله, فإن لكل يوم ما فيه ... وإياك والعجلة بالأمور قبل أوانه, أو التسقط فيها عند إمكانها أو اللجاجة فيها إذا تنكرت, أو الوهن عنها إذا استوضحت, فضع كل أمر موضعه وأوقع كل أمر موقعه"8.31
ويقول عليه السلام في رسالة له الى بعض العاملين عنده: "إياكم وتأخير العمل ودفع الخير, فإن في ذلك الندم"9.
4- اتقان العمل32
إن اتقان الأعمال هو من أهم الصفات التي تميز العامل الجاد والمخلص عن غيره, فما دام العمل لله تعالى فستشمله عناية الله تعالى وسيكون وثيقا ومتقنا, وما دام العامل يعمل لله تعالى ويرجو الثواب فسيكون عمله متقنا بقد طلبه للثواب, فعن أمير المؤمنين عليه السلام: "التقصير في حسن العمل إذا وثقت بالثواب غبن"10.
فعلى المؤمن أن يهتم بنوعية عمله وإتقانه أكثر من اهتمامه بكثرته وعدده, فعن أمير المؤمنين عليه السلام: "قليل مدوم عليه خير من كثير مملول منه"11.
وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم: "يا بن مسعود إذا عملت عملا فاعمل بعمل وعقل وإياك أن تعمل عملا بغير تدبر وعلم فإنه جل جلاله يقول (ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة انكاثا)12"
وعنه صلى الله عليه وآله وسلّم: "إن الله تعالى يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه"13
احكام33
المال مقابل العمل:
إذا رفض العامل الالتحاق بالعمل والقيام بوظيفته التي استخدم لأجلها لم يستحق الأجرة وهو ضامن للمال الذي أخذه دون عمل وعليه إرجاعه .
إذا لم ينجز الموظف الأعمال الموكلة إليه حتى لو فرض أنه التحق بالعمل وانجز بعض الأعمال الأخرى عليه إعادة الأموال التي قبضها مقابل هذه الأعمال لنفس المحل الذي اخذه منها .
اعمال شخصية أثناء الدوام:
لا يستطيع من وظيفته قيادة السيارة أن يقوم بزيارات خاصة أثناء عمله, ما دام ذلك مخالفا للمقررات وبدون إجازة المسؤولين .
يجوز أثناء الدوام الاشتغال بمثل حفظ القرآن الكريم والأحاديث الشريفة إذا لم تؤثر سلبا على العمل .
العمل الشخصي أثناء الدوام في ساعات الفراغ, جوازه وعدم جوازه تابع للمقررات .
استفتاءات34
المال مقابل العمل:
س- أنا موظف في الدولة مند سنوات, لأسباب معينة كنت في بعض الحالات لا أؤدي الأعمال الموكلة لي بشكل صحيح وكامل, وكنت أقبض مال العمل, وحتى احل هذه المشكلة هل يمكنني أن أعمل في أي مكان تابع للدولة لأجبر هذا النقصان أن يجب أن أعمل في نفس المؤسسة ؟ وإذا أحببت أن أرجع الأموال التي قبضتها رغم عدم تأدية العمل, كيف استطيع أن ارجع هذه الأموال وبأي عنوان ؟ وهل أستطيع دفعها لمكتب الإمام في قم ؟
ج: إذا لم تنجز الأعمال الموكلة إليك فعليك إعادة الأموال التي قبضتها مقابل هذه الأعمال لنفس المحل الذي أخذته منها14.
س- هناك بعض الموظفين الذين يقبضون المال ولا يقومون بعمل منذ مدة, ورغم دعوتهم من قبل المسؤولين للعمل لا زالوا وبتعليلات مختلفة يمتنعون عن الحضور والفعالية, فما حكم الأموال التي يقبضونها رغم رفضهم الالتحاق بالعمل ؟ وهل المؤسسة ملزمة بالمحافظة على توظيفهم رغم مخلفهم عن العمل ؟ ما حكم الأموال التي كانوا يقبضونها طوال فترة عدم عملهم ؟
ج: إذا رفض العامل القيام بوظيفته التي استخدم لأجلها, لم يستحق الأجرة, وهو ضامن للمال الذي أخذه من دون عمل (عليه ارجاعه)15.
أعمال شخصية اثناء الدوام35
س- سائق تابع للحرس أو لمؤسسات الدولة وغيره, ينطلق لمأمورية معينة وفي أثناء العودة من مأموريته يمر على بيت والده ووالدته لزيارتهم لمدة خمس عشر دقيقة, فهل هناك إشكال في ذلك ؟
ج: حسب المقررات, ولا إشكال مع إجازة المسؤولين المعنيين16.
س- هل يجوز قراءة القرآن الكريم والأدعية أثناء الدوام فرض أنها لا تؤثر على سير العمل ولا تحدث تعطيلا فيه ؟
ج: لا إشكال في مفروض السؤال17.
س- لو فرض وجود أوقات فراغ للموظفين لعدم وجود أعمال مراجعين, فهل يجوز اتمام الأعمال الشخصية في أوقات الفراغ هذه ؟
ج: حسب مقررات المؤسسة التي تعمل بها18.
361- ميزان الحكمة الحديث 7413
2- نهج البلاغة الرسالة 59
3- نهج البلاغة الخطبة 237
4- نهج البلاغة الخطبة 75
5- ميزان الحكمة الحديث 2792
6- نهج البلاغة خطبة 184
7- نهج البلاغة الرسالة 51
8- نهج البلاعة رسالة 53
9- بحار الأنوار 72ص355
10- نهج البلاغة الحكمة 376
11- نهج البلاغة الحكمة 432
12- ميزان الحكمة الحديث 14360
13- ميزان الحكمة الحديث 14371
14- استفتاءات (فارسي) ج2 صفحة 51 مسألة 140
15- استفتاءات (فارسي) ج2 صفحة 212 مسألة 43
16- استفتاءات (فارسي) ج3 ص 498 مسألة 47
17- استفتاءات (فارسي) ج3 ص 528 مسألة 138
18- استفتاءات (فارسي) ج3 ص 532 مسألة 149
يتبع
- اقتباس
- تعليق
تعليق
-
العلاقات الإنسانية - 1 العلاقة مع الآخر
لقد حدد الإسلام طبيعة العلاقة بين المؤمنين بكلمة واحدة ï´؟إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَï´¾1, فالتوجه الأساسي في العلاقة مع الآخرين في أي موقع كانوا هو الأخوة ولا شيء سواها كما تفيد كلمة (إنّما), فكما تسقط الاعتبارات والمواقع والخصوصيات بين الأخوة فكذلك تسقط بين المؤمنين في أخلاقية التعاطي العام. وهذه الروحية بالتعاطي التي أمر الله تعالى بها المؤمنين تكشف عن مدى ارتباط الإنسان بالله تعالى "من أحسن فيما بينه وبين الله أحسن الله ما بينه وبين الناس"2. فكلما ازداد التزام الإنسان وتدينه وارتباطه بالله تعالى كلما قويت فيه روح الأخوة في علاقته مع الآخرين, وهناك أمور مسلكية يجب مراعاتها مع المؤمنين سواء كانوا رؤساء أو مرؤوسين أو زملاء أو مراجعين, تتلخص بما يلي:
حسن الظن: إن سوء الظن بالمؤمنين هو من أسوء الأمراض التي يمكن أن يبتلي بها المؤمن العامل, لأنه يتسبب بعدم الثقة بالآخرين مما يتسبب بإضعاف العمل وخسران الطاقات وعدم الاستفادة منها, وهو يؤدي أيضا إلى التشنج في العمل وفي المؤسسات بشكل يؤدي إلى فشل الأعمال وزوال الروح الإسلامية من العمل. يقول الله تعالى: ï´؟يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌï´¾3.
ذكر الآخرين بالخير: إن التركيز على عيوب المؤمنين والبحث عنها لا للنصيحة والإصلاح بل للقدح والغيبة هي خطيئة كبيرة. ولها في عالم الغيب صورة قبيحة وبشعة تفضح الإنسان في الملأ الأعلى أمام الأنبياء والمرسلين والملائكة المقربين, هذه الصورة البشعة التي أشار إليها سبحانه وتعالى في قوله: ï´؟... وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ...ï´¾439
إن لأعمالنا صورا وأشكالا تناسبها ستظهر بتلك الصورة والأشكال لتعود إلينا في العالم الآخر, والمغتاب يضاهي الكلاب الجارحة في افتراسه لأعراض الناس ولحومهم, وسيظهر بهذه الصورة كلب ينهش لحم ميت في نار جهنم, وفي رواية أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم لما رجم الرجل في الزنا, قال رجل لصاحبه: هذا أقعص كما يقعص5 الكلب, فمرّ النبي صلى الله عليه وآله وسلّم معهما بجيفة, فقال: إنهشا منها, فقالا: يا رسول الله ننهش جيفة ؟ فقال: ما أصبتما من أخيكما أنتن من هذه6.
إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم قد شاهد بما لديه من قوة نرو البصيرة النبوية الغيبية عمل المغتابين وعرف أن جيفة الغيبة أشد نتانة من جيفة الميتة والصورة الحقيقية للغيبة أشد قبحا وفظاعة من صورة الميتة المتفسخة.
وفي رواية أخرى أن المغتاب يؤكل من لحمه يوم القيامة فعن أمير المؤمنين عليه السلام: "اجتنب الغيبة فإنها إدام كلاب النار ...7
المداراة40
عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم "أمرني ربي بمداراة الناس كما أمرني بأداء الفرائض"8.
وعن الإمام الصادق عليه السلام في قوله تعالى "وقولوا للناس حسنا" أي للناس كلهم مؤمنهم ومخالفهم أما المؤمنون فيبسط لهم وجهه وأما المخالفون فيكلمهم بالمداراة لاجتذابهم على الإيمان"9.
فمداراة الناس حسنة للآخرة وفضل عند الله تعالى وهو في نفس الوقت يسهل انجاز المهمات ويحصل بسببه التوفيق حتى في الأمور الدنيوية وقد ورد عن الإمام علي عليه السلام: "سلامة الدين والدنيا في مداراة الناس"10.
وقد أكد القرآن الكريم أن الفظ الغليظ لا يمكنه أن يكون ناجحا ï´؟فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ...ï´¾11.
وفي رواية عن أمير المؤمنين عليه السلام يحدد فيها المسلكية العامة لمؤمن في عبارات مختصرة حيث يقول عليه السلام: "كان لي فيما مضى أخ في الله, وكان يعظمه في عيني صغر الدنيا في عينه ... كان يفعل ما يقول ولا يقول مالا يفعل ... وكان على أن يسمع أحرص منه على أن يتكلم وكان إذا بدهه أمران نظر أيهما أقرب إلى الهوى مخالفه, فعليكم بهذه الخلائق فالزموها وتنافسوا فيها"12.41
تقسيم الأدوار42
إن الفخر الحقيقي الذي يمكن أن يفتخر به الإنسان هو انتسابه لهذه المسيرة الإلهية وسده لزاوية منها أو فراغ ما, فقيمة الشيء لا تؤخذ من نفسه بقدر ما تؤخذ من انتسابه, فالخرقة البالية التي لا مست جسد النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلّم لا مكن أن تقاس في قيمتها المعنوية بأفضل جواهر العالم المحفورة في أعلى تاج لأي سلطان أو ملك رأته شمس الدنيا!
ألا تتمنى أن تكون خادما لخدمة الحق ؟ أم أن ألقاب الدنيا وزينتها أغوتك ؟!
إن تقسيم الأدوار هو شرط أساسي لتنفيذ الأعمال على أكمل وجه, ولا يمكن لشخص واحد أن يقوم بالأدوار جمعيا, بل على كل عامل أن يؤدي دورا ما ضمن هذه المسيرة المباركة, وكما في الروايات التي تؤكد على ضرورة وضع مسؤول لكل مجموعة حتى لو كانت من ثلاث أشخاص فقط .
ففي الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم أنه قال: "إذا كان ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم"...13ومن هنا فلا بد من وجود رئيس ومرؤوس, لا من باب التفاضل بل من باب تنظيم العمل وسد الثغرات, يقول الإمام الخامنئي حفظه الله: الرتبة تعني النظام الدقيق ودورها تحديد المسؤولية والعلاقة بين الأفراد14.
فالرئيس والمرؤوس يكملان بعضهما البعض للوصول إلى طاعة الله ورضوانه وتحقيق أمره. وكان الإمام الخميني قدس سره يعتبر المسؤول خادما ويصر على لقب الخادم ويتزين به, يقول الإمام الخميني قدس سره: "أن يقال لي خادم أفضل من أن يقال لي قائد, القيادة ليست مهمة, المهم هو الخدمة والإسلام أمرنا أن نخدم".
ولتحقيق ذلك على أكمل وجه كيف تكون العلاقة بين المرؤوس والرئيس ؟43
إن لهذه العلاقة طرفين:
الأول: علاقة المرؤوس بالرئيس.
والثاني: علاقة الرئيس بالمرؤوس.
علاقة المرؤوس بالرئيس
إن العلاقة مع الرئيس يجب أن تكون ضمن العناوين التالية:
النصيحة
إن النصيحة وبذل المشورة أمر مطلوب من كل شخص يملك فكرا وخبرة تؤهله لذلك, يقول أمير المؤمنين عليه السلام: "فعليكم بالتناصح في ذلك وحسن التعاون عليه, فليس أحد وإن اشتد على رضاء الله حرصه, وطال في العمل اجتهاده, ببالغ حقيقة ما الله سبحانه أهله من الطاعة له, ولكن من واجب حقوق الله على العباد النصيحة بمبلغ جهدهم, والتعاون على إقامة الحق بينهم وليس أمرؤ وإن عظمت في الحق منزلته, وتقدمت في الدين فضيلته بفوق أن يعان على ما حمله الله من حقه, ولا امرؤ وإن صغرته النفوس واقتحمته العيون بدون أن يعين على ذلك, أو يعان عليه"15.
التعاون44
كما يستفاد من الرواية السابقة أيضا ( وحسن التعاون عليه ... ) والرواية تؤكد على أن التعاون بأي شكل كان غير كاف بل لا بد من حسن التعاون, بمعنى أن يكون العمل الذي نقوم به عملا متقنا, فإن من صفات المخلص أن عمله يكون متقنا يبذل فيه طاقته ويحاول أن يؤمّن فيه كل أسباب النجاح الموجودة بين يديه, وروح التعاون هي التي يجب أن تحكم العاملين .
الطاعة في مقررات الإدارة
الطاعة ضمن المقررات القوانين, هي شرط أساسي للتوفيق ونجاح العمل, والتشتت وعدم الطاعة هو أخطر مرض يمكن أن تصاب به أي مؤسسة, وهذا أمير المؤمنين عليه السلام, ذلك القائد العظيم يقف أمام جيشه وقد خيبوا آماله لقول لهم: "قاتلكم الله لقد ملأتم قلبي قيحا وشحنتم صدري غيظا ... وأفسدتم علي رأيي بالعصيان والخذلان, حتى لقد قالت قريش إن ابن طالب رجل شجاع ولكن لاعلم له بالحرب ."أبوهم وهل أحد منهم أشد لها مراسا وأقدم فيها مقاما مني ؟! ولكن لا رأي لمن لا يطاع"16.
فالمشكلة في حكومته عليه السلام لم تكن في النظام, فهل يوجد أفضل من الإسلام العظيم نظاما ؟ّ! ولا كانت في القائد, وقد كان أمير المؤمنين عليه السلام, بنفسه القائد لهم, بل المشكلة كلها كانت عدم الطاعة, فعدم الطاعة قادرة على إفشال أكثر المشاريع إتقانا وأهمية !.
أحكام45
يجب على الموظف طاعة المسؤولين المعنيين في الأمور الإدارية طبق المقررات .
استفتاءات
س- كنت من بداية خدمتي وكما أمر مسؤولو الحرس أعمل في القسم الإداري وبقيت في هذا القسم, ولم أوفق للمشاركة في الجبهة, وكلما طلبت ذلك لم يوافق المسؤولون على طلبي, فهل أتحمل مسؤولية لعدم مشاركتي في الجبهة أم علي طاعة المسؤولين على كل حال ؟
ج: يجب مراعاة مقررات الحرس17.
س- رئيس إدارة طلب من أحد أعضاء الإدارة أن يقوم بعمل ما, فإلى أي حد يجب على هذا الموظف العمل بتكليف الرئيس, وماذا لو لم يطع التكليف ؟
ج- يجب على العامل أن يطيع المسؤولين المعنيين في الأمور الإدارية طبق مقررات دولة الإسلام18.
46هوامش 1- الحجرات: 10
2- نهج البلاغة الحكمة 415
3- حجرات 12
4- الحجرات: من الآية 12
5- القعص: القتل
6- المحجة البيضاء, المجلد الخامس, صفحة 253
7- وسائل الشيعة, المجلد الثامن, باب 152 من أبواب أحكام العشرة, الحديث 16
8- ميزان الحكمة الحديث 5490
9- ميزان الحكمة الحديث 5495
10- ميزان الحكمة الحديث 5509
11- آل عمران: من الآية 159
12- نهج البلاغة الحكمة 281
13- ميزان الحكمة ج 2 حديث رقم 8609
14- اطلاعات 30\11\69
15- نهج البلاغة الخطبة 207
16- نهج البلاغة ج1 صفحة 70 الخطبة 27
17- استفتاءات ج 3 صفحة 506 مسألة 72
18- إستفتاءات الإمام الخميني قدس سره (فارسي) ج 3 صفحة 484 سؤال رقم 1
يتبع
- اقتباس
- تعليق
تعليق
-
العلاقات الإنسانية - 2 علاقة الرئيس مع المرؤوس
عن الإمام زين العابدين عليه السلام: "اللهم إني أعوذ بك من .. سوء الولاية لمن تحت أيدينا"1,هناك نقطتان أساسيتان في علاقة الرئيس بالمرؤوس لا بد أن يلتفت إليها الرئيس, هما :
أولا: إن كون المرؤوس يعمل في أمرتك فهذا لا يعني أنك أفضل منه على المستوى المعنوي بل لعله خير منك عند الله سبحانه وتعالى, ولعلك تحتاج لشفاعته في الآخرة, بسبب كماله ونقصك .
ثانيا: أنت رئيسه لتنظيم العمل فقط ولست رئيسة بشكل مطلق, فليس من صلاحيتك استخدامه في الأمور الشخصية مطلقا, بل حتى في الأمور غير الشخصية ما دامت خارجة عن اطار العمل ومسؤوليتك التي تتصدى لها تنظيما .
عن أمير المؤمنين عليه السلام: "إن عملك ليس لك بطعمة ولكنه في عنقك أمانة وأنت مسترعى لمن فوقك ليسر لك أن تفتات في رعية"2 إن أي استخدام شخصي له هو استخدام بغير حق ومحرم إذا كان بنحو الأمر والإلزام, بل احذر حتى من استخدامه بأسلوب الاستحياء, فإن المأخوذ حياء كالمأخوذ غصبا .
وقد ورد في الرواية عن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم: "إذا دعي أحدكم إلى طعام فلا يستتبعن ولده, فإنه إن فعل ذلك كان حراما ودخل غاصبا"3 فلاحظ كيف أن الحياء غصب في الحقيقة .
أخي،49
يا من تتولى الرئاسة, إحذر فإن الرئاسة امتحان صعب يفشل أمامه الكثيرون, لا يبقى إلا أولياء الله المخلصون الذين لم تزلزلهم زخارف الدنيا وكثرة خفق النعال خلفهم, ولتكن مسؤوليتك طريق لكسب رضا الباري ونيل الدرجات العلى, لا للسقوط في الدنيا واستصغار المؤمنين والعياذ بالله !
وتذكر وصية أمير المؤمنين عليه السلام لمالك الأشتر رضوان الله عليه: ولا تقولن إني مؤمّر آمر فأطاع فإن ذلك إدغال4 في القلب ومنهكة للدين وتقرب من الغيّر .
وإذا أحدث لك ما أنت فيه من سلطانك ابهة أو مخيلة فانظر إلى عظم ملك الله فوقك وقدرته منك على ما لا تقدر عليه من نفسك فإن ذلك يطامن5 إليك من طماحك6 ويكف عنك من غربك7 ويفيء8 إليك بما عزب9 عنك من عقلك10".
ما هي مهمة الرئيس50
إن لسلوك الرؤساء ونشاطهم وأساليبهم في التعاطي مع المرؤوسين أثرا أساسيا في العمل ينعكس بظلاله على فعالية الجهاز والمؤسسة كلها, فالرئيس يتحمل مسؤولية كبيرة في حث المرؤوسين على العمل وتفعيل طاقاتهم الكامنة, وتنسيق جهودهم وإيصالهم إلى مرحلة قطف الثمار بأقصر طريق وأقل كلفة على المستوى المادي والمعنوي . ضمن الأجواء التي يرضاها الله تعالى والتي رسمها لهم الإسلام العزيز, من هنا ينبغي على الرؤساء في أسلوبهم مع المرؤوسين أن لا ينسوا الإسلام والمفاهيم الإسلامية الأصلية والصحيحة, ومن هنا عليهم التحلي بالصفات التالية:
1- القدوة
فالمطلوب من الرئيس أن يكون قدوة لمرؤوسيه, يتقدم أمامهم ويقدم لهم النموذج العملي ليشكل أسوة لهم يضعونها بين أعينهم لتنفيذ المخططات بروحية عالية وبأسلوب واضح, يقول الإمام الخامنئي حفظه الله: "يجب على القادة أن يكونوا في جميع تصرفاتهم لائقين وقدوة للآخرين, فيعلموا بعملهم النظام والتقوى11"
فلا تنه المرؤوسين عن قبيح وتأتي مثله, ولا تطلب منهم أمرا حسنا قبل أن تلتزم به بنفسك, لا تيمز نفسك عنهم إلا بكثرة الخدمة والإيثار والجد ... فهذا ما يجب أن تسابقهم إليه .51
يقول أمير المؤمنين عليه السلام: "لا تكن ممن يرجو الآخرة بغير عمل ويرجىء التوبة بطول الأمل, يقول في الدنيا بقول الزاهدين, ويعمل فيها بعمل الراغبين, إن أعطي منها لم يشبع وإن منع منها لم يقنع ... ينهى ولا ينتهي ويأمر بما لا يأتي, يحب الصالحين ولا يعمل عملهم ويبغض المذنبين وهو أحدهم"12.
ويقول عليه السلام: "من نصب نفسه للناس إماما أن يبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره, ولكن تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه"13.
وهذه الطريقة هي الطريقة المؤثرة التي تبعث الحيوية في المرؤوسين, والاكتفاء بالتوجيهات اللفظية سيفقد العمل حيويته وقد روي عن أمير المؤمنين عليه السلام: "الداعي بلا عمل كالرامي بلا وتر"14.
المساندة المعنوية52
إن الاستخفاف بالأخوة العاملين والاستهانة بهم والاستهزاء بأعمالهم واستصغارها والبحث عن الثغرات لتعييب العامل لا للإصلاح والمساندة, كل ذلك من الأمراض الخطيرة التي يجب أن يتفاداها الرئيس يقول أمير المؤمنين عليه السلام: "لا ينفع عبدا وإن أجهد نفسه وأخلص فعله أن يخرج من الدنيا لاقيا ربه بخصلة من هذه الخصال لم يتب منها :... يعرّ بأمر فعله غيره"15.
عدم العجب والمن
" وإياك والمن على رعيتك بإحسانك أو التزيد فيما كان من فعلك أو أن تعدهم فتتبع موعدك بخلفك, فإن لمن يبطل الإحسان والتزيد يذهب بنور الحق والخلف يوجب المقت عند الله والناس, وقال الله تعالى ï´؟كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَï´¾16.
ولم يكتف الإمام عليه السلام بالمنع عن المن والتزّيد التي هي ممارسات وأفعال بل ذهب إلى النوايا التي تبقى داخل الإنسان أيضا ولفت إلى خطورة حتى الشعور والإحساس بمثل ذلك, يقول عليه السلام :"إياك والإعجاب بنفسك والثقة بما يعجبك منها وحب الإطراء, فإن ذلك من أوثق فرص الشيطان في نفسه ليمحق ما يكون من إحسان المحسن"17.
إثابة المحسن53
عن أمير المؤمنين عليه السلام: "ثم اعرف لكل امرىء منهم ما أبلى, ولا تضيفنّ بلاء امرىء إلى غيره, ولا تقصرنّ به دون غاية بلائه, ولا يدعونك شرف امرىء إلى أن تعظم من بلائه ما كان صغيرا, ولا ضعه امرىء إلى أن تستصغر من بلائه ما كان عظيما"18.
إن إثابة المحسن لها أثرها الكبير من حماس العامل ومبادرته بأعلى طاقة يملكها لسد الفراغات, هذه الإثابة التي تشعره بأن عمله هو بعين المؤمنين كما كان بعين الله تعالى ï´؟وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ...ï´¾19, يقول الإمام الخامنئي حفظه الله: "من الأصول التي يجب على القادة أن يهتموا بها أصل رعاية الضوابط والمعايير داخل المؤسسة العسكرية, وأعني بذلك مسألة الترغيب والترهيب, فعليكم أن تمارسوا هذه المهمة بجدية"20, فالترغيب هو مهمة وتكليف بالنسبة لرئيس عليه أن ينفذه في حق المرؤوس, لأن الإنسان روح ذات مشاعر وأحاسيس وليست آلة صماء, ولا بد من رعاية هذه الجوانب الإنسانية من خلال التشجيع والثواب الذي يستشعره معنويا ويحثه على العطاء أكثر .
معاقبة المسيء
بالإضافة إلى الثواب هناك العقاب الذي ينبغي أن لا نغفله أيضا لضبط الأداء والمحافظة على النظام وعدم حصول الفوضى والتهاون .
وفي الرواية عن أمير المؤمنين عليه السلام: "لا تمنعنكم رعاية الحق لأحد عن إقامة الحق عليه"21, وهذا أمر مارسه عليه السلام في أيام حكومته, يقول الإمام الخامنئي حفظه الله في خطابه لقوات حرس الثورة :54
"... أمير المؤمنين عليه السلام عاقب ذلك الرجل الذي لم نطع أمره .... وأنتم عليكم أن تفعلوا كذلك, فلا تقولوا أن فلانا رجل حسن وجيد لهذا ينبغي أن لا نعاقبه على عمله السيىء الذي ارتكبه, وإذا لم تقوموا بهذا الأمر فسيقضي الحرس على نفسه بنفسه"22.
نعم إن التغاضي عن المخالفات خصوصا الكبيرة منها سيكون لها تأثير سلبي جدا على العمل, يقول الإمام الخامنئي حفظه الله: "أيها القادة, إذا لم تواجهوا الأخطاء والمخالفات داخل الوحدة التي تتولونها فستنكسر هذه الوحدة وتتلاشى"23 .
وهذا التصرف ليس غريبا عن الإسلام بل هو يعبر عن الإسلام العملي الذي يعيش الواقع ويشرّع ليصلح شؤون الأمة, يقول الإمام الخامنئي حفظه الله: "عندما يأمر القائد أحد عناصره بالذهاب لملء دلو بالماء تحت دوي القذائف التي يطلقها العدو, ويقول له يجب عليك أن تذهب وتعود راكضا ولا يحق لك أن تستريح إذا تعبت وسط الطريق . وإذا فعلت ذلك سأعاقبك, فإذا فعل القائد ذلك فلا إشكال, فهذا النوع من النظام الشديد والانضباط الخشن يمكن استخداخه, وليس فيه تصرف طاغوتي, وهو أمر إسلامي تماما"24.55
منع الإهانة56
لكن كل ما ذكرناه من موضوع العقاب لا يعني سقوط حرمة المؤمن وإهانته, بل يجب مراعات عدم الإهانة, والمحافظة على الجو الإسلامي الصحيح حتى في العمل العسكري وضمن التشكيلات العسكرية, يقول الإمام الخامنئي حفظه الله: "في القوات المسلحة يجب قلع الإهانة, فالإهانة ممنوعة من أي شخص وضد أي شخص والذي يفعل ذلك يحاسب, وهذا لا يتعارض مع مطالبة شخص منه خطأ لكن يجب أن يكون بعبارات مناسبة"25.
وكما يقول أمير المؤمنين عليه السلام: "أحب لعامة رعيتك ما تحب لنفسك وأهل بيتك واكره لهم ما تكره لنفسك وأهل بيتك فإن ذلك أوجب للحجة وأصلح للرعية"26.
التسامح
الكلام عن معاقبة المسيء لا يعني أن تتحول طبيعة العمل إلى مجموعة قوانين عقابية وأن تصبح القسوة هي الحاكمة في التعاطي مع المرؤوسين, بل ينبغي بقاء مساحة للتسامح واللين ولا توصل إلى الفوضى ولكنها في نفس الوقت لا تلغي الليونة والفرصة الجديدة ...
يقول أمير المؤمنين عليه السلام: "فأعطهم من عفوك وصفحك مثل الذي تحب وترضى أن يعطيك الله, من عفوه وصفحه, فإنك فوقهم ووالي الأمر عليك فوقك, والله فوق من ولاك, وقد استكفاك أمرهم وابتلاك بهم"27.
أحكام57
يجب على أصحاب العمل الالتزام بجميع التعهدات المتعلقة بحقوق العمال والموظفين وفقا للضوابط والمقررات القانونية ويحق للعمال المطالبة بحقوقهم القانونية .
استفتاءات
س- ما هو الحكم فيما لو امتنع أصحاب المؤسسات والشركات الخاصة عن دفع بعض المخصصات المالية والمزايا للعاملين المشمولين لقانون العمل الذي تم تصويبه من قبل مجلس الشورى الإسلامي وصادقه مجلس صيانة الدستور ؟
ج: يجب على أصحاب العمل الالتزام بجميع التعهدات المتعلقة بحقوق العمال والموظفين وفقا للضوابط والمقررات القانونية ويحق للعمال المطالبة بحقوقهم القانونية28.
58هوامش 1- الصحيفة السجادية ص 57
2- نهج البلاغة ج 3 ص6, من كتاب له إلى الأشعث بن قيس
3- الكافي ج6 ص 27
4- الإدغال: إدخال الفساد
5- يطامن الشيء: يخفض منه
6- الطماح: النشوز والجماح
7- الغرب: الحدة
8- يفيء: يرجع
9- عزب: غاب
10- من عهده عليه السلام لمالك الأشتر عندما ولاه مصر .
11- جمهوري اسلامي 70/6/26 .
12- نهج البلاغة الحكمة 142
13- نهج البلاغة الحكمة 70
14- نهج البلاغة الحكمة 330
15- نهج البلاغة الخطبة 152
16- نهج البلاغة رسالة53، الصف:3
17- نهج البلاغة رسالة 53
18- تهج البلاغة الرسالة 53
19- التوبة:105
20- جمهوري إسلامي 5/8/70
21- ميزان الحكمة ج1صفحة 659
22- نفس المصدر
23- جمهوري اسلامي 5/8/70
24- بيام انقلاب عدد 112 ص 54
25- ضميمة رويدادها عدد 325
26- الأمالي للشيخ المفيد ص 269
27- نهج البلاغة الرسالة 53
28- أجوبة الاستفتاءات للقائد ج 2 صفحة 205 مسألة 576
يتبع
- اقتباس
- تعليق
تعليق
-
التجهيزات التجهيزات أمانة
لا شك أن العمل يحتاج للعديد من التجهيزات الضرورية المساعدة على تنفيذ المهمات بأفضل وجه وأقصر طريق ممكن, والتجهيزات تشمل الكثير من المفردات كوسائل الاتصال ووسائل النقل والأرشفة وأدوات التنفيذ بالإضافة إلى الأثاث ومكان العمل...
كل هذه الأمور لا بد من وضعها في تصرف العامل ليتمكن من تأدية مهمته ولكن من المهم أن يسأل العامل نفسه عن طبيعة وضع هذه التجهيزات في تصرفه, فهل وضعها بتصرفه يعني أنه حكم عليها بالتلف وعليه أن ينفذ هذا الحكم ؟!
أو يعني أنها صارت ملكا شخصيا له يحق له التصرف بها بحسب مزاجه فيعرضها للتلف ويتهاون في حفظها ويستهلكها فيما يفيد وفيما لا يفيد ؟
الحقيقة أن هذه التجهيزات لا هي ملك شخصي للعامل ولا هي أموال مهملة بل هي أمانة في عنق العامل سيسأل عن كل ذرة منها يوم القيامة.
فقد ورد عنه عليه السلام: "اقسم لسمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّميقول لي قبل وفاته بساعة مرارا ثلاثا: يا أبا الحسن أد الأمانة إلى البر والفاجر فيما قل وجل, حتى في الخيط والمخيط"1.
حفظ الأمانة وميزان التدين61
إن حفظ الأمانة هي من الصفات الأساسية للإنسان المؤمن التي ذكرها الله تعالى في كتابه العزيز, يقول تعالى ï´؟وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَï´¾2, بل الروايات تخبرنا أن حفظ الأمانة هي أفضل الإيمان.
فعن أمير المؤمنين عليه السلام: "أفضل الإيمان الأمانة, أقبح الأخلاق الخيانة"3. إن التدين الحقيقي يظهر من خلال الممارسة العملية ومراعاة الضوابط الشرعية في العمل, وهذه الممارسة العملية هي التي تكشف عن عبادات المؤمن من صلاة وصوم هل أنها حقيقية أم مجرد صورة خالية من المضمون.
عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم: "لا تنظروا إلى كثرة صلاتهم وصومهم, وكثرة الحج, والمعروف, وطنطنتهم بالليل, ولكن انظروا إلى صدق الحديث وأداء الأمانة"4.
التفت أيها العامل المؤمن واحذر فقد تبرأ الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلّم, من الذي يستصغر الأمانة ولا يبالي بها حتى يتلفها, فقد ورد عنه صلى الله عليه وآله وسلّم: "ليس منا من يحقر الأمانة حتى يستهلكها إذا استودعها"5.
الاستفادة من التجهيزات للعمل فقط62
إن رعاية التجهيزات لا يقف عند عدم تلفها فقط, بل يتعدى ذلك إلى طريقة الاستفادة منها, فهذه التجهيزات وضعت في الأساس لاستخدامها في مجال معين لا بد من مراعاته.
ينقل عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه "دخل ليلة في بيت المال يكتب قسمة الأموال, فورد عليه طلحة والزبير. فأطفأ عليه السلام السراج الذي بين يديه, وأمر بإحضار سراج آخر من بيته, فسألاه عن ذلك فقال عليه السلام: كان زيته من بيت المال لا ينبغي أن نصاحبكم في ضوئه"6
فإن السراج الذي كان يستفيد منه أمير المؤمنين عليه السلام كان من بيت المال فلم يستخدمه عليه السلام إلا في مجال الذي صرف لأجله, وعندما اشتغل في أعمال شخصية أطفأ هذا السراج واستخدم سراجا آخر هو ملك شخصي للإمام عليه السلام.
وهذا يمثل قمة الكمال في رعاية أموال العمل, ولكنه لا يمثل الحد الشرعي الذي لا يجوز تجاوزه, فاستخدام تجهيزات العمل لأمور شخصية أمر ممكن إذا كان ضمن الضوابط التي ستظهر في الأحكام الشرعية الآتية.
عدم الإسراف63
إن الإسراف هو من الأمراض التي تذهب بالبركة وتضيّع الطاقات وتهدر الوارد من دون جدوى, وقد أكد القرآن الكريم على خطورته في إعلانه تعالى ï´؟وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَï´¾7, فإن عدم الحب الإلهي للإسراف لا يأتي من العدم, بل يكشف عن خطورة الإسراف.
وقد ورد عن الإمام علي عليه السلام فيما كتبه لعماله: "أدقوا أقلامكم وقاربوا بين سطوركم, واحذفوا عني فضولكم واقصدوا قصد المعاني وإياكم والإكثار فإن أموال المسلمين لا تتحمل الإضرار"8, فيا لها من وصية كتبها لنا أمير المؤمنين عليه السلام ونحن نرجو أن نكون من عماله !
أحكام64
صيانة التجهيزات
تجهيزات العمل التي هي أمانة بيد العامل إذا حصل فيها تلف من دون تعدي أو تقصير لا يضمن العامل قيمتها. إلا إذا كان هناك قرارات خاصة فيجب العمل على طبق القرارات.
الاستفادة الشخصية من التجهيزات
لا مانع من الاستفادة الجزئية المتعارفة التي لا ينهى عنها المسؤولون.
لا إشكال في استعمال التلفون لغرض شخصي مع دفع قيمة الإتصال واجازة المسؤولين.
استفتاءات
س- قبل ثلاث سنوات ونصف ارسلت سيارة تابعة لبيت المال للقيام بعمل معين, وفي وسط الطريق انحرفت السيارة وانقلبت, وكان تشخيص المعنيين وأهل الخبرة أن هذا الانحراف كان نتيجة خلل فني, فمن جهة شرعية هل يجب دفع غرامة الضرر لبيت المال أم لا ؟ وعلى فرض الوجوب هل يتحمل المسؤولية السائق أم أنا الذي أرسلته في هذه المهمة ؟
ج: إذا كانت أمانة بيده وتعرضت للتلف من دون تعدي وتفريط فلا ضمان, إلا إذا كان هناك قرارات خاصة من قبل دولة الإسلام في هذا الشأن, فعندها يجب العمل بحسب المقرارات9.
س- في بعض مؤسسات الدولة وهناك عرف بأن من يستخدم التلفون لقضايا شخصية يدفع 50 ريال في صندوق خاص لهذا الأمر, فهل هناك اشكال في ذلك ؟65
ج: لا إشكال مع اجازة المسؤولين المعنيين10.
س- بعض التصرفات الجزئية المتعارفة في أموال الدولة والتي لا ينهى عنها المسؤولون مثل الاستفادة من القلم والورقة لوضع ملاحظات شخصية أو الاستفادة من الشاي وما إلى ذلك. ما حكم هذه التصرفات ؟
ج: لا مانع من هذه التصرفات الجزئية المتعارفة11.
س- هل يحق للموظف أن يتخلى عن بعض حقوقه القانونية ولا يأخذها من الدولة, وبالمقابل يستفيد بقيمتها من أموال الدولة كالتلفون ووسائل الكتابة وأمثالها ؟
ج: لا يحق له ذلك12.
66هوامش 1- ميزان الحكمة ج 1 ص 214
2- المؤمنون:8
3- ميزان الحكمة ج1 ص 214
4- ميزان الحكمة ج1 ص 214
5- ميزان الحكمة ج1 ص 215
6- الإمام علي (ع) – أحمد الرحماني الهمداني ص 669
7- الأنعام من الآية 141
8- ميزان الحكمة الحديث 19441
9- استفتاءات فارسي ج 3ص 25 م 2
10- استفتاءات فارسي ج 3 ص 488 م15
11- استفتاءات فارسي ج3 ص 488 م16
12- استفتاءات ج 3 ص 522 مسألة 114
يتبع
- اقتباس
- تعليق
تعليق
-
المال ï´؟قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌï´¾1, إن هذه الآية الكريمة على صغرها تختصر الطريق القويم في الموضوع المالي, هذا الطريق الذي يتشكل من عنصرين أساسين:
الأول: الأمانة وعدم الخيانة, والتي عبرت عنها كلمة (حفيظ).
والثاني: معرفة حدود الصرف وموارده وأولوياته... وهذا ما برت عنه كلمة (عليم).
خطورة المال
لقد ذكر الله تعالى المال في القرآن الكريم واعتبره من زينة الحياة الدنيا ï´؟الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا... ï´¾2.
وهذا انذار لنا. فمن كان في قلبه شيء من حب الدنيا فإن المال سيكون فتنة وامتحانا له يستدرجه لارتكاب المعاصي في كل يوم وفي كل لحظة تقع الأموال فيها بين يديه.
من هنا فمن يتحمل مسؤولية المال يجب أن يكون من أبناء الآخرة الذين عرفوا القسم من الآية الكريمة السابقة ï´؟وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًاï´¾3وإلا فإنه سيكون فريسة سهلة للشيطان الرجيم والنفس الأمارة بالسوء.
ففي الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام: "إن الشيطان يدير ابن آدم في كل شيء فإذا أعياه جثم له عن المال فأخذ برقبته"4.69
يجب أن تستحضر على الدوام تلك الكلمات التي كان يرددها أمير المؤمنين عليه السلام للذهب والفضة: "يا صفراء ويا بيضاء لا تغريني, غري غيري... يا دنيا لا تتعرضين لي ولا تتشوقين إلي ولا تغريني, فقد طلقتك ثلاثا لا رجعة لي عليك"5.
حدود الصرف
إن لصرف الأموال حدودا ذكرها الإمام الصادق عليه السلام في رواية مختصرة حيث يقول عليه السلام: "يقول إبليس لعنه الله: ما أعياني في ابن آدم فلن تعييني منه واحدة من ثلاث: أخذ مال من غير حله, أو منعه من حقه أو وضعه في غير وجهه"6.
فهذه الرواية المباركة يستفاد منها ثلاثة أمور أساسية في موضوع المال في العمل والإدارات هي مايلي:
1- صلاحية التصرف في المال والصرف: فإن صرف المال من غير صلاحية هو شبيه بأخذ المال من غير حله, كالذي توضع عنده الأموال ليحفظها كأمانة من دون حق له بالتصرف فيها فوضع, الأموال كأمانة يختلف عن التسلط عليها, ففي البداية لا بد من تحديد أن هذه الأموال هل هو مسلط عليها؟ وهل التصرف بها من صلاحيته أم هو خارج الصلاحية وهذا بالتأكيد يحدد حلية التصرف أو حرمته.
2- ضرورة الصرف وتلبية الحاجات: إذا كان مسلطا على صرفها والتصرف بها ضمن دوره الإداري, فلا بد من الصرف في الموارد اللازمة لأن الأموال لم توضع بين يديه إلا لتلبية الحاجات وسد الفراغات المقررة, فعدم الصرف مع استحقاقه هو نوع من البخل المضر, ويدخل في الخيانة وعدم أداء الأمانة لأصحابها, وهذا ما أشار إليه الإمام الصادق عليه السلام في الرواية بقوله "منعه من حقه" ويشير إلى ذلك أمير المؤمنين عليه السلام حيث روي عنه عليه السلام: "كن سمحا لا تكن مبذرا وكن مقدرا ولا تكن مقترا"7.70
3- الصرف في الجهات المقررة فقط: يجب الصرف في خصوص المساحات التي رصدت لها هذه الأموال, وأي صرف خارج الجهة المرصودة ودون إجازة هو نوع من الخيانة أيضا وهو مصداق للرواية "وضعه في غير وجهه".
التوازن وحفظ الأولويات71
إن الموارد في هذه الدنيا محدودة بشكل عام الحاجات وموارد الصرف كثيرة وغير متناهية لذلك لا بد من مراعاة الأولويات في الصرف وعدم ترك الأهم والصرف على الأقل أهمية, كما لا بد من التوازن والعدل في الصرف بين الأمور المهمة, وهذان أمران لا بد من رعايتهما.
وقد ورد أن أمير المؤمنين عليه السلام قال: "والله, لقد رأيت عقيلا, وقد أملق حتى استماحني من بركم صاعا, ورأيت صبيانه شعث الشعور, غبر الألوان من فقرهم كأنما سودت وجوههم بالعظلم, وعاودني مؤكدا, وكرر علي القول مرددا, فأصغيت إليه سمعي, فظن أني أبيعه ديني, وأتبع فياده ومفارقا طريقتي فأحميت له حديدة, ثم أدنيتها من جسمه ليعتبر بها فضج ضجيج ذي دنف من ألمها, وكاد أن يحترق من ميسمها, فقلت له: ثكلتك الثواكل, يا عقيل ! أتئن من حديدة أحماها أنسانها للعبه, وتجرني إلى نار سجرها جبارها لغضبه, أتئن من الأذى ولا أئن من لظى؟"8.
فعقيل بحسب الرواية لم يكن غنيا ولا مسرفا بل كان محتاجا هو وعياله, ولكن الإمام عليه السلام حافظ على التوازن في الصرف فصحيح أن عقيلا محتاج ولكن غيره أيضا محتاج فينبغي التوزيع على جميع موارد الصرف المقررة بشكل متوازن, دون أن يدخل المزاج والأمور الشخصية في الترجيح.72
أحكام73
كل تصرف بالنقود لجهة تبديلها أو صرفها أو الاستفادة منها تابع للمقررات.
لا يحق للعامل أن يأخذ المال مقابل ما يصرفه في العمل من تلفون أو بنزين خاص به بدون إجازة المسؤولين.
استفاءات
س- هناك مبلغ من المال ترسله بعض المؤسسات... وتم تكليف شخص لإيصال هذه النقود, وهذا الشخص قام بتبديل المال إلى العملة الصعبة فحصلت فائدة على المال نتيجة هذا التبديل, فهل يستطيع هذا الشخص أخذ ثلث المنفعة لشخصه وإعطاء وإضافة ثلثيها على أصل المال؟
ج: لتبديل النقود يحتاج لإجازة صاحب النقود, والفائدة التي تحصل هي ملك لصاحب المال ويجب صرفه في نفس المكان الذي عينه صاحبه, والشخص الواسطة لا يستطيع التصرف فيه بدون رضا المالك9.
س- ما حكم من استفاد من أموال الدولة لمنفعته الشخصية أو لغيرها على خلاف المقررات والقوانين؟
ج: الاستفادة من أموال الدولة على خلاف المقررات موجب للضمان ويجب دفع العوض إلى نفس الصندوق الذي أخذ منه10.
س- أنا أعمل في مخزن سوق همدان, وأستلم مبلغا من الإدارة كل مدة لصرفه في المخزن وبقية الأمور الإدارية, ويبقى المال معي كأمانة إلى وقت الجردة السنوية, فإذا صرفت هذه النقود أو استفدت منها بالشراء و البيع, فما هو الحكم؟74
ج: التصرف والاستفادة من النقود وسائر ممتلكات الدولة تابع لمقررات الدولة.
س- شخص يستعمل أمواله الشخصية كالتلفون والبنزين لإعمال الدولة, فهل يحق له أخذ عين أو قيمة ذلك من أموال الدولة؟
ج: لا يحق له ذلك بدون إجازة المسؤولين.
س- هناك شركة خاصة تقوم بالوكالة عن الشركات الأجنبية ببيع سلع تلك الشركات في مقابل أخذ نسبة مئوية من ثمن المبيعات لنفسها, فهل يجوز شرعا أخذ تلك النسبة؟ ولو أن موظفا من مستخدمي الدولة كان له تعاون مع تلك الشركة الخاصة فهل يجوز له الأخذ من تلك النسبة المئوية أم لا؟
ج: لو كانت هذه النسبة بعنوان أجرة الوكالة في بيع سلع الشركات الأجنبية أو الداخلية الحكومية أو غيرها, فلا مانع من أخذها للوكيل في نفسه, ولكن الموظف الحكومي إذا كانت وظيفته التي يأخذ في مقابلها الراتب الشهري هي بيع السلع الحكومية فليس له حق أخذ حق أجرة أخرى أو هدية في مقابل أدائه للخدمات الحكومية11.
75هوامش 1- يوسف: 55
2- الكهف: من الآية 46
3-الكهف:من الآية 46
4- ميزان الحكمة الحديث 19323
5- بحار الأنوار 41 صفحة 103
6- ميزان الحكمة الحديث 19324
7- نهج البلاغة الحكمة 33
8- بحار الأنوار ج 40 ص 347
9- استفتاءات ج2 صفحة 233 مسألة 4
10- استفتاءات ج2 صفحة 499 مسألة 50
11- أجوبة الاستفتاءات للإمام الخامنئي ج2 صفحة 107
- اقتباس
- تعليق
تعليق
تعليق