هل تخاف الشياطين من رسول الله (ص) ام من عمر ؟؟؟
بسم الله الرحمن الرحيم .
اللهم صل على محمد وال محمد .
كثيرا ما نسمع ونقرأ في الروايات المذكورة في كتب ومصادر علماء اهل السنة والجماعة بان الشياطين تخاف من عمر بن الخطاب و يظهر من هذه الروايات ان الشياطين تخاف من النبي الاكرم محمد (ص) اقل من خوفها من عمر بن الخطاب ، بل ان بعض علماء اهل السنة والجماعة صرح - بتأويل عجيب - بأن الشياطين كانت تخاف من عمر ولا تخاف من رسول الله (ص) !!! ، كما قال الكلاباذي ، في بحر الفوائد ، ص213 ، ما نصه :
(( ويجوز أن يكون الشيطان كان يخاف عمر ، ولا يخاف النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه لو خاف النبي صلى الله عليه وسلم لم يخل خوفه منه وهيبته إياه من أحد وجهين : إما خوف إجلال وتعظيم ، وهو فضيله ، والشيطان أبعد شيء من الفضائل ، أو يكون خوف عقوبة يحلها به ، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يعاجل بالعقوبة استخفافا به ، وقلة مبالاة ، إذ لم يكن صلى الله عليه وسلم يخاف فتنته ، ولا يهاب وسوسته ، وقد أيس الشيطان من ذلك ، فلا يوسوس إليه ، ولا يقرب منه ، وأمن عقوبته ، فلم يهبه اغترارا به ، وأمنًا من مكر الله ، وهما من صفاته ، أعني الاغترار بالله ، وأمن مكره )) !!! .
وفي رواية رواها البخاري (3294) ، ومسلم (2396) عن سَعْد بْن أَبِي وَقَّاصٍ ، قَالَ : ( اسْتَأْذَنَ عُمَرُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ نِسَاءٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُكَلِّمْنَهُ وَيَسْتَكْثِرْنَهُ ، عَالِيَةً أَصْوَاتُهُنَّ ، فَلَمَّا اسْتَأْذَنَ عُمَرُ قُمْنَ يَبْتَدِرْنَ الحِجَابَ ، فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضْحَكُ ، فَقَالَ عُمَرُ: أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : ( عَجِبْتُ مِنْ هَؤُلاَءِ اللَّاتِي كُنَّ عِنْدِي ، فَلَمَّا سَمِعْنَ صَوْتَكَ ابْتَدَرْنَ الحِجَابَ ) ، قَالَ عُمَرُ : فَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كُنْتَ أَحَقَّ أَنْ يَهَبْنَ ، ثُمَّ قَالَ : أَيْ عَدُوَّاتِ أَنْفُسِهِنَّ ، أَتَهَبْنَنِي وَلاَ تَهَبْنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قُلْنَ : نَعَمْ ، أَنْتَ أَفَظُّ وَأَغْلَظُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ قَطُّ سَالِكًا فَجًّا إِلَّا سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ ) . (1) .
فهذه الرواية تبين ان سبب خوف الناس من عمر انه كان فظ غليظ القلب .
والمهم في هذه المقالة هو ان نحلل هذه الروايات التي يظهر منها ان الشياطين التي تخاف من عمر بن الخطاب هم شياطين الانس - بسبب فظاظته وغلظته - وهم اهل المعاصي والذنوب الذين يفعلون المنكرات والمحرمات بمحضر عمر بن الخطاب اتفاقا - هذا على تقدير التسليم بهذه الروايات - وليس المقصود منها هم شياطين الجن ، والواقع اننا لا نسلم بها ونرفضها من اصلها لان فيها اساءة وطعن وتعريض بمقام وحضرة النبي الاكرم محمد (ص) وكأن متن هذه الرويات يقول ان الناس تفعل المنكرات والمحرمات بمرأى ومسمع من رسول الله (ص) وهو ساكت لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر !!! بل تصرح بعض هذه الروايات بان النبي (ص) شارك بالنظر او الاستماع الى هؤلاء الناس وهم يفعلون المحرمات والمعاصي واستأنس بالنظر اليهم مع زوجته عائشة - حديث الجارية التي ترقص ، وحديث الجارية التي تعزف بالدف ، وحديث ...... الخ .
ورواية المرأة التي نذرت ان تضرب بالدف في محضر رسول الله (ص) وقال لها اضربي بالدف !!!
كل هذه الروايات فيها اساءة مقصودة لرسول الله (ص) وفي نفس الوقت فيها منقبة وفضيلة وكرامة - مكذوبة وموضوعة - لعمر بن الخطاب .
والظاهر ان هذه الروايات هي من نوع المغالاة المفرطة في عمر بن الخطاب التي افتعلها محبوه كما هو واضح لدى كل متأمل .
ومن يقول ان الشيطان لا يخاف من النبي (ص) نرد عليه بهذه الرواية : في حديث ورد عن ابن عباس قال : حدثنا رسول الله (ص) فقال : ( لقد عرض لي في الصلاة فأخذت بحلقه فخنقته فإني لأجد برد لسانه على ظهر كفي ، ولولا دعوة أخي سليمان لأريتكموه مربوطا بالسارية تنظرون إليه ) . (2) .
إسناد هذا الحديث حسن ، ورجاله كلهم ثقات إلا ابن أبي الأزهر ..... (3) .
********************
1 - فتح الباري شرح صحيح البخاري ، كتاب فضائل الصحابة ، مسألة رقم (3480 ) .
2 - ترجمة امير المؤمنين ، ج 2 ، ص 226 ، رقم الحديث 731 .
3 - أحمد بن علي الخطيب البغدادي ، تاريخ بغداد ، تحقيق مصطفى عبد القادر عطا ، (الطبعة الأولى ، بيروت ، دار الكتب العلمية ، 1417 - 1997) ، ج4 ، ص56 – 57 .
بسم الله الرحمن الرحيم .
اللهم صل على محمد وال محمد .
كثيرا ما نسمع ونقرأ في الروايات المذكورة في كتب ومصادر علماء اهل السنة والجماعة بان الشياطين تخاف من عمر بن الخطاب و يظهر من هذه الروايات ان الشياطين تخاف من النبي الاكرم محمد (ص) اقل من خوفها من عمر بن الخطاب ، بل ان بعض علماء اهل السنة والجماعة صرح - بتأويل عجيب - بأن الشياطين كانت تخاف من عمر ولا تخاف من رسول الله (ص) !!! ، كما قال الكلاباذي ، في بحر الفوائد ، ص213 ، ما نصه :
(( ويجوز أن يكون الشيطان كان يخاف عمر ، ولا يخاف النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه لو خاف النبي صلى الله عليه وسلم لم يخل خوفه منه وهيبته إياه من أحد وجهين : إما خوف إجلال وتعظيم ، وهو فضيله ، والشيطان أبعد شيء من الفضائل ، أو يكون خوف عقوبة يحلها به ، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يعاجل بالعقوبة استخفافا به ، وقلة مبالاة ، إذ لم يكن صلى الله عليه وسلم يخاف فتنته ، ولا يهاب وسوسته ، وقد أيس الشيطان من ذلك ، فلا يوسوس إليه ، ولا يقرب منه ، وأمن عقوبته ، فلم يهبه اغترارا به ، وأمنًا من مكر الله ، وهما من صفاته ، أعني الاغترار بالله ، وأمن مكره )) !!! .
وفي رواية رواها البخاري (3294) ، ومسلم (2396) عن سَعْد بْن أَبِي وَقَّاصٍ ، قَالَ : ( اسْتَأْذَنَ عُمَرُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ نِسَاءٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُكَلِّمْنَهُ وَيَسْتَكْثِرْنَهُ ، عَالِيَةً أَصْوَاتُهُنَّ ، فَلَمَّا اسْتَأْذَنَ عُمَرُ قُمْنَ يَبْتَدِرْنَ الحِجَابَ ، فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضْحَكُ ، فَقَالَ عُمَرُ: أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : ( عَجِبْتُ مِنْ هَؤُلاَءِ اللَّاتِي كُنَّ عِنْدِي ، فَلَمَّا سَمِعْنَ صَوْتَكَ ابْتَدَرْنَ الحِجَابَ ) ، قَالَ عُمَرُ : فَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كُنْتَ أَحَقَّ أَنْ يَهَبْنَ ، ثُمَّ قَالَ : أَيْ عَدُوَّاتِ أَنْفُسِهِنَّ ، أَتَهَبْنَنِي وَلاَ تَهَبْنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قُلْنَ : نَعَمْ ، أَنْتَ أَفَظُّ وَأَغْلَظُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ قَطُّ سَالِكًا فَجًّا إِلَّا سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ ) . (1) .
فهذه الرواية تبين ان سبب خوف الناس من عمر انه كان فظ غليظ القلب .
والمهم في هذه المقالة هو ان نحلل هذه الروايات التي يظهر منها ان الشياطين التي تخاف من عمر بن الخطاب هم شياطين الانس - بسبب فظاظته وغلظته - وهم اهل المعاصي والذنوب الذين يفعلون المنكرات والمحرمات بمحضر عمر بن الخطاب اتفاقا - هذا على تقدير التسليم بهذه الروايات - وليس المقصود منها هم شياطين الجن ، والواقع اننا لا نسلم بها ونرفضها من اصلها لان فيها اساءة وطعن وتعريض بمقام وحضرة النبي الاكرم محمد (ص) وكأن متن هذه الرويات يقول ان الناس تفعل المنكرات والمحرمات بمرأى ومسمع من رسول الله (ص) وهو ساكت لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر !!! بل تصرح بعض هذه الروايات بان النبي (ص) شارك بالنظر او الاستماع الى هؤلاء الناس وهم يفعلون المحرمات والمعاصي واستأنس بالنظر اليهم مع زوجته عائشة - حديث الجارية التي ترقص ، وحديث الجارية التي تعزف بالدف ، وحديث ...... الخ .
ورواية المرأة التي نذرت ان تضرب بالدف في محضر رسول الله (ص) وقال لها اضربي بالدف !!!
كل هذه الروايات فيها اساءة مقصودة لرسول الله (ص) وفي نفس الوقت فيها منقبة وفضيلة وكرامة - مكذوبة وموضوعة - لعمر بن الخطاب .
والظاهر ان هذه الروايات هي من نوع المغالاة المفرطة في عمر بن الخطاب التي افتعلها محبوه كما هو واضح لدى كل متأمل .
ومن يقول ان الشيطان لا يخاف من النبي (ص) نرد عليه بهذه الرواية : في حديث ورد عن ابن عباس قال : حدثنا رسول الله (ص) فقال : ( لقد عرض لي في الصلاة فأخذت بحلقه فخنقته فإني لأجد برد لسانه على ظهر كفي ، ولولا دعوة أخي سليمان لأريتكموه مربوطا بالسارية تنظرون إليه ) . (2) .
إسناد هذا الحديث حسن ، ورجاله كلهم ثقات إلا ابن أبي الأزهر ..... (3) .
********************
1 - فتح الباري شرح صحيح البخاري ، كتاب فضائل الصحابة ، مسألة رقم (3480 ) .
2 - ترجمة امير المؤمنين ، ج 2 ، ص 226 ، رقم الحديث 731 .
3 - أحمد بن علي الخطيب البغدادي ، تاريخ بغداد ، تحقيق مصطفى عبد القادر عطا ، (الطبعة الأولى ، بيروت ، دار الكتب العلمية ، 1417 - 1997) ، ج4 ، ص56 – 57 .
تعليق