تربية الفتيات إجتماعيا |
إن فتاتنا في هذه السن تكون قد كبرت ونزلت الى الحياة الإجتماعية الوسع أو هي في طريقها لخوض غمارها ، وتسعى الى ان تجد لها مركزا وموقعا خاصا بها في الوسط الإجتماعي . فهي ليست من الان فصاعدا تلك الطفلة الصغيرة ذات الرغبات وتلتصرفات الصبيانية أو المتعلقة بوالديها بشدة ، بل هي الان شخصية كبيرة تعتد بنفسا ، وتشعر أن بإمكانها الإحتلاط بالجماعة الناضجة وتتقاسم الحياة معها .
فهذه المرحلة مثل هذا الشعور عند الفتيات فيها يدلان على أنه قد حان الأوان لكي بادر أولياء الأمور الى الإهتمام بتربيتهن وتطوير قابلياتهن في البعد الإجتماعي ، الى جانب الأبعاد التربوية الأخرى ، وتعريفهن بطرق وأساليب العيش الحر السليم في إطار القيم والأعراف الإجتماعية الصالحة ، وتحصينهن من إمكانية الإنسياق وراء العقل الجمعي في التفكير والسلوك .
التقبل الإجتماعي | |
الفتاة في هذه السن تتمتع بنوع من الأنسجام والتكيف مع حياة الجماعة في إطار محدود ، وذلك إثر توجيهات وتربية مرحلة الطفولة في داخل الأسرة ، الا أنه في السبع الثاني من عمرها ، أي في سن الرباعة عشر ، يجب توجيهها نحو التقبل الإجتماعي ، أعني جعلها تتقبل وتتكيف مع قواعد وأعراف وآداب المجتمع .
ويجب تعريفها في هذا المجال بالآداب ، والسنن ، والتقاليد والأعراف الإجتماعية والأخلاقية ، وتوجيهها الى ضرورةالإنسجام والتكيف معها . وليس
من شك في وجوب أن تكون الآداب والأعراف في عملية التقبل الإجتماعي إيجابيا وبناءة بحسب المعايير الإعتقادية الدينية.
الإنسجام الإجتماعي | |
من المسائل الهامة في تربية الفتيات في هذه المرحلة العمل على إعداد الأرضية لالفة العلاقات والإنسجام الإجتماعي . فيجب التقليل من إنفعالات الفتاة النفسية وتسكين إضطراباتها لكي تتمكن من الفة حياة الجماعة وتتفاعل معها بشكل إيجابي ومعقول في التعاون ، والإتفاق ، والإختلاف ، والتشابه ، والتضاد و ... ومن أجل بلوغ هذا الهدف ، فهي بحاجةغلى إدراك أفكار ومشاعر الاخرين والى معرفة الموارد التي يجب عليها تقبل آرائهم إحترام مشاعرهم ، ومتى تؤيد أو تعارض وكيف وعلى أساس أي الشروط والمعايير .
وبعبارة أخرى ، الفتاة بحاجة الى ملاءمة نفسها مع ظروف الأسرة ومع الوالدين ، ومع الأهل والأقارب والأقران في الخارج ، والى أن تتمكن من التناغم والإنسجام والتعاون مع الأطراف المذكورة . ويجب كذلك أن تالف ، في داخل الأسرة ، الأب والأم ، والأخوة والأخوات سواء في علاقاتها الثنائية او الجماعية بهم .
إن للعلاقات الهادئة والمنسجمة في داخل الأسرة دور هام في نمو وسلامة البناء ، نفسيا وفكريا ، وفي تطورهم في مختلف مجالات الحياة الإجتماعية ، والثقافية ، و العلمية .
في علاقات الصداقة | |
الفتاة بحاجة الى علاقات صداقة وعشرة ، وذلك لكي تخرجه ا ن وحدتها من جهة ، ولتساهم في تعويدها علىالفة الآخرين والإنسجام معهم وكسب
الخبرات المفيدة في ظلم من جهة أخرى . الا انه يجب تجنبها علاقات الصداقة والعشرة الخاطئة ـ بإعتبارها تحمل في طياتها أضرارا ومخاطرا غير قليلة على الفتاة .
فلو كان جو الأسرة جوا هادئا ومنسجما ، وكانت علاقة الأم بالبنت علاقة ود وصفاء ، ولو إستطاعت الأم أن تكسب ثقة الفتاة في إنها ستحفظ أسرارها ولا تبوح بها لأحد ، فإننا سنجد الفتاة لا تصادق او تعاشر أي كان ، وإذا ارادت أن تفعل فإنها ستأخذ بلا شك رأي الأم ينظر الإعتبار في إختيار الصديقة أو الزميلة . ومن الضروري مساعدة الأم لفتاتها على إنتخاب الصديقة الملائمة ، وقد يكون من المفيد ، في بعض الحالات ، حتى المبادرة الى التعرف بأسرة صديقتها والتزاور معها بغية التأكد من سلامة العلاقة .
ومن أجل توعية الفتاة وتحذيرها من عواقب الصداقات السيئة ، من الضروري أحيانا الفات نظرها الى تجارب الإنحراف وحالات السقوط التي تعرضت لها فتيات عديدات بسبب الصداقات والزمالات المنحرفة ، وإذا وجدت تجربة حية وقريبة في هذا المجال ، فإن وقع الحديث عنها يكون أكثر تأثيرا في الفتاة.
في العلاقات العامة | |
المعروف إن للإسلام رأي يختلف بشأن حضور المرأة في الحياة الإجتماعية العامة عن رأيه في هذا المجال بالنسبةللرجل . فالمرأة في المجتمع الإسلامي عادة لا تخرج الى الشارع الا من أجل قضاء حاجة ضرورية ، وإن العلاقات المختلطة السائدة في الغرب بين البنين والبنات شيء غير موجود عندنا ومحرم من الناحية الشرعية.
الا انه رغم ذلك ، فالواقع إن الإسلام لم يقيد حرية المرأة بل سمح لها بالعمل والنشاط في مختلف حقول النشاط والإختصاصات ، التي تنسجم مع طبيعتها ، ولكن بشرطين هما صيانة شرفها وعفافها ، وعدم تعريض عفة الأخريات للخطر . وهذه مسالة هامة يجب أن تدركها فتياتنا جيدا .
الإسلام يحرم أجواء الإختلاط بين الجنسين ، ويعتبر الحوارات العابثة بين الشباب والشابات وعلاقات الحب والصداقة في الشارع وتبادل الحاديث في زوايا الحدائق العامة خطايا وآثام يجب يجنبها والإبتعاد عنها حتى بالنسبة للأشخاص الذين يريدون الزوج من بعضهم في مراحل لاحقة . إن العلاقة بين المرأو والرجل لا تكتسب الحلية الا بعد عقد القران الشرعي .
أجل فإننا نربي الفتاة على أن تكون شخصية إجتماعية ولكن ليس مثلما هو سائد في الغرب ، ونسعى إعدادها كي تتمكن من العمل بجنب الآخرين ، ولكن في الإطار والحدود المشروعة ، ونربيها على الوفاء بالعهد ، ولكن العهد الذي لا يتنافى ومعايير الدين والمعتقد . وبعبارة أخرى فإن كل شيء في حياتها يجب أن يخضع لمعايير وضوابط منطقية ومقبولة ، ميولها ، ورغباتها ، علاقاتها ، طبيعة تصرفاتها وسلوكها و ...
في الستر والعفاف | |
الإسلام يأمر النساء بنوع خاص من اللباس والستر ، ويوصيهن بغض البصار عن المحرمات ، وحفظ الأعضاء والمفاتن من الأعين وعدم إبداء الزينة أمام الأجانب الا بالمقدار الظاهر بشكل طبيعي وهو الوجه والكفين و ... (1)
ويعد السفور وكشف الشعر وتنقيشه وإبراز المفاتن والأعضاء المثيرة في
(1) سورة النور ، الآية 31 . |
الجسم عملا مستقبحا ومرفوضا من وجه نظر الشارع الإسلامي ، ويعتبره هبوطا بمستوى المرأة وتقليلا من شأنها وإحترامها في المجتمع .
اجل فقد توجد في مجتمعاتنا بعض حالات ومظاهر الفساد الخلقي وتلحظها فتياتنا ، والمهم هو أن يحذرن التأثر بها والإنسياق وراء إيحاءاتها الخاطئة أو تقليد العادات الخرافية المتخلفة السائدة في مثل هذه الأجواء .
في المثل أوالقدوة | |
تميل فتياتنا في هذه السن عادة الى التقليد في السلوك وفي طبيعة العيش والكلام وتتجلى هذه الحالة لديهن بأشكال مختلفة . ووطبيعي إن من الضروري في مثل هذه الحالة توجيه إهتمام الفتيات الى المثل أو النموذج المفيد من الشخصيات من أجل أن يقتيدن بها في الحياة و يتأسين بطريقتها في السلوك والتصرف في المجتمع ز
إن هؤلاء يملن بشدة الى الشخصيات البارزة والشهيرة في المجتمع ، ويسعين الى تقمص حالاتها في التصرفات والسلوك وفي العلاقات العامة وما غلى تأثيراتها على تكوينات شخصياتهن ستكون بلا شك مفيدة وإيجابية والعكس هو الصحيح أيضا .
وهذه فرصة مناسبة توجب على أولياء الأمور العمل على جلب إهتمام الفتاة على المثل والنماذج البناءة والإيجابية في المجتمع .
في الإعداد للحياة الأسرية | |
وفضى عن العادات الإيجابية ، التي يجب تحذيرها في نفوس الفتيات أثناء التربية ، فهناك مسائل أخرى تتصل بشؤون الزواج والأسرة ينبغي تقديم
التوضيحات والإرشادات الضرورية لهن بشأنها من أجل أن يكن مؤهلات ومستعدات نفسيا وفكريا للإنتقال الى المراحل البعدية من الحياة حيث الواجبات الزوجية وشؤون الأسرةوإدراة البيت .
وهناك تأكيدات متزايدة في الإسلام على مبادئ الحب والمودة والتعاون والإحترام المتبادل في العلاقات الزوجية داخل الأسرة ، يجب تربية الفتيات عليها وتثقيفهن بشأنها مسبقا وقبل الذهاب الى بيت الزوجية وتشكيل الحياة الأسرية . وبخلاف ذلك لا يمكن الوثوق بالنجاح وعدم حصول المشاكل والمتاعب في هذا المجال .