اللهم صل على محمد وال محمد
من الألفاظ التي يظن كثير من الناس أنها من المترادف ولَا يَكَادُ اللُّغَوِيُّ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا الْخَوْفُ وَالْخَشْيَةُ.
وَلَا شَكَّ أَنَّ بينهما بوناً شاسعًا وفارقًا عظيمًا،
🔹فإن *الْخَشْيَةَ* هي: الْخَوْفُ الشديدُ، فَهِيَ أَشَدُّ مِنَ الْخَوْفِ،
ولا تَكُونُ الْخَشْيَةُ إلا مِنْ عَظَمَةِ الْمَخْشِيِّ وَإِنْ كَانَ الْخَاشِي في نفسه قَوِيًّا.
🔸وَ *الْخَوْفُ* يَكُونُ: مِنْ ضَعْفِ الْخَائِفِ وَإِنْ كَانَ الْمُخَوِّفُ أَمْرًا يَسِيرًا.
لِذَلِكَ وَرَدَتِ *الْخَشْيَةُ* غَالِبًا فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى،
كما قال تَعَالَى: ﴿ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ﴾ [1]
وقال تَعَالَى: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾.[2]
لِذَلِكَ فَرَّقَ اللهُ تَعَالَى بين اللفظين في قوله:
﴿ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ ﴾.[3]
قال الزركشي رحمه الله:
فَإِنَّ الْخَوْفَ مِنَ اللَّهِ لِعَظَمَتِهِ يَخْشَاهُ كُلُّ أَحَدٍ كَيْفَ كَانَتْ حَالُهُ وَسُوءُ الْحِسَابِ رُبَّمَا لَا يَخَافُهُ مَنْ كَانَ عَالِمًا بِالْحِسَابِ وَحَاسَبَ نَفْسَهُ قَبْلَ أَنْ يحاسب وَقَالَ تَعَالَى:
﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ العلماء ﴾
وقال لموسى: ﴿ لا تخف ﴾ أَيْ لَا يَكُونُ عِنْدَكَ مِنْ ضَعْفِ نَفْسِكِ ما تخاف منه من فِرْعَوْنَ.
فَإِنْ قِيلَ: وَرَدَ: ﴿ يَخَافُونَ رَبَّهُمْ ﴾؟ [4]
قِيلَ: الْخَاشِي مِنَ اللَّهِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى عَظَمَةِ اللَّهِ ضَعِيفٌ فَيَصِحُّ أَنْ يَقُولَ يَخْشَى رَبَّهُ لِعَظَمَتِهِ وَيَخَافُ رَبَّهُ أَيْ لِضَعْفِهِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَفِيهِ لَطِيفَةٌ وَهِيَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ الْمَلَائِكَةَ وَهُمْ أَقْوِيَاءُ ذَكَرَ صِفَتَهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ: ﴿ يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ويفعلون ما يؤمرون ﴾ فَبَيَّنَ أَنَّهُمْ عِنْدَ اللَّهِ ضُعَفَاءُ وَلَمَّا ذَكَرَ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ النَّاسِ وَهُمْ ضُعَفَاءُ لَا حَاجَةَ إِلَى بَيَانِ ضَعْفِهِمْ ذَكَرَ مَا يَدُلُّ عَلَى عَظَمَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ ﴿ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ﴾ وَلَمَّا ذَكَرَ ضَعْفَ الْمَلَائِكَةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى قُوَّةِ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ ﴿ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ﴾ وَالْمُرَادُ فَوْقِيَّةٌ بِالْعَظَمَةِ.[5]
--------------------------------------------
[1] سورة الْبَقَرَةِ: الآية/ 74
[2] سورة فَاطِرٍ: الآية/ 28
[3] سورة الرَّعْدِ: الآية/ 21
[4] سورة النَّحْلِ: الآية/50
[5] البرهان في علوم القرآن (4/ 78).
من الألفاظ التي يظن كثير من الناس أنها من المترادف ولَا يَكَادُ اللُّغَوِيُّ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا الْخَوْفُ وَالْخَشْيَةُ.
وَلَا شَكَّ أَنَّ بينهما بوناً شاسعًا وفارقًا عظيمًا،
🔹فإن *الْخَشْيَةَ* هي: الْخَوْفُ الشديدُ، فَهِيَ أَشَدُّ مِنَ الْخَوْفِ،
ولا تَكُونُ الْخَشْيَةُ إلا مِنْ عَظَمَةِ الْمَخْشِيِّ وَإِنْ كَانَ الْخَاشِي في نفسه قَوِيًّا.
🔸وَ *الْخَوْفُ* يَكُونُ: مِنْ ضَعْفِ الْخَائِفِ وَإِنْ كَانَ الْمُخَوِّفُ أَمْرًا يَسِيرًا.
لِذَلِكَ وَرَدَتِ *الْخَشْيَةُ* غَالِبًا فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى،
كما قال تَعَالَى: ﴿ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ﴾ [1]
وقال تَعَالَى: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾.[2]
لِذَلِكَ فَرَّقَ اللهُ تَعَالَى بين اللفظين في قوله:
﴿ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ ﴾.[3]
قال الزركشي رحمه الله:
فَإِنَّ الْخَوْفَ مِنَ اللَّهِ لِعَظَمَتِهِ يَخْشَاهُ كُلُّ أَحَدٍ كَيْفَ كَانَتْ حَالُهُ وَسُوءُ الْحِسَابِ رُبَّمَا لَا يَخَافُهُ مَنْ كَانَ عَالِمًا بِالْحِسَابِ وَحَاسَبَ نَفْسَهُ قَبْلَ أَنْ يحاسب وَقَالَ تَعَالَى:
﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ العلماء ﴾
وقال لموسى: ﴿ لا تخف ﴾ أَيْ لَا يَكُونُ عِنْدَكَ مِنْ ضَعْفِ نَفْسِكِ ما تخاف منه من فِرْعَوْنَ.
فَإِنْ قِيلَ: وَرَدَ: ﴿ يَخَافُونَ رَبَّهُمْ ﴾؟ [4]
قِيلَ: الْخَاشِي مِنَ اللَّهِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى عَظَمَةِ اللَّهِ ضَعِيفٌ فَيَصِحُّ أَنْ يَقُولَ يَخْشَى رَبَّهُ لِعَظَمَتِهِ وَيَخَافُ رَبَّهُ أَيْ لِضَعْفِهِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَفِيهِ لَطِيفَةٌ وَهِيَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ الْمَلَائِكَةَ وَهُمْ أَقْوِيَاءُ ذَكَرَ صِفَتَهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ: ﴿ يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ويفعلون ما يؤمرون ﴾ فَبَيَّنَ أَنَّهُمْ عِنْدَ اللَّهِ ضُعَفَاءُ وَلَمَّا ذَكَرَ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ النَّاسِ وَهُمْ ضُعَفَاءُ لَا حَاجَةَ إِلَى بَيَانِ ضَعْفِهِمْ ذَكَرَ مَا يَدُلُّ عَلَى عَظَمَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ ﴿ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ﴾ وَلَمَّا ذَكَرَ ضَعْفَ الْمَلَائِكَةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى قُوَّةِ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ ﴿ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ﴾ وَالْمُرَادُ فَوْقِيَّةٌ بِالْعَظَمَةِ.[5]
--------------------------------------------
[1] سورة الْبَقَرَةِ: الآية/ 74
[2] سورة فَاطِرٍ: الآية/ 28
[3] سورة الرَّعْدِ: الآية/ 21
[4] سورة النَّحْلِ: الآية/50
[5] البرهان في علوم القرآن (4/ 78).
تعليق