السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وال محمد
*********************
السيدة نفيسة بنت الحسن بن زيد بن الإمام الحسن (ع)من سيدات أهل البيت اشتهرت بالعبادة والزهد محدثة فاضلة حافظة للقرآن الكريم. تزوجت من إسحاق المؤتمن إبن الإمام الصادق (ع)يقع ضريحها في القاهرة حيث يؤمه الكثير من الناس للزيارة والتوسل.
سيرتها :
ولدت السيدة نفسية في الحادي عشر من ربيع الأول سنة 145 ق(1)في مكة المكرمة(2)أبوها الحسن الأنور بن زيد الأبلج بن الحسن بن علي بن أبي طالب وقيل أن أمها أم ولد. عاشت مع أبيها في المدينة المنورة في الدار التي تقع في الجانب الغربي من المدينة مقابل بيت الإمام الصادق (ع).
زواجها
تزوجت السيدة نفسية وهي في الخامسة عشرة من عمرها بإسحاق المؤتمن إبن الإمام جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب(ع)وقد وافق أبوها على الزواج بعد أن كان رافضا له بعد رؤيا رأى فيها رسول الله (ع) يأمره بتزويج نفسية من إسحاق.حيث يروى أنه قبل زواجها تقدم اليها سيدنا اسحاق يخطبها من والدها فصمت والدها ولم يرد عليه جوابا فقام إسحاق من عنده ودخل الحجرة النبوية الشريفة وتوجه الى النبي وقال بعد السلام: يا رسول الله اني خطبت نفيسة بنت الحسن من أبيها فلم يرد جوابا وإنني لم أخطبها إلا لخيرها ودينها وعبادتها .ثم خرج من الحجرة النبوية الشريفة فرأى والدها النبي صلى الله عليه واله وسلم في المنام وقال له:يا حسن زوج ابنتك نفيسة لإسحاق المؤتمن.
وقد وصف زوجها إسحاق المؤتمن بالصلاح والفضل والوثاقة في نقل الحديث. وكان من شهود وصية الإمام السابع (ع) لولده الرضا (ع). يكنى بأبي محمد ولشهرته بالأمانة لقب بالمؤتمن. ولد وترعرع في العريض بالقرب من المدينة أنجبت نفسية من إسحاق ولدين هما القاسم وأم كلثوم.
الهجرة الى مصر:
في سنة 193 هـ ق رحلت السيدة الى مصر وحين علم أهل مصر بقدومهم خرجوا لاستقبالهم في العريش. وصلت نفيسة إلى القاهرة ورحب بها أهل مصر. قال صاحب ناسخ التواريخ: عظيمة الشأن رفيعة المنزلة مثال العفة وكان بيتها ملاذا للناس.
سكنت مع زوجها في بيت أحد التجار المصريين يعرف بجمال الدين بن عبد الله بن الجصاص ثم انتقلت بعد عدة شهور الى بيت أم هانئ ومنها الى بيت أبي السرايا أيوب بن صابر.
وحينما شعرت السيدة نفسية أن كثرة المراجعين لها يزعج صاحب الدار قررت الرحيل من مصر ففزع الناس لقرارها ورفضوا رحيلها حتى تدخل والي مصر السري بن الحكم وقال لها:يا ابنة رسول الله إني كفيل بإزالة ما تشكين منه. فوهبها دارًا واسعة فبقيت في مصر الى أن وافاها الأجل هناك.
فضائلها:
الأنس بالقرآن الكريم والعبادة
عرفت السيدة نفيسة بأنسها الشديد بالقرآن الكريم فكانت من الحفاظ كما ذكر ذلك أكثر من ترجم لها وإن ذهب البعض الى القول بأنها كانت من الاميين لا تجيد القراءة والكتابة وقيل أنها ختمت القرآن الكريم1900 مرة.
وقيل أنها كانت يغشى عليها عندما تمر بقوله تعالى (لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون)كما ذكروا أنها حجت أكثر من ثلاثين حجة أكثرها ماشية وكانت كثيرة البكاء خشية من الله تعالى وكانت تحيي الليل بالعبادة والتضرع والتهجد كثيرة الصيام وقيل أنها حفرت قبرها الذي دفنت فيه بيديها، وكانت تنزل فيه وتصلي كثيرًا وختمت فيه المصحف عشرات المرات وهي تبكي بكاءً شديدًا.
وقد وصفها المترجمون لها بجميل الأوصاف وأثنوا عليها بأفضل كلمات الثناء مدرجين لها في عداد النساء العارفات العابدات المتمسكات بأوامر الله تعالى الزاهدات المتقيات العالمات منهم:
أحمد أبو كف حيث وصفها: بنفيسة الدارين ونفيسة الطاهرة والعابدة ونفيسة المصرية ونفيسة المصريين ووصفها أيضا بقوله: كانت من العابدات العارفات العاملات وأنها نفيسة الدارين لطهارتها وعفتها وهي درة ثمين بين المصريين يلوذ إليها المصريون في طلبهم لطريق الحق وكانت كريمة الدارين لما أدركه المصريون من كرامتها إبان حياتها وبعد رحيلها.وقال الزركلي في الأعلام: صاحبة المشهد المعروف بمصر، تقية صالحة زاهدة، عالمة بالتفسير والحديث... وللمصريين فيها اعتقاد عظيم.وقال العالم المصري الشيخ محمد ضبان:اعرضت السيدة نفيسة عن زخارف الدنيا رغم تمكنها من العيش الرغيد والحياة الهانئة، زاهدة في كل متاع الدنيا زينتها ومن هنا مال إليها الكثير من الناس فكانوا يرجعون إليها في المحن والشدائد والمصائب التي تلم بهم.صرح أبو نصر البخاري لبيان فضلها بقوله: وقد بلغ من سمو مرتبها وعلو مكانتها أن المصريين يقسمون باسمها لإثبات صدق مدعاهم.وأشار جمال الدين بن تغري البردى الى ما شوهد منها من كرامات كثيرة مما يكشف عن عظم منزلتها وكونها من الفاضلات الروحانيات وقد ذاع صيت كراماتها في كافة الأرجاء.ووصفها اليافعي اليمني بصاحبة المناقب فريدة في عصرها.وقال محمود الشرقاوي في ترجمتها: وصلت الى درجة من الكمال حتى نهل من نمير علمها الناس ومالت قلوب الكثيرين إليها.وللــمقريزي في وصفها كلام جاء فيه: عرفت بتقواها وإعراضها عن زخارف الدنيا.وقال ابن خلكان: عرفت بمهارتها بنقل الحديث وروى عنها الحديث مشاهير الأعلام.وقال صالح الورداني: كانت كثيرة البكاء من خشية الله تحفظ القرآن وعالمة بتفسيره.
تلامذتها :
ذكرت بعض المصادر تلمذ بعض كبار العلماء عليها وأخذوا منها العلم، منهم:
محمد بن إدريس الشافعي: لما وفد الشافعي إلى مصر سنة 198 هـ ق، توثقت صلته بنفيسة بنت الحسن واعتاد أن يزورها وهو في طريقه إلى حلقات درسه في مسجد الفسطاط، وفي طريق عودته إلى داره، وكان يأخذ الحديث عنها.ومنهم أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال المعروف بأحمد بن حنبل حيث كان يروي عنها الحديث ويشترك في مجالسها العلمية.ومنهم ذو النون المصري وبشر بن الحارث (الحافي) الذي قيل أنه اعتكف في دارها مستفيدا من مراتب فضلها وكمالها.
كراماتها :
سجلت لنا المصادر التي ترجمت للسيدة نفسية الكثير من الكرامات كشفاء المرضى وخلاص المصريين من الجفاف بزيادة ماء النيل. من كراماتها رضي الله عنها ما يروى أنه حينما قدمت إلى مصر ونزلت في دار، فأقامت بهذه الدار عدة شهور، كان بجوارها يهود. من جملتهم إمرأة يهودية لها إبنة مشلولة مقعدة لا تقدر على الحركة، فأرادت الأم أن تذهب إلى الحمام، فسألت ابنتها أن تأخذها معها إلى الحمام فامتنعت البنت فقالت لها أمها تقيمين في الدار وحدك! فقالت لها أشتهي أن أكون عند جارتنا الشريفة حتى تعودين ، فجاءت الأم إلى السيدة نفيسة واستأذنتها في ذلك فأذنت لها فحملتها ووضعتها في زاوية من البيت وذهبت . قامتالسيدة نفيسة وتوضأت جرى ماء وضوئها إلى البنت اليهودية، فألهمها الله سبحانه وتعالى أن أخذت من ماء الوضوء شيئاً قليلاً بيدها ومسحت به على رجليها فوقفت في حينها بإذن الله (هذه بركة وضوء السيدة نفيسة فكيف بوضوء الرسول الأعظم، هذه واحدة من ذريته) .شفيت تلك البنت المقعدة من الشلل في الوقت نفسه وقامت تمشي على قدميها كأن لم يكن بها مرض قط، هذا والسيدة نفيسة مشغولة بصلاتها مستغرقة، لم تعلم ما جرى، ثم إن البنت سمعت مجيئ أمها فخرجت من دار السيدة نفيسة حتى أتت إلى دار أمها فطرقت الباب فخرجت الأم تنظر من يطرق الباب فدخلت البنت وعانقت أمها وقبلتها فتعجبت الام كثيرا وسألتها :وكيف قضيتك؟ فأخبرتها بقصتها كاملة.
فقالت الأم: هذا والله الدين الصحيح وما نحن عليه من الدين قبيح أي عن اليهودية ثم دخلت فأقبلت تقبل قدم السيدة نفيسة وقالت لها امددي يدك أنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن جدك محمدًا رسول الله، فشكرت السيدة نفيسة ربها عزّ وجلّ وحمدته على هداها وانقاذها من الضلال .
ثم مضت المرأة إلى منـزلها فلما حضر زوجها أبو البنت وكان اسمه أيوب وكان لقبه أبو السرايا وكان من أعيان قومه ورأى البنت على تلك الحالة ، ذُهل وطاش عقله من الفرح، قال لامرأته ما قصتها يا امرأة، فأخبرته بقصتها مع السيدة نفيسة فقال: سبحانك هديت من تشاء وأضللت من تشاء والله هذا الدين الصحيح ولا دين صحيح إلا دين الإسلام، ثم أتى إلى باب السيدة نفيسة فمر بخديه على عتبة بابها وأسلم وقال أشهد أن لا إله إلا الله وأن جدك محمدًا رسول الله. ثم شاع خبر البنت وإسلامها وإسلام أبيها وأمها وجماعة من الجيران اليهود.
والقصص في هذا المجال عديدة كشفاء الشافعي و ما ذكره الأزهري في "الكواكب السيارة" وما ذكره الأزهري من غرائب القصص في هذا المجال.
وفاتها :
في شهر رجب 208 هـ ، أصاب نفيسة بنت الحسن المرض، وظل يشتد عليها حتى توفيت فيمصر في رمضان سنة 208 هـ، وقيل أنها توفيت وهي تقرأ القرآن، فبكاها أهل مصر.
مرقدها :
مقام السيد نفيسة في مصر يندرج مرقد السيدة نفيسة ضمن أهم المراقد المعروفة في مصر، يقصده في يومي الأحد والخميس جموع غفيرة من المؤمنين، وقد اعتاد المصريون على اقامة مراسم الزواج في اطراف ذلك المرقد كذلك يحيي المصريون ذكرى ولادة السيدتين نفيسةوزينب(ع) في كل عام.(36)وكان أول حفل عقد بمناسبة ولادة السيدة نفيسة الحفل الذي أقيم سنة 889 ق في عصر الاشرف سيف الدين قاي بتاي (حكم ما بين 872-901 هـ ق) من سلسلة المماليك الجركسية.
يجتمع ليلة ميلاد السيدة نفيسة جموع غفيرة من المؤمنين وفرق أتباع مذهب أهل البيت(ع)بالاضافة الى الكثير من أهل السنة في حرم السيدة ينشدون فيه المدائح والقصائدويتوسلون الى الله تعالى بالسيدة نفيسةلقضاء حاجاتهم.
وكان بعض الحجاج الايرانيين في العصر القاجاري يعرجون على الشام ومصر لزيارة السيدة نفيسه، وهذا ما أشارت إليه بعض كتب الرحالة متعرضين لبيان صفات المرقد وعلاقة المصريين به.
كيف نزور السيدة نفيسة
ذكرت كتب التراجم زيارة خاصة للسيدة نفيسة، فقد اشار الشبلنجي في كتابه المعروف " نور الأبصار"، ومؤلف كتاب " الدرة النفيسة في ترجمة السيدة النفيسة" إلى تلك الزيارة إنطلاقاً من إجلال المقام السامي للسيدة العلوية المكرمة نفيسة حفيدة رسول الله (ع) وأمير المؤمنين (ع)وفاطمة سيدة نساء العالمين (ع)، حيث يرى البعض أن على من يزور مقام كريمة الدارين أن يبدأ بصلاة ركعتين لله تعالى؛ تحيةً لمسجدها، ثم يتجه إلى ضريحها بخشوع وهو يقول:
رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت، إنه حميدٌ مجيد. اللهم إنك قد ندبتني إلى أمرٍ قد فهمته واعتقدته، وجعلته أجراً لنبيك محمدٍ (صل الله عليه و آله و سلم)، الذي هديتنا به إليك، ودللتنا به عليك، فكان كما قلت:وكان بالمؤمنين رحيماً وتلك الفريضة التي سألتها له وهي المودة في القربى. اللهم زدْهم شرفاً وتعظيماً، وهبْ لنا بزيارتهم مغفرةً وأجراً عظيماً.
وقال الموفق بن عثمان: كان بعض السلف يزورالسيدة نفيسة - رضي الله عنها - فيقول عند ضريحها:
السلام والتحية والإكرام والرضى، من العلي الأعلى، على السيدة نفيسة سلالة نبي الرحمة، وشفيع الأمة، من أبوها علم العترة، وهو الإمام حيدرة. السلام عليك يا بنت الإمام الحسن المسموم، أخي الإمام الحسين المظلوم. السلام عليك يا بنت فاطمة الزهراء، وسلالة خديجة الكبرى. رضي الله عنك، وعن أبيك وعمك وجدك، وحشرنا الله في زمرتهم أجمعين. اللهم بحق ما كان بينك وبين جدها محمدٍ صلى الله عليه وآله ليلة المعراج، اجعلْ لنا من أمرنا الذي نزل بنا باب آنفراج، وآقْض حوائجي في الدنيا والآخرة، بمحمدٍ وآله أجمعين .
الهوامش:
راجع: نجم الدوله، ص 363رفيعي، ص 28 و سمامي حائري، بزركان رامسر، القسم 1، ص 25، 51؛ سمامي حائري، بزركان تنكابن، ص 25، فلسفي، ص 31 و راجع: اعتماد السلطنة، المآثر والآثار، ص 190ـ305 .البلاغي، ص 40الآقا بزرك الطهراني، طبقات: الكرام، قسم 1، ص 253ـ254كريمان، ص 306الآقا بزرك الطهراني، طبقات: الكرام، قسم 1، ص 32بامداد، ج 6، ص 170 والهامش 4 و الآقا بزرك الطهراني، طبقات: نقباء، قسم 2، ص 845؛ صدوقي سها، ص 60، 62يغما، السنة 21، العدد 12، [شهر]اسفند 1347هـ ش، ص 708 و الآقا بزرك الطهراني، طبقات: نقباء، قسم 3، ص 1064ـ1065سلطان زاده، ص 309طبقات: الكرام، قسم 2، ص 582بامداد، ج 1، ص 40- 41الآقا بزرك الطهراني، الذريعة، ج 18، ص 238 و شريف رازي، كنجينه دانشمندان، ج 4، ص 506- 507راجع: بامداد، ج 2، ص 208 والهامش1شريف رازي، اختران فروزان ري وطهران، ص 122اعتماد السلطنة، المآثر والآثار، ص 117؛ البلاغي، ص 172- 173اعتماد السلطنة، 1363ش، ص 117يادنامه ي آية الله سيد رضا فيروز آبادي، ص 14البلاغي، ص 175راجع: حسن زاده آملي، ص 203اعتماد السلطنة، 1363ش، ص 117- 118؛ البلاغي، ص 184الآقا بزرك الطهراني، طبقات: نقباء، قسم 2، ص 859اعتماد السلطنة، المآثر والآثار، ص 250؛ شريفرازي، اختران فروزان ري وطهران، ص 115- 116اعتماد السلطنة، المآثر والآثار، ص 228اعتماد السلطنة، المآثر والآثار، ص 117؛ البلاغي، ص 180 اعتماد السلطنة، المآثر والآثار، ص 121اعتماد السلطنة، المآثر والآثار، ص 121صدوقي سها، ص 61الآقا بزرك الطهراني، طبقات: نقباء، قسم 2، ص 711؛ الآقا بزرك الطهراني، "شرح زندكي من"، ص 305اعتماد السلطنة، روزنامه خاطرات اعتماد السلطنة، ص 954الآقا بزرك الطهراني، طبقات: نقباء، قسم 1، ص 7- 8؛ حبيب آبادي، ج 6، ص 1965- 1966كريمان، ص 307- 308كريميان، ص 308 و الآقا بزرك الطهراني، الذريعة، ج 4، ص 19رضوي، ص 109موسوي طهراني، ص 252الآقا بزرك الطهراني، طبقات: نقباء، قسم 4، ص 1364عبرت نائيني، ص 106- 108الآقا بزرك الطهراني، طبقات: نقباء، قسم 2، ص 508عاقلي، ج 2، ص 1210
اللهم صل على محمد وال محمد
*********************
السيدة نفيسة بنت الحسن بن زيد بن الإمام الحسن (ع)من سيدات أهل البيت اشتهرت بالعبادة والزهد محدثة فاضلة حافظة للقرآن الكريم. تزوجت من إسحاق المؤتمن إبن الإمام الصادق (ع)يقع ضريحها في القاهرة حيث يؤمه الكثير من الناس للزيارة والتوسل.
سيرتها :
ولدت السيدة نفسية في الحادي عشر من ربيع الأول سنة 145 ق(1)في مكة المكرمة(2)أبوها الحسن الأنور بن زيد الأبلج بن الحسن بن علي بن أبي طالب وقيل أن أمها أم ولد. عاشت مع أبيها في المدينة المنورة في الدار التي تقع في الجانب الغربي من المدينة مقابل بيت الإمام الصادق (ع).
زواجها
تزوجت السيدة نفسية وهي في الخامسة عشرة من عمرها بإسحاق المؤتمن إبن الإمام جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب(ع)وقد وافق أبوها على الزواج بعد أن كان رافضا له بعد رؤيا رأى فيها رسول الله (ع) يأمره بتزويج نفسية من إسحاق.حيث يروى أنه قبل زواجها تقدم اليها سيدنا اسحاق يخطبها من والدها فصمت والدها ولم يرد عليه جوابا فقام إسحاق من عنده ودخل الحجرة النبوية الشريفة وتوجه الى النبي وقال بعد السلام: يا رسول الله اني خطبت نفيسة بنت الحسن من أبيها فلم يرد جوابا وإنني لم أخطبها إلا لخيرها ودينها وعبادتها .ثم خرج من الحجرة النبوية الشريفة فرأى والدها النبي صلى الله عليه واله وسلم في المنام وقال له:يا حسن زوج ابنتك نفيسة لإسحاق المؤتمن.
وقد وصف زوجها إسحاق المؤتمن بالصلاح والفضل والوثاقة في نقل الحديث. وكان من شهود وصية الإمام السابع (ع) لولده الرضا (ع). يكنى بأبي محمد ولشهرته بالأمانة لقب بالمؤتمن. ولد وترعرع في العريض بالقرب من المدينة أنجبت نفسية من إسحاق ولدين هما القاسم وأم كلثوم.
الهجرة الى مصر:
في سنة 193 هـ ق رحلت السيدة الى مصر وحين علم أهل مصر بقدومهم خرجوا لاستقبالهم في العريش. وصلت نفيسة إلى القاهرة ورحب بها أهل مصر. قال صاحب ناسخ التواريخ: عظيمة الشأن رفيعة المنزلة مثال العفة وكان بيتها ملاذا للناس.
سكنت مع زوجها في بيت أحد التجار المصريين يعرف بجمال الدين بن عبد الله بن الجصاص ثم انتقلت بعد عدة شهور الى بيت أم هانئ ومنها الى بيت أبي السرايا أيوب بن صابر.
وحينما شعرت السيدة نفسية أن كثرة المراجعين لها يزعج صاحب الدار قررت الرحيل من مصر ففزع الناس لقرارها ورفضوا رحيلها حتى تدخل والي مصر السري بن الحكم وقال لها:يا ابنة رسول الله إني كفيل بإزالة ما تشكين منه. فوهبها دارًا واسعة فبقيت في مصر الى أن وافاها الأجل هناك.
فضائلها:
الأنس بالقرآن الكريم والعبادة
عرفت السيدة نفيسة بأنسها الشديد بالقرآن الكريم فكانت من الحفاظ كما ذكر ذلك أكثر من ترجم لها وإن ذهب البعض الى القول بأنها كانت من الاميين لا تجيد القراءة والكتابة وقيل أنها ختمت القرآن الكريم1900 مرة.
وقيل أنها كانت يغشى عليها عندما تمر بقوله تعالى (لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون)كما ذكروا أنها حجت أكثر من ثلاثين حجة أكثرها ماشية وكانت كثيرة البكاء خشية من الله تعالى وكانت تحيي الليل بالعبادة والتضرع والتهجد كثيرة الصيام وقيل أنها حفرت قبرها الذي دفنت فيه بيديها، وكانت تنزل فيه وتصلي كثيرًا وختمت فيه المصحف عشرات المرات وهي تبكي بكاءً شديدًا.
وقد وصفها المترجمون لها بجميل الأوصاف وأثنوا عليها بأفضل كلمات الثناء مدرجين لها في عداد النساء العارفات العابدات المتمسكات بأوامر الله تعالى الزاهدات المتقيات العالمات منهم:
أحمد أبو كف حيث وصفها: بنفيسة الدارين ونفيسة الطاهرة والعابدة ونفيسة المصرية ونفيسة المصريين ووصفها أيضا بقوله: كانت من العابدات العارفات العاملات وأنها نفيسة الدارين لطهارتها وعفتها وهي درة ثمين بين المصريين يلوذ إليها المصريون في طلبهم لطريق الحق وكانت كريمة الدارين لما أدركه المصريون من كرامتها إبان حياتها وبعد رحيلها.وقال الزركلي في الأعلام: صاحبة المشهد المعروف بمصر، تقية صالحة زاهدة، عالمة بالتفسير والحديث... وللمصريين فيها اعتقاد عظيم.وقال العالم المصري الشيخ محمد ضبان:اعرضت السيدة نفيسة عن زخارف الدنيا رغم تمكنها من العيش الرغيد والحياة الهانئة، زاهدة في كل متاع الدنيا زينتها ومن هنا مال إليها الكثير من الناس فكانوا يرجعون إليها في المحن والشدائد والمصائب التي تلم بهم.صرح أبو نصر البخاري لبيان فضلها بقوله: وقد بلغ من سمو مرتبها وعلو مكانتها أن المصريين يقسمون باسمها لإثبات صدق مدعاهم.وأشار جمال الدين بن تغري البردى الى ما شوهد منها من كرامات كثيرة مما يكشف عن عظم منزلتها وكونها من الفاضلات الروحانيات وقد ذاع صيت كراماتها في كافة الأرجاء.ووصفها اليافعي اليمني بصاحبة المناقب فريدة في عصرها.وقال محمود الشرقاوي في ترجمتها: وصلت الى درجة من الكمال حتى نهل من نمير علمها الناس ومالت قلوب الكثيرين إليها.وللــمقريزي في وصفها كلام جاء فيه: عرفت بتقواها وإعراضها عن زخارف الدنيا.وقال ابن خلكان: عرفت بمهارتها بنقل الحديث وروى عنها الحديث مشاهير الأعلام.وقال صالح الورداني: كانت كثيرة البكاء من خشية الله تحفظ القرآن وعالمة بتفسيره.
تلامذتها :
ذكرت بعض المصادر تلمذ بعض كبار العلماء عليها وأخذوا منها العلم، منهم:
محمد بن إدريس الشافعي: لما وفد الشافعي إلى مصر سنة 198 هـ ق، توثقت صلته بنفيسة بنت الحسن واعتاد أن يزورها وهو في طريقه إلى حلقات درسه في مسجد الفسطاط، وفي طريق عودته إلى داره، وكان يأخذ الحديث عنها.ومنهم أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال المعروف بأحمد بن حنبل حيث كان يروي عنها الحديث ويشترك في مجالسها العلمية.ومنهم ذو النون المصري وبشر بن الحارث (الحافي) الذي قيل أنه اعتكف في دارها مستفيدا من مراتب فضلها وكمالها.
كراماتها :
سجلت لنا المصادر التي ترجمت للسيدة نفسية الكثير من الكرامات كشفاء المرضى وخلاص المصريين من الجفاف بزيادة ماء النيل. من كراماتها رضي الله عنها ما يروى أنه حينما قدمت إلى مصر ونزلت في دار، فأقامت بهذه الدار عدة شهور، كان بجوارها يهود. من جملتهم إمرأة يهودية لها إبنة مشلولة مقعدة لا تقدر على الحركة، فأرادت الأم أن تذهب إلى الحمام، فسألت ابنتها أن تأخذها معها إلى الحمام فامتنعت البنت فقالت لها أمها تقيمين في الدار وحدك! فقالت لها أشتهي أن أكون عند جارتنا الشريفة حتى تعودين ، فجاءت الأم إلى السيدة نفيسة واستأذنتها في ذلك فأذنت لها فحملتها ووضعتها في زاوية من البيت وذهبت . قامتالسيدة نفيسة وتوضأت جرى ماء وضوئها إلى البنت اليهودية، فألهمها الله سبحانه وتعالى أن أخذت من ماء الوضوء شيئاً قليلاً بيدها ومسحت به على رجليها فوقفت في حينها بإذن الله (هذه بركة وضوء السيدة نفيسة فكيف بوضوء الرسول الأعظم، هذه واحدة من ذريته) .شفيت تلك البنت المقعدة من الشلل في الوقت نفسه وقامت تمشي على قدميها كأن لم يكن بها مرض قط، هذا والسيدة نفيسة مشغولة بصلاتها مستغرقة، لم تعلم ما جرى، ثم إن البنت سمعت مجيئ أمها فخرجت من دار السيدة نفيسة حتى أتت إلى دار أمها فطرقت الباب فخرجت الأم تنظر من يطرق الباب فدخلت البنت وعانقت أمها وقبلتها فتعجبت الام كثيرا وسألتها :وكيف قضيتك؟ فأخبرتها بقصتها كاملة.
فقالت الأم: هذا والله الدين الصحيح وما نحن عليه من الدين قبيح أي عن اليهودية ثم دخلت فأقبلت تقبل قدم السيدة نفيسة وقالت لها امددي يدك أنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن جدك محمدًا رسول الله، فشكرت السيدة نفيسة ربها عزّ وجلّ وحمدته على هداها وانقاذها من الضلال .
ثم مضت المرأة إلى منـزلها فلما حضر زوجها أبو البنت وكان اسمه أيوب وكان لقبه أبو السرايا وكان من أعيان قومه ورأى البنت على تلك الحالة ، ذُهل وطاش عقله من الفرح، قال لامرأته ما قصتها يا امرأة، فأخبرته بقصتها مع السيدة نفيسة فقال: سبحانك هديت من تشاء وأضللت من تشاء والله هذا الدين الصحيح ولا دين صحيح إلا دين الإسلام، ثم أتى إلى باب السيدة نفيسة فمر بخديه على عتبة بابها وأسلم وقال أشهد أن لا إله إلا الله وأن جدك محمدًا رسول الله. ثم شاع خبر البنت وإسلامها وإسلام أبيها وأمها وجماعة من الجيران اليهود.
والقصص في هذا المجال عديدة كشفاء الشافعي و ما ذكره الأزهري في "الكواكب السيارة" وما ذكره الأزهري من غرائب القصص في هذا المجال.
وفاتها :
في شهر رجب 208 هـ ، أصاب نفيسة بنت الحسن المرض، وظل يشتد عليها حتى توفيت فيمصر في رمضان سنة 208 هـ، وقيل أنها توفيت وهي تقرأ القرآن، فبكاها أهل مصر.
مرقدها :
مقام السيد نفيسة في مصر يندرج مرقد السيدة نفيسة ضمن أهم المراقد المعروفة في مصر، يقصده في يومي الأحد والخميس جموع غفيرة من المؤمنين، وقد اعتاد المصريون على اقامة مراسم الزواج في اطراف ذلك المرقد كذلك يحيي المصريون ذكرى ولادة السيدتين نفيسةوزينب(ع) في كل عام.(36)وكان أول حفل عقد بمناسبة ولادة السيدة نفيسة الحفل الذي أقيم سنة 889 ق في عصر الاشرف سيف الدين قاي بتاي (حكم ما بين 872-901 هـ ق) من سلسلة المماليك الجركسية.
يجتمع ليلة ميلاد السيدة نفيسة جموع غفيرة من المؤمنين وفرق أتباع مذهب أهل البيت(ع)بالاضافة الى الكثير من أهل السنة في حرم السيدة ينشدون فيه المدائح والقصائدويتوسلون الى الله تعالى بالسيدة نفيسةلقضاء حاجاتهم.
وكان بعض الحجاج الايرانيين في العصر القاجاري يعرجون على الشام ومصر لزيارة السيدة نفيسه، وهذا ما أشارت إليه بعض كتب الرحالة متعرضين لبيان صفات المرقد وعلاقة المصريين به.
كيف نزور السيدة نفيسة
ذكرت كتب التراجم زيارة خاصة للسيدة نفيسة، فقد اشار الشبلنجي في كتابه المعروف " نور الأبصار"، ومؤلف كتاب " الدرة النفيسة في ترجمة السيدة النفيسة" إلى تلك الزيارة إنطلاقاً من إجلال المقام السامي للسيدة العلوية المكرمة نفيسة حفيدة رسول الله (ع) وأمير المؤمنين (ع)وفاطمة سيدة نساء العالمين (ع)، حيث يرى البعض أن على من يزور مقام كريمة الدارين أن يبدأ بصلاة ركعتين لله تعالى؛ تحيةً لمسجدها، ثم يتجه إلى ضريحها بخشوع وهو يقول:
رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت، إنه حميدٌ مجيد. اللهم إنك قد ندبتني إلى أمرٍ قد فهمته واعتقدته، وجعلته أجراً لنبيك محمدٍ (صل الله عليه و آله و سلم)، الذي هديتنا به إليك، ودللتنا به عليك، فكان كما قلت:وكان بالمؤمنين رحيماً وتلك الفريضة التي سألتها له وهي المودة في القربى. اللهم زدْهم شرفاً وتعظيماً، وهبْ لنا بزيارتهم مغفرةً وأجراً عظيماً.
وقال الموفق بن عثمان: كان بعض السلف يزورالسيدة نفيسة - رضي الله عنها - فيقول عند ضريحها:
السلام والتحية والإكرام والرضى، من العلي الأعلى، على السيدة نفيسة سلالة نبي الرحمة، وشفيع الأمة، من أبوها علم العترة، وهو الإمام حيدرة. السلام عليك يا بنت الإمام الحسن المسموم، أخي الإمام الحسين المظلوم. السلام عليك يا بنت فاطمة الزهراء، وسلالة خديجة الكبرى. رضي الله عنك، وعن أبيك وعمك وجدك، وحشرنا الله في زمرتهم أجمعين. اللهم بحق ما كان بينك وبين جدها محمدٍ صلى الله عليه وآله ليلة المعراج، اجعلْ لنا من أمرنا الذي نزل بنا باب آنفراج، وآقْض حوائجي في الدنيا والآخرة، بمحمدٍ وآله أجمعين .
الهوامش:
راجع: نجم الدوله، ص 363رفيعي، ص 28 و سمامي حائري، بزركان رامسر، القسم 1، ص 25، 51؛ سمامي حائري، بزركان تنكابن، ص 25، فلسفي، ص 31 و راجع: اعتماد السلطنة، المآثر والآثار، ص 190ـ305 .البلاغي، ص 40الآقا بزرك الطهراني، طبقات: الكرام، قسم 1، ص 253ـ254كريمان، ص 306الآقا بزرك الطهراني، طبقات: الكرام، قسم 1، ص 32بامداد، ج 6، ص 170 والهامش 4 و الآقا بزرك الطهراني، طبقات: نقباء، قسم 2، ص 845؛ صدوقي سها، ص 60، 62يغما، السنة 21، العدد 12، [شهر]اسفند 1347هـ ش، ص 708 و الآقا بزرك الطهراني، طبقات: نقباء، قسم 3، ص 1064ـ1065سلطان زاده، ص 309طبقات: الكرام، قسم 2، ص 582بامداد، ج 1، ص 40- 41الآقا بزرك الطهراني، الذريعة، ج 18، ص 238 و شريف رازي، كنجينه دانشمندان، ج 4، ص 506- 507راجع: بامداد، ج 2، ص 208 والهامش1شريف رازي، اختران فروزان ري وطهران، ص 122اعتماد السلطنة، المآثر والآثار، ص 117؛ البلاغي، ص 172- 173اعتماد السلطنة، 1363ش، ص 117يادنامه ي آية الله سيد رضا فيروز آبادي، ص 14البلاغي، ص 175راجع: حسن زاده آملي، ص 203اعتماد السلطنة، 1363ش، ص 117- 118؛ البلاغي، ص 184الآقا بزرك الطهراني، طبقات: نقباء، قسم 2، ص 859اعتماد السلطنة، المآثر والآثار، ص 250؛ شريفرازي، اختران فروزان ري وطهران، ص 115- 116اعتماد السلطنة، المآثر والآثار، ص 228اعتماد السلطنة، المآثر والآثار، ص 117؛ البلاغي، ص 180 اعتماد السلطنة، المآثر والآثار، ص 121اعتماد السلطنة، المآثر والآثار، ص 121صدوقي سها، ص 61الآقا بزرك الطهراني، طبقات: نقباء، قسم 2، ص 711؛ الآقا بزرك الطهراني، "شرح زندكي من"، ص 305اعتماد السلطنة، روزنامه خاطرات اعتماد السلطنة، ص 954الآقا بزرك الطهراني، طبقات: نقباء، قسم 1، ص 7- 8؛ حبيب آبادي، ج 6، ص 1965- 1966كريمان، ص 307- 308كريميان، ص 308 و الآقا بزرك الطهراني، الذريعة، ج 4، ص 19رضوي، ص 109موسوي طهراني، ص 252الآقا بزرك الطهراني، طبقات: نقباء، قسم 4، ص 1364عبرت نائيني، ص 106- 108الآقا بزرك الطهراني، طبقات: نقباء، قسم 2، ص 508عاقلي، ج 2، ص 1210
تعليق