شرح دعاء الافتتاح (20)
- (اَللّـهُمَّ وَصَلِّ عَلى عَليٍّ أَميرِ الْمُؤْمِنينَ، وَوَصِيِّ رَسُولِ رَبِّ الْعالَمينَ، عَبْدِكَ وَوَليِّكَ، وَأَخي رَسُولِكَ، وَحُجَّتِكَ عَلى خَلْقِكَ، وَآيَتِكَ الْكُبْرى، وَالنَّبأِ الْعَظيمِ..)..
في هذه الفقرة من دعاء الافتتاح بعد أن صلينا على النبي وآله، ننتقل بالحديث عن الأوصياء من بعده، هذه الأنوار اللامعة، الحجج الإثني عشر، الذين بشر بهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، الخلفاء من عترته وذريته.. وليس من الصدفة أبداً، أن يأتي في خلال قرنين ونصف هذه الأنوار اللامعة، التي تؤيد بعضها بعضاً، إذ كلماتهم متشابهة، وموقفهم واحد، والنور الذي يشع منهم نور واحد.. بمثابة مصباح ذري، يزهر بنور الله عزّ وجل، ويُنظر إلى هذا المصباح من نوافذ متعددة، فالنور واحد، والنوافذ متعددة..
النافذة الثانية التي من خلالها ننظر إلى نور الله عزّ وجل، هي النافذة العلوية.. وهنا نسلم ونصلي على أمير المؤمنين، ذلك الإمام الذي وقف حياته منذ أن كان صبياً في مكة، يتّبع النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) إتّباع الفصيل أثر أمه -كما يصف (عليه السلام) نفسه بهذا الوصف-، إلى يوم قدم نفسه في طاعة رب العالمين.. بدأ من البيت -من المسجد الحرام- ولادة، وختم حياته شهادة في مسجد الكوفة..
علي (عليه السلام) هو امتداد الرسالة، هو امتداد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).. ومسألة الوصاية ليست من بدع القول.. الإنسان في حياته اليومية، يغيب عن أهل بيته في سفرة قصيرة، فيعين خليفة على أهله، ليحفظ أهله في غيبته.. وفي حياة الأنبياء السلف: موسى (عليه السلام) يذهب لميقات ربه أربعين ليلة، لا يتحمل أن يترك أمته من دون وصي، فيقول لأخيه هارون: ?اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ?..
موسى يغيب عن الأمة غيابًا مؤقتاً، في إجازة لتلقي الألواح، وإذا به يعين الوصي من بعده.. كيف النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) يغيب عن هذه الأمة إلى أبد الآبدين، وبذور الفتنة كامنة فيها.. وفي قوله تعالى: ?وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ?، إشارة إلى هنالك منافقين لم يكونوا من المنافقين في العلن.. أمة فيها منافقون، وعليها أنظار اليهود والنصارى، كيف النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) يغيب عن هذه الأمة، ولا يعين من يمثله، من هو على خطه، من هو على تربيته؟!!..
والتاريخ يفصح عن الحقيقة لمن يريدها!.. الأحاديث التي تشير إلى فضائل علي (عليه السلام) ومنزلته عند النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)، هي في كتب الفريقين: أقضاهم علي.. أعلمهم علي.. أشجعهم علي.. أولهم إسلامًا علي.. علي صهر النبي.. علي نفس النبي.. علي باب مدينة علم النبي.. علي هو الذي جهز المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم)، وكان في اللحظات الأخيرة بجانبه.. علي هو الذي على سيفه قام الإسلام، كما قام علي مال خديجة، ووجاهة أبي طالب.. لماذا نستبدل علياً بغيره، وهو صاحب هذه السابقة، وهو الذي -كما نعلم- في هذا الشهر الكريم، ختم حياته بدمه الطاهر، في سبيل إحياء حاكمية الله عزّ وجل في هذا الوجود؟!!..
صلى الله عليك يا أمير المؤمنين!.. يوم ولدت في الكعبة، ويوم قتلت في مسجد الكوفة وأنت تنادي: (فزت ورب الكعبة)، ويوم تحشر يوم القيامة بجوار الحبيب المصطفى، رافعًا راية الحمد، تسوق المؤمنين إلى حوض الكوثر.
مركز الدراسات التخصصية ف الامام المهدي عليه السلام
تعليق