أهلا وسهلا بكم في منتدى الكـــفـيل
إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التفضل بزيارة صفحة
التعليمات
كما يشرفنا أن تقوم
بالتسجيل ،
إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
لا يكاد يخلو كتاب تفسير من التعرض لذكر القراءات المتعددة للكثير من مفردات القران، وهذه القراءات تنسب إلى قراءٍ معينين، وقد احصي منها عشرة مشهورة أو سبعة هي الأشهر وإلاّ فإن عدد القراءات الشاذة تزيد عن ذلك بكثير فكيف نشأت هذه القراءات؟ وكيف يمكن التعامل معها في القراءة خاصة في الصلاة؟.
v منشأ القراءات
هناك اتجاهان في شأن نشوء القراءات القرانية ومصدرها:
الأول: أن المصحف حتى المصحف العثماني قد كتب مجرداً عن التنقيط والحركات الاعرابيّة، وهذا أدّى إلى الاختلاف في قراءته، نتيجة عدم حفظ المعلّمين القراءة الصحيحة بدقة، واعتماد الرسم الذي يحتمل عدة وجوه لخلوّه من الإعجام والإعراب.
فالقراءات على هذا الوجه تكون اجتهادية محضة أو مرويّة عن القّراء المشهورين، دون أن يعلم الزمن الذي حصل فيه الاختلاف وكيف بدأ.
الثاني: اتجاه يزعم أن القراءات مروية بالأسانيد عن رسول اللّه صلى الله عليه وآله بغض النظر عن كتابة المصحف الشريف. وقد ادعى البعض تواتر القراءات السبعة المشهورة1.فبناءً على هذا هناك اتجاه يذهب إلى أن القراءات بين ما هو اجتهاد من القارىء وبين ما هو منقول بخبر الواحد. مع اعترافه بأن القران نزل على قراءة واحدة، بينما الاتجاه الثاني يدعي أنها كلها قران وأنه نزل بقراءات متعددة ومتواترة.
36
× أدلة الإتجاه الأول
يدل على الإتجاه الأول: ما ورد في أخبارنا عن الإمامين الباقر والصادق عليه السلام في أن القران نزل على حرف واحد:
منها ما روي عن الفضيل بن يسار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : أن الناس يقولون إن القران نزل على سبعة أحرف فقال عليه السلام : " كذبوا أعداء اللّه ولكنه نزل على حرف واحد من عند الواحد " 2.
ومنها ما روي الإمام الباقر عليه السلام : " أن القران واحد نزل من عند واحد ولكن الاختلاف يجيء من قبل الرواة "3.
ومنها ما روي عن سليمان بن صرد عن الرسول صلى الله عليه وآله : " أتاني جبرئيل فقال: اقرأ القران على حرف واحد " 4.
ويدل عليه ايضاً: أن عثمان جمع الناس على قراءة واحدة كما يقولون فهو اعتراف ضمني بأن القران واحد نزل بقراءة واحدة وإلا لما كان له أن يمنع القراءات الأخرى ويحمل الناس على قراءة واحدة.وقد تبنى هذا الإتجاه أكثر من واحد من مصنفي أهل السنّة وصرحّوا بأن سبب الاختلاف في القراءات هو خلو المصاحف الأولى من النقط والشكل. فقد نقل ذلك عن ابن أبي هاشم5، وابن جرير الطبري6وغيرهما.× أدلة الإتجاه الثاني
استدلوا على الإتجاه الثاني بما رووه عن النبيصلى الله عليه وآله7من أن القران الكريم نزل على سبعة أحرف8، فزعموا أن الأحرف السبعة هي القراءات السبعة المشهورة.
حتى أن بعضهم يدّعي ان عثمان بن عفان فرّق هذه القراءات على المصاحف التي
37
دوّنها لكي تحفظها الأمة كما نزلت من عند اللّه تعالى وكما سمعت من رسول اللّه صلى الله عليه وآله ، وهذا هو سبب اختلاف رسوم مصاحف أهل الأمصار9.
والاستدلال برواية الأحرف السبعة على ما ذكر غير تام: فإن هذه الرواية معارضة بما روي عن أئمة أهل البيت عليه السلام وهم أعلم بما نزل فيه من أن القران واحد نزل من عند الواحد، على حرف واحد وأن الاختلاف يأتي من قبل الرواة كما تقدم.
ومن جهة ثانية لا دليل على أن المراد بالأحرف السبعة القراءات السبعة، فإن بعض الروايات فسّرت الأحرف بأنها أساليب القران من الأمر والنهي والترغيب والترهيب والجدل والأمثال والقصص10، ويظهر من روايات أخرى أن الأحرف إشارة إلى معاني القران وتأويلاته، فقد روي عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: " تفسير القران على سبعة أوجه، منه ما كان، ومنه ما لم يكن بعد، تعرفه الأئمة "11.
ومن جهة ثالثة فإن روايات أحرف القران متضاربة، فبعضها يقول أنها سبعة وبعضها يقول أنها خمسة وبعضها يقول أنها أربعة وربما ثلاثة فلا يعلم الصحيح منها.
والنتيجة أن مقولة تفسير الأحرف السبعة بالقراءات غير مقبولة ولا يصح الاعتماد عليها. v اختلاف مصاحف الأمصار
تصرح بعض النصوص أن عثمان بن عفان لما أتي بالمصحف بعد أن فرغوا منه، نظر فيه فقال: قد أحسنتم وأجملتم أرى فيه شيئاً من لحن ستقيّمه العرب بألسنتها 12.
وهذا يدل على أن الدقّة التي توخاها كتبة القران انذاك لم تكن مانعة من وقوع بعض اللّحن غير المهم في طريقة الرسم القراني، ولذا اعتمدوا على أن العرب ستقومها بألسنتهم، ولو كان ذلك على مستوى الاختلاف الجذري لما كان يسكت عليه.
بالإضافة إلى أن المصاحف تلك كانت خالية عن النقط والحركات الإعرابية كما تقدم مما جعل إمكانية اختلاف قراءتها على مستوى عالٍ، ونحن لا ندري مقدار هذا الاختلاف
38
المزعوم في المصاحف العثمانية، وما نقل في المقام لا يخلو أن يكون مجرّد دعاوى غير مدعّمة بأدلة قاطعة، وهذا مما لا يجوز الوقوف عنده أمام النص المتواتر والقراءة المتواترة.
v سند القراءات
أما دعوى كون القراءات مرويّة عن الرسول صلى الله عليه وآله ، فهنا لا بد من التعرض لأمرين:
الأول: أنّ القران لا يثبت بأخبار الاحاد وإنما بالتواتر الموجب للاعتقاد اليقيني بأنه هو كلام اللّه النازل على رسوله صلى الله عليه وآله ، وعليه فأي قراءة لا بد من إسنادها بأسانيد متواترة ولا يكفي مجرد الرواية بسند واحد أو سندين بما لا يخرجها عن الاحاد. وهذا أمر مسلّم لا يناقش فيه أحد.
الثاني: إن القراءات المنقولة في كتب التفسير وغيرها كلها غير متواترة، وقد كفانا البحث السيد أبو القاسم الخوئي (قدس سره ) في كتاب " البيان " 13، وقد أورد ترجمة القراء السبعة وأثبت أن قراءتهم غير متواترة بل بعضها لم تثبت بسند صحيح أصلاً.
والقراء السبعة هم:
1- عبد اللّه بن عامر الدمشقي، ولد سنة 8ه وتوفي سنة 118هـ ، قيل قرأ على المغيرة.
2- ابن كثير المكي ولد سنة 45هـ وتوفي سنة 120هـ ، قيل أنه قرأ على ابن السائب.
3 عاصم بن بهدلة الكوفي توفي سنة 127 أو 128هـ ، وقيل أنه قرأ على زر بن حبيش وأبي عبد الرحمن السلمي، وأبي عمرو الشيباني، ومن أشهر من روى عنه حفص بن عمر.
4- أبو عمرو البصري ولد سنة 68هـ وتوفي 154هـ ، أكثر القراء شيوخاً.
5- حمزة الكوفي ولد سنة 80هـ وتوفي سنة 156هـ قرأ على سليمان الأعمش وحمران بن أعين وغيرهما.
6- نافع المدني مات سنة 169هـ ، أخذ عن جماعة من تابعي أهل المدينة.
7- الكسائي الكوفي مات سنة 189هـ ، أخذ القراءة عن حمزة الزيات.
39
ومن تصفح حال القراء وتراجمهم يظهر أن قراءاتهم تلقوها عن مشايخهم بطرق الاحاد، وكثير من القراء أنفسهم لم يكن ثقة أو أن شيوخه لم يكونوا ثقات. والمهم هو عدم إمكان الركون إلى شيء منها. ولا يكفي أن يدعى تواتر القراءة إلى القراء أنفسهم فإن المطلوب التواتر عن الرسول صلى الله عليه وآله وهو غيرها.
ثم إن احتجاج كل واحد من القراء على صحة قراءته وإعراضه عن قراءة غيره دليل على أن القراءات لم تكن متواترة عن الرسول صلى الله عليه وآله ولم تكن متعددة في الأصل وإلا لم يكن هناك حاجة لكل ذلك فإن التعدد يكون عندئذ هو الطبيعي.
ومهما يكن فإن عدم تواتر القراءات لا يضر بتواتر القران لعدم الملازمة بينهما، كما ان تواتر القران لا يستلزم تواتر القراءات، لأن الاختلاف في كيفية الكلمة لا ينافي الاتفاق على أصلها. ومع اتفاق اراء جمهور الفصحاء والبلغاء وأرباب النحو على قراءة عاصم الكوفي، وحيث أن أدق رواته هو حفص دون سائر تلامذته فقد تداول المسلمون هذه القراءة واتفقوا عليها، ومع ملاحظة أخبار أهل البيت عليهم السلام التي سيأتي ذكرها لا يبقى اشكال في الأخذ بها حينئذ لخروجها عن الشاذ والنادر. v نمط اختلاف القراءات
من يتتبع القراءات المختلفة يصل إلى حد الاطمئنان بأنها أخطاء في القراءة نشأت من اختلاف الرسم أو اختلاف اللهجات أو عدم وجود النقاط الاعجامية للحروف وعدم وضع الحركات الاعرابية، ولتقريب ذلك إلى الذهن أكثر نأتي بأمثلة:1- قوله تعالى: ﴿يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ﴾قرىء بكسر الكاف وبضمها وقال الطبرسي: هما لغتان. وهذا يدل على أن منشأ الاختلاف هنا هو اختلاف اللهجة العربية من قبيلة لأخرى، وكل قرأ بلغته.2- ومثله قوله تعالى:﴿يضارّ﴾ قرىء بفتح الراء وبضمها.3- قوله تعالى: ﴿فيَقْتُلون ويُقْتَلُون﴾ قرىء بالبناء للمفعول في الأول وللفاعل في الثاني وبالعكس. وهذا يبدو أنه من عدم الحفظ، واحتمال الرسم للقراءتين، واتحاد المعنى.
40
4-﴿مُجراها ومُرساها﴾قرأ ابن مسعود بفتح الميمين.5-﴿حتى يطهُرن﴾قرىء يطّهّرن بالتشديد، وهذا ناشي من عدم الحركات الإعرابية.6-﴿ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيد﴾ قرىء المجيد بالرفع والجر وهذا من الاختلاف بالتفسير وعدم حفظ القراءة.7-﴿بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا﴾ قرىء باعد على وزن الفعل الماضي وفعل الأمر.8- ﴿يعرشون﴾ قرىء بضم الراء وبكسرها.9-﴿ولكنّ الشياطين كفروا﴾ قرئت لكن بالتشديد والتخفيف ويتبع ذلك رفع الشياطين ونصبها.
10-﴿فتبيّنوا﴾قرىء فتثبتوا، وهذا نوع من الاختلاف ناشىء من عدم وجود نقط الاعجام.11- يعلمون وتعلمون في أكثر من موضع اختلف في قراءتها بالياء والتاء على الخطاب والغيبة.12-﴿لم تروها﴾قرىء لم يروها في الموضعين من التوبة.13-﴿ننشزها﴾قرىء ننشرها. وهذا كله لعدم التنقيط.14- ﴿ويقص الحق﴾قرىء ويقضي الحق وهذا مثال لتشابه الرسم والخطأ في التشخيص.
هذه نماذج يسيرة وأغلب الاختلافات من هذا القبيل.
وهناك اختلافات في زيادة كلمة ونقصانها، واستبدال حرف جر باخر وأمثال ذلك مما ينشأ من سهو الحافظ.
وهناك اختلافات ناشئة من الخلط بين التفسير والتأويل ومتن القران فيتوهم أن ما ورد على الألسنة للتفسير أنه من أصل القران.
ونحن لا ننفي بعض المحاولات العمدية للتحريف خاصة إذا عرفنا أن بعض أهل الكتاب كان يطلب منه نسخ المصحف وهو لا يؤتمن من التلاعب والزيادة والتحريف. ومن هذا القبيل ما ورد أن عبد الرحمن بن أبي ليلى كتب له نصراني من أهل الحيرة
41
مصحفاً بسبعين درهماً 14، ومنذ سنوات قليلة حاول يهود العصر في إسرائيل تحريف القران في الايات التي ترتبط بهم وباءت محاولتهم بالفشل كما فشلت كل المحاولات السابقة وبقي القران الكريم محفوظاً بعيداً عن كل ريب.وفي الختام لا بد من الإشارة إلى ما ورد عن أئمة أهل البيت عليهم السلام من الأمر بالقراءة " كما يقرأ الناس" أو " كما علمتم " والنهي عن متابعة القراءات الشاذة.
روي أنه قرأ رجل على أبي عبد اللّه عليه السلام حروفاً من القران ليس على ما يقرؤها الناس فقال أبو عبد اللّه عليه السلام " كف عن هذه القراءة إقرأ كما يقرأ الناس..." 15. وروي عنه عليه السلام أنه قال: " اقرؤوا كما علّمتم " 16.
وقد استفاد بعض فقهائنا من هذه النصوص جواز القراءة بكل قراءة مشهورة بين الناس في عصر الإمام عليه السلام . ولكننا نقول أنه لم يعلم أن المشهور والذي كان يقرؤه الناس وأمر به الإمام عليه السلام هو أكثر من قراءة واحدة. وعليه فيشكل القراءة بما خالف المصحف المتداول وهو المتواتر في الصلاة وغيرها.
42
أسئلة حول الدرس
1- ما هي الأسباب التي ذُكرت لنشوء القراءات المتعددة للقران؟
2- ما هو رأي الأئمة عليهم السلام من موضوع التعدد في القراءات؟
3- ما هو المعنى الصحيح للأحرف السبعة التي نزل القران عليها؟
4- قيل إن القراءات المتعددة للقران مروية عن النبي صلى الله عليه وآله ، كيف ترد على ذلك؟
5- ما هي القراءة التي كان عليها أئمة أهل البيت عليهم السلام والتي هي متداولة اليوم؟
6- ما هي طبيعة الاختلاف بين القراءات المتعددة للقران الكريم؟
تعليق