الفصل الأول: المساجد | ||||||||||||||||||||||||||||||
تمهيد إنّ المساجد هي مركز الثقل الاجتماعي في الإسلام، فهي مدارس الشهداء، ومنطلق المجاهدين، ومحلّ العابدين والمعتكفين, وملتقى المؤمنين, ويكفي أن نعلم أنّها مكان اللقاء بين العبد وربه حيث تكون المناجاة, ومنه نبصر بنور العلم, فتشحذ الهمم، وتستحث النفوس , فالمسجد عطاء الله لنا, وكرامة وهبنا إياها, قد خصنا بها حيث جعله مضافه الدائم لكل من أحب أن يأتيه في بيته روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله : " في التوراة مكتوب: إن بيوتي في الأرض المساجد فطوبى لعبد تطهّر في بيته ثمّ زارني في بيتي, ألا وإنّ على المزور كرامة الزائر، ألا بشّر المشّائين في الظلمات إلى المساجد بالنور الساطع يوم القيامة "1. وقد حثّ الإسلام على بناء المساجد والتردّد إليها، فهي أماكن مفتوحة لجميع المسلمين، فيها يكون اللقاء بينهم, وفي داخلها يتّصلون ببارئهم، ويتوجهون إليه بأصناف
فالمساجد هي أماكن جعلها الله للصلاة والدعاء وقراءة القرآن والوعظ والإرشاد ، والصلاة تتقدّم على غيرها من الأعمال , ولذا لو انحصر مكان الصلاة بالموضع الذي تقام فيه الأعمال الأخرى كان لا بدّ من تخلية المكان للصلاة 3. ما نهى عنه الإسلام من التصرّفات 1. دخول المسجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وآله من الجنب والحائض، ولو كان ذلك بنحو المرور. 2. المكث من الجنب والحائض في سائر المساجد، بل مطلق الدخول إليها، نعم يجوز المرور فيها بالدخول من باب والخروج من آخر.
4. التصرفات التي تتنافى مع شأن ومنزلة المسجد , كاللعب والمزاح بالصوت العالي وبالأيدي , والتحدث بالأمور غير اللائقة وغيرها من الأعمال المستهجنة4. 5. لا يجوز تنجيس المساجد، سواء في ذلك أرضها أو حيطانها أو سقفها، بل تجب المبادرة إلى تطهيرها متى تنجّست إلا إذا لم يتمكن بمفرده من المبادرة إلى تطهيره، بل إنه لو كان مشغولا بالصلاة وعلم بتنجس المسجد وجب عليه مع سعة الوقت قطع الصلاة والمبادرة إلى تطهير المسجد إذا كان التطهير يتوقف على قطع الصلاة. متفرقات من أحكام المسجد إذا تنجّس فرش المسجد فالأحوط وجوباً تطهيره. الأحوط وجوباً عدم تزيين المساجد بالذهب. لا يجوز رسم ذوات الأرواح في المساجد، كالإنسان والحيوان5 . إدخال الأعيان النجسة أو المتنجّسة إلى المساجد
لا يجوز بيع آلات المسجد كالحديد ونحوه، بل لا بدّ من الاستفادة منه في المسجد فان لم يكن ذلك ممكناً استفيد منه في مساجد أخرى، وإن كان ذلك أيضاً غير ممكن جاز بيعه وصرف ثمنه في عمارة المسجد الذي اخذ منه. الصلاة في المسجد لقد أجزل الإسلام الثواب لمن يقيم صلاته في المسجد، ولذا كان الثواب على الصلاة التي تقام في المساجد اعظم وذلك وفق الترتيب التالي 7 : أ المسجد الحرام في مكّة المكرّمة. ب مسجد النبي صلى الله عليه وآله في المدينة المنورة.
د المسجد الجامع، والمراد منه المسجد الذي لم يبنَ لقوم بعينهم، أو لأشخاص خاصين 8 . هـ مسجد القبيلة، وهو المسجد الذي بني لقوم بعينهم. و مسجد السوق، وهو الذي يبنى داخل الأسواق. - إن فضيلة الصلاة في المسجد لا تختص بالرجال 9 . حق السبق أو الأولوية المساجد يقصدها جميع الناس، ومن سبق إلى مكان في المسجد لأجل الصلاة أو سائر الأعمال التي جرت العادة على القيام بها في المسجد، كقراءة القرآن والوعظ والإرشاد لم يجز للآخرين مزاحمته أو إزعاجه 10 . الحقّ في المكان داخل المسجد يحفظ بوضع ما كان من المتعارف على أنّه يدلّ على حجز المكان، كفرش سجادة الصلاة، ولا يكفي وضع التربة أو المسواك أو المسبحة.
ولو أنّ آخر اشتغل بالصلاة في المكان المحجوز مسبقاً من قِبَل آخر فالاحتياط الوجوبي يقضي بإعادة الصلاة في مكان آخر. أموال المساجد لا يجوز استخدام أموال المسجد في غير الأمور الموضوعة لها، ولذا لا يجوز الاستفادة من المياه الموضوعة للوضوء أو لأمور المصلّين في غير ذلك. إذا كان الماء الموجود في المسجد موقوفاً لخصوص من يريد الصلاة في المسجد، فلا يجوز الوضوء منه لمن لا يريد الصلاة في ذلك المسجد، ولذا لا بد لأجل جواز الوضوء من إحراز أنّه موقوف لجميع الناس 11 . لا يجوز دخول الكفار المساجد جميعها سواء المسجد الحرام أو غيره 12 .
الآداب العامّة للمساجد 1. الخروج إلى المسجد متعطّراً لابساً أفضل ثيابه، لكي يكون لقاؤه بربّه وبإخوانه على أفضل صورة. 2. تنظيف المسجد فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وآله :" من قمم 14 مسجداً كتب الله له عتق رقبة، ومن أخرج منه ما يقذي عيناً كتب الله عز وجل له كفلين من رحمته "15 . 3. إنارة المساجد في الليل، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وآله : " من أسرج في مسجدٍ من مساجد الله سراجاً لم تزل الملائكة وحملة العرش يستغفرون له
4- اجتناب البيع والشراء في المسجد، فعن الإمام الصادقعليه السلام:" جنّبوا مساجدكم البيع والشراء ". 5- عدم رفع الأصوات في المساجد، أو الجدال فيها بالباطل، ففي وصية النبي صلى الله عليه وآله إلى أبي ذر قال له :"يا أبا ذرّ ! من أجاب داعي الله وأحسن عمارة مساجد الله كان ثوابه من الله الجنة، فقلت : كيف يعمر مساجد الله ؟ قال : لا ترفع الأصوات فيها ولا يخاض فيها بالباطل ولا يُشترى فيها ولا يُباع، واترك اللغو ما دمت فيها، فإن لم تفعل فلا تلومنّ يوم القيامة إلا نفسك" 17 . 6 - كراهة إنشاد الشعر في المساجد عن رسول الله صلى الله عليه وآله :"من سمعتموه ينشد الشعر في المسجد فقولوا : فضّ الله فاك، إنّما نُصبت المساجد للقرآن" 18 . 7 - يكره النوم في المساجد 19 .
أحكام المساجد المشرّفة المشاهد المشرّفة التي تضم قبور الأئمة المعصومين عليه السلام هي أيضاً من الأماكن التي يقصدها المسلمون للصلاة والدعاء والزيارة، وقد ورد الحثّ على زيارة هذه المشاهد، وقد جعلت أحكامها كالمسجد : فمن سبق إلى مكان في المشاهد المشرّفة فهو أولى به من غيره، كما تقدم في أحكام المسجد، كما أنّ الاختصاص بمكان فيه يتمّ كما يتمّ في المساجد. لا يجوز للجنب والحائض الدخول إلى المشاهد المشرّفة، والمراد منها ما يصدق عليها أنّها هي المشاهد المشرّفة، أي ما تحت القبّة 21 , وأما البناء المحيط أو الصحون فليس لها حكم الحرم، فلا مانع من دخولهما إليها، نعم إذا كانت هذه الأماكن موقوفة على أنها مساجد لم يجز لهما الدخول إليها. يحرم تنجيس المشاهد المشرّفة كالمساجد، ويجب المبادرة إلى تطهيرها.
يستحب للمقيمين في جوار الأماكن المقدّسة والمشاهد المشرّفة مراعاة من جاء من الأماكن الأخرى للزيارة والدعاء.
|
||||||||||||||||||||||||||||||
2- السيد الخامنئي - علي - أجوبة الاستفتاءات - دار النبأ للنشر - الطبعة الأولى –ج 1 ص 113 3- الخميني - روح الله الموسوي - تحرير الوسيلة - دار الكتب العلمية - اسماعيليان - قم - ج 2 ص 214 4- السيد الخامنئي - علي - أجوبة الاستفتاءات - دار النبأ للنشر - الطبعة الأولى –، ج 1 ص 114 5- الخميني - روح الله الموسوي - توضيح المسائل – سازمان جاب وانتشارات وزارت فرهنكي وإرشاد إسلامي، ص 125 6- الخميني - روح الله الموسوي - توضيح المسائل – سازمان جاب وانتشارات وزارت فرهنكي وإرشاد إسلامي، ص 125 7- الخميني - روح الله الموسوي - تحرير الوسيلة - دار الكتب العلمية - اسماعيليان - قم - ج 1 ص 151 بحث مكان المصلي 8- السيد الخامنئي - علي - أجوبة الاستفتاءات - دار النبأ للنشر - الطبعة الأولى – ج ص 116 9- السيد الخامنئي - علي - أجوبة الاستفتاءات - دار النبأ للنشر - الطبعة الأولى – ج 1 ص 113 10- الخميني - روح الله الموسوي - تحرير الوسيلة - دار الكتب العلمية - اسماعيليان - قم - ، ج 2 ص 215 11- الخميني - روح الله الموسوي - توضيح المسائل – سازمان جاب وانتشارات وزارت فرهنكي وإرشاد إسلامي, ص 35 12- السيد الخامنئي - علي - أجوبة الاستفتاءات - دار النبأ للنشر - الطبعة الأولى –ـ ج 1 ص 122 13- الخميني - روح الله الموسوي - توضيح المسائل – سازمان جاب وانتشارات وزارت فرهنكي وإرشاد إسلامي, ص 82 14- قمم أي أزال القمامة منه. 15- الحر العاملي - محمد بن الحسن - وسائل الشيعة - دار إحياء التراث - بيروت –، ج 3 ص 511باب 32 من أبواب أحكام المساجد ح 2 16- الحر العاملي - محمد بن الحسن - وسائل الشيعة - دار إحياء التراث - بيروت –باب 34 من أبواب أحكام المساجد ح 1 17- الحر العاملي - محمد بن الحسن - وسائل الشيعة - دار إحياء التراث - بيروت –، باب 27 من أبواب أحكام المساجد ج 3 18- الحر العاملي - محمد بن الحسن - وسائل الشيعة - دار إحياء التراث - بيروت –باب 14 من أبواب أحكام المساجد ح 1 19- السيد الخامنئي - علي - أجوبة الاستفتاءات - دار النبأ للنشر - الطبعة الأولى –، ج 1 ص 114 20- هذه الآداب مذكورة في رسالة توضيح المسائل للإمام الخميني ص 126 21- السيد الخامنئي - علي - أجوبة الاستفتاءات - دار النبأ للنشر - الطبعة الأولى –، ج 1 ص 124 22- الخميني - روح الله الموسوي - تحرير الوسيلة - دار الكتب العلمية - اسماعيليان - قم - ج 2 ص 506 يتبع |
إعـــــــلان
تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.
الاماكن والاموال العامة
تقليص
X
-
الاماكن والاموال العامة
الكلمات الدلالية (Tags): لا يوجد
- اقتباس
-
الفصل الثاني: الطرقات العامة تمهيد
تتوقّف حياة المجتمع البشريّ على مجموعة من الاحتياجات، التي تسمّى المرافق العامة، فلا بدّ من وجود شبكة من الطرقات والجسور، التي تسهّل حركة الانتقال للمواطنين، وهذه الطرقات غير مملوكة بالنحو المتعارف لأحد من الناس , ولكلّ فرد الحقّ في الاستفادة منها، وليس لأحد من الناس منع الآخرين من الاستفادة منها، أو التضييق عليهم في ذلك.
وقد حوت شريعة الإسلام على مجموعة من المقرّرات التي هي عبارة عن تكاليف ووظائف، تقع على عاتق الفرد المسلم , تنظّم عمليّة الاستفادة بنحو لا يستلزم تصادماً بين الناس , أو تعطيلاً للهدف الذي أُقيمت من أجله تلك المرافق العامّة.
حق الانتفاع : لمن وكيف ؟
لكلّ مواطن في الدولة ولكلّ فرد يعيش على هذه الأرض الحقّ في الاستفادة من هذه المرافق العامّة، من شوارع
وجسور وحدائق، وذلك ضمن الإطار الذي وضعت لأجله، فيستعمل الطريق للمرور؛ لأنه وضع لأجل ذلك، ولا يستعمله كملعب للكرة؛ لأنه خلاف الهدف الذي وضع لأجله, فالشوارع والجسور المجعولة لمرور السيارات لكلّ سيّارة حقّ المرور عليها، ولا فرق بين مواطن وآخر في ذلك، والأرصفة المجعولة للمشاة فإنّ لكل المشاة حق العبور عليها.21
تصرّفات غير مشروعة
لا يجوز لأيّ أحد أن يقوم بالتسلّط على أيّ جزء من هذه الأماكن العامة، وذلك بالبناء عليها أو حفرها أو نحو ذلك من التصرّفات المتعارفة في الأملاك الخاصّة.
كما لا يجوز لأيّ شخص أن يقوم باقتطاع جزء من الشارع - مثلاً - حتى لو قدّم جزءاً من أرض للشارع مقابل ذلك 1.
حقّ الناس فوق المصالح الشخصيّة22
لقد جُعلت هذه الأماكن العامة لتتم الاستفادة منها لكلّ الناس. والهدف منها تسهيل حياة الناس، وتوفير الراحة لهم. ولذا كانت مشروعية أي عمل في هذه الأمكنة متوقّفة على أن لا يكون في ذلك إزعاج أو تعطيل لحقّ الناس ونماذج ذلك كثيرة 2:
أ الشرفات التي تجعل في البيوت، بنحو تتقدم فيه على الشارع، لا يجوز بناؤها إذا كانت موجبة للتضييق على حق المارة، لاسيّما ما يكون منها قريباً من الأرض.
ب لا يجوز تسليط الميزاب من السطوح على الطرق العامة إذا كان ذلك موجبا لإزعاج المارة.
ج تجوز الاستفادة من الشوارع والأماكن العامّة في بعض الأمور ضمن معايير سنذكرها بعد ذلك بالتفصيل، وكل ذلك بعيداً عن أحكام البلديات التي لها تفاصيلها الخاصة،
والتي سنترك التعرض لها هنا، على أمل أن نتعرض لها في كتاب مستقل إن شاء الله تعالى, أما الموارد الجائزة:23
1ـ وضع الإعلانات التجاريّة ونحوها.
2ـ النوم في الحدائق العامّة، والجلوس فيها والصلاة.
3ـ فرش البضائع للتجارة ونحوها.
4ـ إيقاف السيارات ووسائل النقل ونحو ذلك في الأماكن المخصّصة لها دون الأماكن التي تسبب زحمة في المرور.
5ـ قيام أصحاب المحلاّت بوضع البضائع على الأرصفة وأمام محلاتهم بطريقة لا تضايق المارّة.
ولكن جواز هذا كله يتوقف على أن لا يكون في ذلك تعطيل لحق الآخرين أو إلحاق الأذية بهم فلا يجوز:
1ـ وضع الإعلانات التجاريّة التي تعيق حركة الناس في الشوارع، أو تمنع الراحة عنهم في الحدائق.
2ـ فرش البضائع واستحداث أماكن تجاريّة تكون على حساب حقّ المارّة.
3 إيقاف السيّارات بنحو تتعطل فيه حركة الناس، أو يكون ذلك مزعجاً لهم، كما يقوم بعض الناس بإيقاف سياراتهم على الأرصفة المجعولة للمشاة بنحو يعطل حركة المشاة أو يمنعهم من المرور.
البسطات وحكم البائع المتجوّل24
يعتمد بعض أصحاب التجارة المتنقّلة على الطرقات لعرض بضائعهم وبيعها، وهو أمر جائز إذا لم يكن فيه تضييق على حقّ المارة، وقد يعتاد بعضهم على ارتياد مكان خاص وبشكل يومي، ولكن هذا لا يجعل له حقّاً يمكّنه من منع الآخرين من الإقامة في ذلك المكان وافتراشه للتجارة وغيرها.
والمعيار الشرعي في ذلك أنّ من يسبق إلى وضع أمتعته هو الذي له الحق وليس للآخرين منعه، بل إنّه حتّى لو اعتاد على الجلوس لسنين متمادية فإن ذلك لا يجعل له حقاً , فعن أمير المؤمنين عليه السلام : " سوق المسلمين كمسجدهم فمن سبق إلى مكان فهو أحق به إلى الليل "3.
ـ جرت عادة بعض أصحاب البسطات على وضع خيمة تقيهم حرّ الشمس أو مطر الشتاء، وهذا لا مانع منه مع ملاحظة المعايير السابقة، نعم لا يجوز له بناء شيء ثابت؛
لأن الطريق ليس ملكا له 4.25
كيف يصبح الشارع عامّاً ؟
لكي يصير الشارع من الأمكنة العامّة لا بد من تحقّق أحد أمور :
1ـ كثرة التردّد من قبل المارة على الأرض المشاع التي هي ليست ملكاً لأحد.
2ـ أن يقوم شخص ما أو مجموعة من الأشخاص بتقديم جزء من أرضهم لتصبح شارعاً عامّاً ذا طرفين للدخول والخروج منه.
3ـ أن يقوم جماعة ببناء قرية أو مدينة ورسم طرق في داخلها 5.
متى يجوز التصرّف في الشوارع والاستيلاء عليها ؟
لو خربت منطقة ما ولم تصبح شوارعها مقصودة ولا محلاً لتردّد الناس تصبح حينئذٍ كالأمكنة العامة، فيجوز لأي إنسان التصرف فيها وإحياؤها.
نعم إذا كان الطريق قد جعل عن طريق التسبيل، أي من
قبل أشخاص معينين، فلا يصح لأيّ أحد التصرف فيها 6.26
حكم الشوارع الخاصّة
في بعض القرى توجد شوارع خاصّة، وما تمتاز به هذه الشوارع هو أنها لا تنفذ إلى شوارع أخرى بل هي عبارة عن ممر خاص ببعض البيوت وهذه الشوارع تكون ملكاً لأصحاب البيوت المحيطة، فيجوز لأصحاب هذه البيوت سدّ الطريق أو ضمّ جزء منه إلى الملك الخاص مع رضا جميع من له باب إلى هذا الطريق 7.
من آداب الطريق
يستحبّ للماشي على الطريق إذا وجد شيئاً يؤذي الناس أن يزيله ويرفعه فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال : " مرّ عيسى بن مريم بقبر يعذّب صاحبه، ثمّ مرّ به من قابل فإذا هو ليس يعذّب , فقال يا ربّ مررت بهذا القبر عام أوّل وهو يعذب ومررت به العام وهو ليس يعذّب فأوحى الله جل جلاله إليه : يا روح الله قد أدرك له ولد صالح، فأصلح طريقاً وآوى يتيما فغفرت له بما عمل ابنه "8.
اجتناب كلّ ما ينافي الحشمة كالأكل والعلك، وقد ورد في الحديث عن أبي جعفر عليه السلام قال : "الخذف 9 بالحصى ومضغ الكندر10 في المجالس وعلى ظهر الطريق من عمل قوم لوط "11.27
اجتناب الاختلاط ومراعاة الحشمة والحياء، وقد ورد في الرواية عن أبي الحسن عليه السلام : "لا ينبغي للمرأة أن تمشي وسط الطريق ولكنها تمشي إلى جانب الحائط"12.
28 1- الخميني - روح الله الموسوي – استفتاءات , فارسي – دفتر تبليغات إسلامي – الطبعة الخامسة، ج 2 ص 591هوامش
2- الخميني - روح الله الموسوي - تحرير الوسيلة - دار الكتب العلمية - اسماعيليان - قم - الوسيلة للإمام الخميني قدس سره ج2 ص 187
3-الشيخ الكليني-الكافي- دار الكتب الإسلامية ,آخوندي-الطبعة الثالثة - ج3 ص 662
4- الخميني - روح الله الموسوي - تحرير الوسيلة - دار الكتب العلمية - اسماعيليان - قم - ج2 ص 188
5- الخميني - روح الله الموسوي - تحرير الوسيلة - دار الكتب العلمية - اسماعيليان - قم - ج2 ص 188
6- الخميني - روح الله الموسوي - تحرير الوسيلة - دار الكتب العلمية - اسماعيليان - قم - ج2 ص 189
7- الخميني - روح الله الموسوي - تحرير الوسيلة - دار الكتب العلمية - اسماعيليان - قم - ج 2 ص 186
8- المجلسي-محمد باقر -بحار الأنوار- مؤسسة الوفاء ,الطبعة الثانية المصححة - ج 110 ص 107.
9- الخذف : الرمي.
10- الكُندر : صمغ شجرة شائكة.
11- الحر العاملي - محمد بن الحسن - وسائل الشيعة - دار إحياء التراث - بيروت –باب 36 من أبواب أحكام المساجد.
12- الحر العاملي - محمد بن الحسن - وسائل الشيعة - دار إحياء التراث - بيروت –، باب 97 من أبواب مقدمات النكاح الحديث رقم 3يتبع
- اقتباس
- تعليق
-
الفصل الثالث: الوقف والصدقات الوقف
الوقف هو أن يقوم الشخص بحبس العين وتسبيل 1 المنفعة، أي أنّ العين تخرج عن ملك الشخص، وتصبح ملكاً للجهة الموقوف عليها، لا يجوز لأحد بيعها وإخراجها عن الوقفيّة. وأما منافعها والفوائد المترتبة عليها فهي ملك للجهة الموقوف عليها، لهم التصرّف فيها بالنحو الذي تمّ الوقف عليها.
والوقف من المستحبّات الأكيدة، فقد ورد عن الإمام الصادق عليه السلام :”ليس يتبع الرجل بعد موته من الأجر إلا ثلاث خصال : صدقةٌ أجراها في حياته فهي تجري بعد موته، وسنّة هدى سنَّها فهي يعمل بها بعد موته، وولد صالح يدعو له”2.
أقسام الوقف31
- ينقسم الوقف إلى قسمين :
1. الــوقف الـعـام : وهو الوقف على الجهات العامة كوقف المساجد والحسينيّات والمقابر والمدارس.
2. الوقف الخاص: وهو الوقف على الجهات الخاصة كالوقف على الأولاد والذرّية 3.
من أحكام الوقف
لا يجوز تغيير الوقف، بمعنى أن الموقوف لو كان بيتاً لا يصحّ جعله محلاً تجارياً، نعم إذا كان الموقوف ليس هو البيت بل منفعة البيت كما لو قال الواقف : وقفت منفعة البيت على المجاهدين في سبيل الله، جاز تبديل البيت إذا لم تعد فيه منفعة 4
لا يجوز بيع الوقف العام، كالمساجد والحسينيات والمقابر، بحال من الأحوال، كما لا تجوز إجارته أو التصرّف فيه بغير الجهة المتعارفة 5.32
إذا كان في المسجد –كالعادة- بعض المصاحف التي هي في معرض التلف يجوز إصلاحها وتجليدها وإعادتها للمسجد، ولا حاجة إلى إذن الحاكم في ذلك.
لو أتلف الشخص مال الوقف فهو له ضامن، فتؤخذ منه قيمة التالف ويُشترى بالقيمة بدله، ولو أنّ شخصاً كان ينتفع بالوقف كالمنزل الموقوف أو المحل التجاري وجب عليه ضمان الأجرة في المدّة التي استفاد منها 6.
بيع الأوقاف الخاصّة
- الأوقاف الخاصّة يجوز بيعها في الصور التالية :
الصورة الأولى : أن يخرب الوقف بنحو لا يعود الانتفاع به ممكناً، ولا يمكن إعادته إلى حالته الأولى، فيجوز حينئذٍ بيعُه، ولكن لا بدّ من شراء بدل مثله فإن لم يمكن فالأقرب إليه 7.
الصورة الثانية : أن يصيب العين الموقوفة الخراب
ويُمكن أن ينتفع بها ولكن منفعة قليلة جداً 8.33
الصورة الثالثة : أن يشترط الواقف عند الوقف البيع في صور خاصّة , فيتبع ما اشترطه الواقف 9.
الصورة الرابعة: أن يقع بين الموقوف عليهم خلاف لا يؤمن معه تلف الأنفس والأموال 10.
الصدقة
وهي من المستحبّات التي ورد الحثُّ الشديد عليها، فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنّه قال : "إنّ الله لا اله إلا هو ليدفع بالصدقة الداء، والدبيلة 11، والحرقة، والغرق، والهدم، والجنون، وعدّ سبعين باباً من السوء"12.
من أحكام الصدقة
إذا تصدّق الإنسان الصدقة واقبضها الفقير فلا يجوز له الرجوع فيها حتى لو كانت للأجنبي، أي لغير الأرحام 13.
تجوز الصدقة المستحبّة على الهاشمي حتّى من غير الهاشمي 14.34
لمن تجوز الصدقة ؟
تجوز الصدقة على الفقير، وعلى الغني، وعلى الشيعي، وعلى غيره، بل وعلى المسيحي أو اليهودي الذي يقيم في بلاد المسلمين مسالماً لهم ملتزماً بشروط الإسلام.
لا تجوز الصدقة على الناصبي، ولا على الكافر الحربي.
33 1-التسبيل للوقف بمعنى إزالة الموانع من استعمال الوقف على الموقوف عليهم .هوامش
2-الحر العاملي - محمد بن الحسن - وسائل الشيعة - دار إحياء التراث - بيروت –الشيعة للحر العاملي ج 13 ص 292
3-الخميني - روح الله الموسوي - تحرير الوسيلة - دار الكتب العلمية - اسماعيليان - قم - ج2 ص 62
4-الخميني - روح الله الموسوي - تحرير الوسيلة - دار الكتب العلمية - اسماعيليان - قم - ج2 ص 71
5-الخميني - روح الله الموسوي - تحرير الوسيلة - دار الكتب العلمية - اسماعيليان - قم - ج2 ص 69
6-الخميني - روح الله الموسوي - تحرير الوسيلة - دار الكتب العلمية - اسماعيليان - قم - ج2 ص 70
7-الخميني - روح الله الموسوي - تحرير الوسيلة - دار الكتب العلمية - اسماعيليان - قم - ج2 ص 70
8-الخميني - روح الله الموسوي - تحرير الوسيلة - دار الكتب العلمية - اسماعيليان - قم - ج2 ص 71
9-الخميني - روح الله الموسوي - تحرير الوسيلة - دار الكتب العلمية - اسماعيليان - قم - ج2 ص 71
10-الخميني - روح الله الموسوي - تحرير الوسيلة - دار الكتب العلمية - اسماعيليان - قم - ج2 ص 71
11-الدُبَيلة : داءُ في الجوف، أو خُراج ودمّل يظهر فيه...
12-الخميني - روح الله الموسوي - تحرير الوسيلة - دار الكتب العلمية - اسماعيليان - قم - ج2 ص 90
13-الخميني - روح الله الموسوي - تحرير الوسيلة - دار الكتب العلمية - اسماعيليان - قم - ج2 ص 80
14-الخميني - روح الله الموسوي - تحرير الوسيلة - دار الكتب العلمية - اسماعيليان - قم - ج2 ص81
يتبع
- اقتباس
- تعليق
تعليق
-
الفصل الرابع: الأموال الشرعية الخمس
قال سبحانه وتعالى : ï´؟وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌï´¾1 .
الخمس ضريبة ماليّة فرضها الله تعالى في أموال الأغنياء، وجعل مال الخمس على سهمين سهم منها يسمّى سهم الإمام المعصوم، أي الحجة ابن الحسن المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف، والسهم الآخر سهم السادة، أي أنه لمن ينتسب لبني هاشم من الفقراء 2 .
فلا بدّ للإنسان إذا أراد أن يتصرّف في مال الخمس من استئذان ولي أمر المسلمين سواء في ذلك سهم الإمام أو سهم السادة 3 .39
لا يجوز التصرّف في المال الذي يجب فيه الخمس، لأن جزءاً من هذا المال، وهو مقدار الخمس، ليس ملكاً له , بل إن عليه ضمان مقدار الخمس لو تصرف فيه إلا أن يستأذن من الحاكم الشرعي أو وكيله.
ونتيجة لهذا الحكم تتولد العديد من الصور:
الوالد لا يخمّس
يعاني بعض الشباب من مشكلة تتمثّل في أنهم يعيشون مع آباء لا يلتزمون بأداء الحقوق الشرعية من الخمس والزكاة وهنا نحن أمام حالات هي :
الأولى : أن لا يتيقّن مثل هذا الشخص بوجوب الخمس في ذمّة والده وهنا يجوز له التصرف، ولا يجب عليه البحث والتحقيق في الأمر.
الثانية: أن يتيقّن بوجوب الخمس على والده، وكان بإمكانه اجتناب التصرّف في مثل هذا، دون أن يسبب ذلك أي حرج عليه فهنا يجب عليه الاجتناب.
الثالثة: أن يتيقّن بوجوب الخمس على والده، ولم يكن بإمكانه اجتناب التصرّف، بل كان ذلك حرجاً عليه، فهنا يجوز له التصرف ولكنّ عليه ضمان مقدار الخمس ممّا يصرفه من أموال.40
المعاملة مع من لا يخمّس
المعاملة مع التاجر الذي لا يؤدّي الخمس جائزة إذا لم يتيقّن وجود مال وجب فيه الخمس ولم يخمَّس، وإلا فإذا علم يقيناً بوجود مال غير مخمس لم يجز له التصرّف، إلا أن يكون في ترك التصرّف حرج عليه فيجوز التصرف مع ضمان حق الفقراء.
التبرع
لو تبرع الشخص بمال تعلّق فيه الخمس لم يصحّ التصرف بمقدار الخمس، ولذا يجب الرجوع بمقدار الخمس إلى وليّ أمر الخمس أو وكيله.
الشراء بمال غير مخمّس
إذا اشترى أرضاً أو بيتاً بمالٍ غير مخمَّس وقد وجب فيه الخمس، كان مقدار الخمس متوقّفاً على إجازة وليّ أمر الخمس، فما لم تتحقّق الإجازة لم تجز الصلاة فيه.
لا يجوز دفع الخمس إلى الفقراء الذين تجب على الشخص نفقتهم، فلا يجوز لمن عليه الخمس أن يدفع الخمس لوالديه أو أولاده أو زوجته ما دام يملك من المال ما يتمكّن به من الإنفاق عليهم 4، نعم يجوز للولد أن يعطي الخمس لوالده لينفق على زوجته إذا لم تكن أمّاً للمخمّس، وذلك بإذن الوليّ أو وكيله.41
مقتضى الاحتياط الوجوبي عدم إعطاء الفقير ما يزيد على مؤونة سنته 5.
لو وصل إلى الشخص مال الخمس ليصرفه في مصارفه، وكان هو من مصاديق المستحقين جاز له التصرف به.
الزكاة
وهي ضريبة ماليّة فرضها الله عز وجل على أصناف خاصّة من الأموال، وجعل ما يحصل منها للفقراء وقسّمها على سهام متعدّدة , والزكاة كما الخمس من العبادات، أي ممّا لا بد فيها من نية القربة لله سبحانه وتعالى.
من أحكام مال الزكاة42
لا يجوز دفع الزكاة للأفراد الذين تجب عليه نفقتهم كالزوجة والأولاد والأبوين, هذا إذا أراد أن يعطيهم المال بعنوان الفقر، وأمّا لو كان ذلك بعنوان آخر، كعنوان في سبيل الله، كما لو أراد الأب أن يقدم الزكاة لولده الذي هو من طلبة العلوم جاز ذلك 6.
لا يجوز لغير الهاشمي دفع الزكاة للهاشمي. والهاشمي هو كل من ينتسب إلى هاشم جدّ النبي ص ، فيشمل أولاد عبد المطّلب جميعاً من بني العباس وأبي طالب 7.
الأفضل دفع الزكاة إلى الفقيه في عصر الغيبة، وإن كان ذلك غير واجب، نعم لو أصدر الفقيه حكماً بالدفع إليه لوجود مصلحة للإسلام أو المسلمين في ذلك وجب ذلك 8.
لو أتلف شخص ما مال الزكاة فهو له ضامن، سواء كان المتلف هو المالك أو غيره.
يجوز نقل الزكاة من بلده إلى بلد آخر، ولكنّ مؤونة
النقل تكون على نفقة الناقل , لا من مال الزكاة، فإذا نقل المال الزكوي عبر حوالة بنكيّة فما يأخذه البنك على ذلك لا يكون من مال الزكاة، بل من مال من أمر بالحوالة 9.43
لو دفع شخص لشخص آخر الزكاة ليصرفها في مصرفها، وكان ذلك الشخص من مصارفها جاز له تملّكها 10.
من كان عليه الزكاة وقرب منه الموت وجب عليه أن يوصي بدفعها من تركته، ويجب على ورثته أو وصيّه إخراج الزكاة، لأنها تكون كسائر ديونه 11.
لو دفع الزكاة إلى شخص، بناءً على أنه يستحق الزكاة، فبان أنه غير مستحق لها , كان للدافع استرجاعها، ولو تلفت كان ضامنا للمال الزكوي.
إذا عزل الشخص مقدار الزكاة جاز له التصرف ببقيّة المال الموجود عنده، وكذلك إذا أخرج الزكاة من مال آخر عنده.
زكاة الفطرة
وهي المسماة بزكاة الأبدان، وهي التي تجب في عيد الفطر على كلّ مسلم.
من أحكام زكاة الفطرة :44
- لا يجوز لغير الهاشمي أن يدفع الزكاة للهاشمي.
- لا بدّ في هذه الزكاة من نيّة القربة.
- لا يجوز نقل زكاة الفطرة إلى بلد آخر بعد عزلها إذا وجد المستحقّ في ذلك البلد.
- يجوز للإنسان دفع الزكاة إلى المستحقّ مباشرة، ولا حاجة إلى إذن الحاكم الشرعي.
- المستحقّ لزكاة الفطرة هو المستحقّ لزكاة المال، والأفضل دفعها لفقراء المؤمنين، نعم لا تعتبر العدالة في مصرف زكاة الفطرة.
- لا يجوز دفع زكاة الفطرة إلى من يصرفها في المعصية 12.
مجهول المالك
كلّ مال يعلم أنّ له صاحباً , ولكن لا يعلم صاحبه بعينه, ولا يمكن معرفته والوصول إليه يجري عليه حكم مجهول المالك.
- حكم مجهول المالك أنّه يجب التصدّق به مع الاستئذان من الحاكم الشرعي.
وأمثلة مجهول المالك كثيرة :45
منها: الحيوان الذي يدخل دار الإنسان ولا يعلم صاحبه.
منها: لو اشترى شخص شيئاً من أحد، ثمّ علم أنّه إنّما كان بيد ذلك الشخص ظلماً وعدواناً، أي أنّه كان مالاً مغصوباً ولم يعرف صاحبه الذي غصب منه.
ومنها مال اليانصيب واللوتو.
حكم اليانصيب واللوتو
لا تجوز المعاملة باليانصيب واللوتو ونحوهما، وهما عبارة عن بطاقات تبيعها شركة أو دولة بثمن، وتحمل أرقاماً ثمّ تجرى عمليّة سحب لرقم يكون رابحاً لجائزة عن طريق القرعة أو أساليب السحب الأخرى.
كما لا يجوز للفائز بالقرعة أن يستلم الجائزة.
يقول الإمام الخامنئي حفظه الله تعالى: لا يصحّ بيع وشراء بطاقات اليانصيب , ولا يملك الفائز الجائزة , ولا يحق له استلامها 13.
قد يتصور البعض أن رابح الجائزة يدفع الخمس منها ويحل الباقي له وتنتهي المسألة عند هذا الحد , إلا أن المسألة ليست كذلك فإن مال اللوتو واليانصيب يعتبر كمال القمار، فلا يجوز أخذه أصلاً، يقول الإمام الخامنئي دام ظله في أحد الاستفتاءات : لا ماليَّة لمثل أوراق سحب اليانصيب وإنّما هي وسيلة لمن ينشرها ويبيعها لأخذ الأموال ممن يشتريها, كما أنها وسيلة لمن يشتريها للحصول على جائزتها, فهي كوسيلة للقمار, فلا يجوز بيعها ولا شراؤها , ولا تحل الجائزة التي يحصل حامل الورقة عليها 14.46
قد تقوم بعض الشركات الخيريّة بأخذ التبرّعات للقيام بأعمال إنسانيّة كرعاية الأيتام، وتحسين المناطق المحرومة، وتعطي في المقابل بطاقات تحمل أرقاماً يجري سحب أحدها بالقرعة والفوز بمبلغ مالي، تشجيعاً للأعمال الخيريّة، ففي هذه الحالة هل يجوز هذا العمل؟ وما حكم المال الذي يفوز به أحد المتبرّعين ؟
في هذه الحالة فإن العمل بأساسه مشروع ولكن الشرط الأساسي فيه أن يكون بقصد تشجيع التبرع في سبيل
الله، يقول الإمام الخامنئي دام ظله : لا بأس بنشر أوراق طلب التبرّع للأمور الخيريّة , ويجوز تشجيع المتبرّعين وتحريضهم وحثهم على التبرع بالوعد على إعطاء الجائزة لمن خرجت القرعة باسمه، بشرط أن يكون قصد المتبرعين هو المشاركة في أعمال الخير 15 .47
46 1- الأنفال :41هوامش
2- الخميني - روح الله الموسوي - تحرير الوسيلة - دار الكتب العلمية - اسماعيليان - قم - ج1 ص 334
3- السيد الخامنئي - علي - أجوبة الاستفتاءات - دار النبأ للنشر - الطبعة الأولى –ج1 ص 300 – طبعة الدار الإسلامية
4- السيد الخامنئي - علي - أجوبة الاستفتاءات - دار النبأ للنشر - الطبعة الأولى –ج1 ص 304
5- الخميني - روح الله الموسوي - تحرير الوسيلة - دار الكتب العلمية - اسماعيليان - قم - ج1 ص 335
6- الخميني - روح الله الموسوي - تحرير الوسيلة - دار الكتب العلمية - اسماعيليان - قم - ج1 ص 310
7- الخميني - روح الله الموسوي - تحرير الوسيلة - دار الكتب العلمية - اسماعيليان - قم - ج1 ص 311
8- الخميني - روح الله الموسوي - تحرير الوسيلة - دار الكتب العلمية - اسماعيليان - قم - ج1 ص 313
9- الخميني - روح الله الموسوي - تحرير الوسيلة - دار الكتب العلمية - اسماعيليان - قم - ج1 ص 314
10- الخميني - روح الله الموسوي - تحرير الوسيلة - دار الكتب العلمية - اسماعيليان - قم - ج1 ص 315
11- الخميني - روح الله الموسوي - تحرير الوسيلة - دار الكتب العلمية - اسماعيليان - قم - ج1 ص 314
12- الخميني - روح الله الموسوي - تحرير الوسيلة - دار الكتب العلمية - اسماعيليان - قم - ج1 ص 320
13- السيد الخامنئي - علي - أجوبة الاستفتاءات - دار النبأ للنشر - الطبعة الأولى – طبعة الدار الإسلامية - ج 2 ص 54
14- السيد الخامنئي - علي - أجوبة الاستفتاءات - دار النبأ للنشر - الطبعة الأولى – طبعة الدار الإسلامية - ج 2 ص 55
15- السيد الخامنئي - علي - أجوبة الاستفتاءات - دار النبأ للنشر - الطبعة الأولى – طبعة الدار الإسلامية - ج 2 ص 55
يتبع
- اقتباس
- تعليق
تعليق
-
1-السيد الخامنئي- علي- أجوبة الاستفتاءات- دار النبأ للنشر- الطبعة الأولى- طبعة الدار الإسلامية-ج2 ص 322.الفصل الخامس:أموال الدولة أموال الدولة
من الواضح أنّ الدول صغيرة كانت أم كبيرة، تتملّك العديد من المرافق والأجزاء والأراضي، فما هو الحكم الشرعي لمثل هذه الأملاك.
هل إن الدولة ولا سيّما غير الإسلامية تمتلك هذه الأراضي فعلاً؟
وهل يجوز للإنسان الساكن فيها أن يتصرّف فيها بما يحلو له من التصرّفات؟
ولو أتلف الإنسان طريقاً أو عمود إنارة مثلا فهل يجب عليه أن يعوّض ما أفسده؟
هذه الأسئلة سنجيب عليها ضمن العناوين الآتية.
هل تمتلك الدولة الأموال؟
بخلاف ما قد يتصوّره بعض الناس من أنّ الدولة لا تمتلك شيئاّ من الأراضي والطرقات، إلا أنّ الشرع يعتبر
أن مال الدولة- ولو كانت غير إسلامية- هو ملكها، ويحقّ لها التصرف في بما تراه مناسباً، لأنّه ملكها الخاص، يقول الإمام الخامنئي دام ظله "أموال الدولة، ولو كانت غير إسلامية، تعتبر شرعاً ملكا للدولة، ويتعامل معها معاملة الملك المعلوم مالكه، ويتوقف جواز التصرّف فيها على إذن المسؤول الذي بيده أمر التصرّف في هذه الأموال"1.51
الموظفون في الدولة
إذا كانت أموال الدولة ملكاً لها فلا بدّ من احترام ملكيّتها، فلا يجوز التعدّي عليه بحال من الأحوال، ولا سيّما للعاملين في أجهزة الدولة، من موظفين وعمّال وغيرهم، فلا يجوز لهم أي من التصرّفات الشخصيّة بهذا المال العام، إلاّ بإذن المسؤولين عن هذا المال، يقول الإمام الخامنئي دام ظله في أحد الاستفتاءات:" لا يجوز للمدراء والمسؤولين، ولا لسائل الموظّفين التصرفات الشخصيّة في شيء من أموال الدولة، إلا مع الإجازة القانونيّة من الجهة المختصة"2
تلف مال الدولة52
وبما أنّ مال الدولة هو مال معلوم المالك، فإن الذي يعتدي على أملاك الدولة لا بدّ وأن يكون ضامناً لهذا المال، فلو خرّب أحدهم طريقاً فعليه أن يتكفّل بإصلاحه، ولو تصرّف بشيء فأتلفه أو استهلكه فعليه أن يعوّض ذلك على الدولة، يقول الإمام الخامنئي دام ظله الوارف:" لا فرق في وجوب احترام مال الغير، وفي حرمة التصرّف فيه بغير إذنه، بين أملاك الأشخاص وبين أملاك الدولة، مسلمة كانت أو غير مسلمة، ولا بين كون المالك في بلاد الكفر أو في البلاد الإسلاميّة، ولا بين كون المالك مسلماً أو كافراً، وبشكل عام تكون الاستفادة والتصرف غير الجائز شرعاً في أموال وأملاك الغير غصباً وحراماً وموجباً للضمان"3
الضرائب والرسوم
إن الدولة تفرض على المواطن رسوماً مقابل ما تقدّمه من الخدمات، كالماء والكهرباء والهاتف، فهل يجب على المواطن أن يلتزم بما تطلبه الدولة من رسوم؟
وهل يجوز للمكلّف أن يقوم بالتحايل على شركة المياه أو
الكهرباء، بأن يستفيد من مواردهما بوسيلة غير قانونيّة؟53
إنّ الشرع المقدس لم يسمح للإنسان بأن يتهرّب من دفع هذه الرسوم للدولة مقابل ما تبذله له من تأمين المياه والكهرباء وغيرها من الخدمات،يقوم الإمام الخامنئي دام ظله:"يجب على كلّ من استفاد من الماء والكهرباء، من مشروع المياه والكهرباء الحكومي، دفع أجورها إلى الدولة وإن كانت غير إسلامية"4
كما لا يجوز للمواطن أن يستنسب المقدار الذي يدفعه للدولة، بل عليه الدفع بحسب المقرّرات الحكوميّة لا بحسب هواه وتقديره الشخصي لمقدار الخدمات المتقدمة، يقول الإمام الخامنئي دام ظله في أحد الاستفتاءات:" رسوم البلديّة والضرائب الرسميّة يجب أن تدفع وفقاً لمقرّرات الدولة"5
54 هوامش
2-السيد الخامنئي- علي- أجوبة الاستفتاءات- دار النبأ للنشر- الطبعة الأولى- طبعة الدار الإسلامية-ج2 ص 323.
3-السيد الخامنئي- علي- أجوبة الاستفتاءات- دار النبأ للنشر- الطبعة الأولى- طبعة الدار الإسلامية-ج2 ص 322/323.
4-السيد الخامنئي- علي- أجوبة الاستفتاءات- دار النبأ للنشر- الطبعة الأولى- طبعة الدار الإسلامية-ج2 ص 334.
5-السيد الخامنئي- علي- أجوبة الاستفتاءات- دار النبأ للنشر- الطبعة الأولى- طبعة الدار الإسلامية-ج2 ص 334.
- اقتباس
- تعليق
تعليق
تعليق