المسح على الأرجل أو غسلها في الوضوء | |||||||||||||||||||||
اختلف علما، الإسلام في نوع طهارة الأرجل من أعضا، الوضوء ،فذهب فقها، الجمهور ومنهم الأئمة الأربعة إلى وجوب الغسل فرضاً على التعيين، وأوجب داود بن علي، والناصر للحق من أئمة الزيدية الجمع بين الغسل والمسح1 ورب قائلٍ منهم بالتخيير بينهما2 والذي عليه الامامية تبعاً لأئمة العترة الطاهرة مسحها فرضاً معيناً3. حجة الامامية هي قوله تعالى: ï´؟وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِï´¾4. وقد كفانا الأمام الرازي بيان الوجه في الاحتجاج بهذه الآية بما صدع به مفصلاً إذ قال: حجة من قال بوجوب المسح مبني على القراءتين
الأول: ان الكسر على الجوار معدود في اللحن الذي قد يتحمل لأجل الضرورة في الشعر وكلام الله يجب تنزيهه عنه. وثانيها: أن الكسر على الجوار إنما يصار إليه حيث يحصل الأمن من الالتباس كما في قوله: جحر ضب خرب، فإن من المعلوم بالضرورة أن الخرب لا يكون نعتاً للضب بل للجحر، وفي هذه الآية الأمن من الالتباس غير حاصل. وثالثها: أن الكسر بالجوار إنما يكون بدون حرف العطف، وأما مع حرف العطف فلم تتكلم به العرب قال: وأما القراءة بالنصب فقالوا أيضاً أنها توجب المسح وذلك لأن قوله: وامسحوا برؤوسكم، فرؤوسكم في محل النصب _ بامسحوا لأنه المفعول به _ ولكنها مجرورة لفظاً بالبا، فإذا عطفت الأرجل على الرؤوس جاز في الأرجل النصب عطفاً على محل الرؤوس5 وجاز الجر عطفاً على الظاهر قال: إذا ثبت هذا فنقول ظهر أنه
هذا كلامه بلفظه10 لم يتعقبه، ولكنه قال: إن الأخبار الكثيرة وردت بإيجاب الغسل والغسل مشتمل على المسح ولا ينعكس فكان الغسل أقرب إلى الاحتياط، فوجب المصير إليه11. قال: وعلى هذا الوجه يجب القطع بأن غسل الأرجل يقوم مقام مسحها... الخ. قلت: أما أخبار الغسل فستعلم رأي أئمة أهل البيت وأوليائهم فيها قريباً إن شاء الله تعالى. وأما قوله بأن الغسل مشتمل على المسح فمغالطة واضحة بل هما حقيقتان لغة وعرفاً وشرعاً12 فالواجب إذا هو القطع بأن غسل الأرجل لا
يقوم مقام مسحها، لكن الإمام الرازي وقف بين محذورين هما مخالفة الآية المحكمة ومخالفة الأخبار الصحيحة في نظره فغالط نفسه بقوله ان الغسل مشتمل على المسح وأنه أقرب إلى الاحتياط وأنه يقوم مقام المسح ظناً منه بأنه قد جمع بهذا بين الآية والأخبار، ومن أمعن في دفاعه هذا وجده في ارتباك ولولا أن الآية واضحة الدلالة على وجوب المسح ما احتاج إلى جعل الغسل قائماً مقامه فأمعن وتأمل ملياً. وعلى هذا المنهاج جرى جماعة من جهابذة الفقه والعربية منهم الفقيه البحاثة الشيخ إبراهيم الحلبي إذ بحث الآية في الوضوء من كتابه - غنية المتملي في شرح منية المصلي على المذهب الحنفي _ فقال: قرئ في السبعة بالنصب والجر، والمشهور ان النصب بالعطف على وجوهكم والجر على الجوار. قال: والصحيح ان الأرجل معطوفة على الرؤوس في القراءتين، ونصبها على المحل، وجرها على اللفظ، قال: وذلك لامتناع العطف على وجوهكم للفصل بين العاطف والمعطوف عليه بجملة أجنبية هي (وامسحوا برؤوسكم ). قال: والأصل أن لا يفصل بينهما بمفرد فضلاً عن الجملة. قال: ولم نسمع في الفصيح ضربت زيداً ومررت ببكر وعمراً بعطف عمراً على زيداً. قال: وأما الجر على الجوار فإنما يكون على قلة في النعت كقول بعضهم: هذا جحر ضب خرب، وفي التأكيد كقول الشاعر: يـا صــاح بلــغ ذوي الزوجات كلهم أن ليـس وصـل لم ذا انحلت عري الذنـب بجر كلهم على ما حكاه القراء قال: وآما في عطف النسق فلا يكون
وممن نمج هذا المنهاج الواضح أبو الحسن الإمام محمد بن عبد الهادي المعروف بالسندي في حاشيته على سنن ابن ماجة إذ قال: (بعد ان جزم بأن ظاهر القرآن هو المسح) وإنما كان المسح هو ظاهر الكتاب لأن قراءة الجر ظاهرة فيه وحمل قراءة النصب عليها بجعل العطف على المحل أقرب من حمل قراءة الجر على قراءة النصب كما صرَّح به النحاة. قال: لشذوذ الجوار واطراد العطف على المحل. قال: وأيضاً فيه خلوص عن الفصل بالأجنبي بين المعطوف والمعطوف عليه فصار ظاهر القرآن هو المسح هذا نصه14 لكنه كغيره أوجب حمل القرآن على الأخبار الصريحة بالغسل. وتفلسف الإمام الزمخشري في كشافه حول هذه الآية إذ قال: الأرجل من بين الأعضاء المغسولة الثلاثة تغسل بصب الماء عليها فكانت مظنة للإسراف المذموم المنهي عنه فعطفت على الثالث الممسوح لا لتمسح ،ولكن لينبه على وجوب الاقتصاد في صب الماء عليها. قال: وقيل إلى الكعبين فجي، بالغاية إماطة لظن ظان يحسبها ممسوحة لأن المسح لم تضرب له غاية في الشريعة. هذه فلسفته ني عطف الأرجل على الرؤوس وني ذكر الغاية من الأرجل، وهي كما ترى ليت في شي، من استنباط الأحكام الشرعية عن
نظرة في أخبار الغسل أخبار الغسل قسمان: منها: ما هو غير دال عليه ،كحديث عبد الله بن عمرو بن العاص إذ قال - كما في الصحيحين _ تخلَّف عنا النبي |في سفر سافر ناه معه فأدركنا وقد حضرت صلاة العصر فجعلنا نمسح على أرجلنا فنادى: ويل للأعقاب من النار15 وهذا لو صح لاقتضى المسح إذ لم ينكره صلى الله عليه وآله وسلمعليهم بل أقرَّهم عليه كما ترى وإنما أنكر عليهم قذارة أعقابهم، ولا غرو فإن فيهم أعراباً حفاة جهلة بوَّالين على أعقابهم ولا سيما في السفر نتوعَّدهم بالنار لئلاَّ يدخلوا في الصلاة بتلك ألأعقاب المتنجسة. ومنها: ما هو دال على الغسل ،كحديث حمران مولى عثمان بن عفان إذ قال: رأيت عثمان وقد أفرغ على يديه من إنائه فغسلهما ثلاث مرات ثم أدخل يمينه ني الوضوء ثم تمضمض واستنشق واستنثر،
وفيها نظر من وجوه: أحدها: أنها جاءت مخالفة لكتاب الله عزَّ وجل ولما أجمعت عليه أئمة العترة الطاهرة عليهم السلام18 والكتاب والعترة ثقلا رسول الله(ص)لن يفترقا أبدا ولن تضل الأمة ما إن تمسكت بهما فليضرب بكل ما خالفهما عرض الجدار. وحسبك في انكار الغسل ووهن أخباره ما كان من حر الأمة وعيبة الكتاب والسنَّة عبد الله بن عباس إذ كان يحتج للمسح فيقول19: افترض الله غسلتين ومسحتين الا ترى أنه ذكر التيمم فجعل مكان الغسلتين مسحتين وترك المسحتين. وكان يقول20: الوضوء غسلتان ومسحتان21، ولما بلغه أن الربيع
ثانيها: أنها لو كانت حقا لا ربت على التواتر لأن الحاجة إلى معرفة طهارة الأرجل في الوضوء حاجة عامة لرجال الأمة ونسائها أحرارها ومماليكها وهي حاجة لهم ماسة في كل يوم وليلة، فلو كانت غير المسح المدلول عليه بحكم الآية لعلمه المكلفون في عهد النبوة وبعده ،ولكان مسلمّاً بينهم، ولتواترت أخباره عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في كل عصر ومصر فلا يبقى مجال لانكاره ولا للريب فيه، ولما لم يكن الأمر كذلك ظهر لنا الوهن المسقط لتلك الأخبار عن درجة الاعتبار. ثالثها: أن الأخبار في نوع طهارة القدمين متعارضة بعضها يقتضي الغسل، كحديثي حمران وابن عاصم وقد سمعتها، وبعضها يقتضي المسح ،كالحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه، وروه كل من أحمد وابن أبي شيبة وابن أبي عمر والبغوي والطبراني والماوردي كلهم من طريق كل رجاله ثقات 23 عن أبي الأسود عن عباد بن تميم عن أبيه قال: رأيت رسول الله |يتوضأ ويمسح على رجليه. |
يتبع
تعليق