الحديقة السابعة والعشرون
وفيها
* الإستعداد للوداع
* قبل فوات الأوان
* دعاء اليوم السابع والعشرين
* صلاة الليلة الثامنة والعشرين
* الإستعداد للوداع
للأمام السجاد عليه السلام، دعاءٌ في وداع شهر رمضان المبارك يفتح لنا آفاقاً رحبةً لإدراك عظمة هذا الشهر، ومن يقرأ هذا الدعاء بعد انقضاء شهر الله تعالى سيشعر حتماً بالندم لتفريطه وعدم اغتنام فرصة الشهر العظيم.وقد آثرت ان أقف عند بعض فقرات هذا الدعاء قبل انقضاء ضيافة الرحمن ليكون حافزاً على تدارك مافات والتعويض قبل ضياع الفرصة واستحكام الندم.
يقول عليه السلام:فنحن مودِّعوه - أي شهرمضان - وداع من عز فراقه علينا وغمنا وأوحشنا انصرافه عنا فنحن قآئلون السلام عليك ياشهر الله الأكبر, السلام عليك من أليفٍ آنس فسَر, وأوحش منقضياً فمضّ ( أي آلم وأوجع) السلام عليك من مجاورٍ رقت فيه القلوب وقلت فيه الذنوب, السلام عليك من ناصرٍ أعان على الشيطان وصاحبٍ سهل سبل الأحسان السلام عليك ما أكثر عتقاء الله فيك, وما أسعد من رعا حرمتك بك, السلام عليك ماكان أمحاك للذنوب وأسترك لأنواع العيوب.
لاشك أن من يقرأ هذه الفقرات أو يسمعها بعد انقضاء شهر الله تعالى سيقول ياليتني قمت في شهر الله بما يجعلني من عتقاء الله تعالى فيه.
إن أمامنا أيها الأعزاء متسعٌاً لذلك فأن يوماً واحداً من شهر الله عزّ وجل عظيم الخطر يمكن أن يتدارك فيه المسلم تقصيره طيلة حياته بل إن ساعة واحدة فيه لمن عرف حقها كافية لأن تخرجه من كل ذنوبه خاصة وأن أمامنا ليلة العيد التي لاتقل عن ليلة القدر كما روي عن الإمام السجاد عليه السلام.
لنتعامل اذاً مع هذه المدة القصيرة الباقية من شهر رمضان المبارك من منطلق انها أخر الفرصة الألهية العظيمة فهي لذك أعز أوقاتها وأغلاها، ولنتأمل في هذه الفقرات من دعاء الإمام السجاد عليه السلام، وهو الدعاء الخامس والأربعون من أدعية الصحيفة السجادية.
كي لاأكون كاذباً عندما أقول غداً: إن فراق شهر رمضان عزّ عليّ، كيف أتعامل معه الآن؟
لأقول صادقاً: عزّ فراقه علي هل تدل طريقة تفاعلي معه الآن على أنه سيهمني وسيوحشني انصرافه عني؟
هل انا مسرورٌ به الآن وأعيش الأنس به، لأخاطبه غداً السلام عليك من أليفٍ آنس فسّر؟
هل انا متعلقٌ به ليؤلمني انقضاؤه عني ويوجعني؟
هل شعرت فيه برقة القلب, كم يتيم أكرمت, كم مرة عفوت, كم كظمت غيظي, وهل قلَّت فيه ذنوبي, وهل أعانني تقييد الشياطين فيه على كثير طاعات؟
إن وجدت الإجابة على هذه الأسئلة بالأيجاب ولصالحي فلأحمد الله عزّ وجل ولأستزد،أما إذا وجدت الإجابة سلبية وليست لصالحي، فلم يفت الأوان بعد.إن امامي مجالاً رحباً يمكنني أن أتدارك فيه مافات.
يضيف عليه السلام: السلام عليك من مطلوبٍ قبل وقته ومحزونٍ عليه قبل فوته الذين يعرفون قيمة شهر رمضان المبارك ينتظرونه قبل مجيئه وعندما تؤذِن أيامه ولياليه بانقضاء ويصلون الى أواخره يحزنون عليه قبل فوته.السلام عليك ما كان أحرصنا بالأمس عليك وأشد شوقنا غداً اليك السلام عليك وعلى فضلك الذي حرمناه وعلى ماضٍ من بركاتك سلبناههل أدرك فضل شهر رمضان المبارك أم أني أدركت شيئاً من فضله في بداية الشهر ثم بتعاقب أيامه ولكثرة الألفة والإعتياد أصبحت أتعامل معها كما أتعامل مع سائر الأيام؟
السلام عليك وعلى فضلك الذي حرمناه مادمنا لم نحرم بعد فهيا بنا أيها العزيز،للأستزادة من هذا الفضل العظيم في هذا الشهر العظيم، هيا بنا الى التوبة النصوح وبذل الجهد في التقرب والجدِ في العبادة قبل أن نحرم فيشتدُ الندم فيقول كلٌ منا: ياليتني عملت في شهر الله تعالى!
وهل تنفع شيئاً ليت؟ فلنعتذر الى ربنا عزَ وجل من تقصيرينا وعدم رعاية الأدب في ضافته، وليكن لسان الحال كما أراد لنا الأمام السجاد عليه السلام أن نقول:أللهمّ فلك الحمد إقراراً بالأسائة واعترافاً بالإضاعة ولك من قلوبنا عقد الندم، ومن ألسنتنا صدق الإعتذار فأوجب لنا عذرك على ما قصرنا فيه من حقك، وأعنا على ماأنت أهله من العبادة, أللهم اسلخنا بانسلاخ هذا الشهر من خطايانا, وأخرجنا بخروجه من سيئاتنا, واجعلنا من أسعدأهله به وأوفرهم حظًاً منه.
* قبل فوات الأوان
تقدمت الإشارة وأضيف: ليضع كلٌ منا أيها الأعزاء خطبة رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم، حول شهر رمضان المبارك بين يديه ويحاول أن ينفذ كل مافيها خلال مابقي من شهر الله تعالى بمعنى أنه يعمد الى كل مفردة ٍفيها فيحاول تنفيذها ولو مرة واحدة
1- يكثر من قراءة القرآن الكريم ولو مرة واحدة.
2- يكف نفسه عن المحرمات ولو ليوم واحد ليصوم صوماً حقيقياً.
3- يصلي أول الوقت فإن أوقات الصلاة أفضل أوقات هذا الشهر المبارك.
4- يكثر من الأستغفار كأن يستغفر مثلاً ثلاث مائة مرة.
5- يطيل السجود ولومرة واحدة. ومن أفضل ما يقال في السجود، الذكر اليونسي: لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.
6- يكثر الصلاة على النبي وآله. صلى الله عليه وآله.
7- يكرم يتيماً.
8- يصل ولو واحداً من أرحامه.
9- يحسن خلقه ولو مرة واحدة, يسثار فلا يثور, ليكون بذلك مستجيباً لرسول الله صلى الله عليه وأله، ملتمساً منه الدعاء والشفاعة وهوصلى الله عليه وآله، بالمؤمنين رؤوفٌ رحيم. وقد أمرنا ربنا ان نأتيه أذا أخطأنا لنستغفر الله تعالى، و ويستغفر لنا الرسول:قال الله عزّ وجل: ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاسغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيما.
10- وما أروع أن يفتتح ذلك أو يختم بمجلس عزاء حسيني تذكر خلاله فجيعة المصطفى الحبيب بنفسه أمير المؤمنين صلى الله عليهما وآلهما، إعلاناً للثبات في خط رسول الله صلى الله عليه وآله، وإشهاداً للملائكة والوجود بالبكاء لما أبكاه، وحب من أحبهم وبلّغ عن الله تعالى وجوب حبهم.
سيدي يارسول الله هذا شهر الله قد آذن بنقضاء, وقد بلغنا عنك قولك: الشقي من حرم غفران الله في هذا الشهر العظيم. وها أنا سيدي بفِنائك أوقفتني الخصاصة ببابك وانت الكريم: يا وجيهاً عند الله أشفع لنا عند الله.
أنت الهدى والنور أنت محمد الأوصاف محمود الشمائل
حاشا يخــيب إذا أتاك مؤمــل، ويــرد ســائل
ها قـد أتيت يقفودني أملي أفهل أعـود بغير طائل
رباه عبدك قد أســـاء وإن عفـــوك خير نائـل
عملي هبــاء لست أرجوه لتحقيــق المســا ئـل
إلا الصـلاة على الحبـــيب وآله الغر الأ فـاضـل
اذا عملنا بمفردات خطبة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، حول شهر رمضان المبارك ولو مرة واحدة لكل مفردة منها ثم وقفنا بباب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، الذي أمرنا ربنا عزّ وجل أن نقف ببابه اذا اخطأنا وطلبنا منه أن يدعو الله تعالى لنا ويشفع لنا، أمكننا بعد ذلك ان نقول: إلهنا هاقد وقفنا ببابك باب رسولك المصطفى الحبيب كما أمرتنا واستغفرناك وطلبنا من المصطفى أن يستغفرك لنا، وهو الكريم الذي أمرته أن لاينهر السائل فلا بد أنه سيشفع لنا.
أللهم بحق نبيك المصطفى صلى الله عليه وأله فاغفر لنا واجعلنا من أوفر عبادك حظاً عندك في هذا الشهر المبارك.
* دعاء اليوم السابع والعشرين
أللهم ارزقني فيه فضل ليلة القدر وصيّر أموري من العسر الى اليسر واقبل معاذيري وحُطَّ عني الذنب والوزر يارؤوفاً بعباده الصالحين.
أنت الهي أوسع فضل من أن تقايسني بجهلي، فمُنَّ علي بوافر فضلك وجزيل عطاياك، فضل ليلة القدر. بدِّل عسري يسراً، واقبل ما أظنه عذراً، ولا عذر لي فأعتذر، فليشملني عفوك فأنك ترزق العاصين كما ترزق المطيعين، إلهي إن كنت لاترحم إلا المطيعين الصالحين فمن للعاصين، فاعف عن عبدك العاصي وارأف به يارؤوفاً بعباده الصالحين.
* صلاة الليلة الثامنة والعشرين
1- حصة هذه الليلة من الألف: وهي عبارة عن ثلاثين ركعة: ثمان منها بعد صلاة المغرب واثنتان وعشرون بعد العشاء، بالترتيب المذكور.
2- عن رسول الله صلى الله عليه وآله:ومن صلى ليلة ثمان وعشرين من شهر رمضان ست ركعات بفاتحة الكتاب وعشر مرات آية الكرسي وعشر مرات: إنا أعطيناك الكوثر، وعشر مرات: قل هو الله أحد، وصلى على النبي صلى الله عليه وآله، غفر الله له.
3- قال الكفعمي: "ويستحب أن يصلي في كل ليلة من شهر رمضان ركعتين بالحمد".." والتوحيد ثلاثا، فإذا سلَّم قال: سبحان من هو حفيظ لايغفل، سبحان من هو رحيم لايعجل، سبحان من هو قائم لايسهو، سبحان من هو دائم لايلهو. ثم يقول التسبيحات الأربع سبعاً، ثم يقول: سبحانك سبحانك ياعظيم. إغفر لي الذنب العظيم. ثم تصلي على النبي عشراً. من صلاها غفر الله له سبعين ألف ذنب. ".
أسأل الله عزّ وجل أن يوفقنا لمراضيه بالنبي المصطفى وآله صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين.
والحمد لله رب العالمين 1.
مناهل الرجاء
تعليق