:: الصَدَقَةُ وأثرُها الكبير في دَفعِ البلاءِ والفَقرِ وتحقيق التكافل الاجتماعي والاقتصادي في نَظَرِ أميرِ المُؤمنين عليّ ، صلواتُ اللهِ وسلامُه عليه ، حيث قال :
( إِذَا أَمْلَقْتُمْ فَتَاجِرُوا اللَّه بِالصَّدَقَةِ )
: نهجُ البلاغةِ ، ت ، د ، صبحي الصالح ، ص 513 :
:1:- لا يَخفى عليكُم أنَّنا في هذه الدنيا نَمرُّ بمجموعةٍ من الابتلاءات ، وهي قد تُعيقنا وتَشغلنا عن ذكرِ اللهِ تعالى ، وتؤثّر على انطباعاتنا وحواسنا ومشاعرنا لدرجة يَصعب علينا الانفكاكُ منها .
:2:- من هذه الابتلاءات هي مسألة الحاجة والعُسر المادي ، ومعلومٌ أنَّ دوام الحال مِن المُحال ، وهذه الدنيا هي دار تحوّل وتبدّل من اليسر إلى العُسر ومن العُسرّ إلى اليسرِ – وفي ذلك نوع من أنواع التربيّة والتأدّب يؤدّبنا اللهُ سبحانه ويُربينا فيها وفق مُقتضيات مصالح يعلمها هو تعودُ للعبد نفسه.
:3:- إنَّ اللهَ تعالى يَبتلينا ليرانا كيف نصنع ، وهو العالم بخفيّات الأمور ، ولكن ابتلائه لنا هو نوع من أنواع التربية والاختبار والاستعداد لمواجهة المشاكل وعلاجها .
:4:- والإملاق - هو الفقر الشديد ، والذي يواجهه الإنسانُ في ظرف ما من حاجةٍ إلى ما يتقوّت به أو ما يُقوّم به معاشه – والإملاقُ حالةٌ ذكرها القرآنُ الكريم وحّذر منها ((وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ (151))) الأنعام .
:5:- وفي مقابل الإملاق تكون وظيفة الإنسان السعي في تحصيل الرزق بحسب الكفاية والإمكان ((فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (15)))الملك. – والساعي إلى رزقه كالمُتشحّط بدمه في سبيل الله – ولا بُدّ من العمل والكدّ ، ونعم قد لا يحصل الرزق أو يتعسّر ، وفهنا يأتي مورد العلاج والحلّ بالتصدّق بالميسور بقصد دفع الفقر نفسه أو التجارة مع اللهِ تعالى والاسترباح الحقيقي الدائم.
:6:- إنَّ أمير المؤمنين علي ، عليه السلام ، يضعُ الصَدَقَةَ علاجاً للفقر وطريقاً للتجارة الحقيقية والرابحة وغير الخاسرة أبداً مع الله تعالى ، وهو مفهوم قيّم جدّاً بيّنه القرآنُ الكريمُ ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (11) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12))) الصف.
:7:- فبحسب مقولة أمير المؤمنين والآية الشريفة يظهرُ أنَّ موارد التجارة الحقيقيّة مع اللهِ سبحانه تكمنُ في ترسيخ الاعتقادات الحقّة في نفس الإنسانِ من الإيمان بالله ورسوله والجهاد ..... والتي هي بدورها تُخفّفُ مِن وطأة البلاء وتزيد من القدرة على تحمّله وتجاوزه.
:8:- ولقد أثبتت التجربةُ أنَّ كثيراً من المشاكل الاجتماعيّة والاقتصاديّة والنفسيّة تُحلّ بالصدقة بالمال اليسير أو بالكلمة الطيبة أو بالتكافل ومُساعدة المُحتاجين والمساكين ، وخصوصاً صدقة السرّ فهي تُطفِئ غضب الربّ ، وتزيد من الرزق ، وقد حثّ الشرع الحكيم على التصدّق في موارد عدّة خاصةً وعامّة – فضلاً عمّا نلاحظه حتّى عند الدولة غير المُلتزمة بدين ، فهي تدعم التكافل الاجتماعي وتُساعد المعوزّين اقتصاديّا وماليّاً .
:9:- من غير الصحيح التأثّر بثقافات الأمم الأخرى على حسابِ قدرة مفاهيمنا وثقافتنا في حلّ مشاكلنا الاقتصادية والاجتماعيّة والكسل عن النهوض بتطبيقها في الواقع .
:10 :- إنَّ اللهَ تعالى يُريد لنا الخيرَ والهدايةَ وسِعةَ الرزق ، ولكن هذا يرتبط بمدى السعي والطلبِ وقبول الوعظ والنصيحة ، كما هو الحال عند بعض الشباب والذي يرفض كلّ شيءِ مُغترّاً بقوّته ، دون أن يخوضَ غمارَ الحياة ويَقبلَ النصيحةَ –
لأنَّ مَن لا يأخذ الدواءَ لا يتحسّن وضعه ولو كان الطبيبُ عند رأسه .
___________________________________________
همُّ مَضَامِين خطبةِ الجُمعَةِ الأولى ،والتي ألقاهَا سماحة السيّد أحمَد الصافي ، دام عِزّه, الوكيل الشرعي للمَرجعيّةِ الدّينيّةِ العُليا الشَريفةِ في الحَرَمِ الحُسَيني المُقدّس ,اليوم ، العاشر من شوال1440 هجري , الرابع عشَر من حزيران 2019 م . ______________________________________________
تدوين – مُرْتَضَى عَلِي الحِلّي – النَجَفُ الأشْرَفُ .
( إِذَا أَمْلَقْتُمْ فَتَاجِرُوا اللَّه بِالصَّدَقَةِ )
: نهجُ البلاغةِ ، ت ، د ، صبحي الصالح ، ص 513 :
:1:- لا يَخفى عليكُم أنَّنا في هذه الدنيا نَمرُّ بمجموعةٍ من الابتلاءات ، وهي قد تُعيقنا وتَشغلنا عن ذكرِ اللهِ تعالى ، وتؤثّر على انطباعاتنا وحواسنا ومشاعرنا لدرجة يَصعب علينا الانفكاكُ منها .
:2:- من هذه الابتلاءات هي مسألة الحاجة والعُسر المادي ، ومعلومٌ أنَّ دوام الحال مِن المُحال ، وهذه الدنيا هي دار تحوّل وتبدّل من اليسر إلى العُسر ومن العُسرّ إلى اليسرِ – وفي ذلك نوع من أنواع التربيّة والتأدّب يؤدّبنا اللهُ سبحانه ويُربينا فيها وفق مُقتضيات مصالح يعلمها هو تعودُ للعبد نفسه.
:3:- إنَّ اللهَ تعالى يَبتلينا ليرانا كيف نصنع ، وهو العالم بخفيّات الأمور ، ولكن ابتلائه لنا هو نوع من أنواع التربية والاختبار والاستعداد لمواجهة المشاكل وعلاجها .
:4:- والإملاق - هو الفقر الشديد ، والذي يواجهه الإنسانُ في ظرف ما من حاجةٍ إلى ما يتقوّت به أو ما يُقوّم به معاشه – والإملاقُ حالةٌ ذكرها القرآنُ الكريم وحّذر منها ((وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ (151))) الأنعام .
:5:- وفي مقابل الإملاق تكون وظيفة الإنسان السعي في تحصيل الرزق بحسب الكفاية والإمكان ((فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (15)))الملك. – والساعي إلى رزقه كالمُتشحّط بدمه في سبيل الله – ولا بُدّ من العمل والكدّ ، ونعم قد لا يحصل الرزق أو يتعسّر ، وفهنا يأتي مورد العلاج والحلّ بالتصدّق بالميسور بقصد دفع الفقر نفسه أو التجارة مع اللهِ تعالى والاسترباح الحقيقي الدائم.
:6:- إنَّ أمير المؤمنين علي ، عليه السلام ، يضعُ الصَدَقَةَ علاجاً للفقر وطريقاً للتجارة الحقيقية والرابحة وغير الخاسرة أبداً مع الله تعالى ، وهو مفهوم قيّم جدّاً بيّنه القرآنُ الكريمُ ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (11) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12))) الصف.
:7:- فبحسب مقولة أمير المؤمنين والآية الشريفة يظهرُ أنَّ موارد التجارة الحقيقيّة مع اللهِ سبحانه تكمنُ في ترسيخ الاعتقادات الحقّة في نفس الإنسانِ من الإيمان بالله ورسوله والجهاد ..... والتي هي بدورها تُخفّفُ مِن وطأة البلاء وتزيد من القدرة على تحمّله وتجاوزه.
:8:- ولقد أثبتت التجربةُ أنَّ كثيراً من المشاكل الاجتماعيّة والاقتصاديّة والنفسيّة تُحلّ بالصدقة بالمال اليسير أو بالكلمة الطيبة أو بالتكافل ومُساعدة المُحتاجين والمساكين ، وخصوصاً صدقة السرّ فهي تُطفِئ غضب الربّ ، وتزيد من الرزق ، وقد حثّ الشرع الحكيم على التصدّق في موارد عدّة خاصةً وعامّة – فضلاً عمّا نلاحظه حتّى عند الدولة غير المُلتزمة بدين ، فهي تدعم التكافل الاجتماعي وتُساعد المعوزّين اقتصاديّا وماليّاً .
:9:- من غير الصحيح التأثّر بثقافات الأمم الأخرى على حسابِ قدرة مفاهيمنا وثقافتنا في حلّ مشاكلنا الاقتصادية والاجتماعيّة والكسل عن النهوض بتطبيقها في الواقع .
:10 :- إنَّ اللهَ تعالى يُريد لنا الخيرَ والهدايةَ وسِعةَ الرزق ، ولكن هذا يرتبط بمدى السعي والطلبِ وقبول الوعظ والنصيحة ، كما هو الحال عند بعض الشباب والذي يرفض كلّ شيءِ مُغترّاً بقوّته ، دون أن يخوضَ غمارَ الحياة ويَقبلَ النصيحةَ –
لأنَّ مَن لا يأخذ الدواءَ لا يتحسّن وضعه ولو كان الطبيبُ عند رأسه .
___________________________________________
همُّ مَضَامِين خطبةِ الجُمعَةِ الأولى ،والتي ألقاهَا سماحة السيّد أحمَد الصافي ، دام عِزّه, الوكيل الشرعي للمَرجعيّةِ الدّينيّةِ العُليا الشَريفةِ في الحَرَمِ الحُسَيني المُقدّس ,اليوم ، العاشر من شوال1440 هجري , الرابع عشَر من حزيران 2019 م . ______________________________________________
تدوين – مُرْتَضَى عَلِي الحِلّي – النَجَفُ الأشْرَفُ .
تعليق