بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد واله الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الجمال ?ون الشيء على صفة معجبة ملذّة. واذا ?ان المتبادر من لفظه في لغة هو الجمال المبصر فحقيقة معناه تعمّ غيره من المحسوسات والمتخيّلات، بل تشمل المعاني ايضاً. فان الذي يدر? الشاعر من لطيف المعاني في الاشعار المشتملة علی الاستعارات وال?نايات ليس الاّ الجمال؛ وان الذي يعجب الح?يم من تناسق ال?ون وحسن انتظامه، بل يراه صفة ذاتية للوجود، ليس الاّ الجمال؛ وان الذي يروع العارف عند شهوده لمل?وت السماوات والارض ليس الاّ الجمال.
فالجمال صوريّ ومعنويّ، والمدرك للجمال المعنوي هو الوهم في المعاني الجزئية، والعقل في ما فوقها.
ونستنتج من وجدان الجمال في ا?ثر من مقولة، ?ونه من سنخ الوجود دون المهية. وهذا ?العلم والوحدة.
والنفس في ?ل مرتبة تنجذب الى الجمال الموجود في تلك المرتبة من الوجود. وليس بحيث اذا تجرّدت عن المادّة ولوازمها حُرمت من الجمال والالتذاذ به، بل تزداد اعجاباً والتذاذاً بالجمال العقليّ، ونعني به ما يوجد في ما وراء الحسيّات والمعاني الجزئية.
اذا ?ان المتعارف من الجمال هو الذي يُدرَك من تناسب اجزاء الشيء المر?ّب فلا تختصّ حقيقته بالمر?بات، بل تشمل البسائط أيضاً.
أترى ان انجذاب الطفل الى الوردة الحمراء وشعلة الشمعة ي?ون لشيء غير جمالهما؟ أليس ذلك الاّ لما يعجبه من اللون الاحمر؟ وهل تحتمل ان جمال الحمرة في نظره انّما هو بلحاظ الاجزاء وتناسبها؟ وان الحمرة عرض بسيط.
بل نقول في جمال المر?ّبات المتناسبة الاجزاء: إنّ الجمال ي?ون صفة للهيئة الحاصلة من الاجزاء المتناسبة، ونفس الهيئة امر بسيط.
وقد تتعدّد جهات الجمال من حيث الاجزاء بانفسها ومن حيث الهيئة التر?يبية.
ان النفس لا تتم?ن من ادراك الجمال الموجود في المرتبة العالية ما دامت منغمرة في المرتبة السافلة. فادرا?ها للجمال العالي دليل على وصولها الى تلك المرتبة، وه?ذا في الجمال الأعلى.
ألا ترى ان النفوس المنهم?ة في الشهوات البهيمية قلّما تلتذّون من المعاني اللطيفة؟ وبالع?س من ذلك فان النفوس اللطيفة الشاعرة بالجمال المعنوي لا يهتمّون ?ثيراً باللذّات البهيمية.
قد عرفنا ان الجمال في الحقيقة صفة للوجود، ل?ن لا ينافي ذلك اتصاف المهيّات به. وان المهيات هي الاعرف عند الانسان من الوجود، بل لا يعرف من حقيقة الوجود شيئاً الا بقدر معرفته بنفسه. وهي في الغالب ليس الاّ شعاعٌ ضعيفٌ ي?اد ينطفي. ولذلك ما يقع من اشتباه النفس بالبدن لأ?ثر الناس.
فالذي يعرفه ?ل انسان من الجمال انما هو معنی يحصّله من مقايسة بعض الاشياء ببعض، فما يعجبه منها يعدّه جميلاً. ونفي الجمال عمّا يتنفّر منه انّما هو بحسب ادرا?ه وبالنسبة الى نفسه، ولا ينافي ذلك ?ونه جميلاً عند موجود آخر، ?ما انه لا ينافي ?ونه جميلاً بحسب وجوده مع صرف النظر عن مقايسته الى موجود آخر.
الوجود مطلوب ل?لّ موجود، ومن ذلك ان ?ل انسان بل ?ل موجود شاعر فانه يحبّ نفسه، ويحبّ مقوّمات وجوده وم?مّلاته. ولو حصل له مشاهدة ذاته لرآها تفيض بالجمال، وهذا بحسب وجوده مع صرف النظر عن مقايسته الى وجود آخر، وه?ذا الحال في شهود ?ل وجود.
فاذا افاض الله على عبد بمعرفة شهودية وعلم حضوري بمراتب الوجود العالية لأدهشه جمالها ولقضی عجباً وخرّ صعقاً. فعرف ان الوجود في ذاته جميل، وعرف مغزی قوله تعالى ﴿ الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ... ﴾ 1.
فالوجود بوصف انه مطلوب ل?ل موجود وأنّ ?ل موجود يحبّه ويلتذّ به فهو جميل ?ما انه خير. و?لّما ?ان مرتبة الوجود أشدّ ?ان أجمل، والعالم بمجموعه جميل، وانما القبح والشرّ يأتي من المقايسة والنسبة.
انجذاب النفس الى الجميل انما هو لمصلحة لها فيه وانتفاعها به فغايته استيفاء ما في الجميل من المصلحة والمنفعة. فانظر الى ما في الاشياء الجميلة من المنافع العظيمة للانسان، ولولا جمال منظرها لما انعطف قلبه اليها وما استفاد منها. فجمال المناظر الطبيعية هو الذي يجرّ الانسان الى معالجتها والتف?ّر فيها، وجمال الطفل هو الذي يأخذ بقلب الأُمّ ويبعثها الى تربيته. وه?ذا لا يخفی الدور الذي يوفيه الجمال في الزواج و سائر شؤون الحياة الاجتماعية.
قال تعالى: ﴿ إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ ﴾ 2. وقال: ﴿ وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ ﴾ 3 وقال: ﴿ ... خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ... ﴾ 4. وقال عزّ اسمه: ﴿ ... وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ﴾ 5.
ومن المعروف حبّ النبي(صلی الله عليه و آله) للطيب والزينة6، وروي انه ?ان اذا أبرد بريداً اختار حسن الوجه7. وقد ثبت ان من مرجّحات امام الجماعة صباحة الوجه. وروي «أُطْلُبُوا الْخَيْراتِ عِنْدَ حِسانِ الوُجُوه»8 ?ما روي أنه «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآن»9. و روي «إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ»10.
فللانسان الالتذاذ بالجمال في مختلف مراتبه ومظاهره والانتفاع بمنافعه في شتّى شؤون الحياة مادام لا يعارض مصلحة اقوى، ولا يمنعه من الترقي الى مرتبة أعلى. وقد تكفلّت الشريعة الغرّاء ببيان موارده ورسم حدوده.
والانجذاب الى الجمال قد يعين على التخلّص من المرتبة النازلة الى الراقية، وذلك مثل الانجذاب الى لطائف الصور والمعاني لمن لم يتخلّص بعد من مرتبة البهيميّة، وه?ذا في ?لّ جمال ي?ون اعلى شأنا بالنسبة الى الحال الفعليّ للانسان. ومن البديهي ان ذلك يختلف بحسب اختلاف الاشخاص والاحوال، فالانجذاب الى جمال خاص ي?ون معيناً على الترقي لانسان وهو في نفس الوقت ي?ون موجباً لتنزّل انسان آخر.
وهناك نحو انجذاب آخر للنفس الى الجميل، يستغرق لبّه ويُنسيه ?ل شيء سواه، ولا يصلح استيفاء المنافع غايةً لهذا الانجذاب التامّ، بل يبطل عنده ما يترتّب على المراتب النازلة من المصالح المشار اليها. ولذا اعتبره ?ثير من اهل النظر زيغاً وانحرافاً عن مجری الفطرة، ومرضاً وجنوناً.
والذي نراه ان في فطرة الانسان مبنى لهذا الحبّ، والزيغ والانحراف ان ?ان فانما هو في تعيين المتعلَّق لا من حيث اصل التعلّق.
ولتبيين هذا نقول: ان من الشعورات الفطرية في الانسان الشعور بالخضوع تجاه ال?مال الذي لا يطمع في الحاقه بنفسه وقيامه به بعينه. وحينئذ يحبّ هذا ال?امل ويتلذّذ باظهار الخضوع له، وغاية مطلوبه منه ان يتّحد به ويندكّ فيه. ومن مظاهره حبّ التقرّب اليه والالتصاق به. و ألذّ الأشياء عند هذا المحبّ ان يری وجوده فانياً في محبوبه قائماً به، و من مظاهره اتباع ارادته له و التشبّه به في صفاته وشؤونه.
وهذه المرتبة من الحبّ انّما تطلب ممن يم?ن قيام ذات الانسان به وتعلّق روحه وشراشر وجوده عليه، وهو ليس الاّ من هو في سلسلة علله المفيضة للوجود عليه. وحيث ان وجود ?ل شيء وجماله مستفيض من غيره سوی الحق تعالى فان المطلوب اوّلاً وبالذات هو هو.
المصادر
1.القران الكريم: سورة السجدة (32)، الآية: 7، الصفحة: 415.
2.القران الكريم: سورة الصافات (37)، الآية: 6، الصفحة: 446.
3.القران الكريم: سورة النحل (16)، الآية: 6، الصفحة: 267.
4.القران الكريم: سورة الأعراف (7)، الآية: 31، الصفحة: 154.
5.القران الكريم: سورة المزمل (73)، الآية: 4، الصفحة: 574.
6. راجع: الكافي، ج ٥، ص 321؛ «مَا أُحِبُّ مِنْ دُنْيَاكُمْ إِلَّا النِّسَاءَ وَ الطِّيب»
7. راجع: مجموعةورام، ج 1، ص 29، باب الرسوم في معاشرة الناس؛ «قال النبي(ص) إذا أبردتم إلي بريدا فاجعلوه حسن الوجه حسن الاسم»
8. الاختصاص، ص 233.
9. مستدركالوسائل، ج ٤، ص 273، بَابُ تَحْرِيمِ الْغِنَاءِ فِي الْقُرْآنِ وَ اسْتِحْبَابِ تَحْسِينِ الصَّوْتِ بِهِ بِمَا دُونَ الْغِنَاءِ وَ التَّوَسُّطِ فِي رَفْعِ الصَّوْتِ
10. الكافي، ج ٦، ص ٤38، بَابُ التَّجَمُّلِ وَ إِظْهَارِ النِّعْمَةِ.
اللهم صلِ على محمد واله الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الجمال ?ون الشيء على صفة معجبة ملذّة. واذا ?ان المتبادر من لفظه في لغة هو الجمال المبصر فحقيقة معناه تعمّ غيره من المحسوسات والمتخيّلات، بل تشمل المعاني ايضاً. فان الذي يدر? الشاعر من لطيف المعاني في الاشعار المشتملة علی الاستعارات وال?نايات ليس الاّ الجمال؛ وان الذي يعجب الح?يم من تناسق ال?ون وحسن انتظامه، بل يراه صفة ذاتية للوجود، ليس الاّ الجمال؛ وان الذي يروع العارف عند شهوده لمل?وت السماوات والارض ليس الاّ الجمال.
فالجمال صوريّ ومعنويّ، والمدرك للجمال المعنوي هو الوهم في المعاني الجزئية، والعقل في ما فوقها.
ونستنتج من وجدان الجمال في ا?ثر من مقولة، ?ونه من سنخ الوجود دون المهية. وهذا ?العلم والوحدة.
والنفس في ?ل مرتبة تنجذب الى الجمال الموجود في تلك المرتبة من الوجود. وليس بحيث اذا تجرّدت عن المادّة ولوازمها حُرمت من الجمال والالتذاذ به، بل تزداد اعجاباً والتذاذاً بالجمال العقليّ، ونعني به ما يوجد في ما وراء الحسيّات والمعاني الجزئية.
اذا ?ان المتعارف من الجمال هو الذي يُدرَك من تناسب اجزاء الشيء المر?ّب فلا تختصّ حقيقته بالمر?بات، بل تشمل البسائط أيضاً.
أترى ان انجذاب الطفل الى الوردة الحمراء وشعلة الشمعة ي?ون لشيء غير جمالهما؟ أليس ذلك الاّ لما يعجبه من اللون الاحمر؟ وهل تحتمل ان جمال الحمرة في نظره انّما هو بلحاظ الاجزاء وتناسبها؟ وان الحمرة عرض بسيط.
بل نقول في جمال المر?ّبات المتناسبة الاجزاء: إنّ الجمال ي?ون صفة للهيئة الحاصلة من الاجزاء المتناسبة، ونفس الهيئة امر بسيط.
وقد تتعدّد جهات الجمال من حيث الاجزاء بانفسها ومن حيث الهيئة التر?يبية.
ان النفس لا تتم?ن من ادراك الجمال الموجود في المرتبة العالية ما دامت منغمرة في المرتبة السافلة. فادرا?ها للجمال العالي دليل على وصولها الى تلك المرتبة، وه?ذا في الجمال الأعلى.
ألا ترى ان النفوس المنهم?ة في الشهوات البهيمية قلّما تلتذّون من المعاني اللطيفة؟ وبالع?س من ذلك فان النفوس اللطيفة الشاعرة بالجمال المعنوي لا يهتمّون ?ثيراً باللذّات البهيمية.
قد عرفنا ان الجمال في الحقيقة صفة للوجود، ل?ن لا ينافي ذلك اتصاف المهيّات به. وان المهيات هي الاعرف عند الانسان من الوجود، بل لا يعرف من حقيقة الوجود شيئاً الا بقدر معرفته بنفسه. وهي في الغالب ليس الاّ شعاعٌ ضعيفٌ ي?اد ينطفي. ولذلك ما يقع من اشتباه النفس بالبدن لأ?ثر الناس.
فالذي يعرفه ?ل انسان من الجمال انما هو معنی يحصّله من مقايسة بعض الاشياء ببعض، فما يعجبه منها يعدّه جميلاً. ونفي الجمال عمّا يتنفّر منه انّما هو بحسب ادرا?ه وبالنسبة الى نفسه، ولا ينافي ذلك ?ونه جميلاً عند موجود آخر، ?ما انه لا ينافي ?ونه جميلاً بحسب وجوده مع صرف النظر عن مقايسته الى موجود آخر.
الوجود مطلوب ل?لّ موجود، ومن ذلك ان ?ل انسان بل ?ل موجود شاعر فانه يحبّ نفسه، ويحبّ مقوّمات وجوده وم?مّلاته. ولو حصل له مشاهدة ذاته لرآها تفيض بالجمال، وهذا بحسب وجوده مع صرف النظر عن مقايسته الى وجود آخر، وه?ذا الحال في شهود ?ل وجود.
فاذا افاض الله على عبد بمعرفة شهودية وعلم حضوري بمراتب الوجود العالية لأدهشه جمالها ولقضی عجباً وخرّ صعقاً. فعرف ان الوجود في ذاته جميل، وعرف مغزی قوله تعالى ﴿ الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ... ﴾ 1.
فالوجود بوصف انه مطلوب ل?ل موجود وأنّ ?ل موجود يحبّه ويلتذّ به فهو جميل ?ما انه خير. و?لّما ?ان مرتبة الوجود أشدّ ?ان أجمل، والعالم بمجموعه جميل، وانما القبح والشرّ يأتي من المقايسة والنسبة.
انجذاب النفس الى الجميل انما هو لمصلحة لها فيه وانتفاعها به فغايته استيفاء ما في الجميل من المصلحة والمنفعة. فانظر الى ما في الاشياء الجميلة من المنافع العظيمة للانسان، ولولا جمال منظرها لما انعطف قلبه اليها وما استفاد منها. فجمال المناظر الطبيعية هو الذي يجرّ الانسان الى معالجتها والتف?ّر فيها، وجمال الطفل هو الذي يأخذ بقلب الأُمّ ويبعثها الى تربيته. وه?ذا لا يخفی الدور الذي يوفيه الجمال في الزواج و سائر شؤون الحياة الاجتماعية.
قال تعالى: ﴿ إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ ﴾ 2. وقال: ﴿ وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ ﴾ 3 وقال: ﴿ ... خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ... ﴾ 4. وقال عزّ اسمه: ﴿ ... وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ﴾ 5.
ومن المعروف حبّ النبي(صلی الله عليه و آله) للطيب والزينة6، وروي انه ?ان اذا أبرد بريداً اختار حسن الوجه7. وقد ثبت ان من مرجّحات امام الجماعة صباحة الوجه. وروي «أُطْلُبُوا الْخَيْراتِ عِنْدَ حِسانِ الوُجُوه»8 ?ما روي أنه «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآن»9. و روي «إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ»10.
فللانسان الالتذاذ بالجمال في مختلف مراتبه ومظاهره والانتفاع بمنافعه في شتّى شؤون الحياة مادام لا يعارض مصلحة اقوى، ولا يمنعه من الترقي الى مرتبة أعلى. وقد تكفلّت الشريعة الغرّاء ببيان موارده ورسم حدوده.
والانجذاب الى الجمال قد يعين على التخلّص من المرتبة النازلة الى الراقية، وذلك مثل الانجذاب الى لطائف الصور والمعاني لمن لم يتخلّص بعد من مرتبة البهيميّة، وه?ذا في ?لّ جمال ي?ون اعلى شأنا بالنسبة الى الحال الفعليّ للانسان. ومن البديهي ان ذلك يختلف بحسب اختلاف الاشخاص والاحوال، فالانجذاب الى جمال خاص ي?ون معيناً على الترقي لانسان وهو في نفس الوقت ي?ون موجباً لتنزّل انسان آخر.
وهناك نحو انجذاب آخر للنفس الى الجميل، يستغرق لبّه ويُنسيه ?ل شيء سواه، ولا يصلح استيفاء المنافع غايةً لهذا الانجذاب التامّ، بل يبطل عنده ما يترتّب على المراتب النازلة من المصالح المشار اليها. ولذا اعتبره ?ثير من اهل النظر زيغاً وانحرافاً عن مجری الفطرة، ومرضاً وجنوناً.
والذي نراه ان في فطرة الانسان مبنى لهذا الحبّ، والزيغ والانحراف ان ?ان فانما هو في تعيين المتعلَّق لا من حيث اصل التعلّق.
ولتبيين هذا نقول: ان من الشعورات الفطرية في الانسان الشعور بالخضوع تجاه ال?مال الذي لا يطمع في الحاقه بنفسه وقيامه به بعينه. وحينئذ يحبّ هذا ال?امل ويتلذّذ باظهار الخضوع له، وغاية مطلوبه منه ان يتّحد به ويندكّ فيه. ومن مظاهره حبّ التقرّب اليه والالتصاق به. و ألذّ الأشياء عند هذا المحبّ ان يری وجوده فانياً في محبوبه قائماً به، و من مظاهره اتباع ارادته له و التشبّه به في صفاته وشؤونه.
وهذه المرتبة من الحبّ انّما تطلب ممن يم?ن قيام ذات الانسان به وتعلّق روحه وشراشر وجوده عليه، وهو ليس الاّ من هو في سلسلة علله المفيضة للوجود عليه. وحيث ان وجود ?ل شيء وجماله مستفيض من غيره سوی الحق تعالى فان المطلوب اوّلاً وبالذات هو هو.
المصادر
1.القران الكريم: سورة السجدة (32)، الآية: 7، الصفحة: 415.
2.القران الكريم: سورة الصافات (37)، الآية: 6، الصفحة: 446.
3.القران الكريم: سورة النحل (16)، الآية: 6، الصفحة: 267.
4.القران الكريم: سورة الأعراف (7)، الآية: 31، الصفحة: 154.
5.القران الكريم: سورة المزمل (73)، الآية: 4، الصفحة: 574.
6. راجع: الكافي، ج ٥، ص 321؛ «مَا أُحِبُّ مِنْ دُنْيَاكُمْ إِلَّا النِّسَاءَ وَ الطِّيب»
7. راجع: مجموعةورام، ج 1، ص 29، باب الرسوم في معاشرة الناس؛ «قال النبي(ص) إذا أبردتم إلي بريدا فاجعلوه حسن الوجه حسن الاسم»
8. الاختصاص، ص 233.
9. مستدركالوسائل، ج ٤، ص 273، بَابُ تَحْرِيمِ الْغِنَاءِ فِي الْقُرْآنِ وَ اسْتِحْبَابِ تَحْسِينِ الصَّوْتِ بِهِ بِمَا دُونَ الْغِنَاءِ وَ التَّوَسُّطِ فِي رَفْعِ الصَّوْتِ
10. الكافي، ج ٦، ص ٤38، بَابُ التَّجَمُّلِ وَ إِظْهَارِ النِّعْمَةِ.
تعليق