بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد واله الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يقول احد الاباء المربين الافاضل لقد أوشكت على الاقتراب من الخمسين وأنا بصحتي وسلامتي وقوة جسدي ويسر حالتي الاقتصادية، لا أضايق أبنائي في شيء، ولا أطلب منهم شيئا سوى أن يكونوا معي ولو في بعض الوقت ليس من يومهم بل من أسبوعهم.
يواصل الأب وأنا أستمع لقوله: لعلي أعذرهم ألا يذهبوا معي لأصدقائي ومجالسي التي أرتادها، لكني لا أفهم لماذا لا يشتركون معي في تنزهي أسبوعيا حين أذهب لساحل البحر (الكورنيش)، أو أذهب لأحد المقاهي مع والدتهم، أو أخرج للتسوق وتغيير الروتين في بعض المجمعات التجارية؟
أشعر نفسي وكأني مجرد بنك لأولادي يأخذون مني مصروفهم ومن المنزل نومهم وراحتهم، ومن أمهم خدمتهم وترتيب ملابسهم، ويتعاملون معنا باعتبارنا (خدمًا تحت الطلب) لأي ظرف طارئ أو طلب صعب في حياتهم.
أما أنسهم وضحكهم وفرحهم ورحلاتهم فمع أناس آخرين، إنها متعة يستطيبونها مع أصدقائهم وأقرانهم، وكلما مرت الأيام أشعر أنهم ينفرون مني ومن والدتهم ولكن نفورهم بأدب واحترام، فهم يعتذرون ويتعذرون دائما عن مشاركتهم معنا حتى في أبسط الأشياء.
قلت لصاحبي: لا تنفعل بالأمر فيؤثر في موقفك من أبنائك، ويتسبب في جفاء بالغ بينك وبينهم، وتذكر والديك ومواقفك معهما أيام شبابك، فلعل شيئا ممّا يختلج في نفسك كان يراودهما عنك، فالفجوة موجودة ولكن فارق الزمن وسعها بعض الشيء.
في فترة المراهقة يميل الشباب إلى الاستقلالية ميلا شديدا، فيصبح الرباط الأبوي القوي الذي كان بينه وبين أبويه ساحة صراع بين طبيعة الفترة التي يعيشها بميولها الاستقلالية وبين تاريخ طويل من الاستماع والإنصات للوالدين في فترتي الطفولة والصبا، وهذا الصراع غالبا ما ينتهي لمصلحة النزعة الاستقلالية عند الشاب، فيخرج من هيمنة الوالدين، وينفصل تدريجيا عنهما، ويتجلى ذلك في عدم تكبله بوقت الأكل معهما ولا بالسياحة أو السفر أو التنزه برفقتهما.
أما أنه لا يستمتع إلا مع الشباب ولا يفرح وينبسط إلا مع الأصدقاء، فالأمر بسيط التصور والتحليل، ذلك أن الشاب يميل للاستقلال عن والديه بحثا عن رجولته، أو ليصنع رجولته بمعزل عنهما، ومجرد الاستقلال لا يحقق صناعة الرجولة، فيحتاج الشاب لساحة أخرى يمارس فيها رأيه ويرفض آراء الآخرين دون خوف أو وجل، ويناقش ويجادل ويتحدى، وهذه لا تتهيأ له - غالبا - إلا في أجواء الأصدقاء.
إنه في ساحة الأصدقاء يشعر بالندية، فتنعدم الطقوس والواجبات التي يشعرها مع والديه، من ضرورة الطاعة لهما وسماع رأييهما، والالتزام بتوصياتهما، إنه بين أقرانه في فسحة كبيرة يأنس بها ميل الاستقلال الذي يلازم فترة الشباب.
وكلما كان الشاب قادرا على القيادة والتأثير في مجموعة الشباب والأصدقاء، أو كان له ثقل وازن بينهم اندفع نحوهم، وقلت مساحة التواجد والاشتراك مع والديه، وازدادت الفجوة بينه وبينهما.
للحديث بقية قادمة، لكني أود هنا أن الفت النظر إلى بعض مظاهر الاستقلال التي تتكرر على مسامعنا ونشهدها مع أولادنا وأقاربنا، منها على سبيل المثال عدم شعور الأولاد بضرورة مشاركة الوالدين على وجبات الطعام، فيأكل الشاب قبل والديه، أو بعدهما في الوقت الذي يشاء، حتى أن بعض الآباء يتفجر غضبا لهذه الطريقة.
ومنها عدم مرافقة الوالدين إذا ذهبا لمراسيم الفرح والعزاء الاجتماعية، فيصل الابن بعد خروج الأب أو العكس.
ولعلي أسمع نداء كل أب وهو يخرج إلى سفر أو تنزه أو تسوق أو أداء واجب اجتماعي وهو يقول: (يا بني اخرج معنا ولا تكن من النافرين) .
اللهم صلِ على محمد واله الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يقول احد الاباء المربين الافاضل لقد أوشكت على الاقتراب من الخمسين وأنا بصحتي وسلامتي وقوة جسدي ويسر حالتي الاقتصادية، لا أضايق أبنائي في شيء، ولا أطلب منهم شيئا سوى أن يكونوا معي ولو في بعض الوقت ليس من يومهم بل من أسبوعهم.
يواصل الأب وأنا أستمع لقوله: لعلي أعذرهم ألا يذهبوا معي لأصدقائي ومجالسي التي أرتادها، لكني لا أفهم لماذا لا يشتركون معي في تنزهي أسبوعيا حين أذهب لساحل البحر (الكورنيش)، أو أذهب لأحد المقاهي مع والدتهم، أو أخرج للتسوق وتغيير الروتين في بعض المجمعات التجارية؟
أشعر نفسي وكأني مجرد بنك لأولادي يأخذون مني مصروفهم ومن المنزل نومهم وراحتهم، ومن أمهم خدمتهم وترتيب ملابسهم، ويتعاملون معنا باعتبارنا (خدمًا تحت الطلب) لأي ظرف طارئ أو طلب صعب في حياتهم.
أما أنسهم وضحكهم وفرحهم ورحلاتهم فمع أناس آخرين، إنها متعة يستطيبونها مع أصدقائهم وأقرانهم، وكلما مرت الأيام أشعر أنهم ينفرون مني ومن والدتهم ولكن نفورهم بأدب واحترام، فهم يعتذرون ويتعذرون دائما عن مشاركتهم معنا حتى في أبسط الأشياء.
قلت لصاحبي: لا تنفعل بالأمر فيؤثر في موقفك من أبنائك، ويتسبب في جفاء بالغ بينك وبينهم، وتذكر والديك ومواقفك معهما أيام شبابك، فلعل شيئا ممّا يختلج في نفسك كان يراودهما عنك، فالفجوة موجودة ولكن فارق الزمن وسعها بعض الشيء.
في فترة المراهقة يميل الشباب إلى الاستقلالية ميلا شديدا، فيصبح الرباط الأبوي القوي الذي كان بينه وبين أبويه ساحة صراع بين طبيعة الفترة التي يعيشها بميولها الاستقلالية وبين تاريخ طويل من الاستماع والإنصات للوالدين في فترتي الطفولة والصبا، وهذا الصراع غالبا ما ينتهي لمصلحة النزعة الاستقلالية عند الشاب، فيخرج من هيمنة الوالدين، وينفصل تدريجيا عنهما، ويتجلى ذلك في عدم تكبله بوقت الأكل معهما ولا بالسياحة أو السفر أو التنزه برفقتهما.
أما أنه لا يستمتع إلا مع الشباب ولا يفرح وينبسط إلا مع الأصدقاء، فالأمر بسيط التصور والتحليل، ذلك أن الشاب يميل للاستقلال عن والديه بحثا عن رجولته، أو ليصنع رجولته بمعزل عنهما، ومجرد الاستقلال لا يحقق صناعة الرجولة، فيحتاج الشاب لساحة أخرى يمارس فيها رأيه ويرفض آراء الآخرين دون خوف أو وجل، ويناقش ويجادل ويتحدى، وهذه لا تتهيأ له - غالبا - إلا في أجواء الأصدقاء.
إنه في ساحة الأصدقاء يشعر بالندية، فتنعدم الطقوس والواجبات التي يشعرها مع والديه، من ضرورة الطاعة لهما وسماع رأييهما، والالتزام بتوصياتهما، إنه بين أقرانه في فسحة كبيرة يأنس بها ميل الاستقلال الذي يلازم فترة الشباب.
وكلما كان الشاب قادرا على القيادة والتأثير في مجموعة الشباب والأصدقاء، أو كان له ثقل وازن بينهم اندفع نحوهم، وقلت مساحة التواجد والاشتراك مع والديه، وازدادت الفجوة بينه وبينهما.
للحديث بقية قادمة، لكني أود هنا أن الفت النظر إلى بعض مظاهر الاستقلال التي تتكرر على مسامعنا ونشهدها مع أولادنا وأقاربنا، منها على سبيل المثال عدم شعور الأولاد بضرورة مشاركة الوالدين على وجبات الطعام، فيأكل الشاب قبل والديه، أو بعدهما في الوقت الذي يشاء، حتى أن بعض الآباء يتفجر غضبا لهذه الطريقة.
ومنها عدم مرافقة الوالدين إذا ذهبا لمراسيم الفرح والعزاء الاجتماعية، فيصل الابن بعد خروج الأب أو العكس.
ولعلي أسمع نداء كل أب وهو يخرج إلى سفر أو تنزه أو تسوق أو أداء واجب اجتماعي وهو يقول: (يا بني اخرج معنا ولا تكن من النافرين) .
تعليق