الشيخ عبدالمهدي مطر
لِـمَن الـشُّعلةُ تَـجتاحُ الـظلاما قـعَدَ الـكونُ لـها فخراً وقاما ؟!
طَـلَعت مِـن فـجرها صـادقةً وغَدَت تُلقي على الشمسِ لِثاما (1)
وأنـارَت أُفُـقاً قـد عَـسعَسَتْ ظـلـماتٌ فـيه لـلجهلِ رُكـاما
فـترةٌ فـيها ازدهـى العلمُ، فكم أيـقَظَت مِـن رقدةِ الجهل نياما!
وارتـوى الـظامئُ مِـن مَنهَلِها بـعدما آلـتاحَ فلم يَبلُلْ أُواما (2)
قـام فـيها مـنقذٌ مِن « هاشمٍ » غـلبَ الـدهرَ صراعاً وخِصاما
وإذِ الأُمّــةُ ظَـلَّـت حُـقـبةً لـيس تـدري أيـن تَقتادُ اللِّجاما
قـارَعَـت أيـامَـها فـانتَخَبَت بـينها « جـعفرَ » لـلحقّ إماما
فـحـمى حـوزتَها فـي فـكرةٍ صَـقَلَتها نـفحةُ الـوحيِ حُساما
وانـثنى يـدفع مِـن تـضليلِهم حُـجَجاً كـانت على الدهر أثاما
مُـخْمِداً نـاراً لـهم قد أُضرِمَت لـم تـكنْ بَرْداً ولا كانت سلاما
لا تَـسَلْ شـرعَ الهدى كيف بنى صـرحَه الـشامخَ أو كيف أقاما
سَلْ عُروشَ الجور منهم كيف قد دَكَّـها فـي مِـعْوَلِ الحقّ انهداما
هَـبْهَبتْ فـي بـوقها مـدحورةً لِـهُـمامٍ لـم يَـعِشْ إلاّ هُـماما
نـبعةٌ مِـن هـاشمٍ شـبّت على دَرّةِ الـوحي رِضـاعاً وفِـطاما
لـو رأتـها أُمّـةُ الـعُرْبِ بـما قـد رآهـا اللهُ مِـن قَدْرٍ تسامى
لازدهـت فـي أُمـم الدنيا عُلىً ولـطالَتْ هـامةَ الـنجم مَـقاما
حِـكَمٌ مـنه أضـاعوها.. ولـو لـم تَـضِعْ أصبحنَ للكون نظاما
واسـتـعاضوا دونـهـا زائـفةً دَسَّـها الـعابثُ في الدين سِماما
لاعـبٌ جـاراك هـيهاتَ فـقد سَـهِرَتْ عـيناك لـلحقّ ونـاما
شَــدّ مــا قـدّمـها مـائـدةً كان فيها الدَّسُّ في الدين إداما (3)
وعـصورٌ بـحثت عـن مـنقذٍ أنـجَبَت فـيك وقـد كانت عُقاما
أنـت يـا مـدرسةَ الـكون التي خَـرَّجَت لـلكونِ أبـطالاً عظاما
أنـت أحـيَيَت رَمـيماً لـلهدى صَـيَّرتْه لَـفحةُ الـغيِّ رُماما (4)
عَـرفُك الـذاكي وكـم تَـنشِقُهُ مِـن أُنوفٍ.. ولَوِ آزدادت زكاما
هــذه الأُمّــة فـي حَـيرتها قـد أنـاطت بـك آمـالاً جساما
أتُـراها حـين لـم تـأخُذْ على حـظِّها مـنك قـدِ آزدادتْ سُقاما
مِـشعلُ الـحقّ الـذي ضاء لنا مـيّز الـمُبصرَ مـمّن قد تَعامى
ولـقـد غـرَّرني فـي وصـفِهِ أنّـني مُـلتهبُ الـفكر ضَـراما
فــارسُ الآداب فــي حَـلْبتِها جـامع الـفكرة لا يـلوي زِماما
فـتـأهّبتُ وعـنـدي خـاطـرٌ أُهْـبةَ الـسائح لـم يُبصِرْ مَراما
وإذا بـي خـائضٌ مِـن وصفِه لُـجّةً خـاض بـها الكون فعاما
أنـا فـي مـعناك عـقلٌ سـادرٌ أكذا مثليَ حيّرتَ الأناما ؟! (5) (6)
1 ـ اللِّثام: النقاب يُوضَع على الفم أو الشفة.
2 ـ الأُوام: حرارة العطش.
3 ـ الإدام: الطعام.
4 ـ الرُّمام: الحُطام.
5 ـ سادر: تائه.
6 ـ أدب الطفّ، للسيّد جواد شبر 300:10.
تعليق