علماء أهل السنة يجوزون العمل بأخبار الآحاد في العقائد ...
بسم الله الرحمن الرحيم .
اللهم صل على محمد وال محمد .
لاشك ولا ريب ان الاخبار والروايات والاحاديث والتي يعبر عنها بالسنة تنقسم الى أخبار متواترة وأخبار آحاد ، والأخبار المتواترة التي وصلت الينا في مواضيع العقائد والاحكام الشرعية قليلة جدا معدودة بعدد الاصابع ، فلذلك كان على الفقيه والباحث ان يسلك الطريق الاخر للسنة التي هي أخبار الآحاد .
وقد يتوهم البعض بحرمة العمل بأخبار الآحاد في العقائد والاحكام وذلك لان اخبار الاحاد تفيد الظن ولا تفيد القطع .
وهذا المتوهم بقوله هذا لا يعلم ان ينكر ما اثبته القران الكريم من الاخذ بمطلق قول النبي الاكرم محمد (ص) سواء كان متواترا ام احادا ، قال تعالى : ( وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى ) - 1 -
وقال تعالى : ( وما اتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله ان الله شديد العقاب ) - 2 -
هذه هي عقيدتنا في اخبار الاحاد من صحة الاحتجاج بها في مجال العقيدة والشريعة .
ومن نظر في كتب علماء اهل السنة والجماعة كالبخاري و مسلم و أبي داود و أحمد و ابن خزيمة علم يقيناً أن مذهبهم هو ايضا صحة الاحتجاج بأحاديث الآحاد في العقائد والاحكام .
وقد نصَّ على أنَّ خبر الآحاد يُفيد العلم كما يفيد العمل الإمامُ مالك ، والشافعي ، وأصحابُ أبي حنيفة ، وداودُ بن علي ، وابنُ حزم - 3 - ، والحسين بن علي الكرابيسي ، والحارث بن أسد المحاسبي ، وغيرهم - 4 -
واكم ختي واخواتي القراء الكرام بعض اقوال علماء اهل السنة والجماعة بهذا الخصوص :
1 - قال ابن حبان في مقدمة صحيحة :
( فأما الأخبار فإنها كلها أخبار آحاد ...... إلى أن قال : وأن من تنكب عن قبول أخبار الآحاد ، فقد عمد إلى ترك السنن كلها ، لعدم وجود السنن إلا من رواية الآحاد ) - 5 -
2 - قال الشافعي :
( ...... ولو جاز لأحد من الناس أن يقول في علم الخاصة : أجمع المسلمون قديماً وحديثاً على تثبيت خبر الواحد والانتهاء إليه ، بأنه لم يعلم من فقهاء المسلمين أحد إلا وقد ثبته جاز لي ، ولكن أقول : لم أحفظ عن فقهاء المسلمين أنهم اختلفوا في تثبيت خبر الواحد ، بما وصفت من أن ذلك موجود على كلهم ) - 6 -
3- قال ابن عبد البر في كتابه التمهيد وهو يتكلم عن خبر الآحاد وموقف العلماء منه :
( ...... وكلهم يدين بخبر الواحد العدل في الاعتقادات ، ويعادي ويوالي عليها ، ويجعلها شرعاً وديناً في معتقده ، على ذلك جميع أهل السنة ) - 7 -
4 - قال أبو المعالي الجويني :
( والمسلك الثاني مُستند إلى إجماع الصحابة وإجماعهم على العمل بالآحاد منقول متواتراً فإن أنكر منكر الإجماع ، فسيأتي إثباته على منكريه أول كتاب الإجماع إن شاء الله تعالى . فهذا هو المعتمد في إثبات العلم بخبر الواحد ) - 8 -
وقال ايضا : ( ...... فإنا نعلم قطعا أن أصحاب رسول الله صلى الله علية وسلم كانوا يعملون في الوقائع بالأخبار التي ترويها الآحاد في جملة الصحابة ، ولا نستريب أنه لو وقعت واقعة واعتاص مدرك حكمها ، فروى الصديق رضى الله عنه فيها خبرا عن الصادق المصدوق علية السلام ، لا بتدروا العمل به ومن ادعى أن جمله الأخبار التي استدل بها أصحاب رسول الله صلى الله علية وسلم في أحكام الوقائع رواها أعداد فهذا باهت وعاند وخالف بالمعلوم الضروري بخلافه ) - 9 -
5 - قال أبو الوليد الباجي المالكي :
( ذهب القاساني وغيره من القدرية إلى انه لا يجوز العمل بخبر الآحاد ... والذي علية سلف الأمة من الصحابة والتابعين والفقهاء ، انه يجب العمل به . والدليل على ذلك إجماع الصحابة على صحة العمل به ) - 10 -
وقال ايضا : ( وعلى ذلك كان التابعون لهم بإحسان رضى الله عنهم . قال الشافعي وغيره : وجدنا على بن الحسين يعول على أخبار الآحاد وكذلك محمد بن علي وجبير بن مطعم ونافع بن جبير ، وخارجه بن زيد وأبا سلمة بن عبد الرحمن وسليمان بن يسار وعطاء بن يسار ، وكذلك كانت حال طاووس وعطاء ومجاهد .
وكان سعيد بن المسيب يقول : اخبرني أبو سعيد الخدري عن البني صلى الله علية وسلم في الصرف فيثبت حديثه . ولا يجور أن يكون في مسائل الشرع مسألة إجماع اثبت من هذه ولا ابين عن الخلف أو السلف ) - 11 -
************************
الهوامش :
1 - النجم ، الاية 3 .
2 - الحشر ، الاية 7 .
3 - راجع كتاب إحكام الأحكام ، لابن حزم ، ج 1 ، ص 119 - 138 حيث ذكر في الاحتجاج على ذلك أدلة كثيرة قوية .
4 - وجوب الأخذ بحديث الآحاد في العقيدة ، للألباني ، ص 23 ، ط . دار العلم بنها .
5 - الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان ، ج 1 ، ص 156.
6 - الشافعي ، كتاب الرسالة ، ج 1 ، ص 457 .
7 - ابن عبد البر ، كتاب التمهيد ، ج 1 ، ص 8 .
8 - أبو المعالي الجويني ، كتاب البرهان ، ج 1 ، ص 389 .
9 - المصدر السابق ، ج 1 ، ص 393 .
10 - أبو الوليد الباجي المالكي ، كتاب إحكام الفصول ، ص 334 .
11 - المصدر السابق ، ص 337 .
بسم الله الرحمن الرحيم .
اللهم صل على محمد وال محمد .
لاشك ولا ريب ان الاخبار والروايات والاحاديث والتي يعبر عنها بالسنة تنقسم الى أخبار متواترة وأخبار آحاد ، والأخبار المتواترة التي وصلت الينا في مواضيع العقائد والاحكام الشرعية قليلة جدا معدودة بعدد الاصابع ، فلذلك كان على الفقيه والباحث ان يسلك الطريق الاخر للسنة التي هي أخبار الآحاد .
وقد يتوهم البعض بحرمة العمل بأخبار الآحاد في العقائد والاحكام وذلك لان اخبار الاحاد تفيد الظن ولا تفيد القطع .
وهذا المتوهم بقوله هذا لا يعلم ان ينكر ما اثبته القران الكريم من الاخذ بمطلق قول النبي الاكرم محمد (ص) سواء كان متواترا ام احادا ، قال تعالى : ( وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى ) - 1 -
وقال تعالى : ( وما اتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله ان الله شديد العقاب ) - 2 -
هذه هي عقيدتنا في اخبار الاحاد من صحة الاحتجاج بها في مجال العقيدة والشريعة .
ومن نظر في كتب علماء اهل السنة والجماعة كالبخاري و مسلم و أبي داود و أحمد و ابن خزيمة علم يقيناً أن مذهبهم هو ايضا صحة الاحتجاج بأحاديث الآحاد في العقائد والاحكام .
وقد نصَّ على أنَّ خبر الآحاد يُفيد العلم كما يفيد العمل الإمامُ مالك ، والشافعي ، وأصحابُ أبي حنيفة ، وداودُ بن علي ، وابنُ حزم - 3 - ، والحسين بن علي الكرابيسي ، والحارث بن أسد المحاسبي ، وغيرهم - 4 -
واكم ختي واخواتي القراء الكرام بعض اقوال علماء اهل السنة والجماعة بهذا الخصوص :
1 - قال ابن حبان في مقدمة صحيحة :
( فأما الأخبار فإنها كلها أخبار آحاد ...... إلى أن قال : وأن من تنكب عن قبول أخبار الآحاد ، فقد عمد إلى ترك السنن كلها ، لعدم وجود السنن إلا من رواية الآحاد ) - 5 -
2 - قال الشافعي :
( ...... ولو جاز لأحد من الناس أن يقول في علم الخاصة : أجمع المسلمون قديماً وحديثاً على تثبيت خبر الواحد والانتهاء إليه ، بأنه لم يعلم من فقهاء المسلمين أحد إلا وقد ثبته جاز لي ، ولكن أقول : لم أحفظ عن فقهاء المسلمين أنهم اختلفوا في تثبيت خبر الواحد ، بما وصفت من أن ذلك موجود على كلهم ) - 6 -
3- قال ابن عبد البر في كتابه التمهيد وهو يتكلم عن خبر الآحاد وموقف العلماء منه :
( ...... وكلهم يدين بخبر الواحد العدل في الاعتقادات ، ويعادي ويوالي عليها ، ويجعلها شرعاً وديناً في معتقده ، على ذلك جميع أهل السنة ) - 7 -
4 - قال أبو المعالي الجويني :
( والمسلك الثاني مُستند إلى إجماع الصحابة وإجماعهم على العمل بالآحاد منقول متواتراً فإن أنكر منكر الإجماع ، فسيأتي إثباته على منكريه أول كتاب الإجماع إن شاء الله تعالى . فهذا هو المعتمد في إثبات العلم بخبر الواحد ) - 8 -
وقال ايضا : ( ...... فإنا نعلم قطعا أن أصحاب رسول الله صلى الله علية وسلم كانوا يعملون في الوقائع بالأخبار التي ترويها الآحاد في جملة الصحابة ، ولا نستريب أنه لو وقعت واقعة واعتاص مدرك حكمها ، فروى الصديق رضى الله عنه فيها خبرا عن الصادق المصدوق علية السلام ، لا بتدروا العمل به ومن ادعى أن جمله الأخبار التي استدل بها أصحاب رسول الله صلى الله علية وسلم في أحكام الوقائع رواها أعداد فهذا باهت وعاند وخالف بالمعلوم الضروري بخلافه ) - 9 -
5 - قال أبو الوليد الباجي المالكي :
( ذهب القاساني وغيره من القدرية إلى انه لا يجوز العمل بخبر الآحاد ... والذي علية سلف الأمة من الصحابة والتابعين والفقهاء ، انه يجب العمل به . والدليل على ذلك إجماع الصحابة على صحة العمل به ) - 10 -
وقال ايضا : ( وعلى ذلك كان التابعون لهم بإحسان رضى الله عنهم . قال الشافعي وغيره : وجدنا على بن الحسين يعول على أخبار الآحاد وكذلك محمد بن علي وجبير بن مطعم ونافع بن جبير ، وخارجه بن زيد وأبا سلمة بن عبد الرحمن وسليمان بن يسار وعطاء بن يسار ، وكذلك كانت حال طاووس وعطاء ومجاهد .
وكان سعيد بن المسيب يقول : اخبرني أبو سعيد الخدري عن البني صلى الله علية وسلم في الصرف فيثبت حديثه . ولا يجور أن يكون في مسائل الشرع مسألة إجماع اثبت من هذه ولا ابين عن الخلف أو السلف ) - 11 -
************************
الهوامش :
1 - النجم ، الاية 3 .
2 - الحشر ، الاية 7 .
3 - راجع كتاب إحكام الأحكام ، لابن حزم ، ج 1 ، ص 119 - 138 حيث ذكر في الاحتجاج على ذلك أدلة كثيرة قوية .
4 - وجوب الأخذ بحديث الآحاد في العقيدة ، للألباني ، ص 23 ، ط . دار العلم بنها .
5 - الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان ، ج 1 ، ص 156.
6 - الشافعي ، كتاب الرسالة ، ج 1 ، ص 457 .
7 - ابن عبد البر ، كتاب التمهيد ، ج 1 ، ص 8 .
8 - أبو المعالي الجويني ، كتاب البرهان ، ج 1 ، ص 389 .
9 - المصدر السابق ، ج 1 ، ص 393 .
10 - أبو الوليد الباجي المالكي ، كتاب إحكام الفصول ، ص 334 .
11 - المصدر السابق ، ص 337 .