بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين المعصومين
واللعن الدائمة على أعدائهم من الأولين والأخرين
روى العلامة المجلسي(رحمه الله) قال: روي عن جماعة من الثقاة أنـّه:
لمّا وردت حُرّة بنت حليمة السعديّة رضي الله عنها على الحجّاج بن يوسف الثقفي، فمثلت بين يديه قال لها: أنت حُرّة بنت حليمة السعديّة؟ قالت له: فراسة من غير مؤمن!
فقال لها: اللهُ جاءَ بكِ، فقد قيل عَنكِ أنـّكِ تفضِّلين عليّاً على أبي بكر وعمر وعثمان؟!
فقالت: لقد كذب الذي قال إنّي اُفضِّلَهُ على هؤلاء خاصّة.
قال: وعلى مَن غير هؤلاء؟
قالت: اُفضِّله على آدم ونوح ولوط وإبراهيم وداود وسليمان وعيسى بن مريم(عليهم السلام)!!
فقال لها: ويلَكِ إنّك تفضِّلينه على الصّحابة وتزيدين عليهم سبعة من الأنبياء من أولي العزم من الرسل؟! إنْ لم تَأتيني ببيان ما قُلتِ ضربْتُ عنقكِ.
فقالت: ما أنا مُفضِّلتُهُ على هؤلاء الأنبياء ولكنَّ الله عزّ وجلّ فَضَّلهُ عليهم في القرآن بقوله عزّ وجلّ في حقّ آدم: (فعصى آدمُ ربّهُ فغوى)(2) وقال في حقّ عليّ: (وكان سعيُكُم مشكوراً).
قال: أحْسنتِ يا حُرّة، فبما تُفضّلينه على نوح ولوط؟
فقالت: الله عزّ وجلّ فَضّلهُ عليهما بقوله: (ضَربَ اللهُ مثلا للذينَ كفرُوا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحتَ عبدَين من عبادنا صالحين فخانتاهُما فلم يُغنيا عنهما من الله شيئاً وقيل ادخلا النار مع الداخلين)، عليّ بن أبي طالب كان مع ملائكة الله تحت سدرة المنتهى، زوجته بنت محمّد فاطمة الزهراء التي يرضى الله لرضاها ويسخَطُ لسَخطها.
فقال الحجّاج: أحْسنتِ يا حُرّة، فبما تُفضّلينه على أبي الأنبياء إبراهيم خليل الله؟
فقالت: الله عزّ وجلّ فضَّلهُ بقوله: (وإذ قال ربِّ أرني كيف تُحيي الموتى قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليَطمئنَّ قلبي) ومولاي أمير المؤمنين قال قولا لا يختلِفُ فيه أحدٌ من المسلمين: «لَو كُشِفَ لي الغطاء ما ازددْتُ يقيناً» وهذه كلمة ما قالها أحدٌ قبله ولا بعده.
فقال: أحْسنتِ يا حُرّة، فبما تُفضّلينهُ على موسى كليم الله؟
قالت: يقول الله عزّ وجلّ: (فخَرجَ منها خائفاً يَترقَّب)، وعليّ بن أبي طالب(عليه السلام) باتَ على فراش رسول الله(صلى الله عليه وآله) لم يَخَف حتى أنزل الله في حقّه: (ومنَ الناس مَن يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله)
قال الحجّاج: أحْسنتِ يا حُرّة، فبما تُفضّلينهُ على داود وسليمان(عليهما السلام)؟
قالت: اللهُ تعالى فضَّلهما بقوله عزّ وجلّ: (يا داود إنّا جَعلناك خليفةً في الأرضِ فاحكُم بين الناس بالحقِّ ولا تتّبع الهوى فيُضلَّكَ عن سبيل الله)
فقال لها: في أيّ شيء كانت حكومته؟
قالت: في رجلين، رجلٌ كان له كرْمٌ والآخر له غنَم، فنفشت الغنم بالكرم فرَعتهُ، فاحتكما الى داود(عليه السلام) فقال: تُباعُ الغنم وينفق ثمنها على الكرم حتى يعود إلى ما كان عليه. فقال له ولده: لا يا أبَهْ، بَل يُؤخذَ من لبنها وصوفها، قال الله تعالى: (ففهَّمناها سُليمان) وإنَّ مولانا أمير المؤمنين عليّاً(عليه السلام) قال: «سلوني عمّا فوق العرش، سلوني عمّا تحت العرش، سلوني قبل أن تفقدوني»، وأنه(عليه السلام) دخل على رسول الله(صلى الله عليه وآله) يوم فتح خيبر فقال النبي(صلى الله عليه وآله) للحاضرين: «أفضلُكم وأعلمكم أقضاكُم عليّ».
فقال لها: أحْسنتِ ، فبما تُفضّلينه على سليمان(عليه السلام)؟
فقالت: الله تعالى فضَّلَه عليه بقوله تعالى: (ربِّ اغفِر لي وهبْ لي مُلكاً لا ينبغي لأحد من بعدي)، ومولانا أمير المؤمنين عليّ(عليه السلام) قال: «طلَّقتُكِ يا دُنيا ثلاثاً لا حاجةَ لي فيكِ»، فعند ذلك أنزل الله تعالى فيه: (تلكَ الدار الآخرة نَجعَلُها للّذين لا يُريدون عُلُوّاً في الأرض ولا فساداً)
فقال: أحْسنتِ يا حُرّة، فبما تُفضّلينه على عيسى بن مريم(عليه السلام)؟
قالت: الله تعالى فضلّه بقوله تعالى: (إذ قال الله يا عيسى ابن مريم ءَأنتَ قُلتَ للناسِ اتَّخذوني وأُمّي إلهين من دون الله قال سُبحانك ما يكونُ لي أنْ أقول ما ليسَ لي بحقّ انْ كنتُ قُلتُهُ فقد عَلِمتَهُ تَعلَمُ ما في نفسي ولا أعلَمُ ما في نفسكَ إنّك أنتَ علاّم الغُيوب ما قُلتُ لهم إلاّ ما أمرتني به)(1)، فأخّرَ الحكومة إلى يوم القيامة، وعليّ بن أبي طالب لَمّا ادّعَوا النصيريّة فيه ما ادّعوه قتلهم ولم يؤخّر حكومتهم، فهذه كانت فضائله لا تُعَدُّ بفضائل غيره.
قال: أحْسنتِ يا حُرّة، خَرَجتِ من جوابك، ولو لا ذلك لكان ذلك، ثم أجازها وأعطاها وسرَّحها سراحاً حسناً، رحمة الله عليها(2).
_______________
(1) البحار: ج 26 ص 199.
(2) البحار ج46 ص 134.
والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين المعصومين
واللعن الدائمة على أعدائهم من الأولين والأخرين
روى العلامة المجلسي(رحمه الله) قال: روي عن جماعة من الثقاة أنـّه:
لمّا وردت حُرّة بنت حليمة السعديّة رضي الله عنها على الحجّاج بن يوسف الثقفي، فمثلت بين يديه قال لها: أنت حُرّة بنت حليمة السعديّة؟ قالت له: فراسة من غير مؤمن!
فقال لها: اللهُ جاءَ بكِ، فقد قيل عَنكِ أنـّكِ تفضِّلين عليّاً على أبي بكر وعمر وعثمان؟!
فقالت: لقد كذب الذي قال إنّي اُفضِّلَهُ على هؤلاء خاصّة.
قال: وعلى مَن غير هؤلاء؟
قالت: اُفضِّله على آدم ونوح ولوط وإبراهيم وداود وسليمان وعيسى بن مريم(عليهم السلام)!!
فقال لها: ويلَكِ إنّك تفضِّلينه على الصّحابة وتزيدين عليهم سبعة من الأنبياء من أولي العزم من الرسل؟! إنْ لم تَأتيني ببيان ما قُلتِ ضربْتُ عنقكِ.
فقالت: ما أنا مُفضِّلتُهُ على هؤلاء الأنبياء ولكنَّ الله عزّ وجلّ فَضَّلهُ عليهم في القرآن بقوله عزّ وجلّ في حقّ آدم: (فعصى آدمُ ربّهُ فغوى)(2) وقال في حقّ عليّ: (وكان سعيُكُم مشكوراً).
قال: أحْسنتِ يا حُرّة، فبما تُفضّلينه على نوح ولوط؟
فقالت: الله عزّ وجلّ فَضّلهُ عليهما بقوله: (ضَربَ اللهُ مثلا للذينَ كفرُوا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحتَ عبدَين من عبادنا صالحين فخانتاهُما فلم يُغنيا عنهما من الله شيئاً وقيل ادخلا النار مع الداخلين)، عليّ بن أبي طالب كان مع ملائكة الله تحت سدرة المنتهى، زوجته بنت محمّد فاطمة الزهراء التي يرضى الله لرضاها ويسخَطُ لسَخطها.
فقال الحجّاج: أحْسنتِ يا حُرّة، فبما تُفضّلينه على أبي الأنبياء إبراهيم خليل الله؟
فقالت: الله عزّ وجلّ فضَّلهُ بقوله: (وإذ قال ربِّ أرني كيف تُحيي الموتى قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليَطمئنَّ قلبي) ومولاي أمير المؤمنين قال قولا لا يختلِفُ فيه أحدٌ من المسلمين: «لَو كُشِفَ لي الغطاء ما ازددْتُ يقيناً» وهذه كلمة ما قالها أحدٌ قبله ولا بعده.
فقال: أحْسنتِ يا حُرّة، فبما تُفضّلينهُ على موسى كليم الله؟
قالت: يقول الله عزّ وجلّ: (فخَرجَ منها خائفاً يَترقَّب)، وعليّ بن أبي طالب(عليه السلام) باتَ على فراش رسول الله(صلى الله عليه وآله) لم يَخَف حتى أنزل الله في حقّه: (ومنَ الناس مَن يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله)
قال الحجّاج: أحْسنتِ يا حُرّة، فبما تُفضّلينهُ على داود وسليمان(عليهما السلام)؟
قالت: اللهُ تعالى فضَّلهما بقوله عزّ وجلّ: (يا داود إنّا جَعلناك خليفةً في الأرضِ فاحكُم بين الناس بالحقِّ ولا تتّبع الهوى فيُضلَّكَ عن سبيل الله)
فقال لها: في أيّ شيء كانت حكومته؟
قالت: في رجلين، رجلٌ كان له كرْمٌ والآخر له غنَم، فنفشت الغنم بالكرم فرَعتهُ، فاحتكما الى داود(عليه السلام) فقال: تُباعُ الغنم وينفق ثمنها على الكرم حتى يعود إلى ما كان عليه. فقال له ولده: لا يا أبَهْ، بَل يُؤخذَ من لبنها وصوفها، قال الله تعالى: (ففهَّمناها سُليمان) وإنَّ مولانا أمير المؤمنين عليّاً(عليه السلام) قال: «سلوني عمّا فوق العرش، سلوني عمّا تحت العرش، سلوني قبل أن تفقدوني»، وأنه(عليه السلام) دخل على رسول الله(صلى الله عليه وآله) يوم فتح خيبر فقال النبي(صلى الله عليه وآله) للحاضرين: «أفضلُكم وأعلمكم أقضاكُم عليّ».
فقال لها: أحْسنتِ ، فبما تُفضّلينه على سليمان(عليه السلام)؟
فقالت: الله تعالى فضَّلَه عليه بقوله تعالى: (ربِّ اغفِر لي وهبْ لي مُلكاً لا ينبغي لأحد من بعدي)، ومولانا أمير المؤمنين عليّ(عليه السلام) قال: «طلَّقتُكِ يا دُنيا ثلاثاً لا حاجةَ لي فيكِ»، فعند ذلك أنزل الله تعالى فيه: (تلكَ الدار الآخرة نَجعَلُها للّذين لا يُريدون عُلُوّاً في الأرض ولا فساداً)
فقال: أحْسنتِ يا حُرّة، فبما تُفضّلينه على عيسى بن مريم(عليه السلام)؟
قالت: الله تعالى فضلّه بقوله تعالى: (إذ قال الله يا عيسى ابن مريم ءَأنتَ قُلتَ للناسِ اتَّخذوني وأُمّي إلهين من دون الله قال سُبحانك ما يكونُ لي أنْ أقول ما ليسَ لي بحقّ انْ كنتُ قُلتُهُ فقد عَلِمتَهُ تَعلَمُ ما في نفسي ولا أعلَمُ ما في نفسكَ إنّك أنتَ علاّم الغُيوب ما قُلتُ لهم إلاّ ما أمرتني به)(1)، فأخّرَ الحكومة إلى يوم القيامة، وعليّ بن أبي طالب لَمّا ادّعَوا النصيريّة فيه ما ادّعوه قتلهم ولم يؤخّر حكومتهم، فهذه كانت فضائله لا تُعَدُّ بفضائل غيره.
قال: أحْسنتِ يا حُرّة، خَرَجتِ من جوابك، ولو لا ذلك لكان ذلك، ثم أجازها وأعطاها وسرَّحها سراحاً حسناً، رحمة الله عليها(2).
_______________
(1) البحار: ج 26 ص 199.
(2) البحار ج46 ص 134.
تعليق