الحمد لله الذي يهدي من يشاء إلى الصراط المستقيم، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين المبعوث بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، الذي بين لأمته سبل النجاة وأوضح لها الطريق القويم و أخرجها من الظلمات إلى النور ومن الوثنية إلى الوحدانية ومن الكفر إلى الإسلام.
توزعت الأمة الإسلامية في وقتنا الحاضر إلى فرق متعددة وكأنهم مصداق لحديث الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله )الذي قال فيه ((ستفترق أمتي إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة ناجية))، وهو حديث مشهور أخرجته معظم كتب أهل السنة كسنن الترمذي "كتاب الإيمان باب ما جاء في افتراق هذه الأمة"، وسنن أبي داود "كتاب السنة باب شرح السنة"، سنن ابن ماجة "كتاب الفتن باب افتراق الأمة"، وغيرهم، والأمر العجيب هو أنه رغم وجود كل هذه الاختلافات فالكل يدعي بأنه متمسك بكتاب الله وسنة نبيه عليه وآله الصلاة والسلام، ويرى أن فرقته هي الفرقة الناجية ، لكن ألم يوضح لنا رسول الله صفات هذه الفرقة؟ وألم يرشدنا إليها ويرينا علاماتها؟ وأليس الأجدر بنا فقط أن نبحث وندقق حتى نتعرف عليها ونتبعها؟
من هنا بدأت البحث ، فكان أول بحثي في كتبنا، وعلى رأسهم صحيحي البخاري ومسلم وغيرهما، فوجدت ما وجدت وكانت نتيجة بحثي أن اتبعت مدرسة أهل البيت فبدأ الناس يلومونني ويرمونني بالرفض والتشيع، بل إن منهم من كفرني، فيا ترى أيلومونني على اتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام التي أوصى بها النبي العظيم في حديث الثقلين حيث يقول:
تركت فيكم الثقلين ." حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ حَيَّانَ، قَالَ انْطَلَقْتُ أَنَا وَحُصَيْنُ، بْنُ سَبْرَةَ وَعُمَرُ بْنُ مُسْلِمٍ إِلَى زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ فَلَمَّا جَلَسْنَا إِلَيْهِ قَالَ لَهُ حُصَيْنٌ لَقَدْ لَقِيتَ يَا زَيْدُ خَيْرًا كَثِيرًا رَأَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَسَمِعْتَ حَدِيثَهُ وَغَزَوْتَ مَعَهُ وَصَلَّيْتَ خَلْفَهُ لَقَدْ لَقِيتَ يَا زَيْدُ خَيْرًا كَثِيرًا حَدِّثْنَا يَا زَيْدُ مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم - قَالَ - يَا ابْنَ أَخِي وَاللَّهِ لَقَدْ كَبِرَتْ سِنِّي وَقَدُمَ عَهْدِي وَنَسِيتُ بَعْضَ الَّذِي كُنْتُ أَعِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَمَا حَدَّثْتُكُمْ فَاقْبَلُوا وَمَا لاَ فَلاَ تُكَلِّفُونِيهِ . ثُمَّ قَالَ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا فِينَا خَطِيبًا بِمَاءٍ يُدْعَى خُمًّا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَوَعَظَ وَذَكَّرَ ثُمَّ قَالَ " أَمَّا بَعْدُ أَلاَ أَيُّهَا النَّاسُ فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبَ وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ فَخُذُوا بِكِتَابِ اللَّهِ وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ " . فَحَثَّ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَرَغَّبَ فِيهِ ثُمَّ قَالَ " وَأَهْلُ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي " صحيح مسلم كتاب فضائل الصحابة باب فضائل علي بن ابي طالب. وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدِي أَحَدُهُمَا أَعْظَمُ مِنَ الآخَرِ كِتَابُ اللَّهِ حَبْلٌ مَمْدُودٌ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ وعترتي أَهْلُ بَيْتِي وَلَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَىَّ الْحَوْضَ فَانْظُرُوا كَيْفَ تَخْلُفُونِي فِيهِمَا " سنن الترمذي كتاب المناقب باب مناقب أهل بيت النبي عليه واله الصلاة والسلام، وهو مروي أيضا في كنز العمال، البداية والنهاية، الجامع الصغير للسيوطي، ينابع المودة للقندوزي، الصواعق المحرقة لابن حجر الهيتمي، وغيرهم كثير ممن ذكر هذا الحديث الشريف الذي نرى فيه بوضوح وصية الرسول إلى المسلمين كافة بالتمسك بالقرآن و العترة الطيبة، فالحمد لله الذي جعل عترة أهل محمد عليه وآله الصلاة والسلام بمنزلة القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وهذه حجة ما بعدها حجة لإتباع مدرسة أهل البيت عليهم الصلاة والسلام.
ثم كان بحثي عن من هم أهل البيت الذين ذكرهم النبي العظيم، رجعت مرة أخرى إلى صحيح مسلم ورواية : عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، قَالَ دَخَلْنَا عَلَيْهِ فَقُلْنَا لَهُ لَقَدْ رَأَيْتَ خَيْرًا . لَقَدْ صَاحَبْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَصَلَّيْتَ خَلْفَهُ . وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِنَحْوِ حَدِيثِ أَبِي حَيَّانَ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ " أَلاَ وَإِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ أَحَدُهُمَا كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ هُوَ حَبْلُ اللَّهِ مَنِ اتَّبَعَهُ كَانَ عَلَى الْهُدَى وَمَنْ تَرَكَهُ كَانَ عَلَى ضَلاَلَةٍ " . وَفِيهِ فَقُلْنَا مَنْ أَهْلُ بَيْتِهِ نِسَاؤُهُ قَالَ لاَ وَايْمُ اللَّهِ إِنَّ الْمَرْأَةَ تَكُونُ مَعَ الرَّجُلِ الْعَصْرَ مِنَ الدَّهْرِ ثُمَّ يُطَلِّقُهَا فَتَرْجِعُ إِلَى أَبِيهَا وَقَوْمِهَا أَهْلُ بَيْتِهِ أَصْلُهُ وَعَصَبَتُهُ الَّذِينَ حُرِمُوا الصَّدَقَةَ بَعْدَهُ )).فعرفت أن نساءه لسن من أهل بيته، قلت يا ترى من هم أهل بيته فأجابني صحيح مسلم على لسان أم المؤمنين عائشة : ((خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم غَدَاةً وَعَلَيْهِ مِرْطٌ مُرَحَّلٌ مِنْ شَعْرٍ أَسْوَدَ فَجَاءَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ فَأَدْخَلَهُ ثُمَّ جَاءَ الْحُسَيْنُ فَدَخَلَ مَعَهُ ثُمَّ جَاءَتْ فَاطِمَةُ فَأَدْخَلَهَا ثُمَّ جَاءَ عَلِيٌّ فَأَدْخَلَهُ ثُمَّ قَالَ : إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا)) مسلم كتاب فضائل الصحابة باب فضائل آهل البيت عليهم السلام. الآن عرفت من هم أهل البيت، فهم فاطمة وعلي والحسن والحسين عليهم الصلاة والسلام.
فهل تلومني على هذه المدرسة الطاهرة التي أمرني المصطفى العظيم عليه وآله الصلاة والسلام بتباعها والتمسك بها، والركوب فيها كما قال في حديث السفينة الذي أخرجه الطبراني ((قال رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلم : مثل أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق )) ، فثبت لهم بذلك النجاة لأنها إذا كانت منجية لغيرها فهي أولى بان تكون ناجية، ونعم السفينة التي تركه المسلمون في أول يوم توفي فيه الرسول والتي سمها بسفينة نوح عليه السلام إلا أنها سفينة معنوية فأول تشابه يوصفه القران هو استهزاء القوم بسيدنا نوح حين كان يصنعها ولم يركبها عندما أمرهم سيدنا نوح عليه السلام فكذالك آهل البيت عليهم السلام فان القوم استهزؤوا بهم بل قتلوهم في هده اللحظة بدأت البحت على ما يقال في أصحاب هذه السفينة الطاهرة في كتب أهل السنة فرأيت ما رأيت من آيات قرآنية وأحاديث نبوية ((آية التطهير وآية المباهلة وآية الولاية وآية البلاغ وآية اكتمال الدين وأية الإطعام في سورة الإنسان)) أما آية التطهير فهي كما قال الله تعالى(( { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا )) والمعروف عند الأمة بأنها نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم الصلاة والسلام كما ذكره صحيح مسلم ، وآية المباهلة هي قوله تعالى : ( إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ * فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ). [آل عمران/59-61] وكان سبب نزول هذه الآية أن وفد نصارى نجران حين قدموا المدينة جعلوا يُجادلون في نبي الله عيسى عليه السلام ، ويزعمون فيه ما يزعمون من البنوة والإلهية .وقد تصلبوا على باطلهم ، بعدما أقام عليهم النبي صلى الله عليه وسلم البراهين بأنه عبد الله ورسوله .فأمره الله تعالى أن يباهلهم .فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المباهلة ، بأن يحضر هو وأهله وأبناؤه ، وهم يحضرون بأهلهم وأبنائهم ، ثم يدعون الله تعالى أن ينزل عقوبته ولعنته على الكاذبين .فأحضر النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم ، وقال : هؤلاء أهلي .والسؤال هو لماذا لم يباهل بأصحابه وباهل بأهل البيت فنعم العتىرة هي.أما في سورة الإنسان فقد نزل فيهم : ((يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلا شُكُورًا إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا )) فان الآية نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين عندما مرض الحسن والحسين والقصة معروفة، من هنا تبين لي بأن هؤلاء الخمسة هم مميزون عن بقية الناس أتلومني لحبهم وإتباعهم والبحث عليهم فاليوم لم يبق أي عذر للتكاسل الفضائيات والأنترنيت في متناول الكل.
بدأت بحثي بفاطمة عليها السلام في كتب السنة وبالأخص الصحيحين وها هو مسلم في صحيحه ينقل ((عنعائشة قالت اجتمع نساء النبي صلى الله عليه وسلم فلم يغادر منهن امرأة فجاءت فاطمة تمشي كأن مشيتها مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال مرحبا بابنتي فأجلسها عن يمينه أو عن شماله ثم إنه أسر إليها حديثا فبكت فاطمة ثم إنه سارها فضحكت أيضا فقلت لها ما يبكيك فقالت ما كنت لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت ما رأيت كاليوم فرحا أقرب من حزن فقلت لها حين بكت أخصك رسول الله صلى الله عليه وسلم بحديثه دوننا ثم تبكين وسألتها عما قال فقالت ما كنت لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا قبض سألتها فقالت إنه كان حدثني أن جبريل كان يعارضه بالقرآن كل عام مرة وإنه عارضه به في العام مرتين ولا أراني إلا قد حضر أجلي وإنك أول أهلي حلوقا بي ونعم السلف أنا لك فبكيت لذلك ثم إنه سارني فقال ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين أو سيدة نساء هذه الأمة فضحكت لذلك )) وأما البخاري فيقول في صحيحه ((قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم " فَاطِمَةُ سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ))ويقول (( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني )) كتاب فضائل الصحابة باب مَنَاقِبُ قَرَابَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَنْقَبَةِ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلاَمُ بِنْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ففاطمة عليها السلام هي سيدة النساء ولهذا أحببتها وشايعتها و تلومني وتكفرونني على هذا فكيف لا أحب من رضاها رضا النبي وغضبها غضب المصطفى عليه واله الصلاة والسلام وهناك الكثير مما قيل في فاطمة عليها السلام.
وأما ابنيها الحسن والحسين فأغلبنا لا يعرف عنهما إلا أنهما توأمان ماتا وهما صبيان وهذا كذب لا ادري لماذا أخفوا عنا أخبار أهل البيت عليهم السلام، وأقول بأن الخطأ كان منا أيضا كنا نسمع ولا نقرأ، أما اليوم هناك تغير والحمد لله بعد البحث وجدت بأن الحسن والحسين هما سيدا شباب أهل الجنة، قال الترمذي في سننه (( عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، رضى الله عنه قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ )) وقال فيهما ابن ماجه في سننه (( عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحب الحسن والحسين فقد أحبني ومن أبغضهما فقد أبغضني)) ، اللهم أجعنا من الذين يحبونهما،وهذا قليل مما ذكرته في حقهما، فعلى كل منصف أن يبحث في سيرتهما. ألهذا تلومني وتقول بأني رافضي وشيعي.
أما بالنسبة لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب فإليك بعض المناقب التي اجتمعت له ولم تجتمع لأي رجل في التاريخ ـ بعد النبي ـ سواء في القران أو كتب الحديث فهو أخو رسول الله بل نفسه بمقتضى قوله تعالى : ((فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ). سورة آل عمران، وفيه نزلت : ((إِنَّمَا وَلِيّكُمْ اللَّه وَرَسُوله وَاَلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاة وَيُؤْتُونَ الزَّكَاة وَهُمْ رَاكِعُونَ)) سورة المائدة 56 ، قال ابن كثير في تفسيره : " سَمِعْت مُجَاهِدًا يَقُول فِي قَوْله " إِنَّمَا وَلِيّكُمْ اللَّه وَرَسُوله" الْآيَة نَزَلَتْ فِي عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب تَصَدَّقَ وَهُوَ رَاكِع. وَرَوَاهُ اِبْن مَرْدُوَيْهِ عَنْ طَرِيق سُفْيَان الثَّوْرِيّ عَنْ أَبِي سِنَان عَنْ الضَّحَّاك عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ كَانَ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب قَائِمًا يُصَلِّي فَمَرَّ سَائِل وَهُوَ رَاكِع فَأَعْطَاهُ خَاتَمه فَنَزَلَتْ " إِنَّمَا وَلِيّكُمْ اللَّه وَرَسُوله الآية" . ومنها قوله سبحانه وتعالى : ((يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ)) المائدة 67. روى الحافظ الحاكم الحسكاني قال: أخبرنا أبو عبد الله الدينوري (بإسناده المذكور) عن أبي إسحاق الحميدي قال:نزلت هذه الآية في علي بن أبي طالب: (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ). وروى هو أيضاً، قال: أخبرنا أبو بكر السكري (بإسناده المذكور) عن عبد الله بن أبي أوفى، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلّم) يقول يوم غدير خم ـ وتلا هذه الآية ـيا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ).ثم رفع يديه حتى (صار) يرى بياض إبطيه ثم قال (صلى الله عليه وآله وسلّم):ألا من كنتُ مولاه فعليّ مولاه، اللّهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه.ثم قال (صلى الله عليه وآله وسلّم): اللّهم اشهد.
وأشار المغازلي في مناقبه عن أبي هريرة حيث قال : من صام يوم ثماني عشرة من ذي الحجة كتب له صيام ستين شهرا، وهو يوم غدير خم لما أخذ النبي ص بيد علي بن أبي طالب، فقال : ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال ص : من كنت مولاه فعلي مولاه، فقال عمر بن الخطاب : بخ بخ لك يا علي بن أبي طالب أصبحت مولاي ومولا كل مؤمن، فأنزل الله تعالى (...الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِين). المائدة/ 3 ذكره أيضا ابن كثير في البداية
وأخرج العلاّمة (الحنفي) موفّق بن أحمد الخوارزمي في (مقتله) بسنده المذكور عن أبي سعيد الخدري قال: إنّ النبيّ (صلى الله عليه وسلّم) يوم دعا النّاس إلى علي في (غدير خم) أمر بما كانت تحت الشجرة من شوك فقمّ، وذلك يوم الخميس، ثم دعا النّاس إلى علي فأخذ بضبعه ثم رفعه حتى نظر النّاس إلى بياض إبطيهما، ثم لم يتفرقا حتى نزلت هذه الآية: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِين) قال رسول الله (صلى الله عليه وسلّم): (الله أكبر على إكمال الدين، وإتمام النعمة، ورضا الرب برسالتي، والولاية لعلي، ثم قال: اللّهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وانصر من نصره، وأخذُل من خذله). فكيف تلومني حيث اتبعت عليا وأخذته وليا وإماما وهو الذي اكتمل به الدين، ثم قال الفقيه الخوارزمي: روى هذا الحديث من الصحابة: عمر، وعلي، والبراء بن عازب، وسعد بن أبي وقّاص، وطلحة بن عبيد الله، والحسين بن علي، وابن مسعود، وعمّار بن ياسر، وأبو ذر، وأبو أيوب، وابن عمر، وعمران بن حصين، وبريدة بن الحصيب، وأبو هريرة، وجابر بن عبد الله، وأبو رافع مولى رسول الله، واسمه أسلم، وحبشي بن جنادة، وزيد بن شراحيل، وجرير بن عبد الله، وأنس، وحذيفة بن أسيّد الغفاري، وزيد بن أرقم، وعبد الرحمن بن يعمر الدؤلي، وعمرو بن الحمق، وعمر بن شرحبيل، وناجية بن عمر، وجابر بن سمرة، ومالك بن الحويرث، وأبو ذؤيب الشاعر، وعبد الله بن ربيعة .
فلماذا تلومني على حبي وتشيعي لعلي، وكيف لا أحب من قال فيه رسول الله : ((لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق - قاله لعلي. أخرجه الترمذي كتاب المناقب باب مناقب علي رقم (3716 و 3717) وقال: حسن صحيح )).
وقال فيه : ((أنت أخي في الدنيا والآخرة - قاله لعلي. ))أخرجه الترمذي كتاب المناقب رقم (3720))).
وقال له : (أنت مني وأنا منك - قاله لعلي. )) أخرجه الترمذي كتاب المناقب باب مناقب علي رقم (3717)).
و((ما أنا انتجيته ولكن الله انتجاه. )) أخرجه الترمذي كتاب المناقب باب مناقب علي رقم (3726 )).
و((أنا دار الحكمة وعلي بابها.)) أخرجه الترمذي كتاب المناقب باب مناقب علي رقم (3723) و ((علي إمام البررة وقاتل الفجرة، منصور من نصره، مخذول من خذله.(( أخرجه الحاكم في المستدرك (3/129)).
و((علي مني وأنا من علي، ولا يؤدي عني إلا أنا أو علي. (( أخرجه الترمذي كتاب المناقب بابمناقب علي رقم (3719)).
وقال عنه مخاطبا ابنته الزهراء : ((أما ترضين أني زوجتك أول المسلمين إسلاما وأعلمهم علما فإنك سيدة نساء أمتي كما سادت مريم قومها، أما ترضين يا فاطمة أن الله اطلع على أهل الأرض فاختار منهم رجلين فجعل أحدهما أباك والآخر بعلك.)) أخرجه الحاكم في المستدرك (3/129
وقال فيه : ((أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي)) أخرجه مسلم كتاب فضائل الصحابة باب من فضائل علي رقم (2404 )) وقد وضح القرآن الكريم أن هارون كان وزير سيدنا موسى وخليفته .وهي نفس المنزلة التي قالها رسول الله في حق علي عليه السلام، أخرج الحافظ ابن مردويه، بإسناده ونقله عنه السيوطي في (جمع الجوامع) كما في كنز العمال ج 6 ص 401 : لما نزلت (وأنذر عشيرتك الأقربين) دعا بني عبد المطلب، ثم قال رسوله الله صلى الله عليه وآله: (يا بني عبد المطلب، إن الله بعثني إلى الخلق كافة، وإليكم خاصة، فقال: (وأنذر عشيرتك الأقربين) وأنا أدعوكم إلى كلمتين خفيفتين على اللسان، ثقيلتين في الميزان: شهادة أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، فمن يجيبني إلى هذا الأمر، ويؤازرني، يكن أخي، ووزيري، ووصيي، ووارثي، وخليفتي من بعدي).فلم يجبه أحد منهم، فقام علي، وقال: أنا يا رسول الله. قال: إجلس. ثم أعاد القول على القوم ثانيا "، فصمتوا، فقام علي، وقال: أنا يا رسول الله. فقال: إجلس. ثم أعاد القول على القوم ثالثا "، فلم يجبه أحد منهم، فقام علي، فقال: أنا يا رسول الله. فقال: (إجلس، فأنت أخي ووزيري، ووصيي، ووارثي، وخليفتي من بعدي). أخرجه الحافظان ابن أبي حاتم واليعقوبي، )) يا من يلومني كيف تطلب مني بأن أترك عليا عليه السلام وهذه منزلته وهذا مقامه.
ختاما، قال الله سبحانه وتعالى : لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا )) سورة الأحزاب ، إن هذا النبي العظيم الذي جعله الله لنا أسوة حسنة سمى نفسه مدينة علم الله، وقد جعل لمدينته هذه بابا لا يجوز الدخول إلا منه وذلك بقوله (( أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت الباب )) ذكره الحاكم في المستدرك وابن كثير في البداية والنهاية والسيوطي في تاريخ الخلفاء وابن حجر في الصواعق المحرقة، فهل تلومني على دخولي المدينة من الباب.
*شيعي مغربي من بلجيكا
| منبر هسبريس |
تعليق