بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الاول الذي لا يدرك ، والاخر الذي لا يسبق ، والظاهر الذي ليس فوقه شيء ، والباطن الذي ليس دونه شيء ، أحاط بكل شيء علما ، وأحصى كل شيء عددا .
والصلاة والسلام على أشرف أهل الاصطفاء محمد بن عبدالله سيد الانبياء ، وعلى آله الحافظين لما نقل عن رب السموات والأرضين , واللعنة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين .
الشبهة : جاء في البحار تسع عشرة رواية تذكر بأنّ الله ناجى علياً وأن جبرئيل يملي عليه...».
الجواب :
إنّ نجوى الله سبحانه لعلي عليه السلام ليست من الوحي في شيء ، فإنها نوع من التحديث ، وليس كل تحديث ونجوى من ملك من الملائكة لولي من أولياء الله وأحبائه هو وحي ، وإلا فسيكون عدد كبير من الصحابة قد أوحى الله إليهم وحياً رسالياً .
ومناجاة الله تعالى لعلي عليه السلام حقيقة ماثلة للعيان في التراث الإسلامي لم تنفرد الشيعة الإمامية بذكرها ، بل فاضت بها روايات أهل السنة ، وأخرجها العلماء والمحدثون ومن طرق مختلفة .
وقبل التعرض إلى سند الروايات وبيان صحة طرقها ، وتوضيح المقصود منها نشرع ببيان معنى النجوى في اللغة , ليسهل علينا فهم المقصود من تلك الروايات .
معنى النجوى
قال في القاموس : «ناجاه مناجاةً ونجاءً : سارّه . وانتجاه : خصّه بمناجاته»(1).
وفي لسان العرب : «ونجاه نجواً ، ونجوى : سارّه ، والنجوى والنجي : السرّ . والنجو : السرّ بين اثنين ، يقال : نجوته نجواً أي ساررته ، وكذلك ناجيته ، والاسم : النجوى»(2).
وفي مختار الصحاح : «وانتجاه : خصّه بمناجاته»(3).
وقال الراغب في المفردات : «وانتجيت فلاناً استخلصته لسرّي»(4).
فالنجوى والمناجاة هي : المسارّة بين شخصين ، والمناجي هو الطرف المخاطِب والمحدِّث ، والمقابل هو نجيّه والمستخلَص لسرّه دون غيره من البشر.
قال ابن الأثير : «وفي حديث الدعاء (اللّهم بمحمد نبيّك ، وبموسى نجيّك) هو المناجى المخاطب للإنسان والمحدّث له ، يقال : ناجاه يناجيه مناجاة ، فهو مناجٍ ، والنجيّ : فعيل منه»(5).
فالمناجاة صفة مفاعلة ، وهي تقتضي الاشتراك بين الطرفين ، فحين يقال : ناجاه أي أنّ المسارّة حدثت بين طرفين ، فالمبتدئ بالمناجاة يسمّى مناجياً ، والطرف الآخر يسمى مناجىً «وانتجى القوم وتناجوا : أي سارّ بعضهم بعضاً»(6).
ولكن المهم هنا هو كيف أن الله تعالى ينتجي علياً عليه السلام !
إنّ فضائل أمير المؤمنين علياً عليه السلام ومناقبه من العظمة والشهرة والكثرة ما أصبح الكلام عنها يعد من نافلة القول ، ومن قبيل الإشادة بنور الشمس ضياءً وانتشاراً , فلذا يقول ابن أبي الحديد : «فأما فضائله عليه السلام فإنها قد بلغت من العظم والجلالة والانتشار والاشتهار مبلغاً يسمج معه التعرض لذكرها والتصدي لتفصيلها ، فصارت كما قال أبو العيناء لعبيد الله بن يحيى بن خاقان وزير المتوكل والمعتمد : رأيتني فيما أتعاطى من وصف فضلك ، كالمخبر عن ضوء النهار الباهر، والقمر الزاهر ، الذي لا يخفى على الناظر»(7).
حتى قال أحمد بن حنبل : «ما جاء لأحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الفضائل ما جاء لعلي بن أبي طالب»(8).
وقال ابن الجوزي : «قال الإمام أحمد بن حنبل : ما لأحد من الصحابة من الفضائل بالأسانيد الصحاح مثل ما لعلي (رضي الله عنه)»(9).
وقال أحمد وإسماعيل بن إسحاق القاضي أيضاً : «لم يُروَ من فضائل أحد من الصحابة بالأسانيد الحسان ما روي في فضائل علي بن أبي طالب»(10).
ومن فضائله عليه السلام أنّ الله سبحانه انتجاه واستخلصه لسرّه ومكنون علمه وبحضور المصطفى صلى الله عليه وآله ، وذلك في حصار الطائف حتى طالت مناجاته له ، ما جعل بعض الصحابة يعترض ويبدي امتعاضه من ذلك وعدم تحمله لهذا المشهد ، فوصل اعتراضهم واحتجاجهم على تلك المناجاة إلى مسامع النبي صلى الله عليه وآله ، فأجابهم النبي : «ما انتجيته ، ولكن الله انتجاه»(11).
وهذه القضية قد وثقت في المصادر عند كلا الفريقين ، وهي على كثرتها وتشعب طرقها في مصادرهم قد تصل إلى حد الاستفاضة ، وسننقل ما دل عليها من روايات أهل السنة.
المناجاة في روايات أهل السنة
لقد وردت تلك القصة في كثير من مصادر أهل السنة وكتبهم المعتبرة ، وأخرجها كبار الحفاظ والمحدثين ، وسوف ننقل نموذجين من هذه الروايات :
1 ـ رواية الترمذي
أخرج الترمذي في سننه ، قال : «حدثنا علي بن المنذر الكوفي ، أخبرنا محمد بن فضيل ، عن الأجلح ، عن أبي الزبير، عن جابر، قال : دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً يوم الطائف فانتجاه ، فقال الناس : لقد طال نجواه مع ابن عمه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما انتجيته ، ولكن الله انتجاه».
وقد قال بعد ذلك : «هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث الأجلح ، وقد رواه غير ابن فضيل عن الأجلح ، ومعنى قوله : (ولكن الله انتجاه) ، يقول : إنّ الله أمرني أن أنتجي معه»(12).
سند الرواية
إنّ الرواية جيدة الإسناد ، قد حسنها الترمذي ، وأما رواتها : فعلي بن المنذر الكوفي قال عنه ابن حجر: «صدوق يتشيع»(13) ، وقال الذهبي : «قال النسائي: شيعي محض ، ثقة»(14).
ومحمد بن فضيل بن غزوان بن جرير الضبي قال عنه ابن حجر : «صدوق عارف رمي بالتشيع»(15).
وقال عنه الذهبي : «ثقة شيعي»(16).
وأما الأجلح فقد قال عنه ابن حجر : «صدوق شيعي»(17).
وقال الذهبي : «وثقه ابن معين وغيره»(18).
وأبو الزبير : هو محمد بن مسلم بن تدرس القرشي الأسدي ، قال عنه الذهبي : «حافظ ثقة»(19).
فالرواية بهذا الطريق معتبرة السند.
2 ـ رواية ابن أبي عاصم
أخرج ابن أبي عاصم في كتابه السنة ، قال : «حدثنا وهبان بن بقية ، ثنا خالد ، عن الأجلح ، عن أبي الزبير ، عن جابر قال : انتجى النبي صلى الله عليه وسلم علي ابن أبي طالب ، فقال الناس : يا رسول الله ، لقد طالت مناجاتك لعلي ، قال : ما انتجيته ولكن الله انتجاه»(20).
سند الرواية
لقد جاءت هذه الرواية بسند معتبر أيضاً.
فوهبان بن بقية : هو وهب بن بقية بن عثمان بن سابور بن عبيد بن آدم بن زياد الواسطي ، أبو محمد المعروف بوهبان ، وثّقه الذهبي(21) وابن حجر(22).
وأما خالد : فهو خالد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن يزيد الطحان أبو الهيثم ، قال عنه الذهبي : «أحد العلماء ، ثقة عابد»(23).
وقال عنه ابن حجر : «ثقة ثبت»(24). وأما الأجلح وأبو الزبير فقد تقدم الكلام عنهما.
تضعيف الألباني لروايات أبي الزبير عن جابر
لقد ضعف الألباني الحديث الأول الذي ينقله أبو الزبير عن جابر، في كتابه ضعيف الترمذي ، ولم يشر إلى وجه الضعف فيه ، إلا أنه قد بين وجه الضعف في السلسلة الضعيفة مدعياً أنّ أبا الزبير متهم بالتدليس وقد عنعن أي لم يصرح بالسماع أو التحديث ، قال : «وأبو الزبير مدلس وقد عنعنه ، فهو علة الحديث»(25).
وأما الحديث الثاني فلم نجد تعليقاً للألباني عليه في كتابه ظلال الجنة الذي علق فيه على كتاب السنة لابن أبي عاصم والذي ورد فيه الحديث ، مع أنه يتضمن السبب نفسه الذي من أجله ضعف الحديث الأول ، وهو رواية أبي الزبير عن جابر.
وقد أكد الألباني على تضعيف جميع أحاديث أبي الزبير عن جابر التي لم يصرح فيها بالسماع أو التحديث إلا إذا كانت الرواية عن الليث بن سعد عن أبي الزبير، فإنها مقبولة وإن لم يصرح فيها بالتحديث , لما ستأتي الإشارة إليه ، قال : «وجملة القول : إن كل حديث يرويه أبو الزبير عن جابر أو غيره بصيغة (عن) ونحوها وليس من رواية الليث بن سعد عنه , فينبغي التوقف عن الاحتجاج به , حتى يتبين سماعه , أو ما يشهد له , ويعتضد به ، هذه حقيقة يجب أن يعرفها كل محب للحق , فطالما غفل عنها عامة الناس ، وقد كنت واحداً منهم , حتى تفضل الله علي فعرفني بها , فله الحمد والشكر, وكان من الواجب علي أن أنبه على ذلك , فقد فعلت , والله الموفق لا رب سواه»(26).
وهنا لابد أن نشير الى أنّ تضعيف الألباني لجملة من أحاديث أبي الزبير ومنها هذان الحديثان , استناداً إلى تهمة التدليس لم يكن له مسوغ ومبرر علمي ، كما أن الأدلة والشواهد لا تدعم ذلك ، وهذا ما تكشفه عدة من الوجوه التالية :
الوجه الأول : إنّ المتتبع لكلمات المتقدمين من كبار المحدثين وعلماء الجرح والتعديل كالبخاري والعقيلي وابن عدي وابن حبان وغيرهم الذين ترجموا لأبي الزبير، يجد أنهم لم يتهموه صراحة بالتدليس ، باستثناء النسائي في سننه الكبرى ، قال : «كان شعبة سيء الرأي فيه ، وأبو الزبير من الحفاظ روى عنه يحيى بن سعيد الأنصاري وأيوب ومالك بن أنس ، فإذا قال : سمعت جابراً فهو صحيح ، وكان يدلس وهو أحب إلينا في جابر من أبي سفيان ، وأبو سفيان هذا اسمه طلحة بن نافع»(27) ، ولكن النسائي في الوقت ذاته قد أخرج لأبي الزبير أحاديث عديدة عنعنها ، في سننه المسماة بالمجتبى والتي انتقى أحاديثها من السنن الكبرى وكان بعض المتقدمين يطلقون على سنن النسائي صحيح النسائي (28) ، مما يكشف عن قبول النسائي بعنعنة أبي الزبير، وما ذكره من التدليس لا يعد سبباً لإسقاط روايته عن الاحتجاج بها عنده.
الوجه الثاني : صرح الحاكم النيسابوري بنفي التدليس عن أبي الزبير في كتابه معرفة علوم الحديث ، في معرض كلامه عن معرفة الأحاديث المعنعنة التي ليس فيها تدليس ، فذكر مثالاً لها هو حديث رواه أبو الزبير ، قال : «عن جابر بن عبد الله عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، أنه قال : لكل داء دواء ، فإذا أصيب دواء الداء برئ بإذن الله عز وجل».
قال الحاكم: «هذا حديث رواته بصريون ثم مدنيون ومكيون ، وليس من مذاهبهم التدليس ، فسواء عندنا ذكروا سماعهم أو لم يذكروه ، وإنما جعلته مثالاً لألوف مثله»(29) ، ولذا صحح له الحاكم أحاديث كثيرة في كتابه المستدرك (30).
الوجه الثالث : إنّ عمدة ما استند إليه من اتهم أبا الزبير بالتدليس ، هو قصة الليث بن سعد التي استظهروا منها تدليس أبي الزبير، ومفاد تلك القصة ـ التي نقلها ابن عدي والعقيلي ـ أن الليث قال : «أتيت أبا الزبير المكي فدفع إلي كتابين ، قال : فلما سرت إلى منزلي قلت : لا أكتبهما حتى أسأله ، قال : فرجعت إليه ، فقلت : هذا كله سمعته من جابر؟ قال : لا ، قلت : فأعلم لي على ما سمعت ، قال : فأعلم لي على هذا الذي كتبته عنه»(31).
ويلاحظ على هذه القصة ، أولاً : أنه لا يظهر منها بوضوح كون أبي الزبير قد طلب من الليث أن يحدث بهذه الأحاديث عنه ، وإنما دفع له كتبه التي كتبها والتي يعلم أياً منها سمعه من جابر وأياً منها لم يسمعه ، وعندما أراد الليث أن يكتبها ويحدث بها سأل أبا الزبير وأعلمه بمروياته التي سمعها من جابر .
وثانياً : إن القصة ذاتها قد رواها الفسوي في المعرفة والتاريخ لكن بنحو لا يمكن أن يستظهر منها تدليس أبي الزبير إطلاقاً ، قال : «عن الليث بن سعد : جئت أبا الزبير فأخرج إلينا كتباً ، فقلت : سماعك من جابر؟ قال : ومن غيره ، قلت : سماعك من جابر ، فأخرج إلي هذه الصحيفة»(32).
فأبو الزبير استناداً إلى هذه الرواية لم يدفع لليث أحاديثه حتى نقول إنه دلس ولم يبين له ما سمعه من جابر وما سمعه من غيره ، وإنما أراد أن يريه ما كتبه من أحاديث ، ثم بعد أن طلب الليث منه أن يفرز له ما سمعه من جابر عن غيره دفع إليه الصحيفة التي فيها أحاديثه عن جابر والتي يظهر أنه كان قد عزلها عن بقية الأحاديث ، الأمر الذي يبعد عن أبي الزبير تهمة التدليس.
الوجه الرابع : إنّ من اتهمه بالتدليس من المتأخرين كالذهبي(33) وابن حجر(34) قد صححوا أحاديث قد عنعنها أبو الزبير ولم يصرح فيها بالسماع أو التحديث , فقد وافق الذهبي الحاكم النيسابوري في تصحيح أحاديث أبي الزبير، وذلك في تلخيصه على المستدرك(35) ، وأما ابن حجر فقد صحح حديث أبي الزبير عن جابر عن رسول الله صلى الله عليه وآله «لا تذبحوا إلا مسنة...» ، قال : «وقد صح فيه حديث جابر رفعه (لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن) أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي وغيرهم»(36).
فلا ندري هل تناقضوا في حكمهم أم أنهم يعتقدون أن عنعنة أبي الزبير غير قادحة في صحة حديثه؟!
الوجه الخامس : قد أخرج لأبي الزبير أحاديث معنعنة ، كثيرٌ من المتقدمين في صحاحهم ، وفي مقدمتهم مسلم النيسابوري في صحيحه (37) ولا يخفى مكانة مسلم عند أهل السنة ، حتى أن مثل الدارقطني لم ينتقده عليها عندما علق على صحيحه وأشكل على بعض أحاديثه ، وكذلك أخرج له ابن حبان وابن خزيمة في صحيحيهما (38) ، مضافاً إلى أن أحاديثه المعنعنة قد أخرجها جل الحفاظ والمحدثين ، ومنها ما استدلوا بها في الفروع والأحكام الفقهية كحديث «لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن» ونقله معظم الفقهاء والعلماء واستدلوا به على ما يجوز ذبحه من الحيوان كأضحية ، مما يعني أنهم لا يشكون في صحة الحديث .
الوجه السادس : لو سلمنا كونه مدلساً ، فلا يضر ذلك في حديثه فيما لو كانت الواسطة مأمونة بينه وبين جابر كما هو معلوم ، فإن أبا الزبير قد روى أكثر رواياته عن جابر من صحيفة كتبها سليمان بن قيس اليشكرى الثقة (39) ، قال أبو حاتم : «جالس سليمان اليشكري جابراً فسمع منه وكتب عنه صحيفة ، فتوفي وبقيت الصحيفة عند امرأته فروى أبو الزبير وأبو سفيان والشعبي عن جابر، وهم قد سمعوا من جابر وأكثره من الصحيفة ، وكذلك قتادة»(40).
ومما يؤيد ذلك ويقويه أنه لم يكن لأبي الزبير شيوخ ضعفاء , ولذا قال ابن القيم : «وأبو الزبير وإن كان فيه تدليس فليس معروفاً بالتدليس عن المتهمين والضعفاء ، بل تدليسه من جنس تدليس السلف لم يكونوا يدلسون عن متهم ولا مجروح وإنما كثر هذا النوع من التدليس في المتأخرين» (41).
الوجه السابع : لقد صحح بعض المحققين المعاصرين روايات أبي الزبير عن جابر مع كونها لم تكن عن الليث بن سعد ، ولم يصرح فيها بالتحديث ، ومنهم العلامة أحمد محمد شاكر (42) وحمزة أحمد الزين (43) محققا كتاب مسند أحمد ، وحسين سليم أسد محقق كتاب مسند أبي يعلى الموصلي (44) ، والدكتور محمد مصطفى الأعظمي محقق كتاب صحيح ابن خزيمة (45) ، وغير مَن ذكرنا من المحققين والمعلقين والشراح.
فهذه الوجوه وغيرها تجعل المرء يطمئن بصحة أحاديث أبي الزبير عن جابر على مباني أهل السنة ، سواء التي صرح بها بالسماع أم التي لم يصرح ، وتجعل تضعيف الألباني لها رأياً شاذاً لا يعتد به .
هذا كما أخرج هذه الأحاديث عدد من الحفاظ والمحدثين ومن طرق مختلفة ، فقد أخرجها ـ مضافاً إلى الترمذي وابن أبي عاصم ـ الخطيب البغدادي في تاريخه (46).
وأبو يعلى في مسنده (47) . والطبراني في الكبير (48) . وابن عساكر في تاريخ دمشق ، عن جابر بأربعة طرق ، عن سالم بن أبي حفصة ، وعن عمار الذهبي والأعمش وإبراهيم بن حماد (49).
وأخرجها ابن المغازلي في مناقبه ، عن طريق جابر بن عبد الله الأنصاري ، وسعد بن أبي وقاص (50) ، وغيرهم من علماء وحفاظ أهل السنة ، بالإضافة إلى ما ورد من طرق أهل البيت عليهم السلام في كتب الشيعة.
وبعد أن ثبتت صحة الحديث نتعرض لبيان معناه ، فقد اختلف في المراد منه ، فالشيعة ترى أنّ معناه واضح في أنّ الله تعالى هو طرف المناجاة مع علي عليه السلام ، بينما فسر أهل السنّة عبارة (ولكن الله انتجاه) : أنّ الله أمر النبي صلى الله عليه وآله بأن يناجي ويسار علياً عليه السلام .
ونحن إذا تركنا ظهور الحديث وطبعه من دون تدخل اعتقادات معينة لها تأثيرها في توجيه الحديث ، نجد أنّ المعنى الذي ذهبت إليه الشيعة هو الأقرب إلى اللغة ، فإنّ المناجاة ـ كما تبيّن في البحث اللغوي ـ تفيد الاشتراك في النجوى بين الطرفين ، أحدهما المناجِي (بكسر الجيم)، وثانيهما المناجَى (بفتح الجيم) ، فحين يقال: الله ناجى موسى عليه السلام فإنّ الكلام ظاهر في وقوع المناجاة بين الله تعالى وشخص موسى عليه السلام ، وانتجى الله موسى : ظاهره أيضاً في أنّ الله خصه بمناجاته ، وفي المقام نجد أنّ النبي صلى الله عليه وآله يقول : «الله انتجى علياً»، فظاهر الكلام ينسجم مع أنّ الله تعالى هو مَن ناجَى علياً وانتجاه .
أما حمله على أنّ النجوى كانت بين النبي صلى الله عليه وآله وعلي عليه السلام بأمر الله تعالى فهذا خلاف الظاهر . ولا محذور يمنع من مناجاة الله لعلي عليه السلام مباشرة ، فيضطرنا إلى عدم الأخذ بالظاهر بعد أن ثبت أنّ تحديث الملائكة للأولياء والصالحين أمر ثابت في كتب الفريقين ، وقد أشرنا إلى ذلك مراراً.
ولعل تلك المناجاة من قبل الله تعالى لعلي عليه السلام تُشعِر بأنّ الله يُعد علياً لمهمة عظمى يضطلع بها بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله ، وهي تأهيله لحمل أعباء الإمامة الإلهية بعد رسول الله صلى الله عليه وآله ، فحمّله بعض أسرار تلك المهمة الإلهية.
قال الطيبي مفسراً لمعنى أنّ الله انتجاه : «كان ذلك أسراراً إلهية واُموراً غيبية جعله من خزانتها»(51).
وإن أبيت إلاّ حمل اللفظ على المعنى الذي ذهب إليه علماء أهل السنة ، فلا بأس بذلك ، وهو يُعد فضيلة ومنقبة لأمير المؤمنين عليه السلام ، وعلى كلا التقديرين فإنّ هذه المناجاة لا تمثل وحياً رسالياً ، كما أراد صاحب الاشكال أن يستفيد من ذلك .
ــــــــــــــــــــــــ
(1) الفيروزآبادي ، القاموس المحيط : ج1 ص1723، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت.
(2) ابن منظور، لسان العرب : ج15 ص304، الناشر: دار صادر ـ بيروت.
(3) محمد بن أبي بكر الرازي ، مختار الصحاح : 332، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.
(4) الراغب الأصفهاني ، المفردات في غريب القرآن: ص484، الناشر: دفتر نشر الكتاب ـ إيران.
(5) ابن الأثير ، النهاية في غريب الحديث والأثر : ج5 ص25، الناشر: مؤسسة إسماعيليان ـ قم.
(6) النووي ، شرح صحيح مسلم : ج14 ص167، الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت. العظيم آبادي ، عون المعبود: ج13 ص137، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.
(7) ابن أبي الحديد ، شرح نهج البلاغة : ج1 ص17، الناشر: دار إحياء الكتب العربية.
(8) رواه صاحب المستدرك بسند صحيح عن أحمد بن حنبل. الحاكم النيسابوري، المستدرك: ج3 ص107، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.
(9) ابن الجوزي ، مناقب أحمد: ص220، الناشر: هجر للطباعة والنشر.
(10) ابن عبد البر ، الاستيعاب في معرفة الأصحاب: ج3 ص1115، الناشر: دار الجيل ـ بيروت.
(11) ابن كثير ، البداية والنهاية : ج7 ص393، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت. ابن أبي عاصم ، السنة : ص584، ومعه ظلال الجنة في تخريج السنة بقلم: محمد ناصر الألباني، الناشر: المكتب الإسلامي ـ بيروت.
(12) الترمذي ، سنن الترمذي : ج5 ص303، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.
(13) ابن حجر العسقلاني ، تقريب التهذيب: ج1 ص703، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.
(14) الذهبي ، الكاشف : ج2 ص48، الناشر: دار القبلة للثقافة الإسلامية ـ جدة.
(15) ابن حجر العسقلاني ، تقريب التهذيب: ج2 ص125، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.
(16) الذهبي ، الكاشف: ج2 ص211، الناشر: دار القبلة للثقافة الإسلامية ـ جدة.
(17) ابن حجر العسقلاني ، تقريب التهذيب : ج1 ص72.
(18) الذهبي ، الكاشف : ج1 ص229.
(19) المصدر نفسه : ج2 ص216.
(20) ابن أبي عاصم ، السنة : ص584، ومعه ظلال الجنة في تخريج السنة بقلم: محمد ناصر الألباني ، الناشر: المكتب الإسلامي ـ بيروت.
(21) الذهبي ، الكاشف : ج2 ص356، الناشر: دار القبلة للثقافة الإسلامية ـ جدة.
(22) ابن حجر العسقلاني ، تقريب التهذيب: ج2 ص291، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.
(23) الذهبي ، الكاشف: ج1 ص366.
(24) ابن حجر العسقلاني ، تقريب التهذيب: ج1 ص189.
(25) الألباني ، سلسلة الأحاديث الضعيفة : ج7 ص86، الناشر: مكتبة المعارف ـ الرياض.
(26) الألباني ، سلسلة الأحاديث الضعيفة : ج1 ص162 ـ 163رقم الحديث: 65، الناشر: مكتبة المعارف ـ الرياض.
(27) النسائي ، السنن الكبرى: ج 1 ص 640، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.
(28) قد جاء في الكامل لابن عدي قال: «وقد أدخله أبو عبد الرحمن النسائي في صحاحه». الكامل في ضعفاء الرجال: ج2 ص146، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.
(29) الحاكم النيسابوري ، معرفة علوم الحديث: ص78، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.
(30) الحاكم النيسابوري ، المستدرك على الصحيحين: ج1 ص 162 ـ 163، ص346، ص370، ص390، ج2 ص36، ص61، وغيرها الكثير.
(31) عبد الله بن عدي ، الكامل :ج 6 ص 124، الناشر: دار الفكر ـ بيروت. العقيلي، ضعفاء العقيلي: ج 4 ص 133، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.
(32) البسوي ، المعرفة والتاريخ : ج1 ص166، الناشر: مكتبة الدار بالمدينة المنورة.
(33) قال عنه الذهبي في الكاشف: «وكان مدلساً واسع العلم». الكاشف في معرفة من له رواية في كتب الستة : ج2 ص216، الناشر: دار القبلة للثقافة الإسلامية ـ جدة.
(34) قال ابن حجر في التقريب: «صدوق إلا أنه يدلس». تقريب التهذيب: ج2 ص132، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.
(35) الحاكم النيسابوري ، المستدرك وبذيله التلخيص للذهبي: ج1 ص162ـ 163، ص346، ص370، ص390، ج2 ص36، ص61، وغيرها الكثير، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.
(36) ابن حجر، فتح الباري: ج 10 ص 12، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.
(37) مسلم النيسابوري، صحيح مسلم: ج1 ص34 ح19، ص66 ح173، ص148 ح464، ج2 ص80 ـ 81 ح1139، ج6 ص77 ح4975، وغير ذلك من المواضع ، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.
(38) ابن حبان ، صحيح ابن حبان: ج1 ص278 ص409، ج2 ص48، ص251، وغيرها. ابن خزيمة، صحيح ابن خزيمة: ج1 ص68، ص124، ج2 ص49، وغيرها، الناشر: المكتب الإسلامي.
(39) قال المزي : «وقال أبو زرعة والنسائي : ثقة». تهذيب الكمال: ج12ص55، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت، ووثقه الذهبي وابن حجر. الكاشف: ج1 ص463، الناشر: دار القبلة للثقافة الإسلامية ـ جدة. تقريب التهذيب: ج1 ص390، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.
(40) الرازي ، الجرح والتعديل :ج 4 ص 136، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.
(41) ابن قيم الجوزية ، زاد المعاد : ج5 ص406، الناشر: مؤسسة الرسالة، مكتبة المنار الإسلامية ـ بيروت ـ الكويت.
(42) أحمد بن حنبل ، مسند أحمد: ج1 ص213 ص220، وغيرها ، شرحه وصنع فهارسه: أحمد محمد شاكر، الناشر: دار الحديث ـ القاهرة.
(43) قال حمزة أحمد الزين بعد أن صحح حديثاً عن أبي الزبير عن جابر : «وقد كثر الكلام حول أبي الزبير في عنعنته عن جابر واتهموه بالتدليس في سماعه منه ، فقال بعضهم : إنه مدلس لا تقبل عنعنته عن جابر، وقبل منه ذلك آخرون ، وكل ذلك تابع لاختلافهم فيه ، فقد وثقه ابن معين وقبله أحمد ، كما وثقه النسائي أيضاً ، وقبله آخرون لأنّ مالكاً حدث عنه في الموطأ ، وكذلك روى له مسلم في الصحيح ، ويخطئ من يظن أنّ مسلماً لم يرو له إلا مصرحاً بالسماع ، فقد تتبعت رواياته وعنعنته في صحيح مسلم ، فزادت عن مائة موضع، وأشرت إلى أماكن ذلك كله في الصحيح ، في مقدمة (المفهم شرح صحيح مسلم) وهي في مجلد ضخم ، وخلاصة ذلك كله أنّ الراجح توثيق أبي الزبير وقبول عنعنته عن جابر على شرط مسلم ، إلى جانب توثيق الأئمة الذين ذكرناهم» . مسند أحمد: ج11 ص357ـ 358، شرحه وصنع فهارسه: حمزة أحمد الزين، الناشر: دار الحديث ـ القاهرة.
(44) أبو يعلى الموصلي ، مسند أبي يعلى : ج3 ص303، ص316، ص324، ص347، ج4 ص32، ص210، وغيرها، الناشر: دار المأمون للتراث ـ دمشق.
(45) ابن خزيمة ، صحيح ابن خزيمة: ج1 ص68، ص124، ج2 ص49، وغيرها، تحقيق: د. محمد مصطفى الأعظمي، الناشر: المكتب الإسلامي ـ بيروت.
(46) الخطيب البغدادي ، تاريخ بغداد: ج3 ص414، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.
(47) أبو يعلى الموصلي ، مسند أبي يعلى: ج4 ص118ـ 119، الناشر: دار المأمون للتراث.
(48) الطبراني، المعجم الكبير: ج2 ص186، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.
(49) ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق : ج42 ص315ـ 317، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.
(50) ابن المغازلي ، المناقب : ص144 ص340، الناشر: دار الأضواء ـ بيروت.
(51) المباركفوري ، تحفة الأحوذي : ج10 ص159، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.
الحمد لله الاول الذي لا يدرك ، والاخر الذي لا يسبق ، والظاهر الذي ليس فوقه شيء ، والباطن الذي ليس دونه شيء ، أحاط بكل شيء علما ، وأحصى كل شيء عددا .
والصلاة والسلام على أشرف أهل الاصطفاء محمد بن عبدالله سيد الانبياء ، وعلى آله الحافظين لما نقل عن رب السموات والأرضين , واللعنة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين .
الشبهة : جاء في البحار تسع عشرة رواية تذكر بأنّ الله ناجى علياً وأن جبرئيل يملي عليه...».
الجواب :
إنّ نجوى الله سبحانه لعلي عليه السلام ليست من الوحي في شيء ، فإنها نوع من التحديث ، وليس كل تحديث ونجوى من ملك من الملائكة لولي من أولياء الله وأحبائه هو وحي ، وإلا فسيكون عدد كبير من الصحابة قد أوحى الله إليهم وحياً رسالياً .
ومناجاة الله تعالى لعلي عليه السلام حقيقة ماثلة للعيان في التراث الإسلامي لم تنفرد الشيعة الإمامية بذكرها ، بل فاضت بها روايات أهل السنة ، وأخرجها العلماء والمحدثون ومن طرق مختلفة .
وقبل التعرض إلى سند الروايات وبيان صحة طرقها ، وتوضيح المقصود منها نشرع ببيان معنى النجوى في اللغة , ليسهل علينا فهم المقصود من تلك الروايات .
معنى النجوى
قال في القاموس : «ناجاه مناجاةً ونجاءً : سارّه . وانتجاه : خصّه بمناجاته»(1).
وفي لسان العرب : «ونجاه نجواً ، ونجوى : سارّه ، والنجوى والنجي : السرّ . والنجو : السرّ بين اثنين ، يقال : نجوته نجواً أي ساررته ، وكذلك ناجيته ، والاسم : النجوى»(2).
وفي مختار الصحاح : «وانتجاه : خصّه بمناجاته»(3).
وقال الراغب في المفردات : «وانتجيت فلاناً استخلصته لسرّي»(4).
فالنجوى والمناجاة هي : المسارّة بين شخصين ، والمناجي هو الطرف المخاطِب والمحدِّث ، والمقابل هو نجيّه والمستخلَص لسرّه دون غيره من البشر.
قال ابن الأثير : «وفي حديث الدعاء (اللّهم بمحمد نبيّك ، وبموسى نجيّك) هو المناجى المخاطب للإنسان والمحدّث له ، يقال : ناجاه يناجيه مناجاة ، فهو مناجٍ ، والنجيّ : فعيل منه»(5).
فالمناجاة صفة مفاعلة ، وهي تقتضي الاشتراك بين الطرفين ، فحين يقال : ناجاه أي أنّ المسارّة حدثت بين طرفين ، فالمبتدئ بالمناجاة يسمّى مناجياً ، والطرف الآخر يسمى مناجىً «وانتجى القوم وتناجوا : أي سارّ بعضهم بعضاً»(6).
ولكن المهم هنا هو كيف أن الله تعالى ينتجي علياً عليه السلام !
إنّ فضائل أمير المؤمنين علياً عليه السلام ومناقبه من العظمة والشهرة والكثرة ما أصبح الكلام عنها يعد من نافلة القول ، ومن قبيل الإشادة بنور الشمس ضياءً وانتشاراً , فلذا يقول ابن أبي الحديد : «فأما فضائله عليه السلام فإنها قد بلغت من العظم والجلالة والانتشار والاشتهار مبلغاً يسمج معه التعرض لذكرها والتصدي لتفصيلها ، فصارت كما قال أبو العيناء لعبيد الله بن يحيى بن خاقان وزير المتوكل والمعتمد : رأيتني فيما أتعاطى من وصف فضلك ، كالمخبر عن ضوء النهار الباهر، والقمر الزاهر ، الذي لا يخفى على الناظر»(7).
حتى قال أحمد بن حنبل : «ما جاء لأحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الفضائل ما جاء لعلي بن أبي طالب»(8).
وقال ابن الجوزي : «قال الإمام أحمد بن حنبل : ما لأحد من الصحابة من الفضائل بالأسانيد الصحاح مثل ما لعلي (رضي الله عنه)»(9).
وقال أحمد وإسماعيل بن إسحاق القاضي أيضاً : «لم يُروَ من فضائل أحد من الصحابة بالأسانيد الحسان ما روي في فضائل علي بن أبي طالب»(10).
ومن فضائله عليه السلام أنّ الله سبحانه انتجاه واستخلصه لسرّه ومكنون علمه وبحضور المصطفى صلى الله عليه وآله ، وذلك في حصار الطائف حتى طالت مناجاته له ، ما جعل بعض الصحابة يعترض ويبدي امتعاضه من ذلك وعدم تحمله لهذا المشهد ، فوصل اعتراضهم واحتجاجهم على تلك المناجاة إلى مسامع النبي صلى الله عليه وآله ، فأجابهم النبي : «ما انتجيته ، ولكن الله انتجاه»(11).
وهذه القضية قد وثقت في المصادر عند كلا الفريقين ، وهي على كثرتها وتشعب طرقها في مصادرهم قد تصل إلى حد الاستفاضة ، وسننقل ما دل عليها من روايات أهل السنة.
المناجاة في روايات أهل السنة
لقد وردت تلك القصة في كثير من مصادر أهل السنة وكتبهم المعتبرة ، وأخرجها كبار الحفاظ والمحدثين ، وسوف ننقل نموذجين من هذه الروايات :
1 ـ رواية الترمذي
أخرج الترمذي في سننه ، قال : «حدثنا علي بن المنذر الكوفي ، أخبرنا محمد بن فضيل ، عن الأجلح ، عن أبي الزبير، عن جابر، قال : دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً يوم الطائف فانتجاه ، فقال الناس : لقد طال نجواه مع ابن عمه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما انتجيته ، ولكن الله انتجاه».
وقد قال بعد ذلك : «هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث الأجلح ، وقد رواه غير ابن فضيل عن الأجلح ، ومعنى قوله : (ولكن الله انتجاه) ، يقول : إنّ الله أمرني أن أنتجي معه»(12).
سند الرواية
إنّ الرواية جيدة الإسناد ، قد حسنها الترمذي ، وأما رواتها : فعلي بن المنذر الكوفي قال عنه ابن حجر: «صدوق يتشيع»(13) ، وقال الذهبي : «قال النسائي: شيعي محض ، ثقة»(14).
ومحمد بن فضيل بن غزوان بن جرير الضبي قال عنه ابن حجر : «صدوق عارف رمي بالتشيع»(15).
وقال عنه الذهبي : «ثقة شيعي»(16).
وأما الأجلح فقد قال عنه ابن حجر : «صدوق شيعي»(17).
وقال الذهبي : «وثقه ابن معين وغيره»(18).
وأبو الزبير : هو محمد بن مسلم بن تدرس القرشي الأسدي ، قال عنه الذهبي : «حافظ ثقة»(19).
فالرواية بهذا الطريق معتبرة السند.
2 ـ رواية ابن أبي عاصم
أخرج ابن أبي عاصم في كتابه السنة ، قال : «حدثنا وهبان بن بقية ، ثنا خالد ، عن الأجلح ، عن أبي الزبير ، عن جابر قال : انتجى النبي صلى الله عليه وسلم علي ابن أبي طالب ، فقال الناس : يا رسول الله ، لقد طالت مناجاتك لعلي ، قال : ما انتجيته ولكن الله انتجاه»(20).
سند الرواية
لقد جاءت هذه الرواية بسند معتبر أيضاً.
فوهبان بن بقية : هو وهب بن بقية بن عثمان بن سابور بن عبيد بن آدم بن زياد الواسطي ، أبو محمد المعروف بوهبان ، وثّقه الذهبي(21) وابن حجر(22).
وأما خالد : فهو خالد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن يزيد الطحان أبو الهيثم ، قال عنه الذهبي : «أحد العلماء ، ثقة عابد»(23).
وقال عنه ابن حجر : «ثقة ثبت»(24). وأما الأجلح وأبو الزبير فقد تقدم الكلام عنهما.
تضعيف الألباني لروايات أبي الزبير عن جابر
لقد ضعف الألباني الحديث الأول الذي ينقله أبو الزبير عن جابر، في كتابه ضعيف الترمذي ، ولم يشر إلى وجه الضعف فيه ، إلا أنه قد بين وجه الضعف في السلسلة الضعيفة مدعياً أنّ أبا الزبير متهم بالتدليس وقد عنعن أي لم يصرح بالسماع أو التحديث ، قال : «وأبو الزبير مدلس وقد عنعنه ، فهو علة الحديث»(25).
وأما الحديث الثاني فلم نجد تعليقاً للألباني عليه في كتابه ظلال الجنة الذي علق فيه على كتاب السنة لابن أبي عاصم والذي ورد فيه الحديث ، مع أنه يتضمن السبب نفسه الذي من أجله ضعف الحديث الأول ، وهو رواية أبي الزبير عن جابر.
وقد أكد الألباني على تضعيف جميع أحاديث أبي الزبير عن جابر التي لم يصرح فيها بالسماع أو التحديث إلا إذا كانت الرواية عن الليث بن سعد عن أبي الزبير، فإنها مقبولة وإن لم يصرح فيها بالتحديث , لما ستأتي الإشارة إليه ، قال : «وجملة القول : إن كل حديث يرويه أبو الزبير عن جابر أو غيره بصيغة (عن) ونحوها وليس من رواية الليث بن سعد عنه , فينبغي التوقف عن الاحتجاج به , حتى يتبين سماعه , أو ما يشهد له , ويعتضد به ، هذه حقيقة يجب أن يعرفها كل محب للحق , فطالما غفل عنها عامة الناس ، وقد كنت واحداً منهم , حتى تفضل الله علي فعرفني بها , فله الحمد والشكر, وكان من الواجب علي أن أنبه على ذلك , فقد فعلت , والله الموفق لا رب سواه»(26).
وهنا لابد أن نشير الى أنّ تضعيف الألباني لجملة من أحاديث أبي الزبير ومنها هذان الحديثان , استناداً إلى تهمة التدليس لم يكن له مسوغ ومبرر علمي ، كما أن الأدلة والشواهد لا تدعم ذلك ، وهذا ما تكشفه عدة من الوجوه التالية :
الوجه الأول : إنّ المتتبع لكلمات المتقدمين من كبار المحدثين وعلماء الجرح والتعديل كالبخاري والعقيلي وابن عدي وابن حبان وغيرهم الذين ترجموا لأبي الزبير، يجد أنهم لم يتهموه صراحة بالتدليس ، باستثناء النسائي في سننه الكبرى ، قال : «كان شعبة سيء الرأي فيه ، وأبو الزبير من الحفاظ روى عنه يحيى بن سعيد الأنصاري وأيوب ومالك بن أنس ، فإذا قال : سمعت جابراً فهو صحيح ، وكان يدلس وهو أحب إلينا في جابر من أبي سفيان ، وأبو سفيان هذا اسمه طلحة بن نافع»(27) ، ولكن النسائي في الوقت ذاته قد أخرج لأبي الزبير أحاديث عديدة عنعنها ، في سننه المسماة بالمجتبى والتي انتقى أحاديثها من السنن الكبرى وكان بعض المتقدمين يطلقون على سنن النسائي صحيح النسائي (28) ، مما يكشف عن قبول النسائي بعنعنة أبي الزبير، وما ذكره من التدليس لا يعد سبباً لإسقاط روايته عن الاحتجاج بها عنده.
الوجه الثاني : صرح الحاكم النيسابوري بنفي التدليس عن أبي الزبير في كتابه معرفة علوم الحديث ، في معرض كلامه عن معرفة الأحاديث المعنعنة التي ليس فيها تدليس ، فذكر مثالاً لها هو حديث رواه أبو الزبير ، قال : «عن جابر بن عبد الله عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، أنه قال : لكل داء دواء ، فإذا أصيب دواء الداء برئ بإذن الله عز وجل».
قال الحاكم: «هذا حديث رواته بصريون ثم مدنيون ومكيون ، وليس من مذاهبهم التدليس ، فسواء عندنا ذكروا سماعهم أو لم يذكروه ، وإنما جعلته مثالاً لألوف مثله»(29) ، ولذا صحح له الحاكم أحاديث كثيرة في كتابه المستدرك (30).
الوجه الثالث : إنّ عمدة ما استند إليه من اتهم أبا الزبير بالتدليس ، هو قصة الليث بن سعد التي استظهروا منها تدليس أبي الزبير، ومفاد تلك القصة ـ التي نقلها ابن عدي والعقيلي ـ أن الليث قال : «أتيت أبا الزبير المكي فدفع إلي كتابين ، قال : فلما سرت إلى منزلي قلت : لا أكتبهما حتى أسأله ، قال : فرجعت إليه ، فقلت : هذا كله سمعته من جابر؟ قال : لا ، قلت : فأعلم لي على ما سمعت ، قال : فأعلم لي على هذا الذي كتبته عنه»(31).
ويلاحظ على هذه القصة ، أولاً : أنه لا يظهر منها بوضوح كون أبي الزبير قد طلب من الليث أن يحدث بهذه الأحاديث عنه ، وإنما دفع له كتبه التي كتبها والتي يعلم أياً منها سمعه من جابر وأياً منها لم يسمعه ، وعندما أراد الليث أن يكتبها ويحدث بها سأل أبا الزبير وأعلمه بمروياته التي سمعها من جابر .
وثانياً : إن القصة ذاتها قد رواها الفسوي في المعرفة والتاريخ لكن بنحو لا يمكن أن يستظهر منها تدليس أبي الزبير إطلاقاً ، قال : «عن الليث بن سعد : جئت أبا الزبير فأخرج إلينا كتباً ، فقلت : سماعك من جابر؟ قال : ومن غيره ، قلت : سماعك من جابر ، فأخرج إلي هذه الصحيفة»(32).
فأبو الزبير استناداً إلى هذه الرواية لم يدفع لليث أحاديثه حتى نقول إنه دلس ولم يبين له ما سمعه من جابر وما سمعه من غيره ، وإنما أراد أن يريه ما كتبه من أحاديث ، ثم بعد أن طلب الليث منه أن يفرز له ما سمعه من جابر عن غيره دفع إليه الصحيفة التي فيها أحاديثه عن جابر والتي يظهر أنه كان قد عزلها عن بقية الأحاديث ، الأمر الذي يبعد عن أبي الزبير تهمة التدليس.
الوجه الرابع : إنّ من اتهمه بالتدليس من المتأخرين كالذهبي(33) وابن حجر(34) قد صححوا أحاديث قد عنعنها أبو الزبير ولم يصرح فيها بالسماع أو التحديث , فقد وافق الذهبي الحاكم النيسابوري في تصحيح أحاديث أبي الزبير، وذلك في تلخيصه على المستدرك(35) ، وأما ابن حجر فقد صحح حديث أبي الزبير عن جابر عن رسول الله صلى الله عليه وآله «لا تذبحوا إلا مسنة...» ، قال : «وقد صح فيه حديث جابر رفعه (لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن) أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي وغيرهم»(36).
فلا ندري هل تناقضوا في حكمهم أم أنهم يعتقدون أن عنعنة أبي الزبير غير قادحة في صحة حديثه؟!
الوجه الخامس : قد أخرج لأبي الزبير أحاديث معنعنة ، كثيرٌ من المتقدمين في صحاحهم ، وفي مقدمتهم مسلم النيسابوري في صحيحه (37) ولا يخفى مكانة مسلم عند أهل السنة ، حتى أن مثل الدارقطني لم ينتقده عليها عندما علق على صحيحه وأشكل على بعض أحاديثه ، وكذلك أخرج له ابن حبان وابن خزيمة في صحيحيهما (38) ، مضافاً إلى أن أحاديثه المعنعنة قد أخرجها جل الحفاظ والمحدثين ، ومنها ما استدلوا بها في الفروع والأحكام الفقهية كحديث «لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن» ونقله معظم الفقهاء والعلماء واستدلوا به على ما يجوز ذبحه من الحيوان كأضحية ، مما يعني أنهم لا يشكون في صحة الحديث .
الوجه السادس : لو سلمنا كونه مدلساً ، فلا يضر ذلك في حديثه فيما لو كانت الواسطة مأمونة بينه وبين جابر كما هو معلوم ، فإن أبا الزبير قد روى أكثر رواياته عن جابر من صحيفة كتبها سليمان بن قيس اليشكرى الثقة (39) ، قال أبو حاتم : «جالس سليمان اليشكري جابراً فسمع منه وكتب عنه صحيفة ، فتوفي وبقيت الصحيفة عند امرأته فروى أبو الزبير وأبو سفيان والشعبي عن جابر، وهم قد سمعوا من جابر وأكثره من الصحيفة ، وكذلك قتادة»(40).
ومما يؤيد ذلك ويقويه أنه لم يكن لأبي الزبير شيوخ ضعفاء , ولذا قال ابن القيم : «وأبو الزبير وإن كان فيه تدليس فليس معروفاً بالتدليس عن المتهمين والضعفاء ، بل تدليسه من جنس تدليس السلف لم يكونوا يدلسون عن متهم ولا مجروح وإنما كثر هذا النوع من التدليس في المتأخرين» (41).
الوجه السابع : لقد صحح بعض المحققين المعاصرين روايات أبي الزبير عن جابر مع كونها لم تكن عن الليث بن سعد ، ولم يصرح فيها بالتحديث ، ومنهم العلامة أحمد محمد شاكر (42) وحمزة أحمد الزين (43) محققا كتاب مسند أحمد ، وحسين سليم أسد محقق كتاب مسند أبي يعلى الموصلي (44) ، والدكتور محمد مصطفى الأعظمي محقق كتاب صحيح ابن خزيمة (45) ، وغير مَن ذكرنا من المحققين والمعلقين والشراح.
فهذه الوجوه وغيرها تجعل المرء يطمئن بصحة أحاديث أبي الزبير عن جابر على مباني أهل السنة ، سواء التي صرح بها بالسماع أم التي لم يصرح ، وتجعل تضعيف الألباني لها رأياً شاذاً لا يعتد به .
هذا كما أخرج هذه الأحاديث عدد من الحفاظ والمحدثين ومن طرق مختلفة ، فقد أخرجها ـ مضافاً إلى الترمذي وابن أبي عاصم ـ الخطيب البغدادي في تاريخه (46).
وأبو يعلى في مسنده (47) . والطبراني في الكبير (48) . وابن عساكر في تاريخ دمشق ، عن جابر بأربعة طرق ، عن سالم بن أبي حفصة ، وعن عمار الذهبي والأعمش وإبراهيم بن حماد (49).
وأخرجها ابن المغازلي في مناقبه ، عن طريق جابر بن عبد الله الأنصاري ، وسعد بن أبي وقاص (50) ، وغيرهم من علماء وحفاظ أهل السنة ، بالإضافة إلى ما ورد من طرق أهل البيت عليهم السلام في كتب الشيعة.
وبعد أن ثبتت صحة الحديث نتعرض لبيان معناه ، فقد اختلف في المراد منه ، فالشيعة ترى أنّ معناه واضح في أنّ الله تعالى هو طرف المناجاة مع علي عليه السلام ، بينما فسر أهل السنّة عبارة (ولكن الله انتجاه) : أنّ الله أمر النبي صلى الله عليه وآله بأن يناجي ويسار علياً عليه السلام .
ونحن إذا تركنا ظهور الحديث وطبعه من دون تدخل اعتقادات معينة لها تأثيرها في توجيه الحديث ، نجد أنّ المعنى الذي ذهبت إليه الشيعة هو الأقرب إلى اللغة ، فإنّ المناجاة ـ كما تبيّن في البحث اللغوي ـ تفيد الاشتراك في النجوى بين الطرفين ، أحدهما المناجِي (بكسر الجيم)، وثانيهما المناجَى (بفتح الجيم) ، فحين يقال: الله ناجى موسى عليه السلام فإنّ الكلام ظاهر في وقوع المناجاة بين الله تعالى وشخص موسى عليه السلام ، وانتجى الله موسى : ظاهره أيضاً في أنّ الله خصه بمناجاته ، وفي المقام نجد أنّ النبي صلى الله عليه وآله يقول : «الله انتجى علياً»، فظاهر الكلام ينسجم مع أنّ الله تعالى هو مَن ناجَى علياً وانتجاه .
أما حمله على أنّ النجوى كانت بين النبي صلى الله عليه وآله وعلي عليه السلام بأمر الله تعالى فهذا خلاف الظاهر . ولا محذور يمنع من مناجاة الله لعلي عليه السلام مباشرة ، فيضطرنا إلى عدم الأخذ بالظاهر بعد أن ثبت أنّ تحديث الملائكة للأولياء والصالحين أمر ثابت في كتب الفريقين ، وقد أشرنا إلى ذلك مراراً.
ولعل تلك المناجاة من قبل الله تعالى لعلي عليه السلام تُشعِر بأنّ الله يُعد علياً لمهمة عظمى يضطلع بها بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله ، وهي تأهيله لحمل أعباء الإمامة الإلهية بعد رسول الله صلى الله عليه وآله ، فحمّله بعض أسرار تلك المهمة الإلهية.
قال الطيبي مفسراً لمعنى أنّ الله انتجاه : «كان ذلك أسراراً إلهية واُموراً غيبية جعله من خزانتها»(51).
وإن أبيت إلاّ حمل اللفظ على المعنى الذي ذهب إليه علماء أهل السنة ، فلا بأس بذلك ، وهو يُعد فضيلة ومنقبة لأمير المؤمنين عليه السلام ، وعلى كلا التقديرين فإنّ هذه المناجاة لا تمثل وحياً رسالياً ، كما أراد صاحب الاشكال أن يستفيد من ذلك .
ــــــــــــــــــــــــ
(1) الفيروزآبادي ، القاموس المحيط : ج1 ص1723، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت.
(2) ابن منظور، لسان العرب : ج15 ص304، الناشر: دار صادر ـ بيروت.
(3) محمد بن أبي بكر الرازي ، مختار الصحاح : 332، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.
(4) الراغب الأصفهاني ، المفردات في غريب القرآن: ص484، الناشر: دفتر نشر الكتاب ـ إيران.
(5) ابن الأثير ، النهاية في غريب الحديث والأثر : ج5 ص25، الناشر: مؤسسة إسماعيليان ـ قم.
(6) النووي ، شرح صحيح مسلم : ج14 ص167، الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت. العظيم آبادي ، عون المعبود: ج13 ص137، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.
(7) ابن أبي الحديد ، شرح نهج البلاغة : ج1 ص17، الناشر: دار إحياء الكتب العربية.
(8) رواه صاحب المستدرك بسند صحيح عن أحمد بن حنبل. الحاكم النيسابوري، المستدرك: ج3 ص107، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.
(9) ابن الجوزي ، مناقب أحمد: ص220، الناشر: هجر للطباعة والنشر.
(10) ابن عبد البر ، الاستيعاب في معرفة الأصحاب: ج3 ص1115، الناشر: دار الجيل ـ بيروت.
(11) ابن كثير ، البداية والنهاية : ج7 ص393، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت. ابن أبي عاصم ، السنة : ص584، ومعه ظلال الجنة في تخريج السنة بقلم: محمد ناصر الألباني، الناشر: المكتب الإسلامي ـ بيروت.
(12) الترمذي ، سنن الترمذي : ج5 ص303، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.
(13) ابن حجر العسقلاني ، تقريب التهذيب: ج1 ص703، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.
(14) الذهبي ، الكاشف : ج2 ص48، الناشر: دار القبلة للثقافة الإسلامية ـ جدة.
(15) ابن حجر العسقلاني ، تقريب التهذيب: ج2 ص125، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.
(16) الذهبي ، الكاشف: ج2 ص211، الناشر: دار القبلة للثقافة الإسلامية ـ جدة.
(17) ابن حجر العسقلاني ، تقريب التهذيب : ج1 ص72.
(18) الذهبي ، الكاشف : ج1 ص229.
(19) المصدر نفسه : ج2 ص216.
(20) ابن أبي عاصم ، السنة : ص584، ومعه ظلال الجنة في تخريج السنة بقلم: محمد ناصر الألباني ، الناشر: المكتب الإسلامي ـ بيروت.
(21) الذهبي ، الكاشف : ج2 ص356، الناشر: دار القبلة للثقافة الإسلامية ـ جدة.
(22) ابن حجر العسقلاني ، تقريب التهذيب: ج2 ص291، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.
(23) الذهبي ، الكاشف: ج1 ص366.
(24) ابن حجر العسقلاني ، تقريب التهذيب: ج1 ص189.
(25) الألباني ، سلسلة الأحاديث الضعيفة : ج7 ص86، الناشر: مكتبة المعارف ـ الرياض.
(26) الألباني ، سلسلة الأحاديث الضعيفة : ج1 ص162 ـ 163رقم الحديث: 65، الناشر: مكتبة المعارف ـ الرياض.
(27) النسائي ، السنن الكبرى: ج 1 ص 640، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.
(28) قد جاء في الكامل لابن عدي قال: «وقد أدخله أبو عبد الرحمن النسائي في صحاحه». الكامل في ضعفاء الرجال: ج2 ص146، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.
(29) الحاكم النيسابوري ، معرفة علوم الحديث: ص78، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.
(30) الحاكم النيسابوري ، المستدرك على الصحيحين: ج1 ص 162 ـ 163، ص346، ص370، ص390، ج2 ص36، ص61، وغيرها الكثير.
(31) عبد الله بن عدي ، الكامل :ج 6 ص 124، الناشر: دار الفكر ـ بيروت. العقيلي، ضعفاء العقيلي: ج 4 ص 133، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.
(32) البسوي ، المعرفة والتاريخ : ج1 ص166، الناشر: مكتبة الدار بالمدينة المنورة.
(33) قال عنه الذهبي في الكاشف: «وكان مدلساً واسع العلم». الكاشف في معرفة من له رواية في كتب الستة : ج2 ص216، الناشر: دار القبلة للثقافة الإسلامية ـ جدة.
(34) قال ابن حجر في التقريب: «صدوق إلا أنه يدلس». تقريب التهذيب: ج2 ص132، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.
(35) الحاكم النيسابوري ، المستدرك وبذيله التلخيص للذهبي: ج1 ص162ـ 163، ص346، ص370، ص390، ج2 ص36، ص61، وغيرها الكثير، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.
(36) ابن حجر، فتح الباري: ج 10 ص 12، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.
(37) مسلم النيسابوري، صحيح مسلم: ج1 ص34 ح19، ص66 ح173، ص148 ح464، ج2 ص80 ـ 81 ح1139، ج6 ص77 ح4975، وغير ذلك من المواضع ، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.
(38) ابن حبان ، صحيح ابن حبان: ج1 ص278 ص409، ج2 ص48، ص251، وغيرها. ابن خزيمة، صحيح ابن خزيمة: ج1 ص68، ص124، ج2 ص49، وغيرها، الناشر: المكتب الإسلامي.
(39) قال المزي : «وقال أبو زرعة والنسائي : ثقة». تهذيب الكمال: ج12ص55، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت، ووثقه الذهبي وابن حجر. الكاشف: ج1 ص463، الناشر: دار القبلة للثقافة الإسلامية ـ جدة. تقريب التهذيب: ج1 ص390، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.
(40) الرازي ، الجرح والتعديل :ج 4 ص 136، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.
(41) ابن قيم الجوزية ، زاد المعاد : ج5 ص406، الناشر: مؤسسة الرسالة، مكتبة المنار الإسلامية ـ بيروت ـ الكويت.
(42) أحمد بن حنبل ، مسند أحمد: ج1 ص213 ص220، وغيرها ، شرحه وصنع فهارسه: أحمد محمد شاكر، الناشر: دار الحديث ـ القاهرة.
(43) قال حمزة أحمد الزين بعد أن صحح حديثاً عن أبي الزبير عن جابر : «وقد كثر الكلام حول أبي الزبير في عنعنته عن جابر واتهموه بالتدليس في سماعه منه ، فقال بعضهم : إنه مدلس لا تقبل عنعنته عن جابر، وقبل منه ذلك آخرون ، وكل ذلك تابع لاختلافهم فيه ، فقد وثقه ابن معين وقبله أحمد ، كما وثقه النسائي أيضاً ، وقبله آخرون لأنّ مالكاً حدث عنه في الموطأ ، وكذلك روى له مسلم في الصحيح ، ويخطئ من يظن أنّ مسلماً لم يرو له إلا مصرحاً بالسماع ، فقد تتبعت رواياته وعنعنته في صحيح مسلم ، فزادت عن مائة موضع، وأشرت إلى أماكن ذلك كله في الصحيح ، في مقدمة (المفهم شرح صحيح مسلم) وهي في مجلد ضخم ، وخلاصة ذلك كله أنّ الراجح توثيق أبي الزبير وقبول عنعنته عن جابر على شرط مسلم ، إلى جانب توثيق الأئمة الذين ذكرناهم» . مسند أحمد: ج11 ص357ـ 358، شرحه وصنع فهارسه: حمزة أحمد الزين، الناشر: دار الحديث ـ القاهرة.
(44) أبو يعلى الموصلي ، مسند أبي يعلى : ج3 ص303، ص316، ص324، ص347، ج4 ص32، ص210، وغيرها، الناشر: دار المأمون للتراث ـ دمشق.
(45) ابن خزيمة ، صحيح ابن خزيمة: ج1 ص68، ص124، ج2 ص49، وغيرها، تحقيق: د. محمد مصطفى الأعظمي، الناشر: المكتب الإسلامي ـ بيروت.
(46) الخطيب البغدادي ، تاريخ بغداد: ج3 ص414، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.
(47) أبو يعلى الموصلي ، مسند أبي يعلى: ج4 ص118ـ 119، الناشر: دار المأمون للتراث.
(48) الطبراني، المعجم الكبير: ج2 ص186، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.
(49) ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق : ج42 ص315ـ 317، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.
(50) ابن المغازلي ، المناقب : ص144 ص340، الناشر: دار الأضواء ـ بيروت.
(51) المباركفوري ، تحفة الأحوذي : ج10 ص159، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.
تعليق