المرجعيّةُ الدّينيّةُ العُليا الشريفةُ :- تُعزّي باستشهادِ ثلّةٍ من المؤمنين الصادقين والّذين لبّوا نداءَ الإمام الحُسَين ، عليه السلام، في ظهيرة يوم عاشوراء في ركضة طويريج ( ألا مِن ناصر ينصرنا ) وردّدت أرواحُهم وأنفسُهم بصدقٍ ( لبيّك
يا حُسَين )- وكان رجاءُ هؤلاءِ الصادقين مواساته ببذل أرواحهم مَحبّةً به وصدقا، ففاضت أرواحهم إلى بارئها الأعلى شوقاً إلى لقاء سيّد الشهداء وصحبه الكرام.
: وبهذه المناسبة الأليمة نتقدّم بأحرّ التعازي والمواساة لعوائلهم وذويهم ، وندعو بالشفاء العاجل للجرحى والّذين تماثل بعضٌ منهم للشفاء ببركة رحمة الله ودعاء المؤمنين .
: ونودّ أن نُبيّنَ هنا أنَّ المسؤولين في العتبات المقدّسة يُحققّون في هذا الحادث المأساوي ، وسيتّخذون الإجراءات المناسبة إن كان هناك قصور في تنظيم خطط ركضة طويريج ، لإعادة النظر في ذلك مستقبلاً.
:1: أيّها الإخوة والأخوات المُعزّون بمصابِ سيّد الشهداء ، عليه السلام، أعظمَ اللهُ أجورَكم بمصابِ سيّد الشهداء وصحبه الكرام – ونحن نعيشُ ذكرى أفجع مصيبةً وأكبر ظلامة وأعظم تضحية قدّمها أهل بيت النبوة ، عليهم السلام، باستشهاد سبط رسول الله ظهيرة يوم عاشوراء ، هذا اليوم الذي يُعدّ الأعمق في تجسيد مبادئ التضحية والفداء من أجل الدين الحقّ.
:2: فقد شاءت الإرادة الإلهيّة أن تترسّخ وتبقى روحُ تلك المبادئ من خلال مسيرات العزاء لتعبّر عن عمق الولاء وصدق الانتماء لسيّد الشهداء ، عليه السلام، وأن يبقى هذا الولاء الصادق والانتماء فاعلاً ومؤثراً في نفوس السائرين على درب الحُسين ، ومن خلال تجسيد القدوة الحسنة من المعصوم وعلماء أهل البيت ،ولا يكتمل هذا الولاء إلّا بالابتلاء لمعرفة مدى روح الفداء والتضحية عن الوطن والدين والمُقدسات ، والذي ظهر جليّاً وبأبهى صوره في معركة الدفاع عن العراق ومقدّساته وأعراضه وهويته ضد عصابات الضلال الداعشي.
:3: ولا يزال دور العزاء ومسيراته المليونيّة وعزاء ركضة طويريج له الدور الجوهري والقوي والمؤثّر بصورة أساسيّة لإدامة تلك المبادئ – وإنَّ ما يُصاحبها من سقوط الشهداء أو الجرحى سواءٌ بعمليات إرهابيّة أو بغيرها من الأسباب يُعدّ عامل ابتلاء للمؤمنين في الإحياء الدائم لمبادئ الثورة الحسينية ، وذلك بالجود بالنفس والإيذاء .
:4: إنَّ مظاهر العزاء تسهم في تحويل الولاء من الشعارات إلى التطبيق الصادق ، وهذا هو بعينه المواساة للإمام الحُسين ، عليه السلام ، وكذلك كان ظهر عاشوراء من هذا العام موعداً لرحيل ثلّة من الصادقين في ولائهم والباذلين لأنفسهم والمُضحين بأرواحهم من أجل الوصول لموقع شهادة سيّد الشهداء ، عليه السلام ، وكان رجاؤهم مواساته وبذل أرواحهم بصدق وحرارة ومحبّة.
:5: ونودّ أنَّ نُبيّن أمراً مهمّاً وهو كيف نجسّد الحزن الصادق والحبّ الولائي للإمام الحُسين ونُطبّقه في واقعنا الحاضر ، وإنّما يتحقّق ذلك باستحضار كلّ واحد منّا ما جرى على الإمام الحُسَين وعلى عياله من سبي من مدينة إلى مدينة والناس ينظرون إليهم بشماته ، وليتصوّر الواحد منا ما لو جرى ذلك على عياله من بناته أو زوجته أو قتل أولاده أمامه فيكف سيكون موقفه ؟
:6: إنَّ المسألة العاطفيّة في المأساة الحُسينية هي مهمّة جدّاً ، ومن خلالها يمكن لنا أن ننتقل من الحزن الصادق إلى تطبيق مبادئ النهضة الحسينية على أنفسنا وعلى واقعنا - وعلينا أن نراجع أنفسنا لنرى مدى صدق ولائنا وإيماننا في ما لو واجهنا خطراً على الوطن أو فتنةً في الدين أو غير ذلك من مواجهة حاكم ظالم أو المنكرات والفساد – فهل سنثبت أم سيضعف إيماننا ؟
ولتكون السيّدة زينب ، عليها السلام ، في صبرها وتحمّلها القدوة الحسنة للنساء المؤمنات اليوم في مواجهة المشاكل والأزمات وكيفية التغلّب عليها .
:7: علينا أن نتعرّف على أخلاق وأقوال وسيرة الإمام الحُسين ، عليه السلام ،حتى نتمكن من تطبيق مبادئه في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفق الأطر الشرعية والقانونية .
:8: ينبغي الاهتمام بكيفية جذب الشباب في الوقت الحاضر إلى مبادئ النهضة الحُسينية ليستلهموا منها في مواجهة ما يمرّون به من مشاكل وأزمات – وقضية عاشوراء تقوّي ارتباطهم بإمامهم الحُسين ، وتعرّفهم بفهم معنى الحياة الحقيقية ومبادئها الصحيحة والسامية ، وتجعلهم قادرين على تجاوز ما يعانون منه.
وهم وبحمد الله يشاركون وبملايين وخاصة الشباب الجامعي في مسيرات العزاء ، ولكن من الضروري تعريفهم وتربيتهم وفق الرؤية الحسينية القويمة.
:9: ومهما كان للشباب من تطلعات مشروعة وآمال من الحصول على الشهادة أو الزواج أو غير ذلك ، ولكن عدم تحققها لا يعني اليأس والتراجع – وعندنا من الشباب الحسيني الكثير ممّن ضحوا بأرواحهم ضد عصابات داعش دفاعاً عن الوطن والدين والأعراض والمقدسات ، وهم قد عرفوا معنى الحياة الأسمى والتي تتطلّب التضحية والموقف ، وإنَّ الحياة لا تنحصر بالماديات ، بل الحياة الحقّة والسعادة الحقيقة هي بما يريدها اللهُ تعالى ورسوله وأهل بيته ، عليهم السلام، من الثبات على الحقّ والدفاع عنه والتضحية من أجله.
: أهمُّ ما جاءَ في خِطابِ المَرجَعيَّةِ الدِّينيّةِ العُليَا الشَريفَةِ , اليَوم, الجُمْعَة ، الثالث عشر من مُحرّمٍ الحرام 1441 هجري ، الثالث عشر من أيلول 2019م - عَلَى لِسَانِ الوكيلِ الشرعي، سماحة الشيخ عبد المَهدي الكربلائي، دامَ عِزّه ، خَطيب وإمَام الجُمعَةِ فِي الحَرَمِ الحُسَيني المُقَدّسِ .
___________________________________________
تدوين – مرتضَى علي الحلّي – النجفُ الأشرف
تعليق