إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

المشهد الحسیني وعناوینه الموثقة

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • المشهد الحسیني وعناوینه الموثقة

    بسم الله الرحمن الرحيم

    اللهم صلِ على محمد واله الطاهرين

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    الحمدُ لله ربّ العالمین و الصلاة والسلام التامّین علی سیّد المرسلین محمّد المصطفی وعلی الأئمّة الأطهار من آله الطیّبین، والتحیّة والرضوان علی أصحابهم الأبرار والمؤمنین الأخیار



    والسلام علی الحفل ال?ریم ورحمة الله و بر?اته.إنّ الإمام أباعبدالله، الحسین الشهیدعلیه السلام و إمامته و نهضته ومشهده، و ?ربلاءه، و مجاوریه، وزائریه، وزیاراته، و?راماته، و مجالس عزائه، و شعائره، ?لّها أمورٌ معروفةٌ ?مّاً و?یفاٌ، یعیشها الشیعة، و قد تحدّثت عنها ال?ُتب و في مقدّمتها الكتب الإلهيّة المقدّسة، و الأحادیث الشریفة، و قد أُشبع البحث عنها في ?تب السیرة والتاریخ، بجهود أعلام المؤلّفین من المحقّقین، ومن مختلف الأطیاف، و بأنواع الأسالیب نثراً و نظماً و روایة و ح?ایة، و استوفى الخُطباءُ الأجِلّاء إعلانها علی المنابر، حتی استوعبتها الجماهیرُ الموالیةُ، وَعیاً، واستیقنتها قلوبُهم وأنقسهم دَرْ?اً، و بلّغوها للآخرین، و لایزالُون علی هذه السیرة، یُعیدون الحدیث علی طول المسیرة حتی یتحقّق الخلودُ المنشودُ الذي عبَّر عنه الشاعر:

    ?ذبَ الموتُ فالحسینُ مخَلَّدْ *** ?ُلَّما أَخْلَقَ الزمانُ تَجدّدْ

    و نحنُ تفتخرُ بأنّنا علی هذه المسیرة نتّبعُ سیرة الرسول الأ?رم صلّی الله علیه و آله و أهل البیت (عليهم السلام) حیثُ أ?ّدوا علی ذلك ?ما فی الحدیث الشریف عن الإمام الصادق جعفر بن محمّد علیه السلام، قال: نَظَرَ النبيُّ صلّی الله علیه و آله إلی الحُسین بن عليّ - و هُوَ مُقبلٌ - فاُجْلسَهُ في حِجْرِه، و قال: «إنّ لِقتل الحُسینِ حرارةً في قُلُوبِ المؤمنینَ لاتَبردُ أَبَداً».
    ثمّ قال الصادق علیه السلامُ: «بأَبي قتیلُ ?لّ عُبْرة... لایذ?رهُ مُؤمنٌ إلّا ب?ی» .

    فهذا الحدیث دلّ علی (تعمیم العبْرةِ علی الحسین) وعلی (استمرار الحُرقة علی قَتْله) إلی الابَدَ.
    وبِهَدْیِهم اهتدَینا إلی تعظیم مُناسباتهم نَفرحُ لِفَرحِهم و نحزنُ لِحُزنِهم ?ما أرادوا، إحیاًءً لذ?رهم، وفي ?لّ المناسبات نُغرّج علی ذ?ر الحسین علیه السلام و مشهده، وی?ون هو المحور، لیتحقّق ما أخبریه الرسولُ صلّی الله علیه و آله من «تعمیم العبرة علیه» و «تستمرُّ الحُرقة» ولا تخمدُ إلی الأَبَد.

    والأسالیبُ التي نُؤدّي بها هذه الوظیفةَ، تتعدّد و تتنوّع - ?ما أشرنا - حسب الأذواق و التخصّصات والرغبات، وبحسب ما عند ?لّ واحدٍ من الإم?انات، و ما یمل?ه من الثقافات.
    وقد وفّقنی الله الی الوقوف علی أسالیب، سأعرضها هنا، أحسبُها الأُهمّ، لعدم وقوفي علی مَنْ زوالَها ?ما سأعرض.

    الأسلوب الأوّل



    إنّ المصادر المعتبرة والموثوقة، التي استوعبتْ ما یرتبطُ بالحسین علیه السلام و شؤون سیرته، والمرویّة عن المعصومین (عليهم السلام) علی ?ثرتها و أهمیّتها، لم نستوف نحن الاطّلاع علی جمیعها ’لما جری علی تراثنا العزیز من الإبادة علی أثر غفلة الأولیاء، و حقد الأعداء، ل?نْ - و بفضل الله و حسن عنایته - إنّ المبتقی من التراث الحسینيّ، باقٍ في المخازن و دور ال?تب، و?ذلك في ثنايا التراث الإسلاميّ العامّ، الذي یحتوي طيًّ مباحثه وفصوله و أبوابه، روایات ومقاطع وأنباء وحوادث مهمّة، حول سیرة الحسین علیه السلام وشؤونه، فالمفروض علی العلماء والأدباء والمحقّقین للتراث أن یبذلوا جهوداً - أ?ثر ما مضی - في البحث عن ذلك وإحيائه وضبطه، ونشره.

    وقد وقفتُ في تجوالي بین المصادر الحدیثیة علی حدیثٍ نبويّ شریف احتوی عناوین مهمّة، أطلقها الرسول الأ?رم صلّی الله علیه و آله على «الحسین علیه السلام» هي علی منتهی الروعة، أوردهُ هُنا، وأذ?ر أسلوباً لعرض العناوین التي وردت فیه.
    روی المحدّث الأقدم الشیخ محمّد بن عليّ بن الحسین القمّي ابن بابویه الشهیر ب (الشیخ الصدوق) (ت 381 هـ) في ?تابه القیّم (عُیون أخبار الإمام الرضا علیه السلام) (1 ص 59 - 64) رقم (29) من الباب (6) حدیثاً طویلاً، بسند موصول إلی الإمام محمّد الجواد علیه السلام عن أبیه الإمام الرضا علیه السلام عن آبائه الأئمّة (عليهم السلام) عن الإمام الحسین علیه السلام، قال: دخلتُ علی رسول الله، وعنده أُبَيٌّ بن ?َعْب، فقال لي رسول الله:
    «مَرْحباً، یا أباعبدالله، یا زینَ السماواتِ والأرضینَ».
    قال أبيّ: كيف يكون – يا رسول الله - « زینَ السماواتِ والأرضینَ» أحدٌ غيرك؟.
    قال له رسول الله:

    «يا أُبَيُّ، والذي بُعُثني بالحقَّ نبیّاً: إنّ الحُسین بن عليّ في السماء أ?برُ منهُ في الأرض.
    وإنّهُ لم?توبٌ عن یَمین عرشِ اللهِ عَزّوجَلّ:

    « مِصْباحُ هُدَیً وسَفینةُ نَجاة».
    « وإمام خَیْرٍ، و یُمْنٍ، و عِزٍّ، و فخرٍ، وعلِمٍ، وذُخْرٍ».
    إنّ هذا الحدیث الشریف احتوی أُموراً عظیمة من شؤون الحسین علیه السلام بدأ بترحیب الرسول صلّی الله علیه و آله بذ?ره بال?ُنیة «أبا عبدالله» التي هي تدلّ في العرف العَرَبي علی التعظیم والتبجیل، وقد أطلقها الرسول صلّی الله علیه و آله للحسین علیه السلام و هو صبيٌّ.
    ثمّ خطاب الرسول صلّی الله علیه و آله للحسین: «یا زین السماوات والأرضین» الأمر الذي أدهش الصحابيَّ أبَیّاً، فتساءل بما ذ?ره و?ان جواب الرسول صلّی الله علیه و آله، بما أقعد أبَیّاً عن ال?لام لأن الرسول صلّی الله علیه واله فلم یُجبْه إلّا بعد أ ن أقسم ذلك القسم العظيم وصرح في تاجواب بأمر غيرالمسؤول عنه، فقال: «إنّ الحُسینَ في السماء ا?بر منه في الأرضَ»!

    والح?مة في هذا الجواب: أنّ الصحابيّ أُبَیّاً إذا لم یعرف للحسین مقامَه أن ی?ون زیناٌ للسماوات والأرضین، ف?یفَ بغیره من الناس! وتصريح الرسول صلی الله علیه وآله بمقام الحسین في السماء وأنّه «أ?بر منه فی الأرض» لی?شف عن عظمة الحسین ه?ذا وهو أعجب من التصريح السابق.

    وأضاف الرسول علی ذلك ما ذ?ر من «العناوین» للحسین، مما وهبه الله عزّوجلّ، وأمرب?تابتها عن یمین عرشه - وهو أرفع م?ان في السماء - وفي هذا دلالة علی ربّانیّة (هذه العناوین) و?ونها مقدّسة، لقُدس الموضع الذي ?تُبت علیه.
    ثمّ إنّ «العناوین» المعروفة عند المسلمین للحسین علیه السلام وسیرته ?ثیرة، وردت في النصوص المرویّة بطرق مشهورة، عن المعصومین (عليهم السلام)، نذ?ر منها:
    عنوان (الشهادة)

    إن الشهادة في سبیل الله هي السِمَة العامّة للمعصومین الذین أعلنوا عن قولهم: «ما منّا إلّا مقتولٌ أو مسمومٌ » و قد سجّل التاریخ تحقّق ذلك لهم، ول?نّ الحسین علیه السلام تمیّز بلقب «سیّد الشهداء» فاجتمع له العنوانان «الشهادة» و «سیادة الشهداء».
    عنوان (الوراثة عن الأنبیاء)

    حیث نتلو في أشهر نصوص زیارات الإمام الحسین علیه السلام انّ الحسین «وارث آدم» و «نوح» و «إبراهیم» و «موسی» و «عیسی» و جدّه «محمّد» الأنبياء العظام عليهم السلام.
    فلو أضیقت عناوین «الشهادة» و«السیادة» و«الإرث» هذه إلی ما مرّ في «العناوین التي ذ?رت في حدیث الرسول صلی الله علیه و آله، لبلغت ال?ثرة.
    وإذا ?انت ?لّ هذه «العناوین» متجسّدةً في شخص الحسین علیه السلام فقد ?انت الهالة في وجود الإمام الحسین في مشهد ?ربلاء، فأصبح ذلك المحور، موضوعاً ملأ التاریخ، و سود صحف ال?تب، وأعین قرآئها، و آذان مستمیعها، و عُدّ من أفجع «التراجید یا» المحزنة.
    ولو نظرنا إلى الذین خطّطوا فصولها، و مثلوا أدوارها، ?مّاً و عدداً، و?یفاً و صوراً، نجدُ أنّها قائمة حول شخص الإمام الحسین علیه السلام، وتدور علی فلك أصحاب ال?ساء، الذین اشتر?وا في الأدوار المهمّة فیها:
    فالرسول صلّی الله علیه و آله حضر فیها ممثّلاً بعليّ بن الحسین الا?بر، الذي ?ان أشبه الناس بالرسول خَلْقاً و خُلُقاً و منطقاً.
    و تمثل الإمام أمیرالمؤمنین علیه السلام في ابنه العبّاس أبی الفضل السقّاء.
    و مثلّت فاطمة بنت رسول الله: ابنتُها زینب ال?بری بطلة ?ربلاء، التي:
    (ورثتْ مصائب أمِّها *** وغدتْ تُقابِلُها بِصَبر أَبِیْها)
    وحضر الإمام الحسن المجتبی علیه السلام ممثّلاً في أولاده القاسم و إخوته.

    والحسین خامس أصحاب ال?ساء - فقد حضّر بذاته المقدّسة لیقدّم نفسه «الفداء» في هذه «التراجید یا» المحزنة.
    وأما (المشهد) م?اناً: فهو ?ربلاء، وزماناً: فهو یوم عاشوراء، والقائمون بها بعد اصحاب ال?ساء: هم الأنصار الأولیاء الأبرار.
    وقام بأدوار الجريمة: أصحاب الجهل والطمع والطاعة العمیاء لولاة الفاسدین أعداء الدین.
    و(المشاهدون): هم المؤمنون عبر التاریخ، والمحققون والمثبتون وقائعه ومواقعه، والباحثون عن أسبابه ونتایجه، مضافاً الی الجمهور من ذوي الوجدان الصادق والضمیر الحيّ، الذین اعترفوا بانّ ا لعدلَ فضیلةٌ، والظلمَ رذیلةٌ.
    وفي مقدمة هؤلاء جمیع الأنبیاء، والأوصیاء والأئمّة والأولیاء، والعلماء والمجاهدین، وتبعهم المظلومون والمن?وبون مدی التاریخ.

    وقد أصبح المشهد:
    «عَبرةً» لا ترقأ أبداً، ?لّما تذ?روا ذلك المشهد.
    و «عِبْرةً» ل?لّ من یتحلّی بالإنسانیّة.
    إنّ (العناوین) المعدودة - في ما ذ?رنا - ل?لٍّ منها مساحة واسعة للبحث والتحلیل والتدقیق ومعرفة ما له من التأثیر، وما له من الدور في نفوس القارتین والسامعین، الطالبین للمعرفة والهدایة والاستبصار.
    وسنذكر الهدف من عرض هذا الأسلوب في مقطع آخر من هذا المقال.
    والآسلوب الثاني الذي أعرضه هنا

    هو ما التزمته في ?تابي (الحسین علیه السلام سماته وسیرته) وهو: إنّ النُصوص التي نعتمدها فّي ما یرتبط بالسیرة الحسینیّة، نعرضها بأسلوب نربطها بما حولها من ظروف، ولا ن?تفي بترجمة النصّ وتوضیح مفرداته و عرض ما فیه من معلومات قد ت?ون واضحة للسامع أو مسموعة له بش?لٍ م?رّر علی طول السنوات أو المجالس المتعدّدة والمتشابهة نوعا مّا.
    بل، أن نجعل النصّ في الإطار الذي يجمع ما له من ظرف زمنيّ فيه صدر النصّ، و الم?اني الذی طبق ووقع فيه مؤدى النض، و تأثیر قائله، و المخاطب الملقى لإليه، لتأثير كلّ ذلك في ?شف المراد من النصّ.
    ثمّ الدخول الی المتن وربطه، بما سبق من الزمان والم?ان والقائل والمخاطب، وغیر ذلك من الأسباب والمسبّبات، وبالتالي الاستنتاج من النصّ للتعریج علی ما یرتبط بالحسین وسیرته حسب ما ثَبَتَ من أخبار المشهد.
    وقد تمّ عملي ذلك علی هذا الأسلوب بالاعتماد علی ما رواه المؤرّخ ابنُ عسا?ر الدمشقيّ، في ?تابه ال?بیر (تاریخ دمشق) من تاریخ الإمام الحُسین علیه السلام.
    و?ان الهدف من هذا الاعتماد: إثبات أنّ في تُراث المسلمین عامّة ما فیه ال?ثیر ممّا ی?مّل المقصود من استیعاب المنصوص حول سیرة الحسین علیه السلام.
    و أمّا المصادر الأهمّ: فهي ما رُوي في التراث عن الذین ل?لامهم حجیّة وقبول، وهم الصادقون الأمناء، وفي مقدّمتهم أصحاب العزاء والأحرص علی معرفة الواقع في تلك الواقعة ومحورها، وهم الواقفون علی ما ?ان عند الأنبیاء اولي العزم من أخبار الحسین وأسراره أولئك الذین (ورثهم الحسین) ?ما ورد في تلك العناوین لارتباطهم بالغیب الموحی إلیهم بالنبوّة، وفي مقدّمتهم سیّدالأنبیاء والمرسلین الرسول الأ?رم صلّی الله علیه واله جدّ الحسین، الذي ربّاه في حِجره، وزقّهُ العلم زقاً، فهو الأعرفُ به وبما له من الشأن، وما سيجری علیه في مستقبل أمره لا طلاعه علی حاضره و مستقبله، فما أعلنه علیه من العناوین، هي الأصدقُ والأحقُّ والأفضلُ، ?ما رأینا في الحدیث الشریف المذ?ور، وحدیثُهُ أصدقُ الحدیث في حقّ سبطه وریحانته وقرّة عینه فما أ?ثر ما تحدّث عن الحسین قبل ولادته، و حینها یوم ولادته، وما أخبر عن أنباء الغیب في شأنه، وقد عُدَّ جمیع ذلك من (دلائل النبوّة) و (أعلام الرسالة) و(أنباء الغیب) ولو جمع ?ل ذلك فی ?تاب باسم (الحسین علیه السلام في تراث النبيّ صلّی الله علیه و آله) ل?ان من أروع ما یُم?نُ.
    و?ذلك ما روی عن الأئمّة المعصومین (عليهم السلام) الذين حافظوا علی المشهد الحسینيّ، وآعادوا ذ?ره، وأحْیَوا أمره علی طول قترة الإمامة:
    فهذا أمیرالمؤمنین علیه السلام قد ورد في سيرته ما ذ?ره عن الحسین علیه السلام و شهادته محدّداً لم?ان المشهد علی أرض ?ربلاء، لما وقف في طریق صِفّين علی تلك التُربة في ذلك الوادي، وتحدّث عن قدسیّة تلك التربة، وعظمتها وأخبر الجیش الذي ?ان یصحبُه عمّا یجري علیها ومایرتبط بفصول ذلك المشهد الرهیب، منادیاً الحسین علیه السلام و معزّیّاً.
    والإمام الحسن المجتبی علیه السلام في ما روي عنه ممّا یرتبط بأخیه الحسین، أعلن - و هو في أشدّ حالاته یُعاني من السُمّ الذي دَسَّهُ إلیه معاویة - و ذ?ر الحسین و یومه، فقال: « لا یومَ ?یومك! أبا عبدالله».
    وأمّا السجّاد زین العابدین علیه السلام ابن الحسین والمناضل معه في معر?ة ذلك المشهد، حتّی (أرْثُثَّ) أي أخرج من المعر?ة جریحاً، ?ان وهو الشاهد ل?لّ فصول ذل المشهد، والذي ?ان عضواً ممثلاً فیه، وأصبح السفیر الناطق عن مجریاته، قولاً، و عملاً، و نقل تفاصیل انفرد بها، عن ذلك المشهد.
    والأئمّة الباقون (عليهم السلام) لم تخلُ روایات ?لّ منهم عن ذ?ر الحسین و مشهده، بطرق شتّی، من الاحتفال للحزُن علی المصیبة الراتبة، أو حَثّ الشعراء علی رثائه، أو تشجیع القُرّاء والخطباء والمعزّین علی القیام بذلك، ف?ان منهم:
    المُفجَّع، والمُستَرِقّ، المُنَشَّدُ، واَلمُسْتَعْطِفُ، والمُسَلَّي، وغیرهم.
    وحتّی القائم المنتظر الحجّة المهديّ عجّل الله فرجه، فإنّه قد ورد عنه في (النُدّبَة) علی الحسین ومشهده، ما یقرح الجفون وهو المطالب بثاره من الأعداء عند ظهوره، جعلنا الله من أنصاره.
    وأمّا الحسین علیه السلام نفسُه: فقد أتمّ الحُجّة في التعریف بالمشهد ب?لّ ما یرتبطُ به، في تعریف شخصه الشریف - محور المشهد - وتقدیم ذاته في ?لّ جزئیاته هدفاً و مرمی، وذلك في خطبه وإعلامه و نداءاته و حدیثه وإقداماته، و تضحیاته وماجری علیه و أمامه علی أصحابه، بل یجري علی أهله و عیاله، وما أخبر عن ما یصيب أصحابه وأهل ولائه في مستقبل الأیّام والعصور، في الدنیا وبعدها في الآخرة.
    إنّ الإمام الحسین علیه السلام بذلك هو من أعظم المصادر وأقواها حجّة ودلالة واحتواءً ل?لّ العناوین المتصوّرة، المعروف منها المذ?ور، والمجهول غیرالمعروف.
    ومن مصادر المشهد الحسینيّ هو المرويّ عن سیدة الموقف (زینب بنت أمیرالمؤمنین) التي دلّت بوجودها في المشهد علي (عناوین) فریدة، من البطولة والجُرأة، والرزانة والإدارة، والدعم والعزم، ف?انت (بطلة ?ربلاء) حقّاً، وقد أدّت دوراً مهمّاً في الإعلان عن جوانب من المواقف، وفي بلاط الح?ّام الظلمة، ب?لّ صراحة وطلاقة وفصاحة وبلاغة، حتّی قال أحدهم عنها:
    «لمْ أرَخَغِرةً - والله - أنطقَ منها، ?انّما تنطِقُ وتُفْرِغ علی لسانأمیرالمؤمنین علیه السلام»
    وبهذه النبرة واللهجة، ?شفتْ عن واقع«المشهد» وفضحتْ القتلة والظلمة، و كشفت جرائم الح?ّام الفسدة، وعبّرتْ ب?لّ صراحة عن ظُلامات أهل البیت (عليهم السلام) وهي الصدقة المصدّقة ل?ونها ممّن حضر و مثّلَ في ذلك المشهد الرهیب الفیجع.
    إنّ ما تحتویه هذه الشهادات والإعلانات والتصریحات والأعمال من هؤلاء الطیّبین الطاهرین، أهل البیت (عليهم السلام)، تحتوي علی عشرات (العناوین) التي تحتویها، مضافاً إلی المصرّح بها في ما أوردنا من النصوص.
    والهدف من ما عرضنا من الأساليب

    والذي نركرُ علیه - بعد هذه الجولة - هو أن تراثنا الموثوق یحتوي علی ال?ثیر من أخبار المشهد الحسینيّ وعناوینه المهمّة، ممّا لو قام جیلنا الحاضر بالبحث عنه، في ما بأیدینا من التراث، أو في ما هو مخطوطٌ منه، أو في عموم التراث الإسلامي، بحثاً دقیقاً مستوعباً لعثرنا علیه، وفیه من العناوین المهمّة التي تنیر جوانب أهمّ من المشهد الحسینيّ.
    هذا من جهة، ومن جهة آخری: فانه لابدّ من عرض العناوین مع تدقیق و تحقیق و بحث عمیق عن متؤدّی ?لّ (عنوان) وأبعاده، و مبدءه و سببه ومغزاه وآثره و نتیجته، وتطبیقه، وتعیين موقعه من المشهد الحسینيّ، حتّی ی?ون لنشره وعرضه علی المجتمع الإسلاميّ، بل الإنسانيّ، فضلاً عن مجال المجتمع المؤمن الحسینيّ، مؤثراً ومفیداً ومنتجاً.
    ونداؤنا ل?لّ من یحمل ف?راً، و منهجاً و أسلوباً یوصل الی هذا الهدف، فالمطلوب والمفروض أن یقوم ?لّ منهم بما یحمله من التخصّص، والقُدرة العلمیّة التي یحملها، ?ي يؤدّي الوظیفة بأحسن ما یُرام و یقوم بالعمل علی إعداد علميّ بعد الاعتماد النصوص الموثّقة بدقّة علمیّة، وأن ت?ون الأعمال مر?ّزة علی العناوین المنتقاة بالبحث الدقیق الوافي، مع التطبیق علی المشهد الحسینيّ المعروف والموثوق، لی?ون نشره مؤ?ّداً ومقبولاً لدى أهل الخبرة.
    فمثل هذا هو المراد من ?لّ الجهود التي تبذل من أجل المشهد الحسینيّ، فلابدّ أن یقوم علی اسس التوثیق، والتبیین، والتطبیق، بالأسلوب المطلوب.
    إنّ العمل الحسینيّ من خلال (العناوین) المعتمدة علی أوثق المصادر والنصوص هو من الأعمال الصالحة، ونحن الشیعة - علی مدی القُرون - بل ?لّ الذین قرأوا أو سمعوا عن الحسین ومشهده من خلال (العناوین) تلك، تعلّموا المعارف الدینیّة، والمعلومات الصحیحة من أصول الدین وفروعه والتاریخ الصحیح و تحلیله، ?ما تعلّموا الأخلاق والجهاد والصبر حتی الشهادة في میادیق التضال والتضحیة، و?لّ م?ارم الأخلاق والسیرة الطیّبة المستلهة من السیرة الحسینیّة.
    وقد أصبح هذا الأمرُ حقیقةً اعترف بها حتّی الأجانب: بأن الملتزمین بالمذهب الشیعيّ، وببر?ة الحسین ومشهده و مجالس مأتمه: یحملون ثقافة عالیة من شؤون المجتمع المدنيّ والإنسانیّة، وقد سجّل ذلك المتشرقُون الغربیّون - الذین وقفوا علی الشرق - ومنهم المستشرق الفرنسي (جوزیف) في ?تابه (الإسلام والمسلمون) فقال:
    ولونظرنا الیوم في أقطار العالم نری أنّ الأفراد التي هي أولی بالمعرفة والعلم والصنعة والثروة، إنّما توجد بین الشیعة»
    وقال: «لایمضي علی هذه الفرقة زمان قلیل إلا وتفوق سائر المسلمین من حیث العدد».
    ونقول: إنّ ذلك من خلال المدرسة الحسینیّة العامّة والمفتوحة، والتي یطّلع المنتمون الیها علی (العناوین) الموثوقة التي حفظها الله للبشر، وحفظ معها الحقّ والعدل والصلاح، ومنَّ بها علی المستضعفین الذین جعلهم الوارثین للأرض، وجعلهم أئمّة یهدون إلی الحقّ، وبه یعملون.
    وإنّ ما یسرّه الله للبشرمن الإم?انات في هذا العصر من وسائل الإعلام الحُرُّ، والشب?ة المعلوماتیة الواسعة، وأدوات الاتصال المتنوعة هو التمهید لنشر الثقافة الحسینیّة علی العالم، من خلال عناوین المشهد الحسینيّ.
    وإنّ الدور الذي تؤدیه الشعائر الحسینیّة المقدّسة، التي بهرتْ أهل عالمنا الیوم، وقد عرف ال?ثیرُ من الناس فصولا من المشهد الحسینيّ، فإنّ أطّلاعهم علی (العناوین) المذ?ورة، و?شف أسرارها هي من أفضل الشعائر الحسینیّة، وأقواها وأنفذها في قلوب الناس، الذین خلقهم الله علی الفطرة الصالحة، بل هي تزیل ?لّ الأدران والشبهات، والجهل الذي استولی علی تلك الفطرة الإلهیّة التي فطر الناس علیها.
    وتحقیق هذا الهدف السامي یتوقّف علی الهمم العالیّة من أصحاب العلم والقلم والسعي والإرادة أن یسعوا في هذا المجال، باستخراج ما في هذه (العناوین) من أسرار و آثار وأهداف و نتائج، و?ذلك غیرها من (العناوین) المبثوتة في التراث الخالد.
    وعلی العلماء والخطباء والمثقّفین والباحثین في التراث من عارفي الحسين عليه السلام أنّ یتمیّزوا بالعلم والدقّة وبذل الجهد في سبیل ذلك وأن يتسابقوا في هذا المجال.
    ثمّ إنّ مثل هذا العمل الصالح العظیم یتوقّف علی الصلاح، والإخلاص والبراءة من التظاهر والتنافُس لأنّ الهدف منه هو النُصح للأمّة، وللمؤمنین بالحسین ومشهده، ?ي یتحقّق من خلاله ما قصده الحسین علیه السلام وأطلقه في ندائه الأوّل الذي أعلنه عند الخروج إلی مشهده العظیم، وبیّن قيه منهجه القویم، وهو: (طلب الإصلاح في أمة جدّه وشیعة أبیه).
    وفّقنا الله عزّوجلّ للقیام بهذا الأمر بأفضل صورة وأنفسها، وفي الختام دعو بهذا الدعاء الشریف:
    اللّهم ارزقنا عقلاً ?املاً، ولُبّاً راجحاً، وعملاً ?ثیراً، وأدباً بارعاً، واجعل ذلك ?لّهُ لنا، ولا تجعله علینا، برحمت? یا أرحم الراحمینَ. اللهم آمین، والسلام علی?م ورحمة الله وبر?اته.

    السَّلامُ عَلَى مَحَالِّ مَعْرِفَةِ اللهِ ، وَمَسَاكِنِ بَرَكَةِ اللهِ ، وَمَعَادِنِ حِكْمَةِ اللهِ ، وَحَفَظَةِ سِرِّ اللهِ ، وَحَمَلَةِ كِتَابِ اللهِ ، وَأَوْصِيَاءِ نَبِيِّ اللهِ ، وَذُرِّيَّةِ رَسُولِ اللهِ .

  • #2
    الأخت الفاضلة شجون الزهراء . عظم الله لنا ولكِ الأجر بهذا المصاب الجلل . وأحسنتِ وأجدتِ وسلمت أناملكِ على نشر هذه المشاركة الرائعة عن عناوين المشهد الحسيني المقدس . جعل الله عملكِ هذا في ميزان حسناتكِ . ودمتِ في رعاية الله تعالى وحفظه .

    تعليق


    • #3
      احسنتم البحث الحسيني المبارك
      شكرا كثيرا عزيزتي
      ماجورين

      تعليق


      • #4
        اللهم صلِ على محمد واله الطاهرين
        الشكر الجزيل للاخ الفاضل خادم الكفيل على مروه المبارك
        والاخت المحترمة صدى المهدي اشكرك كثيرا على المرور المبارك

        دمتم موفقين .
        السَّلامُ عَلَى مَحَالِّ مَعْرِفَةِ اللهِ ، وَمَسَاكِنِ بَرَكَةِ اللهِ ، وَمَعَادِنِ حِكْمَةِ اللهِ ، وَحَفَظَةِ سِرِّ اللهِ ، وَحَمَلَةِ كِتَابِ اللهِ ، وَأَوْصِيَاءِ نَبِيِّ اللهِ ، وَذُرِّيَّةِ رَسُولِ اللهِ .

        تعليق

        المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
        حفظ-تلقائي
        Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
        x
        يعمل...
        X