إنّ توفيق الحمد والشكر للذات المقدّسة الإلٰهيّة هو من أعظم نعم الله، وقد وصفه الإمام السجّاد (عليه السلام) بالفوز والفلاح: «يامن ذكره شرف للذاكرين ويا من شكره فوز للشاكرين»[1].
والمتنعّمون عاجزون عن شكر وثناء هذا الفوز وهذه النعمة لانّ كلّ حمد يحتاج الىٰ حمد آخر وكلّ شكر يلزم له شكر آخر: «... فكيف لي بتحصيل الشكر وشكري إيّاك يفتقر إلىٰ شكر فكلّما قلت لك الحمد وجب عليّ لذلك أن أقول لك الحمد»[2] وعليه فإنّ شكر الشاكر هو بنفسه تمتّع بالنعمة وليس أداءً للحقّ.
ولهذا فإنّ القرآن الكريم يقول في بيان حكمة لقمان الحكيم: إنّ شكر الله نعمة يحظىٰ بها الشاكر كما أنّ كفر الكافرين نقمة وخسارة تصيب الإنسان نفسه: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيد﴾[3].
فقوله: ﴿فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيد﴾ في ذيل الآية هو بمنزلة التعليل لكلا الادّعاءين؛ فلا شكر الشاكرين مفيد لله ولا كفر الكافرين مضرّ به، لانّ الله غنيّ عن كلّ شيء ومحمود بالذات، والمحمود بالذات ليس بحاجة إلىٰ شكر الحامد ولا يضرّه كفر الكافر. وينبغي الإلتفات جيّداً إلىٰ هذه المسألة وهي انّ الله تعالىٰ من حيث انّه وجود محض وغنيّ صرف فهو غنيّ عن كلّ شيء حتّىٰ عن نفسه، لانّه إذا كان محتاجاً لنفسه وإذا كان بسعيه يسدّ حاجات نفسه فلن يكون غنيّاً بالذات. ولذلك يقول سيّد الشهداء (عليه السلام) في دعاء عرفة: «الهي... أنت الغنيّ بذاتك أن يصل إليك النفع منك فكيف لا تكون غنيّاً عنّي»[4].
آية الله الشيخ جوادي آملي
[1] . الصحيفة السجاديّة، دعاء 11.
[2] . البحار، ج94، ص146؛ مفاتيح الجنان، مناجاة الشاكرين.
[3] . سورة لقمان، الآية 12.
[4] . مفاتيح الجنان، دعاء عرفة.