في حيّ من أحياء مدينتي القريبة من نهر الفرات تسكن ( رحمة ) مع أبويها ..
( رحمة ) التي أفنت ربيع أيامها ما بين خدمة أبويها والعمل الشاق لكسب قوتها يومها من حلال ..
ولانَّها ولدت في بيئة تكره للمرأة أن تتعلم لذلك نشأة من غير تعليم ..
لكنَّ قسوة الحياة علّمتها دروساً كثيرة جعلتها تُتقن ما لا يُتقنه بعض أصحاب الشهادات ..
في بيتٍ أهلكته ( الرطوبة ) وتهاوت بعض أركانه فتحت ( رحمة ) عينيها ..
لتبدأ طفولتها مع عجاف سنين لم ترحم ..
كان بعض أهل الخير يوصلون لهم المساعدات خصوصاً بعد أن أُصيب أبوها بجلطة دماغية أقعدته عن العمل ..
لكنَّ ( رحمة ) لم تكن ترغب بقبول تلك المساعدات خوفاً من نظرات البعض اليهم على أنهم فقراء ..
لذلك فكرت في أيجاد عمل لها رغم صغر سنّها ..
فتعلمت من أمها كيف تخبز لتكسب قوتها وقوت والديها ..
وفعلاً أتقنت ( رحمة ) عملها وصار الناس يبعثون بطحينهم اليها لتخبزه ..
وبدأت رحلة ( بائعة الخبز ) في الحياة ما بين العناية بأبويها وما بين عملها ..
فهي لا تقبل اي مساعدة ، او اي نظرة عطف من أحد ..
( رحمة ) التي رفضت الزواج من أجل أبويها ..
( رحمة ) فضلّت العيش بكرامة على إستجداء عطف الناس ..
( رحمة ) التي لم يكسرها الفقر ولم يجعلها تتنازل عن مبادئها ..
( رحمة ) التي لم تُخفها نظرة البؤساء وعديمي الضمير ..
( رحمة ) التي لم يطأطأ رأسها أصوات بعضهم في مناداتها :
( يا بائعة الخبز )
تعليق