شعره
لم ينحصر عطاء الصيمري على الفقه والإفتاء فأمَامَنا عالم كبير وفقيه متبحر وشاعر من طراز رفيع وكما سخر فقهه وعلمه من أجل المذهب والشريعة فقد كرس شعره من أجل أهل البيت (ع) فمدحهم ورثاهم وأبرز فضلهم وبين مثالب أعدائهم بأسلوب بلاغي وقدرة شعرية كبيرة دلت على مكانته المتميزة في عالم الشعر
من قصائد الصيمري في حق أهل البيت (ع) قوله في الأولى التي يستهلها بالشكوى من الزمان الذي يرفع الوضيع ويضع الكريم ولا يرعى للشريف قدرا:
أعدلكَ يــــا هــذا الـزمــــــانُ مُحرّمُ *** أمِ الجورُ مــفـروضٌ عـــليكَ مُحتّمُ
أمَ أنتَ ملــــــــومٌ والـــجـدودُ لئـيمـةٌ *** فلمْ تــــــرعَ إلّا لـــلـذي هـو ألـومُ
فشـأنُـكَ تعـظـيــــــــمُ الأراذلِ دائـمـاً *** وعرنينُ أربــــابِ الفصـاحةِ ترغمُ
اذا زادَ فـضلُ المـــرءِ زادَ امتـحانُـه *** وترعى لمنْ لا فــضلَ فيه وترحمُ
اذا اجتمعَ المعروفُ والديـنُ والــتقى *** لشخصٍ رماهُ الدهرُ وهوَ مصمِّمُ
وذاكَ لأنَّ الـدينَ والـعلمَ والـــــــندى *** له معـدنٌ أهـلوهُ يُـــــــؤخذُ عنهمُ
ثم يتطرق بالحديث إلى معدن (الـدينَ والـعلمَ والــندى) وهم أهل البيت (ع) وسيدهم أمير المؤمنين ويضمن قوله (ع): (إليك عنّي يا دنيا, غرِّي غيري، إليَّ تعرّضت أم إليَّ تشوّقت ؟ هيهات هيهات ! فإنّي قد طلقتك ثلاثاً لا رجعة فيك) فمـعــــــــدنُـه آلُ الـنبيِّ محــمــدٍ *** وخيرهـمُ صـنوُ النبيِّ المعــظـمُ
فـأقـبلتِ الــــــــدنيا إلـيه بــزيـنةٍ *** وألقتْ إليـه نفسَها وهـيَ تبـسمُ
فـأعـرضَ عنـها كـارهـاً لنعيمِها *** وقابـلها منه الطـلاقُ المــــحرّمُ
ولكن الدنيا مالت إلى أراذل الخلق الذين ظلموا أهل البيت (ع) وأبعدوهم عن مكانتهم وغصبوا حقهم:فمـالت إلى أهـلِ الـرذائــــلِ والخنا *** وأومت إليهــم أيهـا القومُ اقـدِموا
فشــنوا بها الغـاراتِ من كلِّ جانبٍ *** وخصّـوا بهـا آلَ النـبيِّ وصمموا
أزالوهـم بالقهرِ عـن إرثِ جــدهـمْ *** عناداً وما شاءوا أحـلّوا وحرّمـوا
وأعظم تلك المصائب والمحن التي جرت عليهم (ع) هي حادثة عاشوراء التي أبكت ملائكة السماء ولا يزال صداها مدوِّيـاً في الآفاق:وأعظمُ مـن كـــلِّ الـرزايــــــــا رزيـة *** مصــــارعُ يومِ الـطفِّ أدهى وأعظمُ
فما أحـدثَ الأيامُ مـن يــــــــومِ أنشئت *** ولا حــادثٌ فيـها إلى يــــــومَ تعدمُ
بـأعـظمَ منـها فــــــــي الـزمانِ رزيّـةً *** يقـامَ لـها حتى القيـــــــــامـةِ مـأتـمُ
ولم أنسَ سبطَ المصطفى وهو ضامئٌ *** يذادُ عــن الــمــــاءِ الـمباحِ ويُحرمُ
تمـوتُ عــطاشاً آلُ بـيتِ محـــــــــمدٍ *** ويشربُ هـــــــــذا الماءَ تـركٌ وديْـلمُ
أهذا الـذي أوصــى بـه سـيدُ الـورى ؟ *** ألمْ تسمعوا أمْ ليسَ في القومِ مسلمُ
سيجمعُنا يـومُ القـــــــــــيامـةِ محـشرٌ *** وأقـبلُ فـيه شـــاكيـاً أتــــــــــــظـلّـمُ
فخصـمكمُ فـيـه الـنـبيُّ وحـيـــــــــدرٌ *** وفاطـمةٌ ، والســجـــــنُ فـيـه جهـنَّمُ
فـمالـوا علـيهِ بالسـيــــــــوفِ وبـالقنا *** فبارزهـم وهو الهـــزبرُ الغـشمشمُ
وحـكّـم فيهـم سمهريــــــــــاً مــقـوّماً *** وأبيـضَ لا ينـبـــــــــــو ولا يـتـثلـّمُ
وصـالَ عليـهم صولةً عــــــــــلـويّـةً *** فكانوا كضأنٍ صــالَ فيـــهنَّ ضـيغمُ
فنادى ابـنُ سعدٍ بالرمـاةِ ألا اقصدوا *** إليـهِ جمـيعاً بالســـــــــهامِ ويمـمـوا
ففـوَّق كـلٌّ سهــــــــمَه وهـو مغـرقٌ *** من النزعِ نحو السبـطِ وهـو مُصممُ
فخـرَّ صريعاً فـي التــــرابِ مُعـفّراً *** يعـــالجُ نزعَ الســهـمِ والسهــمُ مُحكمُ
ويـأخذُ مـن فـيضِ الــــــوريدِ بـكفّه *** ويـــــــرمي به نــحـو السما يــتظـلّمُ
فنادى ابن سعـدٍ مَـن يجيءُ بـرأسِهِ *** فسـارَ إلــــــــــــيه الشـمرُ لا يتـــبرّمُ
وبـادر ينـعاهُ الحـصانُ مـــسـارعاً *** إلى خِـيمِ النســــــــوانِ وهوَ يحمــحمُ
فلـمّا رأيـنَ المهرَ والـسـرجَ خالـياً *** خرجنَ وكلٌّ حـــــــاسرٌ وهـيَ تلـــطمُ
ويقول في آخرها وهو يتوسل إلى الله أن يجعل أهل البيت (ع) شفعاءه يوم القيامة:أيا ســـــــادتي يــا آلَ بيـتِ محـمدٍ *** بكمْ مفلـحٌ مستعصمٌ مستلزمُ
فأنتمْ لـه حــــــــصنٌ منـيعٌ وجُـنّة *** وعروتـه الوثقـى بداريهِ أنتمُ
ألا فاقبلوا من عبدكمْ ما استطاعه *** فعبدكـــــمُ عبــدٌ مـقلٌّ ومُعدَمُ
أما قصيدته الثانية فقد افتتحها بما يشير إلى رزء جلل وحادث عظيم حيث يقول:إلى كم مصابيحُ الدجـى ليسَ تطلعُ *** وحتّامَ غيمُ الجــــــــــــــوِّ لا يتقشعُ
لقـد طبـّقَ الآفاقَ شـــــرقاً ومـغرباً *** فـلا ينـــــــــجـلي آنـاً ولا يتقــطـعُ
وأمطرَ فـي كــــلِّ البلادِ صـواعـقاً *** وهـبّتْ لـه ريـحٌ مـن الشرِّ زعزعُ
منازلُ أهـــــلِ الجورِ في كـلِّ بلدةٍ *** عمــارٌ وأهــلُ العـدلِ فـي تلكَ بلقعُ
يقولونَ في أرضِ العراقِ مشعشعٌ *** وهـــــــلْ بقـعةٌ إلا وفـيهـا مشـعشعُ
محمد طاهر الصفار
الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة- بتصرف