قوله تعالى:
وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَ ما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ [8]
328/ [1]- قال الإمام: «قال العالم موسى بن جعفر (عليه السلام): إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) لما أوقف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) في يوم الغدير موقفه المشهور المعروف، ثم قال: يا عباد الله، انسبوني، فقالوا: أنت محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف.
ثم قال: أيها الناس، أ لست أولى بكم من أنفسكم؟ فأنا مولاكم، أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: بلى، يا رسول الله، فنظر رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى السماء، فقال: اللهم اشهد، يقول هو ذلك (صلى الله عليه و آله)، و هم يقولون ذلك،
1- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 111/ 58.
(1) الجمّ: الكثير، و المعنى: جاءوا بجماعتهم و لم يتخلّف منهم أحد و كانت فيهم كثرة. «مجمع البحرين- جمم- 6 لا 30،- غفر- 3: 427».
(2) عبد اللّه بن أبي بن مالك بن الحارث بن عبيد الخزرجي، أبو حباب، المشهور بابن سلول، و هي جدّته، رأس المنافقين و كبيرهم، أظهر الإسلام كرها، و كان سيّد الخزرج في آخر جاهليتهم، أنظر طبقات ابن سعد 3: 540، أعلام الزركلي 4: 188.
ص: 136
ثلاثا. «1»
ثم قال: ألا فمن كنت مولاه و أولى به، فهذا مولاه و أولى به، اللهم، وال من والاه، و عاد من عاداه، و انصر من نصره، و اخذل من خذله.
ثم قال: قم- يا أبا بكر- فبايع له بإمرة المؤمنين، فقام ففعل ذلك. ثم قال: قم- يا عمر- فبايع له بإمرة المؤمنين، فقام فبايع. ثم قال بعد ذلك لتمام التسعة، ثم لرؤساء المهاجرين و الأنصار، فبايعوا كلهم.
فقام من بين جماعتهم عمر بن الخطاب، فقال: بخ، بخ «2»- يا ابن أبي طالب- أصبحت مولاي و مولى كل مؤمن و مؤمنة، ثم تفرقوا عن ذلك و قد «3» وكدت عليهم العهود و المواثيق.
ثم إن قوما من متمردي جبابرتهم «4» تواطؤوا «5» بينهم، إن كانت لمحمد (صلى الله عليه و آله) كائنة «6»، ليدفعه هذا الأمر عن علي (عليه السلام) و لا يتركونه له، فعرف الله تعالى ذلك من قلوبهم «7»، و كانوا يأتون رسول الله (صلى الله عليه و آله) و يقولون له: لقد أقمت عليا، أحب خلق الله إلى الله و إليك و إلينا، كفيتنا به مؤنة الظلمة و الجائرين في سياستنا و علم الله في قلوبهم خلاف ذلك، [و من] مواطأة بعضهم لبعض، أنهم على العداوة مقيمون، و لدفع الأمر عن مستحقه مؤثرون.
فأخبر الله عز و جل محمدا (صلى الله عليه و آله) عنهم، فقال: يا محمد، وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ الذي أمرك بنصب علي (عليه السلام) إماما، و سائسا «8» لأمتك، و مدبرا وَ ما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ بذلك، و لكنهم يتواطؤون على إهلاكك و إهلاكه، يوطنون «9» أنفسهم على التمرد على علي (عليه السلام) إن كانت بك كائنة».
329/ [2]- علي بن إبراهيم: إنها نزلت في قوم منافقين أظهروا لرسول الله (صلى الله عليه و آله) الإسلام، فكانوا إذا رأوا الكفار، قالوا: إنا معكم، و إذا لقوا المؤمنين قالوا: نحن مؤمنون، و كانوا يقولون للكفار: إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ «10» فرد الله عليهم: اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَ يَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ. «11»
2- تفسير القمّي 1: 34.
(1) في «س»: اللّهمّ إنّي أشهدك بقول هؤلاء و يقولون ذلك ثلاثا.
(2) بخ: كلمة تقال عند المدح و الرّضا بالشّيء، و تكرّر للمبالغة، و إن وصلت خفضت و نوّنت فقلت: بخ، بخ، و ربّما شدّدت كالاسم.
«الصحاح- بخخ- 1: 418».
(3) في «س»، «ط»: و قال.
(4) الكافي متمرّديهم.
(5) تواطؤوا: أي توافقوا. «الصحاح- وطأ- 1: 82».
(6) الكائنة: الحادثة، و كوّنه: أحدثه. «القاموس المحيط- كون- 4: 266».
(7) في المصدر: قبلهم.
(8) سست الرعية سياسة، وسوّس الرجل أمور النّاس، إذا ملّك أمرهم. «الصحاح- سوس- 3: 938». [.....]
(9) في «س»: يواطؤون، و توطين النفس، كالتمهيد لها. «مجمع البحرين- وطن- 6: 327».
(10) البقرة 2: 14.
(11) البقرة 2: 15.
ص: 137
330/ [3]- محمد بن الحسن الصفار، قال: حدثني أبو جعفر أحمد بن محمد، عن الحسين «1» بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن معلي بن عثمان «2»، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال لي: «إن الحكم بن عتيبة ممن قال الله: وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَ ما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ فليشرق الحكم و ليغرب، أما و الله لا يصيب العلم إلا من أهل بيت نزل عليهم جبرئيل».
و روى هذا الحديث محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيي، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، بباقي السند و المتن. «3»
وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَ ما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ [8]
328/ [1]- قال الإمام: «قال العالم موسى بن جعفر (عليه السلام): إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) لما أوقف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) في يوم الغدير موقفه المشهور المعروف، ثم قال: يا عباد الله، انسبوني، فقالوا: أنت محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف.
ثم قال: أيها الناس، أ لست أولى بكم من أنفسكم؟ فأنا مولاكم، أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: بلى، يا رسول الله، فنظر رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى السماء، فقال: اللهم اشهد، يقول هو ذلك (صلى الله عليه و آله)، و هم يقولون ذلك،
1- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 111/ 58.
(1) الجمّ: الكثير، و المعنى: جاءوا بجماعتهم و لم يتخلّف منهم أحد و كانت فيهم كثرة. «مجمع البحرين- جمم- 6 لا 30،- غفر- 3: 427».
(2) عبد اللّه بن أبي بن مالك بن الحارث بن عبيد الخزرجي، أبو حباب، المشهور بابن سلول، و هي جدّته، رأس المنافقين و كبيرهم، أظهر الإسلام كرها، و كان سيّد الخزرج في آخر جاهليتهم، أنظر طبقات ابن سعد 3: 540، أعلام الزركلي 4: 188.
ص: 136
ثلاثا. «1»
ثم قال: ألا فمن كنت مولاه و أولى به، فهذا مولاه و أولى به، اللهم، وال من والاه، و عاد من عاداه، و انصر من نصره، و اخذل من خذله.
ثم قال: قم- يا أبا بكر- فبايع له بإمرة المؤمنين، فقام ففعل ذلك. ثم قال: قم- يا عمر- فبايع له بإمرة المؤمنين، فقام فبايع. ثم قال بعد ذلك لتمام التسعة، ثم لرؤساء المهاجرين و الأنصار، فبايعوا كلهم.
فقام من بين جماعتهم عمر بن الخطاب، فقال: بخ، بخ «2»- يا ابن أبي طالب- أصبحت مولاي و مولى كل مؤمن و مؤمنة، ثم تفرقوا عن ذلك و قد «3» وكدت عليهم العهود و المواثيق.
ثم إن قوما من متمردي جبابرتهم «4» تواطؤوا «5» بينهم، إن كانت لمحمد (صلى الله عليه و آله) كائنة «6»، ليدفعه هذا الأمر عن علي (عليه السلام) و لا يتركونه له، فعرف الله تعالى ذلك من قلوبهم «7»، و كانوا يأتون رسول الله (صلى الله عليه و آله) و يقولون له: لقد أقمت عليا، أحب خلق الله إلى الله و إليك و إلينا، كفيتنا به مؤنة الظلمة و الجائرين في سياستنا و علم الله في قلوبهم خلاف ذلك، [و من] مواطأة بعضهم لبعض، أنهم على العداوة مقيمون، و لدفع الأمر عن مستحقه مؤثرون.
فأخبر الله عز و جل محمدا (صلى الله عليه و آله) عنهم، فقال: يا محمد، وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ الذي أمرك بنصب علي (عليه السلام) إماما، و سائسا «8» لأمتك، و مدبرا وَ ما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ بذلك، و لكنهم يتواطؤون على إهلاكك و إهلاكه، يوطنون «9» أنفسهم على التمرد على علي (عليه السلام) إن كانت بك كائنة».
329/ [2]- علي بن إبراهيم: إنها نزلت في قوم منافقين أظهروا لرسول الله (صلى الله عليه و آله) الإسلام، فكانوا إذا رأوا الكفار، قالوا: إنا معكم، و إذا لقوا المؤمنين قالوا: نحن مؤمنون، و كانوا يقولون للكفار: إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ «10» فرد الله عليهم: اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَ يَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ. «11»
2- تفسير القمّي 1: 34.
(1) في «س»: اللّهمّ إنّي أشهدك بقول هؤلاء و يقولون ذلك ثلاثا.
(2) بخ: كلمة تقال عند المدح و الرّضا بالشّيء، و تكرّر للمبالغة، و إن وصلت خفضت و نوّنت فقلت: بخ، بخ، و ربّما شدّدت كالاسم.
«الصحاح- بخخ- 1: 418».
(3) في «س»، «ط»: و قال.
(4) الكافي متمرّديهم.
(5) تواطؤوا: أي توافقوا. «الصحاح- وطأ- 1: 82».
(6) الكائنة: الحادثة، و كوّنه: أحدثه. «القاموس المحيط- كون- 4: 266».
(7) في المصدر: قبلهم.
(8) سست الرعية سياسة، وسوّس الرجل أمور النّاس، إذا ملّك أمرهم. «الصحاح- سوس- 3: 938». [.....]
(9) في «س»: يواطؤون، و توطين النفس، كالتمهيد لها. «مجمع البحرين- وطن- 6: 327».
(10) البقرة 2: 14.
(11) البقرة 2: 15.
ص: 137
330/ [3]- محمد بن الحسن الصفار، قال: حدثني أبو جعفر أحمد بن محمد، عن الحسين «1» بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن معلي بن عثمان «2»، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال لي: «إن الحكم بن عتيبة ممن قال الله: وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَ ما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ فليشرق الحكم و ليغرب، أما و الله لا يصيب العلم إلا من أهل بيت نزل عليهم جبرئيل».
و روى هذا الحديث محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيي، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، بباقي السند و المتن. «3»