إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

عاشوراء في لیلة و یوم، مع رؤس و رماح

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • عاشوراء في لیلة و یوم، مع رؤس و رماح

    بسم الله الرحمن الرحيم

    اللهم صلِ على محمد واله الطاهرين

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    لیلة عاشوراء خرجت قاصداً المساهمة في موا?ب العزاء الحسیني، فالتقیت بالأخ العلامة السید هاشم الهاشمي نجل العلامة الحجة الشاعر المفلِق السید محمد جمال الهاشمي رحمه الله إذ مرّ مو?ب رجال الدین، في هدوء وهیبة، ل?نّهم صامتون فتذ?رت أیام شبابنا في ?ربلاء المقدسة، حیث ?ان مو?ب علماء الدین یتقدمه السادة الأشراف منهم و یتلوهم المشایخ یردّدون أشجی الأبیات و أعمقها تأثیراً و أبلغها معاني و أفصحها أدباً.



    فذ?ر السید هاشم الهاشمي أن والده الشاعر الشهیر نظم بيتين لذلك المو?ب الرهیب الجلیل هما:
    لیلةَ العاشر لا لاحَ الصَباح *** فَحِمَی زینبَ لَو لَاحَ یُباح
    هذه أجسامُهم فوق الثرى *** ورُؤوسٌ عالیاً فوقَ الرِماح
    هذا ما ?ان لي في لیلة عاشوراء.
    وخرجت صباح تلك اللیلة لأسهمَ ?ذلك في العزاء في طریقي إلی الحرم الفاطمي المقدّس، فوافقت مو?باً أنقل ما حصل لي فیه في هذه السطور:
    لعاشوراء ـ فی ?لّ عام هجري وفي حیاة ?لّ شیعي ـ مظهرٌ خاصّ متمیّز، يبدو علیه أین ما حلّ في أقطار الأرض، وفي أي عمر ?ان؟ أو بأیة ثقافة تثقف؟ أو بأي عمل، أو وظیفة، أو مسؤولیة ومقام ارتبط؟ لأن ذ?رى الحسین علیه السلام هو جزء من ?یان الشیعة، منذ الولادة، بل قبلها، فلابُدَ أن یسمعَ عنه شیئاً وهو جنین، ثم رضیع، ثم ينمو علیه وینشأ، یسمع عنه القصص، ویری الجموع و الموا?ب وهي مزیجة بالألم والحزن والمصیبة، والمجالس وهي تستدرّ الدموع، والمسیرات ومعها الشموع، مناظر لا تغیب عن أنظار الأطفال يشيب علیها ال?بار، و تستقرّ في القلوب والأف?ار.
    مناظر وظواهر يمتزج فیها الواقع بالخیال، و?لّما اتّسعت معارف الناظر؛ یقف علی قضیة الحسین علیه السلام بصورٍ فریدة في فجیعتها و?لّما تعرّف علی جهاتها: زمانها وم?انها وظروفها الأخری، و?ذلك علی عناصرها وشخصیاتها مظلومین، وحتی ظالمین، وعلی مجریاتها و حوادثها ?مّاً و?یفاً؛ أحسّ بعمق الأسی إلی عظمة الأهداف، وقدسیتها، وضخامة النتائج وأهمیّتها.
    وأنا ?شیعيّ، عشتُ في بیئة دینیّة، ترتبط بالحسین عضویاً ـ نسبیّاً ـ أمّا وأبا، وعقیدیاً، وعلمیّاً، وقطریاً وطنیّاً، حیث ولدتُ في ?ربلاء، ونشأت في جوار الحسین علیه السلام وفي بیتٍ لا یبعد عن مرقده الشریف سوی أمتار، ومولدی هناك حیث هو مولد أمي وأبیها.
    نشأت مرتبطاً بالحسین وقضیّته، و?انت من أولی اهتمامي العلمیة هي قضیّته، فأوّلُ ?تاب ألفته، وأجریت قلمي فیه، ?ان هو «حول نهضة الحسین علیه السلام» بحثت فيه عن أسبابها ونتائجها، ولا زلت مساهماً بش?ل أو بآخر في إحیاء ذ?رها علی طول الأعوام، وفي عاشوراء ?ل عام، حیث یتجدّد مع تجدُّدها ـ في أعمالي عمل جدید، من قراءة و تحقیق، أو ?تابة وتألیف، أو شعر ونشید، أو ت?میل و تأ?ید، أو أيّ جهد مفید.

    أفقتُ علی أصوات الطبول والأبواق وم?بّرات الصوت الصاخبة التي یعجّ بها أفق البلد، والناسُ یؤدّون واجب عواطفهم تجاه قضیة الإمام الحسین علیه السلام، ?لٌّ بأسلوبه، وبإم?اناته، وقدراته.
    خرجت ?العادة في ?لّ عام، متجّها ابتداءً إلی الحرم الفاطمي الشریف لأحظی بزیارة السیدة فاطمة المعصومة بنت الإمام ال?اظم علیه السلام التي أعتزّ بجوارها وأتشرف بذلك منذ الهجرة الأخیرة إلی إیران الثورة، في عام (1400 هـ) ولأعزّیها بالذ?ری الحسینیة المؤلمة وأتلو في حضرتها زیارة الحسین علیه السلام یوم عاشوراء، ولأؤدّي الصلاة ال?بری مع ملایین المصلین المقیمین لها ظهر هذا الیوم تأسیاً بالإمام الحسین علیه السلام حیث أقامها مع أصحابه في ساحة الشهادة في ?ربلاء.
    و?العادة، وبعد إتمام ما لزم من الأعمال، التحقّ بالمو?ب الجماهیري ال?بیر الذي یَقیمه العرب في قم باسم «عزاء طویریج» وهو تمثیل للعزاء المهیب الذي یقیمه العراقیون في ?ربلاء في ظهر عاشوراء ?لّ عام، یشترك فیه الملایین، مهرولین یمثلون فریق النجدة التي قصدت ?ربلاء لیعینوا الإمام علیه السلام ل?نهم یَصِلون إلی أرض الواقعة بعد وقوعها وانتهائها، وحین یجدون المخیّم الحسیني قد شبّت فیها النیران.

    في تمثیل مهیّج للأحزان، تمتزج فیها الدموع بالدخان، والنجدة بالخیبة، والأسف بالحسرة، ل?ن تستتبع الأمل بالولاء، وتمزج الجهد والجدّ بالعزم، وتجدّد الإخلاص في النفس، والرجاء بتحقق الأماني للحوق بالر?ب الحسیني الظافر في الدنیا والآخرة.
    وبعد المشار?ة الرمزیة في هذا المو?ب الخالص من الأطر الضیقة الجبهویة والمو?بیة والحزبیة وحتی الانتماءات الشخصیة والمحلیّة ولا یدّعیها مدّعٍٍ، ولا تتمّ باسم أحد وعنوانه، ففیها من الخلوص والإخلاص شيء مشهود.

    فقفلتُ ذلك الیوم راجعاً من الحرم الشریف والعزاء، ملیئاً بالعَبرة والعبرة، وبالرُوح والرَوح، حامداً لله علی هذا التوفیق، الذي أؤمل أن ی?ون ثابتاً في دیوان صالحاتي، خالصاً لا يشوبه عجبٌ ولا ریاءٌ ولا سمعة، ولا تصحبه معصیة ولا تهمة، ولا سوء نیّة، و?نت ـ وأنا أحس بتعب وإرهاق ـ منبهراً بمظاهر العزاء العامة، والموا?ب التي تتری متوالیة، لأصناف الناس، بمختلف اللغات، تصحبهم أدواتهم من أعلام وأدوات عزاء وولاء، فإذا بي أجد نفسي وسط مو?بٍ ضخمٍٍ، لجماعة من الهنود، ومن أهل ?شمیر، یحملون لافتة مرقوم علیها بلغتهم ما لا أعرفه، ومعهم علمٌ واحدٌ فقط، مما یدلّ علی بساطة أدواتهم، وسمعتهم یهمسون بصوت خافت، ویتلون ما لا أفهمه، لأنه باللغة الهندیة.
    وبینا أنا بین التأمّل والدهشة، فإذا بالنداء یأتي من المذیاع البعید في نهایة المو?ب، یردّد نفس العبارة التي یتلوها الأفراد، فحفظت من ال?لمات: «بازارجي مي... بهائي».

    لم أفهم ـ ?ما قلت معنى ال?لمات ـ إلا أن الموقف، والهمسات، واللحن، حر?ت في نفسي إحساساً غریباً، وحزناً عمیقاً، فدمعت عیني بلا اختیار منّي، وصرتُ أتلفتُ ـ يمنةً ویسرةً ـ أبحث عمّن یفسّر لي تلك ال?لمات، وإذا بشاب إلی جنبي ?أنه ینظر إليَّ، و?أنّه ینتظرني أن أحدثه، فتوجهت إلیه، وسلّمتُ وعزیته، وقلت: أخي، هل یمكنك أن تفسّر لي هذا الذي یتلونه؟ فقال: نعم، إنّهم یعبّرون عن لسان العقیلة السیّدة زینب، أخت الحسین علیه السلام فهي تخاطب رأس أخیها الحسین، محمولاً علی رأس الرمح وقد بدأ یقرأ القرآن ال?ریم، فتقول له:

    في السوق اقرأ القرآن عالیاً، یا أخي *** ?ي یعرفوا أننا مسلمون نعرف القرآن
    فاقشعرّ جلدي، من سماع هذا ال?لام! أن تطلب السیّدة زینب ابنة علي بن أبي طالب، وابنة فاطمة الزهراء، وحفیدة صاحب الرسالة محمد رسول الله صلی الله علیهم اجمعین.

    تطلب زینب من أخیها: أن یقرأ من رأسه المذبوح، المرفوع علی الرمح بید أعدائه، أن یقرأ القرآن بصوت عالٍ مرتفع، ?ي یعرف الناس ـ المذّعون للإسلام ـ أن الأسری ـ زینب وأخواتها وأولاد الحسین وأبناء أهل البیت النبويّ ـ أنهم مسلمون! یعرفون القرآن ویتلونه، وهم من أهل القرآن.

    أوّاه، ما أوجع ذلك علی قلب ?لّ مسلمٍٍ، أن یصبح أهل بیت الرسول و قرناء القرآن في حدیث الثقلین، ومن نزل القرآن في منازلهم، یصبحوا متّهمین، بین من یدّعي الانتماء إلی الإسلام. انّها الظلیمة حقّ الظلیمة!
    ومن هنا ين?شف سرّ وجود تلك المعجزة العظیمة معجزة ت?لّم رأس الحسین المذبوح من فوق الرأس المرفوع.
    وقد أوقع في رُوعي نظم ذلك المعنى، فقلت:

    إقرأ القرآن في الســوق أخـي *** عالياً ?ـي یـعـرفــونا مُسلمــین
    إقرأ القرآن حــتــی یــعــلموا *** لا یقولوا خارجيّ یا حسـین
    مــعـلناً من شاهق الرمح وقل *** إننا أصــحاب إيمان وديـن
    اتـــلـــه كــي يــعــرفــونا أنــنا *** نحن والقرآن عـــیـن الثــقلین
    أبــداً صــنــوان لــن یــفــتـرقا *** جدّنا نــصّ بنا كالفرقدین
    ضلّ أهل البـغي أبدوا ?فرهم *** أعــلــنــوا أحـقاد بـدرٍ وحُنین
    رفعوا القرآن في صفـّین والــیوم *** شالوا فوقه رأس الحسین
    ربّــنا ذو العرش أعلی شأننا *** فــتــعالی رأســُنا فی العالمین
    قــطــع الله یــداً قــد قــتــلـــت *** سیــّد الأبرار وابن الأ?ــرمیـن




    السَّلامُ عَلَى مَحَالِّ مَعْرِفَةِ اللهِ ، وَمَسَاكِنِ بَرَكَةِ اللهِ ، وَمَعَادِنِ حِكْمَةِ اللهِ ، وَحَفَظَةِ سِرِّ اللهِ ، وَحَمَلَةِ كِتَابِ اللهِ ، وَأَوْصِيَاءِ نَبِيِّ اللهِ ، وَذُرِّيَّةِ رَسُولِ اللهِ .

  • #2
    اللهم صل على محمد وال محمد
    احسنتم

    وبارك الله بكم
    شكرا لكم كثيرا
    مأجورين عزيزتي

    تعليق


    • #3
      اللهم صلِ على محمد واله الطاهرين

      الشكر الجزيل لك اختي العزيزة صدى المهدي
      مرورك بموضوعي المتواضع اسعدني .

      دمت موفقة .

      السَّلامُ عَلَى مَحَالِّ مَعْرِفَةِ اللهِ ، وَمَسَاكِنِ بَرَكَةِ اللهِ ، وَمَعَادِنِ حِكْمَةِ اللهِ ، وَحَفَظَةِ سِرِّ اللهِ ، وَحَمَلَةِ كِتَابِ اللهِ ، وَأَوْصِيَاءِ نَبِيِّ اللهِ ، وَذُرِّيَّةِ رَسُولِ اللهِ .

      تعليق


      • #4
        الأخت الكريمة
        ( شجون الزهراء )
        بارك الله تعالى فيكم على هذا الموضوع القيم الرائع
        جعله الله تعالى في ميزان حسناتكم
        وباأنتظار مـواضيعك القـادمه .


        ولولا أبو طالب وأبنه * لما مثل الدين شخصا وقاما
        فذاك بمكة آوى وحامى * وهذا بيثرب جس الحماما

        فلله ذا فاتحا للهدى * ولله ذا للمعالي ختاما
        وما ضر مجد أبي طالب * جهول لغا أو بصير تعامى
        كما لا يضر إياب الصبا * ح من ظن ضوء النهار الظلاما

        [/CENTER]

        تعليق

        المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
        حفظ-تلقائي
        Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
        x
        يعمل...
        X