إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

(الطقس الحسيني بين التشكيك والاعتقاد) الحلقة الخامسة.. د. مهند مصطفى جمال الدين

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • (الطقس الحسيني بين التشكيك والاعتقاد) الحلقة الخامسة.. د. مهند مصطفى جمال الدين

    (الطقس الحسيني بين التشكيك والاعتقاد)
    الحلقة الخامسة
    علي بن الحسين (زين العابدين)
    ان الايمان بالغيبيات بديهة انسانية لا تقتصر على الجانب الديني فحسب، فهناك معارف غير مرئية ولا وجود لها في عالم الحس، ولكن الانسان يسلم ويذعن لها، من قبيل الجسيمات الفيزيائية التي لا ترى حتى بالمجهر، غير ان البحث العلمي اوصلنا اليها وصيرها من المعارف البديهية، ويمكن ان نسحب ذلك الى المسألة الغيبية، اذ يتعامل العقل الديني مع الغيب في اطار المنظومة الوجدانية، وقد يستدل كثير من الباحثين ب(الوجدان) حينما لا يتمكن من اقامة الدليل المادي على مدعاه.
    وتأسيسا على ما قدمناه نرى ان كثيرا من المسائل المتعلقة بحركة الامام الحسين تفسرها المسائل الاعتقادية الغيبية، التي تنقح في علم الكلام وبرتبة سابقة، من قبيل الايمان بالتوحيد او بنبوة الخاتم وبعصمة الائمة عليهم السلام، وغيرها من المسائل التي يرتكز اليها البعد الغيبي والوجداني، ولأن حركة الامام الحسين حركة دينية انسانية ، لابد من النظر اليها بكونها منظومة متكاملة من دون ان تتجزأ، حيث تشتمل على ابعاد غيبية وروحية واجتماعية وفكرية ونفسية وغيرها، وهذه الابعاد تترابط فيما بينها ترابطا عضويا، ولا يمكن الغاء اي عنصر او فصله، لان ذلك يؤدي الى احداث خلل في المنظومة بأكملها، وهو ما وقع به بعض الباحثين، فلا يمكن للباحث الموضوعي ان ينتقي موضوعات محددة ذكرت ببعض الكتب التاريخية ويرتب عليها نتائجه المسبقة والمنطلقة من منهج يعتمد التجزئة، بارتكازه على الماديات ورفض كل امر غيبي، مع انهما باعتقادنا متلازمان، وكذا الحال بمن يقتصر على الجانب الغيبي فحسب.
    فلا يجوز للباحث الموضوعي ان يقصر الحسين على رؤياه وان كانت مشتملة عليها، فالحسين ليس ثائرا فقط ولا سياسيا فقط ولا واعظا فقط ولا مضحيا فقط بل هو كل ذلك وغيره .
    وأجد ان هذا التمهيد ضروريا لازالة ما قد يفسره بعض القراء بتشديدنا على بعد دون غيره، فعندما نركز على جانب الغيب مثلا فاننا لا نسلخه من المنظومة المتكاملة لقضية الحسين عليه السلام .
    وخير دليل على توظيفنا للبعد الغيبي في قراءتنا هذه رواية المسعودي (346هـ) فقد روى في كتاب (اثبات الوصية) ص167(( ثم أحضرَ علي بن الحسين وكان عليلا فأوصى اليه بالأسم الاعظم ومواريث الانبياء وعرفه ان قد دفع العلوم والصحف والمصاحف والسلاح الى ام سلمة واسرها ان تدفع جميع ذلك اليه)). والانصاف اننا سنقف عند هذه الرواية وغيرها متأملين في وصية الحسين لابنه علي بن الحسين (زين العابدين) عليهما السلام في يوم استشهاده على الرغم من ان الاعداء لم يستثنوا احدا من القتل، وعلى الرغم من وجود اخوته ووجود علي الاكبر، فقد يستفهم ب(لم وقع الاختيار على زين العابدين).
    ونحسب ان المنطق المادي سيقف عاجزا عن ايجاد علة مقنعة، الا اذا آمنا بان الحسين يعلم بمن يليه اماما معصوما، ويعلم بأن الله سيتكفل بحفظه من الاعداء.
    وهناك روايات تناقلتها كتب الاحاديث عن وصية الامام الحسين لابنه السجاد وهي اكثر من ان تحصر ، ففي (الكافي ج1 ص304) مارواه ابو بكر الحضرمي عن ابي عبد الله عليه السلام قال : ((ان الحسين صلوات الله عليه لما صار الى العراق استودع ام سلمة رضي الله عنها الكتب والوصية، فلما رجع علي بن الحسين عليه السلام دفعتها اليه)).
    وقد اشار الاعلام وجلّ معاصريه من العلماء انه عليه السلام كان اهلا للامامة العظمى، فقد قال الذهبي في سير اعلام النبلاء(ج4 ص398) (كان له جلالة عجيبة وحق والله ذلك فقد كان اهلا للامامة العظمى لشرفه وسؤدده وعلمه وتألهه وكمال عقله)، وقال الزهري (اوجز المسالك الى موطأ مالك ج2ص76) : (مارأيت قرشيا افضل منه ..وفضائل زين العابدين ومناقبه اكثر من ان تحصر)، وقال سعيد من المسيب وهو من معاصريه (المختصر من تاريخ الاسلام ص128): (ما رأيت قط افضل من علي بن الحسين).
    وقد ذكرت كتب التاريخ ان علي بن الحسين كان حاضرا وممن شهد واقعة كربلاء، وتكاد تجمع المصادر انه كان مريضا، وان شكك بمرضه بعض من يدعي البحث الموضوعي، وجعل من تشكيكه منطلقا، ليتجاسرعليه، وأخذ ينعته بصفات لا تتلاءم مع عظمته التي أفاض بها علماء عصره - ومن الفريقين- بالثناء عليه واحترامه وتبجيله.
    والملاحظ ان بعض روايات مرض الامام كانت بنقل الامام نفسه، حيث روى الطبري (ج5ص318) ((عن علي بن الحسين قال : اني جالس في تلك العشية التي قتل ابي صبيحتها وعمتي زينب عندي تمرضني ...)) فالامام في رواية الطبري هو من يقول عن نفسه انه كان مريضا، ومن عرف زين العابدين- بحسب اقوال العامة والخاصة فيه- حتما انه سيصدق قوله: بأن عدم قتله هو المرض مع الجنبة الغيبية التي نوهنا عنها في اعلاه، لا ما يذكره البعض بتفسير مريض جدا، اذ علل عدم قتله يعود الى اسباب سايكولوجية ونفسية، وهو يوحي بهذا جبن الامام ضمنا، الامر الذي يبعد ذلك الباحثَ عن الموضوعية والعلمية .
    وكيف كان: فمن يصل الى النتيجة التي ذكرها ذلك المشكك، عليه أن يمتلك شجاعة كافية ويصرح بعدم ايمانه بالامامة والعصمة من دون ايهام المتلقي بوجود غايات تصحيحية من داخل المذهب
    .

  • #2

    تعليق


    • #3
      الأخت الفاضلة المشرفة حميدة العسكري . أحسنتِ وأجدتِ وسلمت أناملكِ على نقل ونشر هذه الحلقات والمشاركات القيمة . جعل الله عملكِ هذا في ميزان حسناتكِ . ودمتِ في رعاية الله تعالى وحفظه .

      تعليق

      المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
      حفظ-تلقائي
      Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
      x
      يعمل...
      X