بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين .
من المعلوم ان اهل البيت (عليهم السلام ) هم اولياء الله واوصياءه على الخلق اجمعين بعد نبي الله ورسوله الكريم خاتم الانبياء والمرسلين المصطفى محمد (صلى الله عليه واله وسلم) .
ووصي الله لابد ان يتصف بصفات ومؤهلات الكمال الظاهري والباطني لهذا المنصب الالهي العظيم كالعلم والحلم والشجاعة والجمال وأهم صفة لابد ان يتصف بها هي صفة الاخلاق الحميدة .
ونستعرض الجانب الاخلاقي العالي للامام الحسين (عليه السلام) كنموذج سامي وواقعي على اخلاق اهل البيت (عليهم السلام) مع جميع الناس حتى مع اعدائهم .
وفي هذا الاستعراض نبين كيفية تعامل الامام الحسين (عليه السلام) مع الشاميين بالاخلاق الفاضلة الحميدة ، وكيفية تعامل الشاميين مع الامام الحسين (عليه السلام) بالأخلاق الرذيلة كالقتل والهتك والسلب ، والمفروض ان جزاء الاحسان هو الاحسان لا الاساءة ؟؟؟ ولكن صدق الشاعر حينما قال :
ملكنا فكان العفو منا سجية --- فلما ملكتم سال بالدم أبطح
وحللتم قتل الأسارى وطالما --- غدونا عن الأسرى نعف ونصفح
فحسبكم هذا التفاوت بيننا --- وكل إناء بالذي فيه ينضح .
اولا ً : تعامل الامام الحسين (عليه السلام) مع اهل الشام :
نُقل في بعض الكتب عن عصار بن المصطلق الشامي انّه قال : دخلت المدينة فرأيت الحسين بن عليّ سمته ورواؤه واثار من الحسد ما كان يخفيه صدري لأبيه من البغض ، فقلت له : أنت ابن ابي تراب ( يقول المؤلف : وكان اهل الشام يسمّون امير المؤمنين عليه السلام أبا تراب لزعمهم انّه منقصة له وقد خفي عليهم انّهم كلمّا سمّوه بهذا الاسم فقد ألبسوه حلة من الحلل أي انّ هذه الكنية فضيلة له لا نقيصة ) . فقال (عليه السلام) : نعم ، قال : فبالغت في شتمه وشتم أبيه ، فنظر اليّ نظرة عاطف رؤوف فقال : اعوذ باللّه من الشيطان الرجيم ، بسم اللّه الرحمن الرحيم : ( خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بَالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ * وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّه إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُمْ مُّبْصِرُونَ * وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لاَ يُقْصِرُونَ ) . (1) ، (وأشار بها الى المكارم التي علمّها اللّه نبيّه صلى الله عليه و آله ) ، ثم قال : خفض عليك استغفر اللّه لي ولك ، انّك لو استعنتنا لأعنّاك ، ولو استرفدتنا (2) لرفدناك ، ولو استرشدتنا لأرشدناك . قال عصام : فتوسّم منّي الندم على ما فرط منّي ، فقال : ( لاَ تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّحِمِينَ ) . (3) ، أمن أهل الشام أنت ؟ قلت : نعم ، فقال : شنشنة أعرفها من أخزم ، حيانا اللّه واياك ، انبسط الينا في حوائجك وما يعرض لك تجدني عند أفضل ظنّك ان شاء اللّه تعالى . قال عصام : فضاقت عليّ الأرض بما رحبت ووددت لو ساخت بي ، ثم سللت منه لواذا وما على الأرض أحبّ اليّ منه ومن أبيه . (4) .
ثانياً : تعامل اهل الشام مع الامام الحسين (عليه السلام) :
(1) صرحت بعض المصادر التاريخية ان الشمر بن ذي الجوشن لعنه الله كان في يوم عاشوراء قائدا لأربعة آلاف من أهل الشام ، قال ابن شهر آشوب : (وجهز ابن زياد عليه - أي على الإمام الحسين صلوات الله وسلامه عليه - خمسا وثلاثين ألفا ، فبعث الحر في ألف رجل من القادسية ، وكعب بن طلحة في ثلاثة آلاف ، وعمر بن سعد في أربعة آلاف ، وشمر بن ذي الجوشن السلولي في أربعة آلاف من أهل الشام ... ) . (5) .
ثالثاً : تعامل اهل الشام مع الامام زين العابدين علي بن الحسين (عليهما السلام) :
(2) أخرج القاضي النعمان المغربي قصة الشامي التي يرويها الإمام السجاد صلوات الله وسلامه عليه بنفسه حيث يقول : (فما فهمته وعقلته مع علتي وشدتها أنه أتي بي إلى عمر بن سعد فلما رأى ما بي أعرض عني فبقيت مطروحا لما بي . فأتاني رجل من أهل الشام ، فاحتملني ، فمضى بي وهو يبكي ، وقال لي : يا بن رسول الله ، إني أخاف عليك فكن عندي . ومضى بي إلى رحله وأكرم نزلي ، وكان كلما نظر إلي يبكي . فكنت أقول في نفسي إن يكن عند أحد من هؤلاء خير فعند هذا الرجل . فلما صرنا إلى عبيد الله بن زياد سأل عني . فقيل : قد ترك . وطلبت ، فلم أوجد . فنادى مناد : من وجد علي بن الحسين ، فليأت به وله ثلاثمائة درهم . فدخل علي الرجل الذي كنت عنده - وهو يبكي - وجعل يربط يدي إلى عنقي ، ويقول : أخاف على نفسي يا بن رسول الله إن سترتك عنهم أن يقتلوني . فدفعني إليهم مربوطا ، وأخذ الثلاثمائة درهم وأنا انظر إليه ) . (6) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة الاعراف / الايات ( 199 ـ 202 ) .
(2) الاسترفاد : هو طلب المعونة والعطاء .
(3) سورة يوسف / الاية (92).
(4) راجع نفس المهموم / الصفحة 614 - - - ومنتهى الآمال في معرفة النبي والآل / للشيخ عباس القمي - - - الأخلاق الحسينية / جعفر البياتي / الصفحة 284 - - - موسوعة كلمات الإمام الحسين (عليه السلام) / لجنة الحديث في معهد باقر العلوم (عليه السلام) / الصفحة 737 - - - نفثة المصدور / لجمال الغيطاني / الصفحة 614 .
(5) مناقب آل أبي طالب / لابن شهر آشوب / الجزء 3 / الصفحة 248.
(6) شرح الأخبار / للقاضي النعمان المغربي / الجزء 3 / الصفحة 156 ــ 157 - - - وراجع كتاب تيجان الولاء في شرح بعض فقرات زيارة عاشوراء / للشيخ وسام البلداوي / الصفحة 251 - 252 .
وبه نستعين وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين .
من المعلوم ان اهل البيت (عليهم السلام ) هم اولياء الله واوصياءه على الخلق اجمعين بعد نبي الله ورسوله الكريم خاتم الانبياء والمرسلين المصطفى محمد (صلى الله عليه واله وسلم) .
ووصي الله لابد ان يتصف بصفات ومؤهلات الكمال الظاهري والباطني لهذا المنصب الالهي العظيم كالعلم والحلم والشجاعة والجمال وأهم صفة لابد ان يتصف بها هي صفة الاخلاق الحميدة .
ونستعرض الجانب الاخلاقي العالي للامام الحسين (عليه السلام) كنموذج سامي وواقعي على اخلاق اهل البيت (عليهم السلام) مع جميع الناس حتى مع اعدائهم .
وفي هذا الاستعراض نبين كيفية تعامل الامام الحسين (عليه السلام) مع الشاميين بالاخلاق الفاضلة الحميدة ، وكيفية تعامل الشاميين مع الامام الحسين (عليه السلام) بالأخلاق الرذيلة كالقتل والهتك والسلب ، والمفروض ان جزاء الاحسان هو الاحسان لا الاساءة ؟؟؟ ولكن صدق الشاعر حينما قال :
ملكنا فكان العفو منا سجية --- فلما ملكتم سال بالدم أبطح
وحللتم قتل الأسارى وطالما --- غدونا عن الأسرى نعف ونصفح
فحسبكم هذا التفاوت بيننا --- وكل إناء بالذي فيه ينضح .
اولا ً : تعامل الامام الحسين (عليه السلام) مع اهل الشام :
نُقل في بعض الكتب عن عصار بن المصطلق الشامي انّه قال : دخلت المدينة فرأيت الحسين بن عليّ سمته ورواؤه واثار من الحسد ما كان يخفيه صدري لأبيه من البغض ، فقلت له : أنت ابن ابي تراب ( يقول المؤلف : وكان اهل الشام يسمّون امير المؤمنين عليه السلام أبا تراب لزعمهم انّه منقصة له وقد خفي عليهم انّهم كلمّا سمّوه بهذا الاسم فقد ألبسوه حلة من الحلل أي انّ هذه الكنية فضيلة له لا نقيصة ) . فقال (عليه السلام) : نعم ، قال : فبالغت في شتمه وشتم أبيه ، فنظر اليّ نظرة عاطف رؤوف فقال : اعوذ باللّه من الشيطان الرجيم ، بسم اللّه الرحمن الرحيم : ( خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بَالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ * وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّه إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُمْ مُّبْصِرُونَ * وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لاَ يُقْصِرُونَ ) . (1) ، (وأشار بها الى المكارم التي علمّها اللّه نبيّه صلى الله عليه و آله ) ، ثم قال : خفض عليك استغفر اللّه لي ولك ، انّك لو استعنتنا لأعنّاك ، ولو استرفدتنا (2) لرفدناك ، ولو استرشدتنا لأرشدناك . قال عصام : فتوسّم منّي الندم على ما فرط منّي ، فقال : ( لاَ تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّحِمِينَ ) . (3) ، أمن أهل الشام أنت ؟ قلت : نعم ، فقال : شنشنة أعرفها من أخزم ، حيانا اللّه واياك ، انبسط الينا في حوائجك وما يعرض لك تجدني عند أفضل ظنّك ان شاء اللّه تعالى . قال عصام : فضاقت عليّ الأرض بما رحبت ووددت لو ساخت بي ، ثم سللت منه لواذا وما على الأرض أحبّ اليّ منه ومن أبيه . (4) .
ثانياً : تعامل اهل الشام مع الامام الحسين (عليه السلام) :
(1) صرحت بعض المصادر التاريخية ان الشمر بن ذي الجوشن لعنه الله كان في يوم عاشوراء قائدا لأربعة آلاف من أهل الشام ، قال ابن شهر آشوب : (وجهز ابن زياد عليه - أي على الإمام الحسين صلوات الله وسلامه عليه - خمسا وثلاثين ألفا ، فبعث الحر في ألف رجل من القادسية ، وكعب بن طلحة في ثلاثة آلاف ، وعمر بن سعد في أربعة آلاف ، وشمر بن ذي الجوشن السلولي في أربعة آلاف من أهل الشام ... ) . (5) .
ثالثاً : تعامل اهل الشام مع الامام زين العابدين علي بن الحسين (عليهما السلام) :
(2) أخرج القاضي النعمان المغربي قصة الشامي التي يرويها الإمام السجاد صلوات الله وسلامه عليه بنفسه حيث يقول : (فما فهمته وعقلته مع علتي وشدتها أنه أتي بي إلى عمر بن سعد فلما رأى ما بي أعرض عني فبقيت مطروحا لما بي . فأتاني رجل من أهل الشام ، فاحتملني ، فمضى بي وهو يبكي ، وقال لي : يا بن رسول الله ، إني أخاف عليك فكن عندي . ومضى بي إلى رحله وأكرم نزلي ، وكان كلما نظر إلي يبكي . فكنت أقول في نفسي إن يكن عند أحد من هؤلاء خير فعند هذا الرجل . فلما صرنا إلى عبيد الله بن زياد سأل عني . فقيل : قد ترك . وطلبت ، فلم أوجد . فنادى مناد : من وجد علي بن الحسين ، فليأت به وله ثلاثمائة درهم . فدخل علي الرجل الذي كنت عنده - وهو يبكي - وجعل يربط يدي إلى عنقي ، ويقول : أخاف على نفسي يا بن رسول الله إن سترتك عنهم أن يقتلوني . فدفعني إليهم مربوطا ، وأخذ الثلاثمائة درهم وأنا انظر إليه ) . (6) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة الاعراف / الايات ( 199 ـ 202 ) .
(2) الاسترفاد : هو طلب المعونة والعطاء .
(3) سورة يوسف / الاية (92).
(4) راجع نفس المهموم / الصفحة 614 - - - ومنتهى الآمال في معرفة النبي والآل / للشيخ عباس القمي - - - الأخلاق الحسينية / جعفر البياتي / الصفحة 284 - - - موسوعة كلمات الإمام الحسين (عليه السلام) / لجنة الحديث في معهد باقر العلوم (عليه السلام) / الصفحة 737 - - - نفثة المصدور / لجمال الغيطاني / الصفحة 614 .
(5) مناقب آل أبي طالب / لابن شهر آشوب / الجزء 3 / الصفحة 248.
(6) شرح الأخبار / للقاضي النعمان المغربي / الجزء 3 / الصفحة 156 ــ 157 - - - وراجع كتاب تيجان الولاء في شرح بعض فقرات زيارة عاشوراء / للشيخ وسام البلداوي / الصفحة 251 - 252 .
تعليق