السلام عليكم
هذة قصه تبين جزء من علم الامام علي بن ابي طالب عليهما السلام
قصة الرجل من اهل بيت المقدس
روي من فضائله عليه السلام في حديث المقدسي ما يغني سامعه عما سواه وهو ما حكي لنا انه كان رجل من اهل بيت المقدس ورد مدينة رسول الله صل الله عليه واله وسلم وهو حسن الثياب وحسن الصورة فزار حجرة النبي صل الله عليه واله وسلم وقصد المسجد ولم يزل ملازما مشتغلا بالعبادة صائم النهار وقائم الليل في زمن عمر الخطاب , وكان اعبد الناس و الخلق تتمنا ان تكون مثله وكان عمر ياتي اليه ويسأله ان يكلفه حاجه , فيقول له المقدسي الحاجه الى الله تعالى .
ولم يزل على ذلك الى ان عزم الناس الحج فجاء المقدسي الى عمر الخطاب وقال : يا ابا حفص قد عزمت على الحج ومعي وديعه احب ان تستودعها مني الى حين عودتي من الحج , فقال عمر هات الوديعه, فاحضر الشاب حقا من عاج عليه قفل من حديد , مختوم بخاتم الشاب فتسلمه منه وخرج الشاب مع الوفد فخرج عمر الى مقدمه الوفد وقال : اوصيك بهذا الغلام وجعل عمر يودع الشاب وقال للمقدم على الوافد : استوص به خيرا.
وكان في الوفد امرأة من الانصار فما زالت تلاحظ المقدسي وتنزل بقربه حيث نزل فلما كان في بعض الايام دنت منه وقالت : يا شاب اني ارق لهذا الجسم الناعم المترف كيف يلبس الصوف ؟ فقال لها : يا هذه جسم يأكله الدود ومصيره التراب هذا له كثير , فقالت اني اغار على هذا الوجه المضيئ تشعثه الشمس فقال لها : يا هذه اتقي الله وكفي فقد شغلني كلامك عن عبادة ربي فقالت له : لي اليك حاجه فان قضيتها فلا كلام وان لم تقضها فما انا بتاركتك حتى تقضيها لي فقال لها : وما حاجتك ؟ قالت : حاجتي ان تواقعني , فزجرها وخوفها من الله تعالى فلم يردعها ذلك فقالت و الله لئن لم تفعل ما امرك لأرمينك بداهيه من دواهي النساء ومكرهم لا تنجو منها فلم يلتفت اليها ولم يعبأ بها , فلما كان في بعض الليالي وقد سهر اكثر ليله بالعبادة فرقد في اخر الليل وغلب عليه النوم فأتته وتحت رأسه مزادة فيها زاده فانتزعتها من تحت رأسه وطرحت فيها كيسا فيه خمسمائه دينار ثم اعادت المزادة تحت رأسه .
فلما ثور الوفد قامت الملعونه من نومها وقالت يا لله و يا للوفد يا وفد انا امرأة مسكينه وقد سرقت نفقتي ومالي وانا بالله وبكم فجلس المقدم على الوفد وأمر رجلا من المهاجرين و الانصار ان يفتشوا الوفد ففتشوا الوفد ولم يجدوا شيئا ولم يبق في الوفد الا من فتش رحله , فلم يبقى الا المقدسي فأخبروا مقدم الوفد بذلك فقالت المرأة : يا قوم ما ضركم لو فتشتموا رحله فله اسوة بالمهاجرين و الانصار وما يدريكم ان ظاهرة مليح وباطنه قبيح , ولم تزل المرأة حتى حملتهم على تفتيش رحله فقصده جماعه من الوفد وهو قائم يصلي فلما رأهم اقبل عليهم وقال لهم : ما حاجتكم ؟ فقالوا له هذه المرأة الانصاريه ذكرت انها سرقت لها نفقه كانت معها وقد فتشنا رحال الوفد بأسرها ولم يبق منها غيرك ونحن لا نتقدم الى رحلك الا باذنك لما سبق من وصيه عمر الخطاب فيما يعود اليك , فقال : يا قوم ما يضرني ذلك ففتشوا ما احببتم وهو واثق من نفسه , فلما نفضوا المزادة التي فيها زاده وقع منها الهميان فصاحت الملعونه : الله اكبر هذا و الله كيسي ومالي وهو كذا و كذا دينارا , وفيه عقد لؤلؤ ووزنه كذا و كذا مثقالا فأحضروه فوجدوه كما قالت الملعونه فمالوا عليه بالضرب الموجع والسب و الشتم وهو لايرد جوابا , فسلسلوه وقادوه راحلا الى مكة , فقال لهم : يا وفد بحق الله وبحق هذا البيت الا تصدقتم علي وتركتموني اقضي الحج واشهد الله تعالى ورسوله علي بأني اذا قضيت الحج عدت اليكم وتركت يدي في ايديكم , فأوقع الله تعالى الرحمة في قلوبهم له فأطلقوه.
فلما قضى مناسكه وما وجب عليه من الفرائض عاد الى القوم وقال لهم : اما اني قد عدت اليكم فافعلوا بي ما تريدون فقال بعضهم لبعض لو اراد المفارقه لما عاد اليكم فتركوه ورجع الوفد طالبا مدينة رسول الله صل الله عليه واله وسلم فاعوزت تلك المرأة الملعونه الزاد في بعض الطريق فوجدت راعيا فسألته الزاد فقال لها عندي ما تريدين غير اني لا ابيعه فان اثرت ان تمكنينني من نفسك اعطيتك ففعلت ما طلب واخذت منه زادا , فلما انحرفت عنه اعترض لها شيخ فقال لها : انت حامل قالت : ممن؟
قال من الراعي فصاحت وافضيحتاه فقال : لاتخافي اذا رجعت الى الوفد قولي لهم اني سمعت قراءة المقدسي فقربت منه فلما غلب علي النوم دنا مني وواقعني ولم اتمكن من الدفاع عن نفسي بعد القراءة , وقد حملت منه وانا امرأة من الانصار , وخلفي جماعة من الاهل.
ففعلت الملعونه ما اشار به عليها الشيخ فلم يشكوا في قولها لما عاينوا اولا من وجود المال في رحله , فعكفوا على الشاب المقدسي وقالوا : يا هذا ما كفاك السرقه حتى فسقت ؟ فأوجعوه شتما وضربا وسبا , وعادوه الى السلسله وهو لا يرد جوابا فلما قربوا من المدينة ( على سكانها الاطياب افضل الصلاة واتم التسليم ) خرج عمر الخطاب ومعه جماعه من المسلمين للقاء الوفد فلما قربوا منه لم يكن له همه الا السؤال عن المقدسي , فقالوا : يا ابا حفص ما اغفلك عن المقدسي فقد سرق وفسق , وقصوا عليه القصه , فأمر باحضاره بين يديه فقال له : يا ويلك يا مقدسي تظهر بخلاف ما تبطن حتى فضحك الله تعالى ؟ لأنكلن بك اشد النكال , وهو لايرد جوابا .
فاجتمع الخلق وازدحم الناس لينظروا ماذا يفعل به ؟ واذا بنور قد سطع وشعاع قد لمع فتأملوه واذا به عيبه علم النبوة وحبل الله المتين وصراطه المستقيم الامام علي بن ابي طالب امام المتقين و عدو المنافقين عليه افضل الصلاة و اتم التسليم , فقال عليه السلام : ما هذا الرهج في مسجد رسول الله ؟
فقالوا يا امير المؤمنين ان الشاب المقدسي الزاهد قد سرق وفسق , فقال عليه السلام : و الله ما سرق ولا فسق ولا حج احد غيره فلما سمع عمر كلام الامام علي عليه السلام قام قائما على قدميه واجلسه موضعه فنظر الى الشاب المقدسي وهو مسلسل وهو مطرق الى الارض والمرأة جالسه فقال لها امير المؤمنين علي عليه السلام : ويلك قصي قصتك , قالت يا امير المؤمنين ان هذا الشاب قد سرق مالي وقد شاهد الوفد مالي في مزادته , وما كفاه ذلك حتى كنت ليلة من الليالي حيث قربت منه فاستغرقني بقراءته واستنامني فوثب الي وواقعني , وما تمكنت من المدافعه عن نفسي خوفا من الفضيحه وقد حملت منه.
فقال لها امير المؤمنين علي عليه السلام : كذبت يا ملعونه فيما ادعيت عليه يا ابا حفص ان هذا الشاب مجبوب ليس معه احليل , واحليله في حق من عاج ثم قال : يا مقدسي اين الحق ؟ فرفع راسه وقال : يا مولاي من علم بذلك يعلم اين الحق فالتفت الى عمر وقال له : يا ابا حفص قم فأحضر وديعة الشاب , فارسل عمر فأحضر الحق بين يدي امير المؤمنين عليه السلام ففتحوه واذا فيه خرقه من حرير وفيها احليله فعند ذلك قال الامام علي عليه السلام : قم يا مقدسي فقام فجردوه من ثيابه لينظروه وليحقق من اتهمه بالفسق , فجردوه من ثيابه فاذا هو مجبوب فعند ذلك ضج العالم فقال لهم امير المؤمنين عليه السلام : اسكتوا واسمعوا مني حكومه اخبرني بها رسول الله صل الله عليه و اله و سلم.
ثم قال : يا ملعونه لقد تجرأتي على الله تعالى , ويلك انا أتيت اليه وقلت له كيت وكيت فلم يجبك الى ذلك؟ فقلت له : و الله لارمينك بحيله من حيل النساء لا تنجو منها ؟ فقالت : بلى يا امير المؤمنين كان ذلك , فقال عليه الصلاة و السلام : ثم انك استنمتيه وتركت الكيس في مزادته , اقري ؟ فقالت : نعم يا امير المؤمنين , فقال اشهدوا عليها ثم قال لها : حملك هذا من الراعي الذي طلبت منه الزاد فقال لك : لا ابيع الزاد ولكن مكينيني من نفسك وخذي لحاجتك , ففعلت ذلك واخذت الزاد وهو كذا وكذا , قالت صدقت يا امير المؤمنين قال : فضج العالم فسكتهم الامام علي عليه السلام وقال لها : فلما خرجت عن الراعي عرض لك شيخ صفته كذا و كذا وقال لك يا فلانه : فانك حامل من الراعي فصرختي وقلتي وافضيحتاه , فقال ( الشيخ ) : لا بأس عليك قولي للوفد : استنامني وواقعني وقد حملت منه , فصدقوك لما ظهر من سرقته ففعلت ما قال الشيخ , فقالت نعم , فقال الامام علي عليه السلام : اتعرفين ذلك الشيخ ؟ قالت لا , قال الامام علي عليه السلام: هو ابليس لعنه الله , فتعجب القوم من ذلك فقال عمر : يا ابا الحسن ما تريد ان تفعل بها ؟ قال : اصبروا حتى تضع حملها وتجدوا من ترضعه , يحفر لها في مقابر اليهود وتدفن الى نصفها وترجم بالحجارة , ففعل بها ما قال مولانا امير المؤمنين عليه السلام ,
واما المقدسي فلم يزل ملازم مسجد رسول الله صل الله عليه و اله وسلم الى ان توفي رضي الله عنه , فعند ذلك قام عمر الخطاب وهو يقول : لولا علي لهلك عمر , قالها ثلاثا , ثم انصرف الناس وقد تعجبوا من حكومة الامام علي بن ابي طالب عليه الصلاة و السلام .
المصدر كتاب سلوني قبل ان تفقدوني الجزء الثاني صفحه 252 الى 256
الروضة 6 الى 8 .
الفضائل : 112 الى 116
هذة قصه تبين جزء من علم الامام علي بن ابي طالب عليهما السلام
قصة الرجل من اهل بيت المقدس
روي من فضائله عليه السلام في حديث المقدسي ما يغني سامعه عما سواه وهو ما حكي لنا انه كان رجل من اهل بيت المقدس ورد مدينة رسول الله صل الله عليه واله وسلم وهو حسن الثياب وحسن الصورة فزار حجرة النبي صل الله عليه واله وسلم وقصد المسجد ولم يزل ملازما مشتغلا بالعبادة صائم النهار وقائم الليل في زمن عمر الخطاب , وكان اعبد الناس و الخلق تتمنا ان تكون مثله وكان عمر ياتي اليه ويسأله ان يكلفه حاجه , فيقول له المقدسي الحاجه الى الله تعالى .
ولم يزل على ذلك الى ان عزم الناس الحج فجاء المقدسي الى عمر الخطاب وقال : يا ابا حفص قد عزمت على الحج ومعي وديعه احب ان تستودعها مني الى حين عودتي من الحج , فقال عمر هات الوديعه, فاحضر الشاب حقا من عاج عليه قفل من حديد , مختوم بخاتم الشاب فتسلمه منه وخرج الشاب مع الوفد فخرج عمر الى مقدمه الوفد وقال : اوصيك بهذا الغلام وجعل عمر يودع الشاب وقال للمقدم على الوافد : استوص به خيرا.
وكان في الوفد امرأة من الانصار فما زالت تلاحظ المقدسي وتنزل بقربه حيث نزل فلما كان في بعض الايام دنت منه وقالت : يا شاب اني ارق لهذا الجسم الناعم المترف كيف يلبس الصوف ؟ فقال لها : يا هذه جسم يأكله الدود ومصيره التراب هذا له كثير , فقالت اني اغار على هذا الوجه المضيئ تشعثه الشمس فقال لها : يا هذه اتقي الله وكفي فقد شغلني كلامك عن عبادة ربي فقالت له : لي اليك حاجه فان قضيتها فلا كلام وان لم تقضها فما انا بتاركتك حتى تقضيها لي فقال لها : وما حاجتك ؟ قالت : حاجتي ان تواقعني , فزجرها وخوفها من الله تعالى فلم يردعها ذلك فقالت و الله لئن لم تفعل ما امرك لأرمينك بداهيه من دواهي النساء ومكرهم لا تنجو منها فلم يلتفت اليها ولم يعبأ بها , فلما كان في بعض الليالي وقد سهر اكثر ليله بالعبادة فرقد في اخر الليل وغلب عليه النوم فأتته وتحت رأسه مزادة فيها زاده فانتزعتها من تحت رأسه وطرحت فيها كيسا فيه خمسمائه دينار ثم اعادت المزادة تحت رأسه .
فلما ثور الوفد قامت الملعونه من نومها وقالت يا لله و يا للوفد يا وفد انا امرأة مسكينه وقد سرقت نفقتي ومالي وانا بالله وبكم فجلس المقدم على الوفد وأمر رجلا من المهاجرين و الانصار ان يفتشوا الوفد ففتشوا الوفد ولم يجدوا شيئا ولم يبق في الوفد الا من فتش رحله , فلم يبقى الا المقدسي فأخبروا مقدم الوفد بذلك فقالت المرأة : يا قوم ما ضركم لو فتشتموا رحله فله اسوة بالمهاجرين و الانصار وما يدريكم ان ظاهرة مليح وباطنه قبيح , ولم تزل المرأة حتى حملتهم على تفتيش رحله فقصده جماعه من الوفد وهو قائم يصلي فلما رأهم اقبل عليهم وقال لهم : ما حاجتكم ؟ فقالوا له هذه المرأة الانصاريه ذكرت انها سرقت لها نفقه كانت معها وقد فتشنا رحال الوفد بأسرها ولم يبق منها غيرك ونحن لا نتقدم الى رحلك الا باذنك لما سبق من وصيه عمر الخطاب فيما يعود اليك , فقال : يا قوم ما يضرني ذلك ففتشوا ما احببتم وهو واثق من نفسه , فلما نفضوا المزادة التي فيها زاده وقع منها الهميان فصاحت الملعونه : الله اكبر هذا و الله كيسي ومالي وهو كذا و كذا دينارا , وفيه عقد لؤلؤ ووزنه كذا و كذا مثقالا فأحضروه فوجدوه كما قالت الملعونه فمالوا عليه بالضرب الموجع والسب و الشتم وهو لايرد جوابا , فسلسلوه وقادوه راحلا الى مكة , فقال لهم : يا وفد بحق الله وبحق هذا البيت الا تصدقتم علي وتركتموني اقضي الحج واشهد الله تعالى ورسوله علي بأني اذا قضيت الحج عدت اليكم وتركت يدي في ايديكم , فأوقع الله تعالى الرحمة في قلوبهم له فأطلقوه.
فلما قضى مناسكه وما وجب عليه من الفرائض عاد الى القوم وقال لهم : اما اني قد عدت اليكم فافعلوا بي ما تريدون فقال بعضهم لبعض لو اراد المفارقه لما عاد اليكم فتركوه ورجع الوفد طالبا مدينة رسول الله صل الله عليه واله وسلم فاعوزت تلك المرأة الملعونه الزاد في بعض الطريق فوجدت راعيا فسألته الزاد فقال لها عندي ما تريدين غير اني لا ابيعه فان اثرت ان تمكنينني من نفسك اعطيتك ففعلت ما طلب واخذت منه زادا , فلما انحرفت عنه اعترض لها شيخ فقال لها : انت حامل قالت : ممن؟
قال من الراعي فصاحت وافضيحتاه فقال : لاتخافي اذا رجعت الى الوفد قولي لهم اني سمعت قراءة المقدسي فقربت منه فلما غلب علي النوم دنا مني وواقعني ولم اتمكن من الدفاع عن نفسي بعد القراءة , وقد حملت منه وانا امرأة من الانصار , وخلفي جماعة من الاهل.
ففعلت الملعونه ما اشار به عليها الشيخ فلم يشكوا في قولها لما عاينوا اولا من وجود المال في رحله , فعكفوا على الشاب المقدسي وقالوا : يا هذا ما كفاك السرقه حتى فسقت ؟ فأوجعوه شتما وضربا وسبا , وعادوه الى السلسله وهو لا يرد جوابا فلما قربوا من المدينة ( على سكانها الاطياب افضل الصلاة واتم التسليم ) خرج عمر الخطاب ومعه جماعه من المسلمين للقاء الوفد فلما قربوا منه لم يكن له همه الا السؤال عن المقدسي , فقالوا : يا ابا حفص ما اغفلك عن المقدسي فقد سرق وفسق , وقصوا عليه القصه , فأمر باحضاره بين يديه فقال له : يا ويلك يا مقدسي تظهر بخلاف ما تبطن حتى فضحك الله تعالى ؟ لأنكلن بك اشد النكال , وهو لايرد جوابا .
فاجتمع الخلق وازدحم الناس لينظروا ماذا يفعل به ؟ واذا بنور قد سطع وشعاع قد لمع فتأملوه واذا به عيبه علم النبوة وحبل الله المتين وصراطه المستقيم الامام علي بن ابي طالب امام المتقين و عدو المنافقين عليه افضل الصلاة و اتم التسليم , فقال عليه السلام : ما هذا الرهج في مسجد رسول الله ؟
فقالوا يا امير المؤمنين ان الشاب المقدسي الزاهد قد سرق وفسق , فقال عليه السلام : و الله ما سرق ولا فسق ولا حج احد غيره فلما سمع عمر كلام الامام علي عليه السلام قام قائما على قدميه واجلسه موضعه فنظر الى الشاب المقدسي وهو مسلسل وهو مطرق الى الارض والمرأة جالسه فقال لها امير المؤمنين علي عليه السلام : ويلك قصي قصتك , قالت يا امير المؤمنين ان هذا الشاب قد سرق مالي وقد شاهد الوفد مالي في مزادته , وما كفاه ذلك حتى كنت ليلة من الليالي حيث قربت منه فاستغرقني بقراءته واستنامني فوثب الي وواقعني , وما تمكنت من المدافعه عن نفسي خوفا من الفضيحه وقد حملت منه.
فقال لها امير المؤمنين علي عليه السلام : كذبت يا ملعونه فيما ادعيت عليه يا ابا حفص ان هذا الشاب مجبوب ليس معه احليل , واحليله في حق من عاج ثم قال : يا مقدسي اين الحق ؟ فرفع راسه وقال : يا مولاي من علم بذلك يعلم اين الحق فالتفت الى عمر وقال له : يا ابا حفص قم فأحضر وديعة الشاب , فارسل عمر فأحضر الحق بين يدي امير المؤمنين عليه السلام ففتحوه واذا فيه خرقه من حرير وفيها احليله فعند ذلك قال الامام علي عليه السلام : قم يا مقدسي فقام فجردوه من ثيابه لينظروه وليحقق من اتهمه بالفسق , فجردوه من ثيابه فاذا هو مجبوب فعند ذلك ضج العالم فقال لهم امير المؤمنين عليه السلام : اسكتوا واسمعوا مني حكومه اخبرني بها رسول الله صل الله عليه و اله و سلم.
ثم قال : يا ملعونه لقد تجرأتي على الله تعالى , ويلك انا أتيت اليه وقلت له كيت وكيت فلم يجبك الى ذلك؟ فقلت له : و الله لارمينك بحيله من حيل النساء لا تنجو منها ؟ فقالت : بلى يا امير المؤمنين كان ذلك , فقال عليه الصلاة و السلام : ثم انك استنمتيه وتركت الكيس في مزادته , اقري ؟ فقالت : نعم يا امير المؤمنين , فقال اشهدوا عليها ثم قال لها : حملك هذا من الراعي الذي طلبت منه الزاد فقال لك : لا ابيع الزاد ولكن مكينيني من نفسك وخذي لحاجتك , ففعلت ذلك واخذت الزاد وهو كذا وكذا , قالت صدقت يا امير المؤمنين قال : فضج العالم فسكتهم الامام علي عليه السلام وقال لها : فلما خرجت عن الراعي عرض لك شيخ صفته كذا و كذا وقال لك يا فلانه : فانك حامل من الراعي فصرختي وقلتي وافضيحتاه , فقال ( الشيخ ) : لا بأس عليك قولي للوفد : استنامني وواقعني وقد حملت منه , فصدقوك لما ظهر من سرقته ففعلت ما قال الشيخ , فقالت نعم , فقال الامام علي عليه السلام : اتعرفين ذلك الشيخ ؟ قالت لا , قال الامام علي عليه السلام: هو ابليس لعنه الله , فتعجب القوم من ذلك فقال عمر : يا ابا الحسن ما تريد ان تفعل بها ؟ قال : اصبروا حتى تضع حملها وتجدوا من ترضعه , يحفر لها في مقابر اليهود وتدفن الى نصفها وترجم بالحجارة , ففعل بها ما قال مولانا امير المؤمنين عليه السلام ,
واما المقدسي فلم يزل ملازم مسجد رسول الله صل الله عليه و اله وسلم الى ان توفي رضي الله عنه , فعند ذلك قام عمر الخطاب وهو يقول : لولا علي لهلك عمر , قالها ثلاثا , ثم انصرف الناس وقد تعجبوا من حكومة الامام علي بن ابي طالب عليه الصلاة و السلام .
المصدر كتاب سلوني قبل ان تفقدوني الجزء الثاني صفحه 252 الى 256
الروضة 6 الى 8 .
الفضائل : 112 الى 116
تعليق