بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين محمد وآله الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
قال تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ))/البقرة 183
لقد منّ الله سبحانه وتعالى علينا بشهر هو عروس الأشهر من حيث الطاعة والمغفرة والرحمة، فما المراد منّا في هذا الشهر الفضيل..
نرى الكثير منّا خلال هذه الأيام والأيام القادمة يستعد لهذا الشهر ويستنفر كل شئ من أجل هذا الشهر، ولكن استعداده يكون عن طريق توفير أشهى المأكل والمشرب وكل مالذّ وطاب..
انّ الهدف من هذا الشهر هو الانقطاع لله تعالى وتدارك مايمكن تداركه وطلب المغفرة والرضوان، والتأسّي بالفقراء ومحاولة الاحساس بهم، بالاضافة الى مشاطرتهم الأكل والمشرب معهم حتى يكون ممّن ينهج نهج النبي وآله الأطهار عليهم السلام..
فقد جعل الله تعالى هذا الشهر المبارك كل أوقاته عبادة حتى النوم بل حتى النفس الذي يتنفسه المؤمن، ولكن لمن عرف حرمة هذا الشهر وسار على ما سار عليه أهل البيت عليهم السلام..
المفروض بنا أحبائي وأعزائي أن نستعد لهذا الشهر قبل دخوله ونعيش مرحلة الاشتياق لمقدمه ونحزن لانتهائه، فكيف يكون الاستعداد؟
1. انّ من الأمور المهمة التي لابد منها هو أن يتوب الانسان المؤمن توبة صادقة يعاهد الله تعالى بها أن لايعود الى ما مضى وتكون أيامه القادمة فيها التغيير الكبير- فمن لا يجد تغييراً بين هذه السنة عما سبق فهو مغبون وعليه مراجعة نفسه لأن الموت لايأتي إلا مرة واحدة وبدون معرفة وقته- ..
2. اللجوء الى التواصل الروحي مع ربّ الأرباب من خلال الدعاء، فهو سلاح المؤمن، وإعلم أخي الكريم إنّه لم يوجد الله تعالى الدعاء إلا وأوجب على نفسه الاستجابة، فلا تيأس مهما كانت ذنوبك..
3. ومن فضليات هذا الشهر الكريم هو إجتماع العائلة والأحبة، فلنستغلها بنشر فكر أهل البيت عليهم السلام بين عوائلنا ونربّي أولادنا عليه، وكذلك التطرق لما يعنيه الصيام والهدف منه، وأيضاً يمكن شرح بعض المسائل الفقهية التي تمس حياتنا وأولادنا..
4. مدارسة العلم في مختلف العلوم مادامت تستوجب رضا الله، وخاصة علوم أهل البيت عليهم السلام..
5. بالامكان تخصيص كل يوم بالتعرف على أحد المعصومين عليهم السلام ودراسة واقعه من مختلف الجوانب حتى تصبح عوائلنا مثقفة من هذه الجهة فلا تعاني الفراغ الموجود، فلا يعرف أولادنا شيئاً عنهم سوى تعدادهم في أحسن الحالات..
6. قراءة بعض الكتب ومحاولة انشاء مكتبة صغيرة للرجوع اليها وقت الحاجة والتسلّي بها وقت الفراغ..
7. كلّنا يعرف بأن ربيع القرآن هو شهر رمضان، فلنعطه حقه ليس بالقراءة فقط بل بالتدبر ومعرفة ماتعنيه الآيات الكريمة ولو بالشكل المختصر، فليس المهم حصول الختمة، ولكن المهم أن نتدبر آياته..
الخلاصة/
نلخص مما سبق أن يكون المؤمن على أتم الاستعداد لللقاء بالله- فالانسان عندما يوعد بأن يقابل مسؤولاً بارزاً له ثقله بالمجتمع نراه يستعد أيما استعداد فيلبس أحسن الثياب ويتعطر ويتجمّل ويراجع نفسه في إختيار الكلام الذي سيقوله ويعيد ترتيبه أكثر من مرّة، وعندما يقف أمامه يقف وقوف الخاضع المتذلّل السامع لكلام ذلك المسؤول- فكيف ونحن نقف بين ملك الملوك وجبار السماوات والأرض، فهل لذلك معنى عندنا أم لانستحضر ذلك أبداً، فلنتأمل ذلك ملياً وليكن استعدادنا على قدر من نقف عنده..
فليشحن الانسان نفسه ويكرسها لذلك اللقاء الرحماني والرحيمي وليكن هذا الشهر يختلف عن سابقاته، فيكون الهياً بمعنى الكلمة..
لقد خصّص الله تبارك وتعالى شهراً واحداً من اثنى عشر شهراً فلنتوجه به لله تعالى لنجعله تهديماً لما فات من هفواتنا وزلاّتنا وما اقترفناه من الذنوب طوال السنة، فيكون لنا مثل النهر الذي نغتسل به من أوساخنا حتى نخرج منه كما ولدنا لأول مرّة.. فهل هذا كثير...
ملحوظة/ يمكننا الاستعداد قبل هذا الشهر المبارك بعدة أيام أو بشهر أو بشهرين كما يعمل بعض الناس فيكون شهر رجب وشعبان مقدمة لهذا الشهر الفضيل فقد ورد بأن الزرع في شهر رجب والسقي في شهل شعبان والحصاد في شهر رمضان (وما بقي من الأيام القليلة القادمة يمكن أن تكون مقدمة، فالله تبارك وتعالى يرضى بالقليل من عباده)، وما أحلاه من حصاد في الدنيا والآخرة ولايعرف لذّته إلا من أنعم الله عليه بذلك..
نسأل الله تبارك وتعالى أن ينالنا وإياكم فضل هذه الأشهر الكريمة، وبلوغ ما أعده تعالى لعباده في شهر الخير والبركة انّه سميع مجيب...
تعليق