بسم الله الرحمن الرحيم
أهداف الدرس:
1. الطبقات الصوتية و كيفية استخدامها.
2. حول العناية بالصوت.
مقدمة:
هل لاحظت يوماً و أنت تؤدي تلاوة أو نشيداً أو غيره بـأن طبقتك مرتفعة جداً بحيث أن حلقك يؤلمك و أنك لا تستطيع الوصول إلى طبقات أعلى أو تقوم بأي زخرفات فنية؟ أو أن الطبقة منخفضة جداً بحيث أن اللحن يفقد رونقه؟ إن مثل هذه النوع من الخلل في الأداء يرجع إلى الخلل في استخدام الطبقات الصوتية. فبالإضافة إلى تشويه الأداء, فالخلل في الطبقات يؤدي إلى إجهاد الصوت و يضر بالحنجرة كذلك.
و في هذا الدرس سنحاول التعرف على الكيفية الصحيحة لاختيار و إدارة الطبقات الصوتية خلال التلاوة.
المركز الصوتي:
لكل شخص طبقة معينة في صوته يكون فيها تحكمه في صوته في أقصاه, و كذلك يكون الأداء بهذه الطبقة مريحاً و غير مجهد مع التمكن من الإتيان بأجمل الألحان. و هذه الطبقة تكون متوسطة فلا هي بالعالية و لا بالمنخفضة. و تسمى هذه الطبقة بـ "المركز الصوتي" (Tessitura). و هذه الطبقة تختلف من صوت إلى آخر, و على المتعلم أن يحاول اكتشاف هذه الطبقة لأن لها أهمية كبيرة كما سنبين.
ما هي أهمية المركز الصوتي؟
و تكمن أهمية هذه الطبقة في أن القارئ يحتاج إلى أن يجعل "جوابه" مطابقاً لهذه الطبقة و بذلك يتمكن من أداء جواب "الجواب" و "القرار" بالإضافة إلى "الجواب" بأفضل صورة و بأقل جهد. أما عندما يكون الجواب مرتفعاً عن المركز الصوتي, فأن جواب الجواب سيكون عالياً جداً بجيث يجهد الصوت, و في بعض الأحيان متعسر الوصول. و يمكننا استخلاص نفس الشيء للقرار عندما يكون الجواب منخفضاً عن المركز الصوتي.
كيف أتعرف على المركز الصوتي الخاص بي؟
لأن المركز الصوتي يختلف من صوت لآخر, فأن الطريقة الوحيدة لأكتشافه هي التجربة و محاولة التعرف على تلك الطبقة التي يكون أداء الشخص فيها أقل إجهاد و بحيث يشعر فيها القارئ بأن صوته يعطي أقصى ما لديه.
و في مجال حديثنا –أي تلاوة القرآن- يحتاج القارئ –بالإضافة إلى المركز الصوتي- إلى معرفة طبقة القرار المناسبة التي يبدأ بها التلاوة. و السبب يعود إلى أن اختيار القرار المناسب, يؤدي بشكل آلي إلى تحقيق الجواب المناسب أي مستقراً على المركز الصوتي الخاص به. و لذلك فإن أهم شيء يحتاجه القارئ في هذا الجانب هو أن يجرب طبقات مختلفة للقرار في تلاوته, و عندما يتعرف على الطبقة المناسبة له يجب عليه أن يحفظها جيداً. و أقصد بالطبقة المناسبة هنا طبقة القرار التي توصله عند الإرتفاع إلى درجة الجواب المناسبة أيضاً.
تأثير طبقة الإستعاذة على باقي أجزاء التلاوة
يمكننا القول بأن التحكم في الطبقات الصوتية يبدأ من اختيار الطبقة المناسبة للاستعاذة في بداية التلاوة. و الآن تعالوا لنبين بعض الأمثلة على كيف يمكن أن يؤثر اختيار طبقة القرار على بقية أجزاء التلاوة.
الشكل 1: المدى الصوتي و المركز الصوتي.
فالنفترض أن لدينا قارئاً ذا صوت كالمبين في الشكل 1 حيث تشير النقطتين (أ) و (جـ) تباعاً إلى أدنى و أعلى طبقة يستطيع القارئ الوصول إليها. أما النقطة (ب) فتشير إلى نقطة مركز الصوت.
الشكل 2: مثال على تلاوة معينة بطبقة سليمة.
الآن دعونا ننظر للشكل 2. إذا قام القارئ باختيار طبقة القرار المناسبة, فإن جوابه سيستقر على مركز الصوت, و بالتالي سيكون قراره و جواب جوابه كلاهما في مجاله الصوتي. و هذا هو الوضع الأمثل للتلاوة.
الشكل 3: مثال على تلاوة معينة بطبقة خاطئة.
أما لو قام القارئ باختيار طبقة القرار (الإستعاذة) بحيث تكون مرتفعة بعض الشيء كما في الشكل 3, فإن جوابه سيكون أرفع من مركز الصوت, و عندها لن يستطيع الإتيان بجواب الجواب لأنه خارج مداه الصوتي. و لهذا فإن القارئ سيرهق بسرعة و لن يستطيع أداء الكثير من الألحان و الزخارف بسبب الطبقة العالية.
و قد يسأل سائل, ماذا عن الحالة التي يكون فيها جواب الجواب مطابقاً لأعلى نقطة في المدى الصوتي (سقف الصوت). هل هي مناسبة أم لا؟
في مقام الجواب نجيب بـ"لا" للأسباب التالية:
1. الطبقة في العليا في الصوت ليس دائماً متاحة. بمعنى أن أعلى نقطة في الصوت تعتمد على صحة الصوت حين التلاوة, فإن كان الصوت في أفضل حالاته, تكون الطبقة العليا قوية , أما لو كان الصوت مشوباً بأي ضعف, فربما لا يستطيع القارئ الوصول إلى تلك الطبقة.
2. لو افترضنا أن الصوت بصحة جيدة و أن القارئ يستطيع الوصول لأعلى طبقة في صوته, فذلك سيبقى مجهداً للصوت, و سيظهر الضعف على الصوت بسرعة. و لذلك يفضل أن تكون طبقة جواب الجواب منخفضة بعض الشيء عن سقف الصوت.
3. يحتاج القارئ أن يجعل بين جواب جوابه و سقف صوته هامشاً احتياطياً, و ذلك ليتمكن في حال حدوث أي خلل من الاستمرار في استخدام طبقة جواب الجواب.
4. هذا الهامش الذي ذكرناه في النقطة السابقة يستخدمه القراء المتمكنون لإضافة بعض الزخرفات في جواب الجواب و التي تتطلب طبقات أعلى من جواب الجواب. و إليكم المثال التالي:
1. مقام النهاوند – الشيخ كامل يوسف البهتيمي
(للتحميل)
و يمكنك ملاحظة أن القارئ في المقطع يرتفع –مع كونه في طبقة جواب الجواب- إلى طبقة أعلى بطريقة زخرفية جميلة. و يطلق البعض على مثل هذه الزخارف بـ"جواب جواب الجواب".
العناية بالصوت:
و كما أن الصوت يتطور و يتحسن, فإنه يحتاج للعناية لكي لا يضعف و يتضرر. و قد تكون مررت خلال بحثك في الشبكة على هذا الموضوع كثيراً, و لكنك في كل مرة تصطدم بقائمة طويلة من الممنوعات التي تجعل الأمر صعباً إن لم يكن مستحيلاً. و لا شك أن هكذا طرح غير سليم هذا إن كانت المعلومات كلها صحيحة.
و لهذا أحببت أن أطرح الموضوع بطريقة مختلفة مبنية على الملاحظات التالية:
1. تنقسم المؤثرات على الجهاز الصوتي من الناحية الصحية للصوت إلى قسمين: القسم الأول هو عادات منها ما يحبذ ممارسته و منها ما يحبذ اجتنابه. أما القسم الثاني فهو يتعلق بالأطعمة و المشروبات منها ما يحبذ استعامله و منا ما يحبذ تجنبه.
2. أغلب الأمور المذكورة هي تجارب شخصية, منها ما قد تنفع و منها ما قد لا ينفع. و السبب في ذلك أن التركيب الفسيولوجي مختلف من شخص لآخر و لذلك فإن ما ينفع زميلك قد يكون له أثر محدود عليك. و السبب الآخر أن هنالك عوامل أخرى كثيرة تؤثر على الصوت. فلا يكفي أن نحكم على شيء معين بأنه جيد أو سيء بمجرد استخدامه لمرة أو مرتين لأن التأثير قد يكون بسبب عامل غير الذي استخدمته..و لكن مع ذلك فتبقى هنالك بعض الأمور التي تعارف الناس على أنها مفيدة للصوت.
3. ليست كل الأمور المحبذ تناولها أو تجنبها لازمة طوال الوقت. فالكثير منها يمكن تجنبه أو ممارسته قبل التلاوة أو في الأيام التي تكون فيها مشاركات فقط. أما بعضها الآخر فمحبذٌ اجتنابها قدر المستطاع طوال الوقت.
4. من أهم العوامل –و قد يكون أهم عامل- في العناية بالصوت هو كيفية استخدامه. فإرهاق الصوت و استخدامه بطريقة خاطئة يستهلك من عمر الأحبال الصوتية و بالتالي يقصر من عمر الصوت.
و إليكم بعض النصائح حول العناية بالصوت, و قد قسمتها إلى مجموعات:
العادات:
عادات يحبذ إلتزامها:
1. المداومة على الرياضة و خصوصاً السباحة و الجري.
2. المداومة على التدريبات الصوتية بشكل منتظم, و خصوصاً في بداية اليوم.
3. إعطاء الصوت فترات راحة بين وقت و آخر, هذا يؤثر كثيراً في استرداد الصوت لقوته و جماله.
4. المحافظة على نظافة الفم بتنظيف الأسنان و استخدام المسواك.
5. التنويع في الطبقات حين التلاوة, و عدم الإقتصار على الطبقات العالية فقط.
عادات يجب تجنبها:
1. تجنب التدريبات الصوتية العشوائية.
2. تجنب التلاوة حين يكون الصوت مجهداً أو الحنجرة ملتهبة أو في حال اصابة الجهاز النطقي أو التنفسي.
3. تجنب التدخين بأنواعه.
4. تجنب التعرض المباشر لأجهزة التكييف.
5. تجنب الأغبرة و الأدخنة.
6. تجنب الصياح بصوت عال.
7. تجنب النوم الغير منتظم.
8. تجنب النوم بعد الأكل مباشرة, حتى لا تصعد عصارات المعدة إلى الحلق و تضر الحنجرة و الأحبال الصوتية.
9. تجنب تناول المشروبات الساخنة بعد التلاوة أو خلالها, و الإكتفاء بالماء الفاتر لأن الاحبال تكون وقتها متجرحة و منهكة.
المأكولات و المشروبات:
مأكولات و مشروبات يجب تجنبها:
1. المأكولات و المشروبات الباردة
2. المأكولات الحارة و الحراقة (بالبهارات).
3. تجنب المأكولات و المشروبات الإصطناعية كالمشروبات الغازية.
مــأكولات و مشروبات مفيدة للصوت:
1. العسل
2. المشروبات الدافئة كاليانسون و النعناع و الأعشاب الطبيعية الأخرى.
3. الإكثار من شرب الماء.
نصائح ما قبل التلاوة:
أمور مستحسنة قبل التلاوة:
1. تلاوة بعض الآيات بنمط الترتيل لتهيئة الحلق.
2. مص سكر النبات.
3. استخدام علكة اللبان أو شرب منقوع العلكة.
أمور يجب تجنبها قبل التلاوة:
1. تجنب الحديث قبل المستطاع.
2. تجنب أكل المكسرات و المأكولات التي تترك بقايا خشنة في الحلق.
3. تجنب ملىء المعدة بالطعام.
بعض الأمور الأخرى التي يذكرونها لكن لم أجربها, كأكل اللحم المشوي, و شرب ماء الحمص المغلي بدون ملح, و الثوم, و الفواكه.
و كذلك فإن البعض يقول بأن الشاي و القهوة تجفف الحلق و تفقد الأحبال الصوتية مرونتها, لذلك يحبذ عدم تناولها قبل التلاوة. و كذلك يذكر البعض بأن البطيخ يتلف الصوت.
و يجب ملاحظة أن الصوت له عمر معين, يطول أو يقصر بحسب العناية التي يتلقاها. و أنه في كل مرة يصاب الجهاز التنفسي بالإلتهابات و الزكام, فذلك يستهلك من عمر الصوت. و لذلك فإن تجنب العوامل المؤدية للأمراض قدر الإمكان هو أفضل علاج.
المناقشة:
1. حاول التعرف على طبقة القرار المناسبة لك, و ذلك عن طريق تجربة أداء الإستعاذة بطبقات مختلفة و ملاحظة أي الطبقات تؤدي إلى تلاوة مريحة في عند الوصول للجواب و جواب الجواب.
2. من تجربتك الشخصية, ما هي الأمور التي وجدتها تنفع أو تضر الصوت؟
تعليق