لقاء مع الشيخ فاضل الفراتي
عليها أن تشاطر العاطفة بالعقل لأننا نعيش اليوم هجمة شرسة ضد الالتزام والتعفف
- على المرأة أن تبتكر آليات وأساليب تبعث في الأسرة جو لطيف مريح يجعلها بذلك متألقة دائما في نظر زوجها
وصفت المرأة بأنها نصف المجتمع وأنها مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق وهو حق مشروع لأنها طاقة هائلة من الإنجازات والإبداعات واليوم بعد تحرر العراق وشعبه من الاستبداد الصدامي لم يتحرر الجميع من صفة الاستبداد وبقيت المرأة تعاني الحجر والاحتكار المنزلي من قبل زوجها وقد تعددت مجالات الحياة العملية والعلمية الدينية والأكاديمية ومنهن من سمحت لهن الفرصة بإثبات ذاتهن بكل جدارة وفق تشجيع الزوج أما الأخريات يصطدمن بمعارضة ورفض متواصل وعثرات يصطنعها الزوج بمساعدة المحيط ولأهمية الموضوع وحساسيته كان لنا هذه الوقفة مع سماحة الشيخ فاضل الفراتي أمين عام هيئة محمد الأمين حيث أبدى رأيه في هذا الموضوع قائلا: لا نجزم أن حواء هي الوحيدة التي تعاني من الضغوط والاستبداد من قبل آدم فهناك الكثير من آدم ممن يعاني استبداد حواء وكلا الطرفين تحمل الآخر من أجل الاستمرار والمواصلة الأسرية.ما رأي سماحتكم بالمرأة العاملة في المجتمع الإسلامي وهل يمنع الإسلام خروجها من دارها لأجل ذلك؟
ج/ نعم هناك روايات مروية عن النبي (ص)، وكذلك روايات عن الامام علي(ع) صلوات الله عليه في منع المرأة من الخروج من دارها لكن فهمها الناس بصورة خاطئة وفسرت بالحجر على النساء لكن علينا أن ننظر إلى هذه الروايات هل المراد منها المنع المطلق؟ أم أن القضية فيها خصوصية وإن كلامهم عليهم السلام كان بخصوص مورد محدد؟
طبعا إن مرادهما من هذا الحديث ليس مطلق المنع والدليل على ذلك قول النبي(ص) (طلب العلم فريضة على كل مؤمن ومؤمنة) وفي زمان النبي(ص) كان هناك مشاركات كثيرة للنساء في البيعة مثلا وفي المعارك في طبابة الجرحى وغيرها حيث شاركت المرأة مع الرجل وعليه لا مانع من خروج المرأة في الإسلام إذا لم يستلزم هذا الخروج أي فساد أو إنحراف أو إنجراف فهي في هذا اللحاظ تختلف عن الرجل.
هل تستطيع المرأة أن تحقق ذاتها وهي متزوجة وخصوصا إنها تقوقعت في دارها جراء الظروف التي مر بها البلد حتى تخلت عن بناء ذاتها وطموحها تماشيا مع الظروف هل هناك فرصة لها؟
بناء الذات ليس بالشيء المستحيل ولا من الأمور المعقدة إذ تستطيع فعل ذلك علاوة على إن بناء المهارات والكمالات الذاتية وكل شيء مرتبط بمعنويات المرأة وذاتها، ولو رجعنا إلى موضوع التوبة لوجدناه خير دليل على أن الانسان يمكن أن يغير نفسه حتى لو كان ذلك في أواخر عمره وتحقيق ذات جديدة خالية من الذنوب والمعاصي وقد فتح الخالق ذلك الباب للمغفرة والعفو والقبول من العبد. وكما هو الحال مع المرأة التي تريد التغيير في كل شيء فهو ليس بالمستحيل.
كيف يمكن أن تقنع المرأة الزوج والأهل بخروجها من البيت مادامت الفرصة موجودة علما أنهم تتلمذوا في مدرسة منهاجها المرأة في دائرة البيت فقط؟
طبعا ليس بالسهل فرض التطور على الآخرين لا نقول يمكنها النجاح 100% لكن لوكان 30% يكون مناسبا في بداية الأمر.
لكن تبدأ القضية بالتدريج والإقناع وله آلية وأسلوب خاص تتبعه المرأة مع الزوج وخصوصا هناك أزواج يعتقدون أنه سوف تهتز الرجولة الذكورية عندهم جراء تعلم الزوجة أو عملها فيبدأ بالمنع من الخروج للحفاظ على هذه الرجولة.
كلما تحاول المرأة كسب ود الرجل تنتهي الأزمة من خلال فتح حوارات هادفة وجيدة وتعويده على طريق الهدوء حتى تصل إلى نتيجة من خلال سد رغبات الزوج في حسن التبعل.
وإن جهاد المرأة في حسن تبعلها ولكي لا تكون الدراسة والوظيفة على حساب حقوق زوجها ليشعر بعدها أن خروجها للعمل أو الدراسة هدر لحقه وأن زوجته لا تلتفت لذلك بسبب الخروج.
كيف تعالج الاحباط الذي تصاب به المرأة وهي في بداية الطريق جراء العقبات الصعبة؟
ج/ تكريس وتعزيز الثقة بالنفس والايحاء إلى النفس بأنها قادرة، فاذا لم تكرس هذا المفهوم في داخلها تنهزم في بداية المعركة وعليه تصاب بفشل واحباط كبيرين ، ولكن لو عززت الثقة بالنفس وأنها قادرة ومتمكنة وماشابه أكيد انها ستنجح وحتى لو أصابها الفشل أو الاخفاق لاتسميه فشلا، وبالتالي تكون تجربة جيدة تستفاد منها. مثلا لو اقترحت الزوجة على الرجل مشروع الدراسة أو عملها خارج البيت أو ماشابه، فلم يتفاعل مع ذلك بل أصبح الزوج ثائرا رافضا لخروجها اذن لابد من وجود خطأ وخلل عليها أن تكتشفه في كلامها واسلوبها وعليها بالتفكير باسلوب ثان وجديد مختلف تماما عن الأول. كأن يكون اهداء الهدايا له وتذكيره في يوم مولده وخلق جو لطيف وماشاكله.
الكثير من الفتيات يقبلن اليوم على الزواج المبكر خوفا من تضييع الفرصة ويعزفن عن بناء الذات وتحقيق الطموح بقناعة منهن في باديء الأمر هل لها حق فيما بعد بالسعي لذلك علما أن ذلك يدخلها في مشاكل مع الزوج؟
لا نغفل إن الزواج المبكر حث عليه الدين قال النبي الأكرم( من حسن حظ المرء أن لا تحيض ابنته في بيته) فنحن نعطي الحق لفتيات العراق بالذات بهذا التفكير جراء الكثير من الأسباب منها الحروب والأزمات السياسية سبب قطاعات من العانسات حتى أصبحت العنوسة ظاهرة عادية وعليه تقبل الفتاة بالزواج المبكر خوفا من ذلك وهذا حق مشروع في الدين ومقبول من ناحية العرف، أما أنها تبدأ بالمطالبة فعلينا أن لاننسى إن الفتاة تبدأ بالنضوج العقلي والتكامل في مرحلة مابعدالزواج نظرا لرصيد التجارب الذي ستعيشه وهذا لايتعارض وطموحها في بناء الذات بل انه يساهم بفاعلية على ان لايتعارض ذلك مع الحقوق الزوجية فلا يكون الزواج مانعا لها، فهنا يأتي دور الأهل بتوعية بناتهن على أن يفكرن ببناء ذاتهن في ظل الزوج وبموافقته.
ماهي نصيحتكم للفتاة اليافعة والشابة إضافة إلى المتزوجة المقبلة؟
المزيد من التوازن من ناحية العواطف لا تغلب عواطفهن على شخصيتهن فان العاطفة المتزايدة قد تسبب لها ارباك عاطفي من أبسط المواقف فعليها أن تشاطر العاطفة بالعقل لأننا نعيش اليوم هجمة شرسة ضد الالتزام والتعفف وكل هذه الاندفاعات نتيجتها سلبية ومردودها عليها فقط، ولا نعتبر حب الأشخاص كحب الأشياء لأن في عالم الأشياء تنبهر الفتاة بالسلعة الجميلة فتسرع بالاقتناء، فتتصور عالم الأشخاص كذلك وتتصوره حب من أول نظرة فهذا الاختيار له متعلقات والفشل به يسبب أزمات نفسية وخدش لكرامتها لو كان المقابل سيء الخلق وقد كرّم الإسلام المرأة وعظمها فعليها أن تحافظ على ذلك فلا تهين نفسها ولا تخدش حيائها ولتبتعد عن ما يبعدها عن تقاليدها الشرعية وتتخذ الزهراء (ع) وزينب قدوة لها.
أما المرأة المتزوجة فواجبها كيف تستوعب الزوج وتحتويه وتتقرب منه لا يكون بعنوان التزييف وإنما بصدق العاطفة الحميمية ، وأن تحافظ على الحب والعواطف بين زوجها دائما، ولا تجعل السنوات الطويلة والأطفال وتربيتهم سببا في الابتعاد عن هذه الأمور فواجبها أن تبتكر آليات وأساليب تبعث في الأسرة جو لطيف مريح يجعلها بذلك متألقة دائما في نظر زوجها.
رحم الله الشيخ فاضل الفراتي
تعليق