دور الزوجة في إسعاد الزوج
كي يكون الرجل سعيداً لا بدّ أن تضمن له المرأة الأمور التالية:
الأول: حُسن الخُلُق:
وهو أمر بديهي، وإن كان صعب الحصول غالباً، فإن حسن الخُلُق يعني ضبط الانفعال والتحكّم بالعواطف باتجاه الأمور الجيّدة والأعمال الصالحة، فعليها قدر الإمكان مراعاة جميع القِيَم والآداب الأخلاقية التي حثّ عليها الإسلام.
الثاني: الحياد الإيجابي:
وهو يعني أن لا تحاول الزوجة التدخّل بشؤون زوجها في جميع الحالات، وأن لا تحاول التحكّم به وفرض أمور معينة عليه، وهذان الأمران من أهم المزعجات للرجل في زوجته، كذلك فإنهما من أسوأ ما تُبتلى المرأة في مغاضبتها لزوجها، ويندر أن تخلو زوجة من هذين الأمرين معاً، فنراها حريصة على أن تحدّد له طريقة في الحياة منسجمة مع عواطفها وتعلّقها الشديد بزوجها.. فتبيح لنفسها التدخّل في نوع عمله وعلاقاته وسهراته وحتى حديثه في بعض الحالات، وتثير في وجهه المشاكل والمتاعب لأنه يتغيّب عن المنزل، أو لأنه يصاحب فلاناً أو لأنه تحدّث مع فلانة أو لأنه يريد أن يعطي أهله كذا أو يأخذ منهم كذا، أو يبيع أو يشتري.. أو غير ذلك، وهي تندفع لذلك متأثِّرة: تارة بأنانيتها، وأخرى بمحبّتها، وتارة بضعفها، وطوراً بغيرتها، فتجرّها هذه الحالات إلى إغضاب الزوج، وتستبيح صرفه عن أعمال كبيرة جادّة بسبب تأثيرها على توجهاتها العاطفية.
والزوج بدوره سوف يرى أن هذا أسوأ ما تمارسه امرأة مع زوجها،
أولاً: لأن وجهة الرجل في معظمها هي الحياة العامة وما فيها من شؤون وقضايا،
وثانياً: لأنه ميَّال إلى الاستقلال ومعتز بحريته،
وثالثاً: لأنه سوف يكون في موقع التهمة والإدانة في بعض الحالات، في وقت يعتز فيه بإيمانه وجهاده فإذا ألحَّت المرأة في ذلك فإنها سوف تشعر الزوج بثقل وجودها.. ومن ثم كراهة هذا الوجود والعزوف عنه، سيما وأن المرأة طارئة على حياة الزوج وداخلة فيها برغبة منه هو، وعقد الزوجية لا يقتضي دخول المرأة في حياة الرجل العامة واختراقها لاستقلاله وكرامته، فلا عجب أن تساهم هذه النزعة عند المرأة بتدمير سعادة الرجل بنحو كامل.
فعلى المرأة العاقلة أن تحرص على احترام عالَم الرجل، وتعمل جهدها لعدم التأثير عليه في قول أو فعل إلاّ بالمقدار الذي يرغب فيه الرجل ويحبّه، وعليها أن تبدي عدم لهفتها على ذلك لتبقى عزيزة عنده بنفس المقدار، خاصة إذا كان الرجل مؤدِّياً لحقوق زوجته حريصاً عليها.. هذا هو الحياد الإيجابي الذي لا بدّ أن يساهم بنحو مهم في سعادة الرجل، وهو وإن كان صعباً ولكنه سوف يصبح سجيّة عندما تعتاده المرأة.
الثالث: التهيؤ له:
ونعني به ألاّ تقع عين زوجها منها على ما يكره، في هندامها وزينتها وملاطفتها له ومطاوعته جنسياً، بحيث تكون حريصة على فعل جميع ما يحبّه مما لا يغضب الله تعالى وأباحته الشريعة، وعلى المرأة أن تعرف أن طبيعة الرجل الجنسية طبيعة متسرِّعة وحسّاسة، لذا فإنه قد لا يظهر التجاوب إذا لم تكن المرأة قادرة على مساعدته وإسعاده، وعلى الزوجة الحذر من الروتين الذي يصيب الحياة الجنسية للزوجين، سيما بعد تقادم عهد الزواج وتراكم بعض المشكلات النفسية والأسرية والخارجية الموجِبة للملالة والتباعد، إن بإمكان المرأة أن تلعب دوراً مميزاً على هذا الصعيد من خلال العديد من المبادرات الحيوية التي تضفي البهجة على حياة الزوجين وتساهم في تجدّدها وإزالة الرتابة منها، وكون المرأة في منزلها يجعلها أقدر على اختراع هذه المبادرات من الرجل الذي يعود من عمله مشوّش الخاطر بألوان الهموم والمشاكل، وعلى المرأة أن تزيل شيئاً من كبريائها وتقوم هي بالتقرّب من الزوج والتودّد له بالطريقة المناسِبة وفي الوقت المناسب، وإن ذلك سوف يرفعها في عين زوجها ويزيدها حظوة عنده، وقد ورد في الحديث الشريف عن الإمام الصادق (ع) عن النبي صلى الله عليه وآله : ((... وعليها أن تتطيّب بأطيب طِيبها، وتلبس أحسن ثيابها، وتزَّين بأحسن زينتها، وتعرض نفسها عليه غدوة وعشية،...))(1).
الرابع: التدبير المنزلي:
وصحيح أنه ليس واجباً على المرأة في الشريعة، ولكنه قد أصبح جزءاً من حياة المرأة الأسرية ومفهوماً في ضمن عقد الزواج وعرفاً عالمياً مُجمعاً عليه، ربما لأنه مناسب لدور المرأة وطبيعتها، ولا عجب أن يكون انتظام أمر المنزل من جهة الترتيب والطعام والمصروف والأولاد جديراً بإسعاد الرجل ودفعه إلى مزيد من النشاط والإنتاج، ولا يمنع المرأة أن تكون مُبدِعة في هذا الجانب توليه عنايتها القصوى لأنه عمل من أعمال الحياة لا بدّ له من إنسان ينهض بعبئه، ولا يضير ذلك المرأة أبداً، بل هو شرف لها وعمل صالح تُشكر عليه وتُؤْجَر، وفي هذا الإطار جاء في الحديث الشريف عنه (ع): ((ما من امرأة تسقي زوجها شربة من ماء إلاّ كان خيراً لها من عبادة سنة صيام نهارها وقيام ليلها، ويبني الله لها بكل شربة تسقي زوجها مدينة في الجنة، وغفر لها ستين خطيئة))(2).
عندما يغضب الرجل:
هذه الأمور مجتمعة هي أركان سعادة الرجل، وهي في نفس الوقت أهمّ ما يوجب غضبه وانزعاجه، والإسلام يقف ملياً عند موضوع إغضاب الزوج، سيما وأنه ينظر إلى أن معظم الأسباب التي تدفع المرأة إلى مغاضبة زوجها نظرة إدانة ورفض، خاصة إذا كان الرجل متديِّناً وأخلاقياً، وكانت مطالب المرأة عاطفية ومزاجية.. كما هو الواقع في معظم الأحيان، ونظراً إلى أن هذه المغاضبة ظالمة.. وإلى خطرها الشديد على دور الرجل في الحياة العامة وفي داخل الأسرة، فإن الإسلام قد شدّد كثيراً على هذا الموضوع وحذّر المرأة منه وأغلظ في نهيها عنه والعقوبة عليه، ونحن نفهم ذلك من تأكيد النبي صلى الله عليه وآله على عظيم حرمة الزوج في قوله صلى الله عليه وآله : ((لو أمرت أحداً بالسجود لأحد لأمرتُ المرأة بالسجود لزوجها))(3)، وفي الحديث الوارد عنه صلى الله عليه وآله : ((جهاد المرأة حسن التبعّل لزوجها)) (4)، وفي العقوبة على مغاضَبة الزوج في قول الصادق (ع): ((أيما امرأة باتت وزوجها عليها ساخط في حقّ لم يتقبّل منها صلاة حتّى يرضى عنها..))(5).
الأمر الذي يسدّ على المرأة جميع المنافذ ويوهن لها جميع الحجج التي قد تراها مبرّرة لإيذاء الزوج وإزعاجه.. وإن على المرأة المؤمِنة أن تميِّز بدقّة بين ما هو حقّ لها وفَرض على زوجها وبين ما هو مستحسن من الزوج القيام به حسب ظروفه.
ونحن هنا لا نريد أن نبرئ الزوج من الخطأ، فإن لهذا بحثاً آخر، ولكنا نريد أن نلفت نظر المرأة إلى عدم جوهرية العديد من الأسباب التي قد تراها مبرِرَة لإغضاب الزوج، ومن ثم تورّطها في جريمة إيذاء زوجها وتفتيت سعادته. وعلى المرأة أن تكون من اللواتي مدحهن النبي صلى الله عليه وآله بقوله: ((ما استفاد امرؤ مسلم فائدة بعد الإسلام أفضل من زوجة مسلمة تسرّه إذا نظر إليها، وتطيعه إذا أمرها، وتحفظه إذا غاب عنها في نفسها وماله))(6).
خطاب إلى المرأة المؤمِنة:
وختاماً لا بدّ من كلمة أوجّهها إلى أخواتنا المؤمِنات المسلمات في هذا العصر، ذلك أننا مع تقديرنا وإكبارنا لإيمان المرأة وجهادها لم نرها قد قَدِرَت على إسعاد زوجها في ظل هذا الإيمان، وكأنّ الإيمان الذي عليه المرأة لم يصل إلى مستوى إنضاج شخصيتها ليجعلها زوجة مُسْعِدة لزوجها وخبيرة في إرضائه، وخير دليل على ذلك كثرة الطلاق.. مضافاً إلى كثرة المشاكل الزوجية بين المؤمنين.
وهنا نلفت النظر إلى أن كمال الإيمان إنما هو بالثقافة والأخلاق الفاضِلة، ومعظم المشاكل بين المؤمنين وزوجاتهم ناتجة من جهل الزوجة وعدم خبرتها بفنون العشرة والحياة الزوجية، ومن عدم اكتمال أخلاقها التي هي الأساس في حسن العلاقة مع الناس أكثر من الإيمان.
وعلى أخواتنا المؤمِنات أن يعلمن أن جهادهن في التبعل أكثر مما هو في العمل الخارجي مهما كان سامياً، اللّهمّ إلاّ في حالة الضرورة التي لا بدّ فيها من التضحية ببعض الأمور ولو كانت أساسية.
كذلك فإن على الأزواج المؤمِنِين أن يكونوا في مستوى مسؤولياتهم وأن يسع صبرهم الكثير من المشاكل التي لا بدّ أن تعترضهم، وأن يسعوا إلى حلّ مشكلاتهم الزوجية بالتروِّي والفهم الدقيق والصبر العظيم، وإن على المؤمنين والمؤمنات أن يكونوا في مستوى قوله تعالى: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أُولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم)(7).
ــــــــــــــــــــــ
(1) وسائل الشيعة / ص / 112.
(2) نفس المصدر / ص / 123.
(3) نفس المصدر / ص / 115.
(4) بحار الأنوار / جـ / 100 / ص / 247.
(5) وسائل الشيعة / 14 / 113.
(6) نفس المصدر / ص / 23.
(7) التوبة / 71.
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
كي يكون الرجل سعيداً لا بدّ أن تضمن له المرأة الأمور التالية:
الأول: حُسن الخُلُق:
وهو أمر بديهي، وإن كان صعب الحصول غالباً، فإن حسن الخُلُق يعني ضبط الانفعال والتحكّم بالعواطف باتجاه الأمور الجيّدة والأعمال الصالحة، فعليها قدر الإمكان مراعاة جميع القِيَم والآداب الأخلاقية التي حثّ عليها الإسلام.
الثاني: الحياد الإيجابي:
وهو يعني أن لا تحاول الزوجة التدخّل بشؤون زوجها في جميع الحالات، وأن لا تحاول التحكّم به وفرض أمور معينة عليه، وهذان الأمران من أهم المزعجات للرجل في زوجته، كذلك فإنهما من أسوأ ما تُبتلى المرأة في مغاضبتها لزوجها، ويندر أن تخلو زوجة من هذين الأمرين معاً، فنراها حريصة على أن تحدّد له طريقة في الحياة منسجمة مع عواطفها وتعلّقها الشديد بزوجها.. فتبيح لنفسها التدخّل في نوع عمله وعلاقاته وسهراته وحتى حديثه في بعض الحالات، وتثير في وجهه المشاكل والمتاعب لأنه يتغيّب عن المنزل، أو لأنه يصاحب فلاناً أو لأنه تحدّث مع فلانة أو لأنه يريد أن يعطي أهله كذا أو يأخذ منهم كذا، أو يبيع أو يشتري.. أو غير ذلك، وهي تندفع لذلك متأثِّرة: تارة بأنانيتها، وأخرى بمحبّتها، وتارة بضعفها، وطوراً بغيرتها، فتجرّها هذه الحالات إلى إغضاب الزوج، وتستبيح صرفه عن أعمال كبيرة جادّة بسبب تأثيرها على توجهاتها العاطفية.
والزوج بدوره سوف يرى أن هذا أسوأ ما تمارسه امرأة مع زوجها،
أولاً: لأن وجهة الرجل في معظمها هي الحياة العامة وما فيها من شؤون وقضايا،
وثانياً: لأنه ميَّال إلى الاستقلال ومعتز بحريته،
وثالثاً: لأنه سوف يكون في موقع التهمة والإدانة في بعض الحالات، في وقت يعتز فيه بإيمانه وجهاده فإذا ألحَّت المرأة في ذلك فإنها سوف تشعر الزوج بثقل وجودها.. ومن ثم كراهة هذا الوجود والعزوف عنه، سيما وأن المرأة طارئة على حياة الزوج وداخلة فيها برغبة منه هو، وعقد الزوجية لا يقتضي دخول المرأة في حياة الرجل العامة واختراقها لاستقلاله وكرامته، فلا عجب أن تساهم هذه النزعة عند المرأة بتدمير سعادة الرجل بنحو كامل.
فعلى المرأة العاقلة أن تحرص على احترام عالَم الرجل، وتعمل جهدها لعدم التأثير عليه في قول أو فعل إلاّ بالمقدار الذي يرغب فيه الرجل ويحبّه، وعليها أن تبدي عدم لهفتها على ذلك لتبقى عزيزة عنده بنفس المقدار، خاصة إذا كان الرجل مؤدِّياً لحقوق زوجته حريصاً عليها.. هذا هو الحياد الإيجابي الذي لا بدّ أن يساهم بنحو مهم في سعادة الرجل، وهو وإن كان صعباً ولكنه سوف يصبح سجيّة عندما تعتاده المرأة.
الثالث: التهيؤ له:
ونعني به ألاّ تقع عين زوجها منها على ما يكره، في هندامها وزينتها وملاطفتها له ومطاوعته جنسياً، بحيث تكون حريصة على فعل جميع ما يحبّه مما لا يغضب الله تعالى وأباحته الشريعة، وعلى المرأة أن تعرف أن طبيعة الرجل الجنسية طبيعة متسرِّعة وحسّاسة، لذا فإنه قد لا يظهر التجاوب إذا لم تكن المرأة قادرة على مساعدته وإسعاده، وعلى الزوجة الحذر من الروتين الذي يصيب الحياة الجنسية للزوجين، سيما بعد تقادم عهد الزواج وتراكم بعض المشكلات النفسية والأسرية والخارجية الموجِبة للملالة والتباعد، إن بإمكان المرأة أن تلعب دوراً مميزاً على هذا الصعيد من خلال العديد من المبادرات الحيوية التي تضفي البهجة على حياة الزوجين وتساهم في تجدّدها وإزالة الرتابة منها، وكون المرأة في منزلها يجعلها أقدر على اختراع هذه المبادرات من الرجل الذي يعود من عمله مشوّش الخاطر بألوان الهموم والمشاكل، وعلى المرأة أن تزيل شيئاً من كبريائها وتقوم هي بالتقرّب من الزوج والتودّد له بالطريقة المناسِبة وفي الوقت المناسب، وإن ذلك سوف يرفعها في عين زوجها ويزيدها حظوة عنده، وقد ورد في الحديث الشريف عن الإمام الصادق (ع) عن النبي صلى الله عليه وآله : ((... وعليها أن تتطيّب بأطيب طِيبها، وتلبس أحسن ثيابها، وتزَّين بأحسن زينتها، وتعرض نفسها عليه غدوة وعشية،...))(1).
الرابع: التدبير المنزلي:
وصحيح أنه ليس واجباً على المرأة في الشريعة، ولكنه قد أصبح جزءاً من حياة المرأة الأسرية ومفهوماً في ضمن عقد الزواج وعرفاً عالمياً مُجمعاً عليه، ربما لأنه مناسب لدور المرأة وطبيعتها، ولا عجب أن يكون انتظام أمر المنزل من جهة الترتيب والطعام والمصروف والأولاد جديراً بإسعاد الرجل ودفعه إلى مزيد من النشاط والإنتاج، ولا يمنع المرأة أن تكون مُبدِعة في هذا الجانب توليه عنايتها القصوى لأنه عمل من أعمال الحياة لا بدّ له من إنسان ينهض بعبئه، ولا يضير ذلك المرأة أبداً، بل هو شرف لها وعمل صالح تُشكر عليه وتُؤْجَر، وفي هذا الإطار جاء في الحديث الشريف عنه (ع): ((ما من امرأة تسقي زوجها شربة من ماء إلاّ كان خيراً لها من عبادة سنة صيام نهارها وقيام ليلها، ويبني الله لها بكل شربة تسقي زوجها مدينة في الجنة، وغفر لها ستين خطيئة))(2).
عندما يغضب الرجل:
هذه الأمور مجتمعة هي أركان سعادة الرجل، وهي في نفس الوقت أهمّ ما يوجب غضبه وانزعاجه، والإسلام يقف ملياً عند موضوع إغضاب الزوج، سيما وأنه ينظر إلى أن معظم الأسباب التي تدفع المرأة إلى مغاضبة زوجها نظرة إدانة ورفض، خاصة إذا كان الرجل متديِّناً وأخلاقياً، وكانت مطالب المرأة عاطفية ومزاجية.. كما هو الواقع في معظم الأحيان، ونظراً إلى أن هذه المغاضبة ظالمة.. وإلى خطرها الشديد على دور الرجل في الحياة العامة وفي داخل الأسرة، فإن الإسلام قد شدّد كثيراً على هذا الموضوع وحذّر المرأة منه وأغلظ في نهيها عنه والعقوبة عليه، ونحن نفهم ذلك من تأكيد النبي صلى الله عليه وآله على عظيم حرمة الزوج في قوله صلى الله عليه وآله : ((لو أمرت أحداً بالسجود لأحد لأمرتُ المرأة بالسجود لزوجها))(3)، وفي الحديث الوارد عنه صلى الله عليه وآله : ((جهاد المرأة حسن التبعّل لزوجها)) (4)، وفي العقوبة على مغاضَبة الزوج في قول الصادق (ع): ((أيما امرأة باتت وزوجها عليها ساخط في حقّ لم يتقبّل منها صلاة حتّى يرضى عنها..))(5).
الأمر الذي يسدّ على المرأة جميع المنافذ ويوهن لها جميع الحجج التي قد تراها مبرّرة لإيذاء الزوج وإزعاجه.. وإن على المرأة المؤمِنة أن تميِّز بدقّة بين ما هو حقّ لها وفَرض على زوجها وبين ما هو مستحسن من الزوج القيام به حسب ظروفه.
ونحن هنا لا نريد أن نبرئ الزوج من الخطأ، فإن لهذا بحثاً آخر، ولكنا نريد أن نلفت نظر المرأة إلى عدم جوهرية العديد من الأسباب التي قد تراها مبرِرَة لإغضاب الزوج، ومن ثم تورّطها في جريمة إيذاء زوجها وتفتيت سعادته. وعلى المرأة أن تكون من اللواتي مدحهن النبي صلى الله عليه وآله بقوله: ((ما استفاد امرؤ مسلم فائدة بعد الإسلام أفضل من زوجة مسلمة تسرّه إذا نظر إليها، وتطيعه إذا أمرها، وتحفظه إذا غاب عنها في نفسها وماله))(6).
خطاب إلى المرأة المؤمِنة:
وختاماً لا بدّ من كلمة أوجّهها إلى أخواتنا المؤمِنات المسلمات في هذا العصر، ذلك أننا مع تقديرنا وإكبارنا لإيمان المرأة وجهادها لم نرها قد قَدِرَت على إسعاد زوجها في ظل هذا الإيمان، وكأنّ الإيمان الذي عليه المرأة لم يصل إلى مستوى إنضاج شخصيتها ليجعلها زوجة مُسْعِدة لزوجها وخبيرة في إرضائه، وخير دليل على ذلك كثرة الطلاق.. مضافاً إلى كثرة المشاكل الزوجية بين المؤمنين.
وهنا نلفت النظر إلى أن كمال الإيمان إنما هو بالثقافة والأخلاق الفاضِلة، ومعظم المشاكل بين المؤمنين وزوجاتهم ناتجة من جهل الزوجة وعدم خبرتها بفنون العشرة والحياة الزوجية، ومن عدم اكتمال أخلاقها التي هي الأساس في حسن العلاقة مع الناس أكثر من الإيمان.
وعلى أخواتنا المؤمِنات أن يعلمن أن جهادهن في التبعل أكثر مما هو في العمل الخارجي مهما كان سامياً، اللّهمّ إلاّ في حالة الضرورة التي لا بدّ فيها من التضحية ببعض الأمور ولو كانت أساسية.
كذلك فإن على الأزواج المؤمِنِين أن يكونوا في مستوى مسؤولياتهم وأن يسع صبرهم الكثير من المشاكل التي لا بدّ أن تعترضهم، وأن يسعوا إلى حلّ مشكلاتهم الزوجية بالتروِّي والفهم الدقيق والصبر العظيم، وإن على المؤمنين والمؤمنات أن يكونوا في مستوى قوله تعالى: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أُولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم)(7).
ــــــــــــــــــــــ
(1) وسائل الشيعة / ص / 112.
(2) نفس المصدر / ص / 123.
(3) نفس المصدر / ص / 115.
(4) بحار الأنوار / جـ / 100 / ص / 247.
(5) وسائل الشيعة / 14 / 113.
(6) نفس المصدر / ص / 23.
(7) التوبة / 71.
نسالكم الدعاء
تعليق