إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

نبذة عن تأريخ المشهد الحسيني والمشهد الزينبي في مصر

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • نبذة عن تأريخ المشهد الحسيني والمشهد الزينبي في مصر

    جاء في كتاب (مزارات أهل البيت (ع) وتأريخها) للسيد محمد حسين الجلالي (ص272) أن هناك أقوالاً عدّة فيما يتعلّق بموضع رأس الحسين (عليه السلام) , قال :
    القول الثالث: ان مدفن الرأس في القاهرة وهو المشهور بين الجمهور ويساعده الإعتبار فإن من الثابت تأريخياً أن عدو الله يزيد نكت بمخصرته وجهه الشريف وفعل ما فعل وقال ما تقشعرّ منه الأبدان كما هو مفصل في المقاتل , وأيضا ً طلب الإمام زين العابدين (عليه السلام ) للرأس , وإمتناع يزيد من ذلك خوفاً من غضب جمهور المسلمين , كل ذلك يدلّ على أن الرأس الشريف كان في الشام ولم تتحقق السرقة قبل ذلك والقول بتحقق ذلك فيما بعد بعيد فإن صحت الرواية بحفظه وحراسته عند الأمويين ثم نقله إلى عسقلان ومنها إلى القاهرة .
    ولو صحت رواية السرقة فإن الرأس الشريف الموجود اليوم بالقاهرة لا شكّ أنه من رؤوس شهداء كربلاء الذي استشهدوا مع الحسين (عليه السلام) عام 61 للهجرة.
    ولنعم ما قاله المقريزي في (خططه ج2 ص 285) من أن لحفظة الآثار وأصحاب الحديث ونقلة الأخبار ما أن طولع وقف منه على المسطور وعلم منه ما هو غير المشهور .
    وإنما هذه البركات مشاهدة مرئية وهي بصحة الدعوى ملية. قال الجلالي : والأهم هو الإعتبار بالأهداف التي قتل من أجلها الحسين (عليه السلام) والتي من أجلها يكرم المسلمون هذا المكان الذي دفن فيه رأس الحسين (عليه السلام) , ولأجل نسبته إلى الحسين أو أحد شهداء واقعة كربلاء الرهيبة , ولنعم ما قال سبط ابن الجوزي : ففي أي مكان كان رأس الحسين فهو ساكن في القلوب والضمائر قاطن في الأسرار والخواطر , انتهى.
    واقتبس ذلك أبو بكر الآلوسي فقال :

    لا تطلبوا رأس الحسين ***** بشرق أرض أو بغرب
    ودعوا الجميع وعرجوا ***** نحوي فمشهده بقلبــي
    من تأريخ المشهد :
    قال الشبلنجي رضي الله عنه في (نور الأبصار ص 134) ذهبت طائفة إلى أن يزيد بن معاوية أمر بأن يطاف به البلاد أي رأس الحسين (عليه السلام) فطيف به حتى انتهى به إلى عسقلان فدفنه أميرها بها , فلما غلب الفرنج على عسقلان افتداه منه الصالح طلائع وزير الفاطميين بمال جزيل ومشى للقائه من عدّة مراحل ووضعه في كيس حرير أخضر على كرسي من الأبنوس وفرش تحته المسك والطيب وبنى عليه المشهد الحسيني المعروف بالقاهرة قريبا ً من خان الخليلي , انتهى .
    ونقل المقريزيك أن المشهد في عسقلان بناه أمير الجيوش بدر الجمالي وأكمله ابنه الأفضل سنة 491 هـ قال المقريزي في (خططه ج2 , ص 283) : في شعبان سنة 491 هـ خرج الأفضل بن أمير الجيوش إلى بيت المقدس - إلى قوله - فدخل عسقلان وكان بها مكان دارس , فيه قبر رأس الحسين بن علي بن أبي طالب فأخرجه وعطّره وحمله في سفط إلى أصل دار بها وعمّر المشهد , فلما تكامل حمل الأفضل الرأس الشريف على صدره وسعى به ماشياً إلى أن أحلّه في مقبرة.
    وفي سنة 548هـ كان قد نقل رأس الحسين من عسقلان الشام إلى القاهرة وقد وصل بالرأس الشريف الأمير سيف المملكة تميم والي عسقلان في يوم الأحد ثامن جمادي الآخرة سنة ثمان واربعين وخمسمائة (1153 م ) كما يقوله المقريزي , وقد وصف ذلك المقريزي بقوله : ( فقدم به الأستاذ مكنون في عشاريّ من عشاريّات الخدمة وأنزل به إلى الكافوري ثم حمل في السرداب إلى قصر الزمرد ثم دفن عند قبة الديلم بباب دهليز الخدمة , انتهى .
    وفي سنة 549 هـ بنى الملك الصالح طلائع بن رزيك جامعة خارج باب زويلة ليدفن الرأس فيه فيفوز بهذا الفخار فغلبه أهل القصر وقالوا : لا يكون ذلك الإ عندنا فعمدوا هذا المكان ( المعروف اليوم بمشهد رأس الحسين ) وبنوا له ونقلوا الرخام إليه وذلك في خلافة الفائز على يد الملك الصالح .
    وفي سنة 578هـ وصف المشهد , الرحالة ابن جبير فقال في (رحلته ) ما نصّه : المشهد العظيم الشأن الذي بمدينة القاهرة حيث رأس الحسين بن علي بن أبي طالب (رضي الله عنه ) . وهو في تابوت من فضّة مدفون تحت الأرض قد بني عليه حفيل يقصر الوصف عنه , ولا يحيط الإدراك به مجلل بأنواع الديباج محفوف بأمثال العمد الكبار شمعاً أبيض ومنه ما دون ذلك قد وضع أكثره في أنوار فضة طالعة ومنها مذهبة , وعلقت عليه قناديل فضة وحف أعلاه كله بأمثال التقاحيح ذهبا ً في مصنع شبيه الروضة يقيد الأبصار حسناً وحمالاً , فيه من أنواع الرخام المجزع الغريب الصنعة البديع الترصيع مما لا يتخيله المتخيلّون والمدخل إلى هذه الروضة على مسجد مثالها في التأنق والغرابة , وحيطانها كلّها رخام على الصفة بعينها والأستار البديعة الصنعة من الديباج معلقة على الجميع , انتهى .
    وفي سنة 634 هـ أنشأ أبو القاسم ابن يحيى بن ناصر السكري منارة على باب المشهد والمتبقي اليوم قاعدتها وعليها ما نصّه : (بسم الله الرحمن الرحيم : الذي أوصى بإنشاء هذه المأذنة المباركة على باب مشهد السيد الحسين تقرباً إلى الله ورفعاً لمنار الإسلام الحاج إلى بيت الله أبو القاسم ابن يحيى بن ناصر السكري المعروف بالزرزور تقبل الله منه وكان المباشر بعمارتها ولده لصلبه الأصغر الذي أنفق عليها من ماله بقية عمارتها خارجاً عما أوصى به والده المذكور وكان فراغها في شهر شوال سنة أربع وثلاثين وستمائة ).
    وفي سنة 640 هـ احترق المشهد في عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب بسبب أن أحد خزّان الشمع دخل ليأخذ شيئاً فسقطت منه شعلةً , فوقف الأمير جمال الدين نائب الملك الصالح بنفسه حتى أطفىء كما يرويه المقريزي.
    وفي سنة 662هـ زاد فيه الملك الظاهر ركن الدين بيبرس المملوكي , وفي سنة 684هـ بنى فيه الملك الناصر محمد بن قلاوون إيواناً وبيوتاً للفقهاء العلوية.
    وفي سنة 740 هـ إحترق المشهد كما نقله جرجي زيدان فأ فعيدَ بناؤه.
    وفي سنة 1004هـ أمر السلطان سليم العثماني بتوسيع المسجد فاستمر حتى عام 1006هـ.
    وفي سنة 1175 هـ قام الأمير عبد الرحمن كتخدا بإعادة بناء المسجد الملحق بالروضة وأضاف إليه إيوانين ورتب للسدنة مرتبات.
    وفي سنة 1279 هـ زار السلطان عبد العزيز العثماني الروضة الحسينية.
    وأمر الخديو أن يقوم بالعمارة التي استمرت حتى عام 1290هـ.
    وفي سنة 1290 هـ أ فضيف عباس حلمي الثاني قاعة الآثار النبوية بها .
    وفي سنة 1372 هـ - 1953م وسعت الحكومة المصرية المساحة المحيطة بالروضة والمسجد حتى بلغت المساحة الكلية لها : 3340 متراً مربعاً .
    وفي سنة 1385 هـ - 1965 م في أول شوال أهدت طائفة البهرة الإسماعيلية مقصورة شبّاك من الفضّة المرصّعة بفصوص من الألماس إلى المشهد الشريف , وقد رأيت حجراً تذكارياً يفيد ذلك منصوباً هناك .
    وقد أطالت الدكتورة المعاصرة سعاد ماهر في وصف الروضة والمسجد بما لا يستغني عنه ومما قالت ما نصه: وبالجامع منبر خشبي بديع مطلّي بطلاء مذهب وهو في الأصل منبر جامع ازبك الذي كان عند العتبة الخضراء , فلّما تخرب المسجد نقل إلى مشهد الحسين وفي مؤخرة المسجد دكة تبليغ كبيرة أما صحن الجامع فيحتوي على أربعة وأربعين عموداً عليها بوائك حاملة للسقف , وهو من الخشب المطلي بزخارف نباتية وهندسية متعددة الألوان ومذهبة غاية في الدقة والإبداع وفي وسط السقف ثلاث منائر مرتفعة مسقوفة كذلك . وفي جدران المسجد الأربعة يوجد ثلاثون شباكاً كبيراً من النحاس المطلي بالذهب يعلوها شبابيك أخرى صغيرة دوائرها من الرخام, وللمسجد مئذنتان إحداهما قصيرة وقديمة وهي التي بناها أبو القاسم ابن يحيى بن ناصر السكري المعروف بالزرزور سنة 634 هـ (1236م) فوق القبّة - كما سبق أن أشرنا إليه - وقد طوقتها جمعية حفظ الآثار بحزامين من الحديد محافظة على بقائها , أما المئذنة الثانية فتقع في مؤخر المسجد وهي مرتفعة ورشيقة على الطراز العثماني الذي يشبه المسلة أو القلم الرصاص وعليها لوحان بخط السلطان عبد المجيد خان كتبهما سنة 1366 هـ أحدهما من سورة الانعام الآية 6 : ((أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده قل لا أسألكم عليه أجراً إن هو الإ ذكر للعالمين )).
    وآخر (أحب أهل بيتي إليّ الحسن والحسين ).
    وقالت أيضاً : في سنة 1953م (فقد عنيت عناية خاصة بتجديد مسجد الحسين وزيارة مساحته وفرشه وإضاءته حتى يتسع لزائريه والمصلين به , فقد كان المسجد القديم يضيق بهم وخاصة ً في المواسم والأعياد فزيدت مساحته حتى بلغت مساحته 3340 متراً مربعاً بعد أن كانت 1500متراً أي بإضافة 1840 متراً مربعاً إليه ) إلى آخر الكلام الطويل .

    وأمّا ما يتعلق بمقام السيدة زينب (ع) في مصر , فقد جاء في المصدر المذكور أعلاه , ص 258 : (( تعتبر عقيلة بني هاشم السيدة زينب بنت الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) , بطلة كربلاء مثال المرأة المسلمة التي استوعبت الإسلام وسعت في سبيله بكل ما أ فوتيت من حول وطول , وبكل صلابة وصمود , فلا غرو فهي خريّجة مدرسة الإمام علي(عليه السلام) .
    ولدت السيدة زينب في المدينة المنورة في الخامس من جمادي الأولى السنة السادسة للهجرة وبها تربّت في حجر النبوة ومهبط الوحي والتقت بركب أخيها الإمام الحسين (عليه السلام) في محرم عام 61 للهجرة , وبعد حادثة كربلاء الرهيبة كانت السيدة زينب تواصل البكاء والنياح على شهيد كربلاء في دارها بالمدينة , مما أخاف الحكام الأمويين وجودها في المدينة فقررّوا إبعادها إلى مصر , وكانت بها حتى توفيت في الرابع عشر من شهر رجب عام 62 للهجرة , هذه هي حصيلة ما وصلت إليه من التحقيق حول مرقدها وسبب قدومها إلى القاهرة وتوضيح ذلك يقتضي استعراض النصوص التأريخية الموجودة اليوم.
    قال الشيخ محمد بن محمد بن النعمان المفيد المتوفّى سنة 413 هـ , في كتاب الإرشاد في بنات الإمام علي (عليه السلام) ما نصّه : ( زينب الكبرى وزينب الصغرى أم كلثوم وأمهما فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وزينب اخرى - مع أفخريات - لأمهات شتى )... انتهى.
    وعليه كان للإمام علي (عليه السلام) ثلاث بنات كل منهنّ تسمّى زينب , وكذلك صرّح شيخ الشرف يحيى بن الحسن العبيدلي المتوفـّى سنة 277 هـ أن له (عليه السلام) ثلاث بنات كل تسمى زينب ووصفهن بالكبرى والوسطى والصغرى , والكلام هنا في خصوص تربة الكبرى التي هي شقيقة الحسين من أمّه وأبيه والمعروفة ببطلة كربلاء , والظاهر أن تربتها في القاهرة بناء على ما أورده النسابة العبيدلي المذكور , وهو شيخ الشرف أبو الحسين يحيى بن الحسن العقيقي بن جعفر الحجة بن عبد الله بن الأعرج المولود عام 214 والمتوفى 277هـ .وهو أول من صنف من الطالبين وليس بوسع أي باحث الإستغناء عن النصوص والروايات التي أوردها العبيدلي في هذا الباب إذ ليس التأريخ الإّ إستنباطاً من النصوص والروايات المروية واستيعابها ثم الأخذ بأوثقها وهذا العبيدلي يعتبر أقدم وأتقن النسابة وخاصة في هذا الموضوع .
    وكتابه يسمى بـ ( اخبار الزينبات) جمع زينب وذكره شيخنا العلاّمة الطهراني أعلى الله مقامه , باسم أخبار الزينبيات بالنسبة إلى زينب والظاهر أنه سهوٌ من قلمه الشريف , فإنه لا وجه لياء النسبة فيها وأن الصحيح في النسبة هو الزينبات جمع زينب.
    وقال (ره) في الذريعة : إنّه طبع عام 1333هـ وحدثني نسابة العصر فقيه أهل البيت السيد شهاب الدين المرعشي النجفي النازل بقم, أنه رأى نسخة من هذا الكتاب ملحقة بنسخة من كتاب التبيان للشيخ الطوسي في الخزانة الغروية في النجف ووصفها دام فضله بأنها نسخة قديمة.
    قال الجلالي : وبالرغم من السعي البليغ للوقوف على تلك النسخة ما أمكنني ذلك ولكن من حسن التوفيق أن الأستاذ السيد قاسم المصري كان قد عثر على نسخة قديمة من الكتاب ونشره في القاهرة في عام 1333هـ فجزاه الله خير الجزاء , وقال : إن الأصل عنده كان بتأريخ 676هـ وإن كاتبها الحاج محمد البلتاجي الطائفي المجاور بالحرم الشريف النبوي وأنه نقله عن الأصل بتأريخ 483 هـ مخطوط بخط السيد محمد الحسيني الواسطي الأصل المتوطن بحيدر آباد وعلى هذه الطبعة إعتمادي , وقد أورد العبيدلي ثمانية أحاديث في ترجمة السيدة زينب أكتفي بحديثين منها :
    - بالسند المرفوع إلى رقية بن عقبة بن نافع الفهري قالت : كنت فيمن استقبل زينب بنت علي لما قدمت مصر لمصيبة , فتقدم إليها مسلمة بن خالد وعبد الله بن الحارث وأبو عمرة المزني فعزّاها مسلمة وبكى فبكت وبكى الحاضرون وقالت : (( هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون )), ثم احتملها إلى داره بالحمراء فأقامت به أحد عشر شهراً وخمسة عشر يوماً وتوفيت وشهدت جنازتها وصلّى عليها مسلمة بن مخلّد في جمع بالجامع ورجعوا بها فدفنوها بالحمراء بمخدعها من الدار بوصيتها .
    - حدثني إسماعيل بن محمد البصري عابد مصر ونزيلها قال : حدثني إسماعيل بن محمد , قال : أخبرني الشريف أبو عبد الله القرشي قال سمعت هند تقول : توفيت زينب بنت علي عشيّة يوم الأحد لخمسة عشر يوماً مضت من رجب سنة 62هـ بالحمراء القصوى حيث بساتين عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف الزهري . انتهى كلامه, رفع مقامه.
    ولغرض تعيين موقعة الدار هذه نترك الكلام للأستاذ المصري حسن قاسم في كتابه السيدة زينب الصفحة 67 فقد قال ما نصّه :
    ( المنطقة التي يقع بها المشهد الزينبي الآن هي إحدى الحمراوات الثلاث التي عرفت في صدر الإسلام.. إلى أن قال :- ثم ما برحت هذه المنطقة تعرف كذلك إلى أن افتتح المسلمون أرض مصر وابتنى بها عمرو بن العاص فسطاطه وبعد مضيّ سبعة أعوام على وفاة السيدة أعني في 69 هـ بنى عبد العزيز بن مروان بطرف من هذه المنطقة قنطرته التي أزيلت وعوض عنها بقنطرة السد وبها عرفت المنطقة , ثم عرفت بخط قناطر السباع) , انتهى.

    لمحة عن حياتها :
    ولدت في (5/ ج 1 / 6) للهجرة وسارت مع أبي الشهداء الحسين إلى مكّة ثم إلى كربلاء وتوفيت في الرابع عشر من رجب سنة( 62 هـ - 683م ) وعمرها 57 عاماً .
    وكان زوجها عبد الله بن جعفر الطيّار من الصحابة الأخيار وكان قد ولد في أرض الحبشة أيام الهجرة الأولى للمسلمين إليها وهو أول مولود بها في الإسلام, روى عن النبي (صلّى الله عليه وآله ) وعن أمّه أسماء بنت عميس وعمّه علي بن أبي طالب وتوفي في عام 80 للهجرة , ودفن بالبقيع , ومن أولادها محمد الأكبر قتل بصفين , وعون قتل بكربلاء.
    قال الأ ستاذ قاسم : (ثم بعد مرور عام على وفاتها وفي نفس اليوم الذي توفيت فيه أجمع أهل مصر قاطبةً وفيهم الفقراء والقرّاء وغير ذلك وأقاموا لها موسماً عظيماً برسم الذكرى على ما جرت به العادة , ومن ذلك الحين لم ينقطع هذا الموسم إلى وقتنا هذا من يوم وفاتها إلى الآن وإلى ما شاء الله وهذا الموسم المذكور هو المعبّر عنه بالمولد الزينبي الذي يبتدأ من أول شهر رجب من كل سنة وينتهي ليلة النصف منه وهي ليلة الختام وتحيى هذه الليالي بتلاوة آي القرآن الكريم , والأذكار الشرعية ويكون لذلك مهرجان عظيم ويفد الناس من كلّ فجّ عميق إلى زيارة ضريحها الشريف , ولذلك يقصدها الناسّ بالزيارة بكثرة لا سيّما في يوم الأحد وهي عادة قديمة ورثها الخلف من السلف , والأصل في ذلك أن أفضل ما يزار فيه الولي من الأيام هو اليوم الذي توفي فيه.
    وقد استوفى البحث حول المرقد بما لا يستغني عنه الباحث المنصف. شبهة وحل :
    قد توهّم السيد الأمين (ره) في كتابه (أعيان الشيعة 13 ص271) حيث استظهر إلى أن صاحبة القبر المطهّر في القاهرة هي زينب بنت يحيى المتوج بن الحسن الأنور بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) استناداً إلى ما جاء في الطراز المذهب لميرزا عباس قلي خان طبع بمبئي صفحة 69 من أنها صاحبة القبر المشهور المعروف بالسيدة زينب. وقال السيد الأمين ما نصّه : ( وهذا المشهد مزور عظيم مشيد البناء بناؤه في غاية الإتقان فسيح الأرجاء دخلته وزرته في سفري إلى الحجاز بطريق مصر عام 1340 هـ ويعرف بمشهد السيدة زينب, وأهل مصر يتوافدون لزيارته زرافات ووحداناً وتلقى فيه الدروس وهم يعتقدون أن صاحبة القبر زينب بنت علي بن أبي طالب , حتى إني رأيت كتاباً مطبوعاً في مصر لا أتذكّر الآن اسمه ولا اسم مؤلفه وفيه أنّ صاحبة هذا المشهد هي زينب بنت علي بن أبي طالب , ثم يتساءل أنها كيف جاءت إلى مصر ولم يذكر ذلك أحد؟
    ويجيب بأنه يمكن أن تكون نقلت جثتها أو جاءت بطريق غير مألوف ولا معروف أو نحواً من ذلك فتأمل وأعجب), انتهى.
    فإنّه مجرد توهم, فإنه رحمه الله مع جلالة قدره لم يقف على رسالة العبيدلي وكان غير عالم بها ولا بوجودها والإ لما كان يكتفي بذكر كتاب لا يتذكر اسمه ولا اسم مؤلّفه ويعرض عن كتاب العبيدلي النسّابة المعتمد في هذا الباب , فإن العبيدلي الذي ذكر زينب الكبرى كما تقدم كذلك أيضا ً ذكر في كتابه المذكور (أخبار الزينبات)زينب بنت يحيى المتوّج المذكور وإليك نص كلامه : (زينب بنت يحيى بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب أمها أم ولد , حدّثني أبو جعفر الحسين عن محمد بن يحيى العثماني, قال : كنت بمصر حين قدمت زينب بنت يحيى مع عمتّها نفيسة بنت الحسن قال , وسألتها كم لك في خدمة عمتك نفيسة ؟ قالت: أربعين سنة, ماتت زينب بنت يحيى بمصر ولا عقب لها), انتهى.
    وأما عن موضع قبرها فيقول الأستاذ قاسم المصري: ( في قرافة قريش شرقي مقام الشافعي مشهورة بالسيدة زينب بنت يحيى المتوج أخي السيدة نفيسة بنت السيد حسن المدني أمير المدينة في خلافة أبي جعفر المنصور , دخلت مصر 193 هـ كما ذكره العبيدلي), انتهى. وهم آخر :
    ومثل هذا الوهم ما حصل لنسّابة النجف اليوم السيد الجليل السيد عبد الرزّاق كمونة دام فضله فاحتمل أن صاحب القبر هي زينب بنت أحمد بن محمد بن عبد الله بن جعفر بن محمد المعروف بابن الحنفية ابن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام).
    قال : ( فنسبتها إلى علي بن أبي طالب بوسائط) قال في (مشاهد العترة ص 241).
    والسبب في هذا الوهم أيضا ً ما تقدم , فإن العبيدلي ذكر هذه أيضاً قائلاً: ( زينب بنت أحمد بن محمد بن عبد الله بن جعفر بن محمد الحنفية بن علي بن أبي طالب , ذكر لنا جعفر بن الحسن أنّها دخلت مصر هي وأخ لها بدعى محمد في سنة 212 مائتين وإثنتي عشرة , إو قال وثلاث عشرة ) , انتهى .

    وقد ذكر الأستاذ المصري (حسن قاسم) موضع قبرها قائلاً: ( خارج باب النصر ويعرف بمعبد السيدة زينب وهي زينب بنت أحمد بن محمد بن عبد الله بن جعفر بن محمد الحنفية بن علي بن أبي طالب ذكر العبيدلي أنها قدمت مصر وعرف عن مشهدها المقريزي في الخطط) , انتهى.
    ( وبالجملة) الزينبان المذكورتان هما غير زينب الكبرى وأنّهن جميعاً نزلن مصر وإن موضع تربة الزينبين المذكورتين معروفة ولاتوهم أو إشتباه أو إلتباس في تربتهن وإنما ذهب كل من العلمين الأمين وكمونة بالرغم من رسوخ قدميهما إلى المذهب بسبب عدم إطلاعهما على رسالة العبيدلي التي تعتبر أقدم مصدر معتمد في هذا الباب وإنما العصمة لأهلها. من تأريخ المرقد :
    يقع الضريح الطاهر - اليوم - في الميدان المعروف (بميدان السيدة زينب) وهو واقع في الحي المعروف (بحي السيدة زينب ) وبقرب الضريح قبران لعالمين جليلين من الأشراف الحسينين هما العتريس واسمه محمد بن أبي المجد بن قريش الحسيني , والعيدروس وهو وجيه الدين أبو المراحم عبد الرحمن الحسيني اليمني المتوفى 1192 هـ وحدثني إمام الحضرة الزينبية عام زيارتي للقاهرة 1396هـ في طريقي إلى الحج وهو الشيخ إبراهيم جهلوم أنهما اختارا جوار السيدة زينب حياً وأوصيا عندها ميتاً وهما القبران الظاهران في الروضة الزينبية الطاهرة ولا قبر ظاهر غيرهما , وبجنب الروضة الزينبية مسجد كبير تنعقد فيها الدرس والذكر والصلاة في مواقيتها وكان يؤمّها آنذاك الشيخ جهلوم , وهناك لوحة تذكارية منصوبة تفيد أنّ توسعة المسجد حصلت في عهد جمال عبد الناصر بتأريخ يوم الجمعة 24 من جمادي الآخرة 1384هـ - 1964م.
    وقال السيد حسن محمد قاسم في كتابه (السيدة زينب ص78) : إنّ أوّل من بنى عليه أبو تميم معد بن نزار بن المعز لدين الله عام 396م , وقد وصف الرحالة أبو عبد الله محمد الكوهيني الفاسي المتوفى 418 هـ زيارته للروضة بتأريخ 14- محرم - 369هت بما نصّه : ( ثم دخلنا مشهد زينب بنت علي - على ما قيل لنا - فوجدناه داخل حجرة كبيرة وهوي في طرفها البحري يشرف على الخليج فنزلنا إليه بدرج وعالياً الضريح وجدنا عليه - در نورا - قيل لنا أنه من القماري فاستبعدنا ذلك لكن شممنا منه رائحة طيبة ورأينا بأعلى الضريح قبّة بناؤها من الجص , ورأينا في صدر الحجرة ثلاثة محاريب أطولها الذي في الوسط وعلى ذلك كله نقوش في غاية الاتقان ويعلو باب الحجرة زليخة قرانا فيها بعد البسملة (إن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً ) هذا ما أمر به عبد الله ووليّه أبو تميم أمير المؤمنين الإمام العزيز بالله صلوات الله تعالى عليه وعلى آبائه الطاهرين وأبنائه المكرمين , أمر بعمارة هذا المشهد على مقام السيدة الطاهرة بنت الزهراء البتول زينب بنت الإمام علي بن أبي طالب صلوات الله تعالى وعلى آبائها الطاهرين وأبنائها المكرمين) , انتهى.

    وقد أورد الشيخ جعفر النقدي في كتابه زينب الكبرى ما يأتي : ( وفي القرن السادس أيام الملك العادل سيف الدين أبي بكر ابن أيوب أجرى في هذا المشهد عمارة أمير مصر ونقيب أشراف الزينبين بها الشريف فخر الدين ثعلب الجعفري الزينبي صاحب البساتين التي عرفت بمنشأة ابن ثعلب ومنشىء المدرسة الشريفية التي تعرف الآن بجامع العربي بالجودرية , وما برج هذا المشهد على هذه العمارة إلى أن كان في القرن العاشر الهجري فاهتمّ بعمارته وتشييده وجعل له مسجداً يتصّل به الأمير باشا الوزير والي مصر من قبل السلطان خان ابن السلطان سليم الفاتح , وكان ذلك من شهور 956هـ.
    وفي سنة 1174هـ أعاد بناءه وشيّد أركانه الأمير عبد الرحمن كتخدا الفاز وعلي وأنشاء به ساقية وحوضاً وبنى ايضا ً مقام الشيخ محمد العتريس .
    وفي سنة 1210 هـ جددّت المقصورة الشريفة من النحاس الأصفر وكتب فيه على بابها ( يا سيدة زينب ابنة فاطمة الزهراء مددك 1210 هـ ).
    وفي سنة 1112هـ ظهر الصدع في حوائط المسجد وبنائه فندبت حكومة المماليك عثمان بك المرادي لتجديده وإنشائه فابتدأ بالبناء فيه وما لبث أن توقف العمل لدخول الفرنسيّبن القطر المصري فأكمله بعد ذلك يوسف باشا الوزير في شهور 1216هـ وأرخ ذلك بأبيات خطت على لوح في المقام ونصّها :

    نور بنت النبي زينب يعلــو ***** مسجداً فيه قبرها والمزار
    قد بناه الوزير صدر المعـالي ***** يوسف وهو للعلى مختـار
    زاد إجلالـه كما قلت أرخ : ***** مسجد مشرق به أنــوار
    قلت : هذا التأريخ كما تراه لا يوافق العدد المذكور ولعله كان متقدماً على تأريخ الإكمال.
    قال: ثم حالت دون إتمامه عمارته موانع فأكملها المغفور له محمد علي باشا الكبير جدّ الأسرة العلوية وأراد عباس باشا أيام حكومته أن يجدّد هذا المسجد ويوسعه وشرع في ذلك ووضع الأساس بيده عام 1270هـ ولكنه عاجله الأجل فانقطع العمل فأتمّه بعده المرحوم سعيد باشا وأمر بتجديد الواجهة الغربية والبحرية ومقام العتريس والعيد روس وكان ذلك سنة 1276هـ وبعد تمام هذه العمارة كتب على لوح تأريخها في أبيات نصّها :

    في ظل أيام السعيد محمــد ***** رب الفخار مليك مصر الأفخم
    من فائض الاوقاف اتحف زينبا ***** عون الورى بنت النبيّ الأكرم
    من بات ينوي للوضوء مؤرخاً ***** يسعد فإن وضوءه من زمــزم
    وكتب على باب المقام هذا البيت :
    يازائريها قفوا بالباب وابتهلوا ***** بنت الرسول لهذا القطر مصباح
    وفي سنة 1294 هـ جدّد الباب المقابل لباب القبّة من المرمر المصري والاستانبولي على الهيئة الموجودة الآن بأمر الخديوي محمد توفيق باشا.
    وفي سنة 1297هـ أمر بتجديد القبّة والمسجد والمنارة, فتمّ ذلك في شهور 1320هـ وكتب على أبواب القبّة الشريفة

    :
    باب الشفاعـة عند قبـة زينب ***** يلقاه غاد للمقــام ورائح
    من يجني توفيق العزيز مؤرخ ***** نور على باب الشفاعة رائح
    وأيضاً :
    قف توسل بباب بنت علي ***** بخضوع وسل إليه إله السماء
    يحظ بالعز والقبول وأرخ ***** باب أًخت الحسين باب العلاء
    وأيضاً :
    رفعوا لزينب بنت طه قبّــةً ***** علياء محكمة البنـــاء مشيّدة
    نور القبول يقول عن تأريخها ***** باب الرضا والعدل باب السيدة
    قلت : وهذا التأريخ كما تراه 1293 هـ وهو ينقص واحداً عن تجديد الباب بأمر الخديوي محمد توفيق 1294هـ.
    قال : وفي عصر هذا التأريخ نقشت القبة والمشهد بنقوش بديعة أكستها ثوباً جديداً وأنيرت أرجاء المسجد والمشهد بالأنوار الكهربائية . انتهى كلامه.
    قال الجلالي: راجعت كثيراً مما ذكره النقدي فوجدته , صحيحاً وأوردته هنا بطوله لاستيفائه تأريخ المرقد حتى عصره وقد جاء وصف المسجد في كتاب مساجد مصر للدكتورة سعاد ماهر بما يستدرك به على النقدي وإليك نص كلامها:
    (يقع جامع السيدة زينب في الميدان الذي يعرف باسمها وكان يعرف قبل ذلك باسم قنطرة السباع نسبة إلى نقش السباع الموجودة على القنطرة التي كانت مقامة على الخليج الذي كان يخرج من النيل عند فم الخليج وينتهي عند السويس وكانت السباع (رنك) شارة الظاهر بيبرس الذي أقام القنطرة وفي عام 1315هـ - 1898م تم ردم الجزء الأوسط من الخليج وبردمه اختفت القناطر ومع الردم تم توسيع الميدان , وعند عمليّة التوسيع اكتشفت واجهة جامع السيدة زينب الذي كان الوالي العثماني علي باشا قد جدّده سنة 951هـ 1547م ثم أعاد تجديده الأمير عبد الرحمن كتخدا سنة 1170هـ - 1768م, ومنذ اكتشاف واجهة الجامع في القرن التاسع عشر أصبح يطلق على الميدان بل والحي كله اسم عقيلة بني هاشم , وقد أقامت وزارة الأوقاف سنة 1940م المسجد الموجود حالياً ويتكون من سبعة أروقة موازية القبلة يتوسطها صحن مربع مغطى بقية, ويقابل القبلة قبّة ضريح السيدة زينب ويتقدم المسجد من الواجهة الشمالية رحبتان يوجد بينهما مدخلان رئيسيّان يفصل بينهما مستطيل تعلوه (شخشيخة), وفي الطرف الشمالي الغربي يوجد ضريح سيدي العتريس وقامت وزارة الأوقاف بعد ذلك بإضافة مساحة تبلغ 17 * 32م إلى المسجد الأصلي وفي سنة 1969م أضافت وزارة الأوقاف مساحةً ثانيةً مماثلةً تماماً للمسجد الأصلي وبنفس مساحته , بحيث أصبحت الإضافة الأولى تفصل بين المسجد الأصلي والتوسعة الأخيرة لذلك فقد عمل في منتصف التجديد الأول محراب يتوسط المسجد الجديد مع الإبقاء على المحراب القديم.
    ويقابل ضريح السيدة زينب في التجديد الثاني رحبة مماثلة للصحن مغطاة أيضاً . وفي الواجهة الغربية يوجد مدخلان أحدهما يتوسط التجديد الأول والثاني في التجديد الأخير), انتهى.
    هذا ما توصلت إليه من تأريخ العمارات للمرقد الشريف والمسجد المجاور له ولا يزالا مورداً لزيارة عامة المسلمين والحمد لله رب العالمين .
    sigpic

  • #2
    جزاك الله خيراً على هذا الموضوع وفيما يخص الإمام الحسين عليه السلام فإن الأمر المقطوع به عند علمائنا أن رأسه الشريف مدفون في كربلاء المقدسة مع الجسد المطهر، وربما يكون المشهد الموجودفي القاهرة مقاماً لموضع الرأس الشريف عند دخوله مصر - على فرض صحة ذلك - .

    تعليق


    • #3
      المشاركة الأصلية بواسطة الراصد الجديد مشاهدة المشاركة
      جزاك الله خيراً على هذا الموضوع وفيما يخص الإمام الحسين عليه السلام فإن الأمر المقطوع به عند علمائنا أن رأسه الشريف مدفون في كربلاء المقدسة مع الجسد المطهر، وربما يكون المشهد الموجودفي القاهرة مقاماً لموضع الرأس الشريف عند دخوله مصر - على فرض صحة ذلك - .
      sigpic

      تعليق

      المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
      حفظ-تلقائي
      Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
      x
      يعمل...
      X